«النقد الدولي»: استراتيجية حكومية قللت تأثر الاقتصاد السعودي

مؤشر القطاع الخاص يسجل نمواً في الطلبات بأسرع وتيرة منذ سبتمبر 2014

السعودية مستمرة في دعم استراتيجية تقليل الاعتماد على النفط عبر نمو أعمال القطاع الخاص (الشرق الأوسط)
السعودية مستمرة في دعم استراتيجية تقليل الاعتماد على النفط عبر نمو أعمال القطاع الخاص (الشرق الأوسط)
TT
20

«النقد الدولي»: استراتيجية حكومية قللت تأثر الاقتصاد السعودي

السعودية مستمرة في دعم استراتيجية تقليل الاعتماد على النفط عبر نمو أعمال القطاع الخاص (الشرق الأوسط)
السعودية مستمرة في دعم استراتيجية تقليل الاعتماد على النفط عبر نمو أعمال القطاع الخاص (الشرق الأوسط)

في حين ارتفع مؤشر مديري المشتريات المعدل موسمياً في السعودية ليصل إلى 59.6 نقطة في أبريل (نيسان) الماضي، مقارنةً بمارس الفائت 58.7 نقطة، مع استمرار تحسن الأداء العام لشركات القطاع الخاص غير المنتجة للنفط، أكد صندوق النقد الدولي أن الإصلاحات التي تقودها الحكومة ونمو الاستثمار الخاص في قطاعات جديدة سيساعدان في دعم نمو الاقتصاد غير النفطي في المملكة وسط توقعات بتباطؤ حاد في النمو الإجمالي هذا العام، مبيناً في الوقت ذاته أن استراتيجية البلاد في الأعوام السابقة قللت من تأثير حركة أسعار النفط على الاقتصاد والميزانية العامة.
يأتي ذلك في وقت سجل فيه الاقتصاد السعودي نمواً كبيراً بمقدار 8.7 في المائة خلال العام الفائت وبمعدل 5.5 في المائة في الربع الرابع من 2022، بحسب تقديرات الهيئة العامة للإحصاء، وتوقع الصندوق انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي بأكثر من النصف إلى 3.1 في المائة هذا العام والذي يعتبر أعلى معدل نمو عند 2.6 في المائة من توقعات «النقد الدولي» في يناير (كانون الثاني) المنصرم، بما يتماشى مع توقعاته للبلدان المصدرة للنفط في الشرق الأوسط.
وأوضح جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي لـ«رويترز»، أنه مع تنفيذ حصص أوبك الجديدة هذا العام، من المتوقع أن يتباطأ قطاع النفط وأن التأثير على موازنة المملكة يعتمد على الأسعار.
وقال إن خفض إنتاج النفط سيؤثر على النمو كون الإنتاج سينخفض وفي ذات الوقت من الممكن أن تنمو الإيرادات وقد يكون لذلك تأثير إيجابي على حساب المعاملات الخارجية والاحتياطيات وعجز الموازنة.
وزاد أزعور أن استراتيجية الحكومة على مدى الأعوام الخمسة الماضية ساعدت الاقتصاد السعودي وكذلك المالية العامة على أن يكونا أقل تأثرا بحركة أسعار النفط.
وتابع أن حجم الاقتصاد غير النفطي في المملكة ينمو ويدفعه بشكل رئيسي القطاع الخاص.
إلى ذلك، توقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في السعودية 4.9 في المائة خلال العام الجاري و4.2 في المائة في العام المقبل، وأن ينمو اقتصاد المملكة 3.1 في المائة في هذا العام، مقارنةً بتوقعاته السابقة في يناير الماضي والمتضمنة نمواً 2.6 في المائة.
وتنبأ الصندوق أن تبلغ صادرات السعودية من النفط 7.44 مليون برميل يومياً خلال العام الجاري، وأن تصل 7.48 مليون برميل يومياً في 2024.
وأشار إلى أن سعر النفط الذي تحتاجه السعودية للوصول إلى نقطة التعادل في ميزانيتها يبلغ 80.90 دولار للبرميل في العام الحالي، فيما توقع أن يبلغ متوسط سعر النفط 73.13 دولار للبرميل في العام الحالي.
من جهة أخرى، أفصح مؤشر بنك الرياض لمديري المشتريات أن شركات القطاع الخاص غير المنتجة للنفط في المملكة شهدت تحسناً مستمراً في الأداء العام خلال أبريل السابق، حيث زادت الطلبات الجديدة بأسرع معدل منذ سبتمبر (أيلول) 2014.
ووفقاً للمؤشر، عوضت زيادة الطلب المحلي الانخفاض الطفيف في مبيعات الصادرات، واستمر خلق فرص العمل في أبريل كما يتضح من ارتفاع إجمالي أعداد العمالة للشهر الثالث عشر على التوالي.
وارتفع مؤشر بنك الرياض لمديري المشتريات المعدل موسمياً في السعودية من 58.7 نقطة خلال مارس (آذار) السابق إلى 59.6 نقطة في أبريل، متراجعاً بشكل طفيف عن مستوى فبراير (شباط) الذي يعد الأعلى في ثمانية أعوام.
وكانت الزيادة الحادة والمتسارعة في حجم الأعمال الجديدة هي المحرك الرئيسي لارتفاع المؤشر خلال أبريل المنصرم، وكان معدل نمو الطلبات الجديدة هو الأسرع فيما يزيد قليلاً عن ثمانية أعوام ونصف.
وعلقت الشركات المشاركة في الدراسة على مجموعة من العوامل الإيجابية التي دعمت طلب العملاء، منها ارتفاع أعداد السياح وزيادة الإنفاق الاستهلاكي، إلى جانب فرص الأعمال الجديدة المتعلقة بمشاريع البنية التحتية الكبرى.
وطبقاً للمؤشر، قوبل الطلب المحلي القوي بتراجع في مبيعات الصادرات خلال أبريل الفائت، حيث أشارت أحدث البيانات إلى انخفاض في الطلبات الجديدة من الخارج لأول مرة منذ فبراير من العام الماضي.
وأفاد الدكتور نايف الغيث، كبير الباحثين الاقتصاديين في بنك الرياض، أن بيانات مؤشر مديري المشتريات في أبريل سلطت الضوء على توسع قوي آخر في النشاط التجاري على مستوى اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط في المملكة.
وبحسب الغيث، شهدت السعودية ارتفاعا في أعداد السياحة وزيادة الإنفاق الاستهلاكي، إلى جانب فرص الأعمال الجديدة المتعلقة بمشاريع البنية التحتية الكبرى، مؤكداً أن خطط توسيع الأعمال طويلة الأجل جعلت معدل توليد الوظائف أقوى قليلاً من المتوسط المسجل في الربع الأول من هذا العام.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

