«موتشي» اليابانية.. تزاوج بين ثقافة الساموراي والصحاري

مثلجات تطفئ ظمأ الصحراء

«موتشي» اليابانية.. تزاوج بين ثقافة الساموراي والصحاري
TT

«موتشي» اليابانية.. تزاوج بين ثقافة الساموراي والصحاري

«موتشي» اليابانية.. تزاوج بين ثقافة الساموراي والصحاري

في تزاوج لافت بين ثقافة الساموراي وطبيعة أرض الصحراء، يقبل الشباب السعودي على حلوى موتشي اليابانية المثلجة، مدفوعًا بحب الاستكشاف والتعرف على نكهات ومذاق المثلجات غير التقليدية، خصوصًا أن هذه المثلجات مصنوعة من الأرز، وتُعد أحدث المنتجات الغذائية في السوق السعودي، وذلك تزامنًا مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف الحارق.
وحلوى موتشي تأتي بأشكال دائرية صغيرة، وتصنع من الأرز المحلى المطحون، المحشو بالآيس كريم وتقدم بنكهات متعددة وألوان جذابة، ويعتبرها البعض بالحلوى الصحية كحال معظم الأطعمة اليابانية، حيث تحتوي قطعة الموتشي على 56 سعرة حرارية فقط.
جمال العبد القادر، صاحب أول محل متخصص ببيع مثلجات الموتشي شرق السعودية، يروي فكرة مشروعه الذي أسماه «ليندو» بالقول: «خلال آخر أيام دراستي الجامعية في بريطانيا كنت أطمح في إطلاق مشروع تجاري صغير، محوره التميز وعدم التكرار، وكان وقتها الموتشي متوفرًا في بعض المطاعم اليابانية في بريطانيا، ولكن دافعي لإطلاق مشروعي كان عندما شاهدت محلاً متخصصًا في بيع الموتشي أثناء زيارتي لدولة خليجية.
ويتابع العبد القادر حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول «الموتشي، كلمة يابانية تعني كعكة الأرز وترمز إلى الطبقة الرقيقة الناعمة المصنوعة من دقيق الأرز الياباني، يتم حشوها بأنواع مختلفة من الحشوات، ويُقدم ساخنًا أو بدرجة حرارة الغرفة أو مثلجًا، ونظرًا للأجواء الحارة التي نعيشها في غالبية العام وقع اختيارنا على أن تكون هذه الحشوة مثلجة، ووجدت إحدى الشركات التي تقوم بتصنيعه وتصديره».
وأضاف العبد القادر: «هناك نوعان من الموتشي، الأول (الجيلاتو) الإيطالي بنكهات الشوكولا والفانيلا والفراولة وتشيزكيك التوت الأزرق.
والنوع الآخر هو (السوربيه) المستخلص من أجود أنواع الفاكهة الآسيوية الطازجة، كالرمان والمانجو والخوخ وفاكهة الباشن والليمون الأخضر». وتابع: «كل أنواع الموتشي نستوردها من شرق آسيا، وفضلنا عدم صنعها محليًا لسبب التكلفة العالية لمعدات التصنيع الدقيقة وعدم توفر الأيدي العاملة، بالإضافة إلى عدم توفر جميع المكونات المستخدمة في إعدادها، خصوصًا الفواكه الطبيعية».
وبما أن المشروع غير التقليدي لم يكمل عامه الأول بعد، إلا أنه يشهد إقبالاً كبيرًا وفق العبد القادر، ويسعى الكثير من الشباب لتجربته على الرغم من تخوف البعض من الأطعمة اليابانية مثل «السوشي» المكون من اللحوم غير المطهية. ويضيف: «يمكن اختصار معوقات المشروع في نقطتين: الأولى درجة حرارة الجو العالية التي تجعل نقل الموتشي وتخزينه صعبًا للغاية، والنقطة الثانية هي التكلفة العالية».
ووفق موقع «ويكيبيديا»، فإن الموتشي ينتشر أيضًا في الصين، وكوريا، وجنوب شرق آسيا عمومًا، وكان يصنع قديمًا من القمح، والشعير، والدخن، والذرة الصفراء. ويصنع في اليابان من الأرز، وهو أحد العناصر الأساسية في الثقافة اليابانية التقليدية المتعلقة باحتفالات رأس السنة. في حين تحتوي قطعة من الموتشي بحجم علبة أعواد الثقاب على حريرات تعادل تلك الموجودة في صحن من الأرز.
ورغم قلة المحلات المتخصصة في بيع مثلجات الموتشي في السعودية حتى الآن، فإن هذا لا يمنع من توسعها وانتشارها، خصوصًا مع ارتفاع درجة الحرارة في البلاد معظم أوقات السنة، إلى جانب كون حلوى الموتشي اليابانية تعد امتدادًا مثاليًا لوجبة «السوشي» الطازجة أو «الساشيمي» أو «الإيدامامي» و«الروبيان» المقرمش، وهي وجبات تحظى باهتمام فئة الشباب في السعودية، مع تزايد انتشار المطاعم اليابانية بالبلاد.



المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».