زيلينسكي من لاهاي: لا سلام من دون عدالة لأوكرانيا

طالب بإنشاء محكمة خاصة بها تجمع بين القانون الدولي والمحلي

زيلينسكي متحدثاً في لاهاي (أ.ب)
زيلينسكي متحدثاً في لاهاي (أ.ب)
TT

زيلينسكي من لاهاي: لا سلام من دون عدالة لأوكرانيا

زيلينسكي متحدثاً في لاهاي (أ.ب)
زيلينسكي متحدثاً في لاهاي (أ.ب)

وقف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وسط «عاصمة العدالة الدولية» لاهاي، يدعو قادة العالم لمحاكمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن «جرائم الحرب» المرتكبة في أوكرانيا. وقال زيلينسكي، مشيراً إلى الاسم الأول المشترك مع الزعيم الروسي: «كلنا نريد أن نرى فلاديمير آخر هنا، في لاهاي، ذلك الذي يستحق العقاب على جرائمه هنا، في عاصمة القانون الدولي». وأضاف الرئيس الأوكراني الذي بدأ زيارة خارجية مفاجئة قبل يومين في فنلندا وانتقل منها إلى هولندا، إن «على المعتدي أن يشعر بكامل قوة العدالة، وهي مسؤوليتنا التاريخية».
زار زيلينسكي، أمس الخميس، المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، التي أصدرت مذكرة اعتقال دولية بحق بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا في مارس (آذار) الماضي. وقال زيلينسكي: «لا سلام دون عدالة لأوكرانيا»، مضيفاً: «مؤسسة واحدة فقط قادرة على الرد على الجريمة الأصلية، جريمة العدوان، وهي المحكمة. ليس حلاً وسطاً يسمح للسياسيين بزعم أن القضية انتهت، بل محكمة حقيقية، حقيقية بصدق، وكاملة الأهلية»، داعياً إلى تأسيس محكمة لجرائم الحرب منفصلة عن المحكمة الجنائية الدولية. وأضاف زيلينسكي في خطاب: «لا بد أن يشعر المعتدي بالقوة الكاملة للعدالة. هذه هي مسؤوليتنا التاريخية».
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت مذكرة توقيف بحق بوتين رغم أنها لا يمكنها محاكمته؛ كون روسيا لم تصدق على معاهدة المحكمة. ومن المستبعد أن يسافر بوتين إلى واحدة من الدول الـ123 التي صادقت على معاهدة الجنائية الدولية، وسيكون عليها اعتقاله في حال سفره إليها. كما أن المحكمة لا تتمتع بجهاز شرطة خاص بها، ما يعني أنها غير قادرة على تنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عنها. وفي مارس الماضي، اتهمت الجنائية الدولية بوتين بجرائم حرب تتضمن «النقل غير القانوني لأطفال من مناطق محتلة في أوكرانيا إلى روسيا».
وتطالب أوكرانيا بإنشاء محكمة خاصة بها تجمع بين القانون الدولي والمحلي في أوكرانيا. ويدعم الاتحاد الأوروبي إنشاء محكمة كهذه تكون بحاجة إلى قرار من مجلس الأمن. ولكن أمام عرقلة روسيا لإنشاء هكذا محكمة، تأمل أوكرانيا والمفوضية الأوروبية أن تحصل على تفويض من الأمم المتحدة بإنشائها رغم أن قانونية ذلك ما زالت محل جدل.
وتجمع الجنائية الدولية ودول أوروبية أخرى، خاصة ألمانيا، أدلة على جرائم حرب في أوكرانيا منذ فبراير (شباط) الماضي، على أمل أن تستخدم الأدلة عندما تنشأ محكمة أو تفتح إحدى المحاكم محاكمة بتلك الجرائم. وخلال كلمته في لاهاي، شدد زيلينسكي على أنه «لن يكون هناك سلام من دون عدالة» في بلاده، وعدّد محاكمات نورمبيرغ كمثال لذلك. واعتبر محاكمة قادة النازية رفيعي المستوى في نورمبيرغ بعد الحرب العالمية الثانية بمثابة مثال على كيفية التعامل مع الروس المتورطين في الأعمال الوحشية في أوكرانيا. وقال زيلينسكي: «استدامة السلام تنشأ من العدالة الكاملة باتجاه المعتدي».