ظل ترمب يهيمن على اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن

رجل أمن يقف بالقرب من اللافتات الإعلانية لاجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن (أ.ف.ب)
رجل أمن يقف بالقرب من اللافتات الإعلانية لاجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن (أ.ف.ب)
TT
20

ظل ترمب يهيمن على اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن

رجل أمن يقف بالقرب من اللافتات الإعلانية لاجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن (أ.ف.ب)
رجل أمن يقف بالقرب من اللافتات الإعلانية لاجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن (أ.ف.ب)

ستكون اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، التي تستهل يوم الاثنين المقبل في واشنطن، من أكثر الاجتماعات متابعةً في ظل تصاعد الحرب التجارية، واضطرابات التوقعات العالمية. فهذه الاجتماعات تُعقد في ظلّ أجواء الحمائية التجارية الأميركية، بالإضافة إلى عداء إدارة ترمب الظاهر تجاه المؤسسات متعددة الأطراف، وتهديد بانسحاب الولايات المتحدة.

سيكون الموضوع الرئيس لاجتماعات الربيع لهذا العام هو «الوظائف - الطريق إلى الازدهار»، وسيشارك فيها وزراء المالية، ومحافظو البنوك المركزية، وكبار المسؤولين التنفيذيين في القطاع الخاص، وممثلو المجتمع المدني، والأكاديميون.

خلال أسبوع، ستركز المناقشات والفعاليات بشكل كبير على الدور الحاسم لخلق فرص العمل في مواجهة التحديات العالمية، وتعزيز النمو الاقتصادي، وتحسين سبل العيش، وخاصةً لفئة الشباب المتزايدة في البلدان النامية. يقول البنك الدولي هنا إنه «مع دخول 1.2 مليار شاب إلى سوق العمل خلال العقود المقبلة، ومحدودية فرص العمل الرسمية المتاحة، أصبحت الحاجة إلى حلول مستدامة وقابلة للتطوير أكبر من أي وقت مضى».