وحاكمت ألمانيا متهمين نازيين بجرائم حرب في محاكمات نورمبيرغ التاريخية التي طوت فيها صفحة ماضيها الأسود. وتُعرّف الأمم المتحدة العمل العدواني على أنه «غزو القوات المسلحة لدولة ما أو هجومها على أراضي دولة أخرى أو أي احتلال عسكري». لكن المحكمة لا تملك أي اختصاص في جرائم العدوان المزعومة، وعبرت المفوضية الأوروبية، من بين جهات أخرى، عن دعمها لإنشاء مركز دولي مستقل للملاحقة القضائية في جرائم العدوان في أوكرانيا من شأنه أن يتخذ من لاهاي مقراً له.
وأضاف زيلينسكي: «أثق بأن هذا سيحدث عندما ننتصر، وسننتصر... من يشن الحرب لا بد أن يلقى جزاءه». وروسيا ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية وترفض أي اختصاص لها بنظر الأمر، وتنفي ارتكاب أي فظائع خلال ما تصفه بأنه «عملية عسكرية خاصة» في أوكرانيا.
ولوح الرئيس الأوكراني مرتدياً الزي الكاكي الشهير، لأسرة أوكرانية تقف خارج مبنى المحكمة لدى خروجه، وكان أفرادها يهتفون: «المجد لأوكرانيا».
وقام بزيارة غير معلنة إلى لاهاي، والتقى رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، ورئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو. ورحّب وزير الخارجية الهولندي وبكه هوكسترا بحضور الرئيس الأوكراني في يوم ذكرى «مَن فقدوا أرواحهم في الحرب العالمية الثانية»، وعشية يوم التحرير في هولندا. واستقبل البرلمان الهولندي زيلينسكي، وتحدث مع النواب صباح أمس الخميس.
وسيقوم زيلينسكي بعد هولندا بزيارة لألمانيا، وتسرب في برلين قبل يوم خبر الزيارة إلى العاصمة الألمانية في 14 أغسطس (آب) المقبل؛ إذ نشرت صحيفة «برلينر تزايتنغ» اليسارية الخبر نقلاً عن مصدر في الشرطة، قال إن الاستعدادات الأمنية جارية لاستقبال الرئيس في ذلك اليوم. وحتى إن الصحيفة نقلت تفاصيل عن الفندق الذي سيقيم فيه زيلينسكي وكيف سينتقل بطائرة هليكوبتر من برلين إلى مدينة آخن، حيث من المفترض أن يتسلم درع تكريم في حفل تشارك فيه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والمستشار الألماني أولاف شولتز، والرئيس الألماني فرانك فاتلر شتاينماير.
وبعد ساعات على نشر الخبر، أعلنت الشرطة فتح تحقيق داخلي للكشف عن مسرب الخبر الذي من المفترض أن يبقى سراً لأسباب أمنية. وصحيفة «برلينر تزايتنغ» التي نشرت الخبر، هي صحيفة محلية في برلين تأسست عام 1945، وكانت تصدر في برلين الشرقية قبل الوحدة. وحتى اليوم، ما زال قراء الصحيفة بشكل أساسي هم سكان برلين الشرقية الذين عاشوا تحت الحكم السوفياتي حتى عام 1990 عندما سقط جدار برلين. واضطرت الشرطة إلى تأكيد الخبر بعد نشره، ولكن متحدثاً قال إن الشرطة لا تعطي بتاتاً تفاصيل عن زيارة رئيس دولة معرض للخطر.
وشهدت برلين في الأشهر الأولى للحرب في أوكرانيا، تجمعات لروس مؤيدين لبوتين رفعوا شعارات مؤيدة للعملية العسكرية. وتسببت تجمعاتهم بانتقادات واسعة مع دفع بالشرطة إلى منع رفع شعار «z» الذي بات ملتصقاً بتأييد الجيش الروسي.


مقالات ذات صلة

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.