ومن أبرز اجتماعات اللجان، لجنة الشؤون النقدية والمالية الدولية التابعة لصندوق النقد الدولي، والتي يرأسها وزير المالية السعودي محمد الجدعان، ولجنة التنمية المشتركة بين البنك وصندوق النقد الدوليين، حيث تُناقشان التقدم المحرز في عمل المؤسستين.

غورغييفا والجدعان خلال اجتماع لجنة الشؤون النقدية والمالية الدولية العام الماضي (أ.ف.ب)
غورغييفا والجدعان خلال اجتماع لجنة الشؤون النقدية والمالية الدولية العام الماضي (أ.ف.ب)

لكن إنهاء أو تقليص مشاركة الولايات المتحدة في مؤسسات «بريتون وودز» ستكون لهما أهمية رمزية بالغة في الاجتماعات. إذ إن هذا الأمر قد يُصعّب على الأسواق الناشئة الحصول على التمويل متعدد الأطراف. مع العلم بأن الأسواق الناشئة منخفضة الدخل، الأكثر اعتماداً على هذا التمويل، هي من بين الأكثر تضرراً من سياسات إدارة ترمب الأخرى.

امرأة تمر أمام لافتة إعلانية لاجتماعات الربيع في واشنطن (أ.ف.ب)
امرأة تمر أمام لافتة إعلانية لاجتماعات الربيع في واشنطن (أ.ف.ب)

وتبلغ حصة واشنطن نحو 16 في المائة في صندوق النقد الدولي، ونحو 17 في المائة في أقدم صناديق البنك.

وكان مسؤولون في صندوق النقد والبنك الدوليين اجتمعوا مع وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، المسؤول الأعلى الذي يمثل الولايات المتحدة في المؤسستين، لشرح كيفية استفادة المصالح الأميركية من عملهم، سعياً جزئياً إلى دحض الانتقادات من داخل إدارة ترمب، وفقاً لأشخاص مطلعين على الوضع، والذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، لأن المناقشات كانت خاصة، وفق «بلومبرغ».

كما قدمت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، ورئيس البنك الدولي، أجاي بانغا، تفسيرات مماثلة للإدارة في لقاءات منفصلة. وأكدا أن مهمتيهما -الاستقرار المالي العالمي للصندوق، والتنمية للبنك- تعودان بالنفع على الولايات المتحدة، بما في ذلك خلق الطلب على الصادرات، وتجنب الأزمات المالية، أو الإنسانية.

وقالت غورغييفا في مقابلة لها مع «رويترز» الشهر الماضي إن بيسنت «يدرك جيداً أهمية وجود الصندوق للاقتصاد الأميركي»، مضيفةً أن هناك «تفاعلاً ممتازاً». وفي رد سابق على أسئلة، قال صندوق النقد الدولي إنه «أجرى مناقشات بناءة للغاية مع وزير الخزانة سكوت بيسنت، وممثلين آخرين عن الإدارة الأميركية».

غورغييفا أثناء إلقاء خطابها قبل بدء اجتماعات الربيع (إ.ب.أ)
غورغييفا أثناء إلقاء خطابها قبل بدء اجتماعات الربيع (إ.ب.أ)

وأعلن البنك الدولي أنه أطلع الإدارة على إصلاحاته، وتركيزه على خلق فرص العمل، وجهوده لتحفيز رأس المال الخاص. وأضاف في بيان: «مثل أي مساهم، يرغب المساهمون في رؤية قيمة مساهماتهم، ونحن نعلم أن الثقة تُكتسب من خلال التنفيذ».

بالنسبة للصندوق والبنك، فإن السيناريو الكابوسي هو أن تتخلف الولايات المتحدة عنهما. ويجادل تقرير «مشروع 2025»، الصادر عن مؤسسة «هيريتيج» المحافظة، بأن المؤسستين «تتبنيان نظريات وسياسات اقتصادية معادية لمبادئ السوق الحرة الأميركية، والحكومة المحدودة»، بما في ذلك زيادة الضرائب.

وكانت تقارير ذكرت الشهر الماضي أن إدارة ترمب أوقفت مساهماتها لمنظمة التجارة العالمية، بعد استهداف المنظمة في ولاية ترمب الأولى.

ترمب يستمع إلى تصريحات خلال حفل أداء اليمين لمدير مراكز الرعاية والخدمات الطبية (أرشيفية - رويترز)
ترمب يستمع إلى تصريحات خلال حفل أداء اليمين لمدير مراكز الرعاية والخدمات الطبية (أرشيفية - رويترز)

وبافتراض أن بيسنت سيصدر بياناً رسمياً خلال الاجتماعات -كما فعل جميع وزراء الخزانة السابقين-، فستكون هي المرة الأولى التي يُدلي فيها مسؤول كبير من إدارة ترمب برأيه علناً بشأن البنك وصندوق النقد الدوليين.

وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت في بوينس آيرس (أرشيفية - رويترز)
وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت في بوينس آيرس (أرشيفية - رويترز)

آخر الشهر الماضي، كتب فريد بلحاج، وهو زميل أول في «المجلس الأطلسي» (Atlantic Council) والذي شغل منصب نائب رئيس البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من عام 2018 إلى عام 2024، أن «صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية شكلت العمود الفقري للاستقرار المالي العالمي بعد الحرب العالمية الثانية. ولكن إذا أدت مراجعة ترمب للمنظمات متعددة الأطراف إلى تقليص الولايات المتحدة مساهماتها، أو انسحابها من قيادتها بالكامل، فقد يُفقد هذه المؤسسات فعاليتها، مما يجعل الأسواق الناشئة عُرضة لارتفاع تكاليف الاقتراض، وعدم الاستقرار المالي».

المؤسسة الدولية للتنمية

وثمة سؤال آخر يُطرح، وهو: ما موقف وزارة الخزانة الأميركية من المؤسسة الدولية للتنمية؟ ذراع الإقراض المُيسّر للبنك الدولي، وكانت اختُتمت مفاوضات تجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما كان الرئيس جو بايدن لا يزال في منصبه. وكانت الولايات المتحدة أكبر مانح، إذ تعهدت إدارة بايدن بتقديم 4 مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات، وهو ما يمثل 17 في المائة من إجمالي التعهدات للدورة المقبلة للمؤسسة الدولية للتنمية، والتي تبدأ في يوليو (تموز) 2025. ويقع على عاتق إدارة ترمب الوفاء بهذا التعهد، ومن المحتم إجراء بعض المراجعة التنازلية.

يوم الأربعاء الماضي، أكد رئيس البنك الدولي أنه أجرى محادثات بناءة مع إدارة ترمب بشأن المؤسسة الدولية للتنمية، لكنه لا يعلم حجم المساهمة الأميركية في صندوق البنك لأفقر دول العالم.

رئيس البنك الدولي أجاي بانغا في اجتماعات العام الماضي (رويترز)
رئيس البنك الدولي أجاي بانغا في اجتماعات العام الماضي (رويترز)

وأضاف للصحافيين أنه في حال عدم وفاء الولايات المتحدة بتعهدها بتقديم 4 مليارات دولار لمؤسسة التنمية الدولية من إدارة بايدن، وخفض بعض الدول الأوروبية تعهداتها المالية، فقد تُخفض جولة تمويل المؤسسة الأخيرة البالغة 100 مليار دولار إلى 80 أو 85 مليار دولار.

ما المتوقع؟

يقول مركز التنمية العالمي، الذي يرأس مجلس إدارته وزير الخزانة السابق لورانس سمرز، إنه من المرجح أن يحاول صندوق النقد الدولي الحفاظ على حضوره الهادئ خلال الاجتماعات، في انتظار مراجعة إدارة ترمب لمشاركة الولايات المتحدة في المنظمات متعددة الأطراف. ومع ذلك، سيكون من الصعب على المؤسسة تجنب المراجعة، لا سيما مع إصدار تقريرها نصف السنوي «آفاق الاقتصاد العالمي»، وهو أول تقييم علني للاضطراب الاقتصادي الناجم عن السياسات الأميركية الأخيرة، وخاصة الرسوم الجمركية، وخفض المساعدات، وفق ما ذكره المعهد.

وكانت غورغييفا قالت يوم الخميس في خطاب ألقته في واشنطن قبل انطلاق اجتماعات الربيع إنه ستكون هناك تخفيضات ملحوظة في توقعات النمو الاقتصادي الجديدة في تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» الذي سيُنشر الأسبوع المقبل، ولكن لا يُتوقع حدوث ركود.

وتوقع صندوق النقد الدولي في يناير (كانون الثاني) نمواً عالمياً بنسبة 3.3 في المائة في عام 2025، و3.3 في المائة في عام 2026.

غورغييفا تستعرض أرقاماً حول أداء الاقتصاد العالمي (رويترز)
غورغييفا تستعرض أرقاماً حول أداء الاقتصاد العالمي (رويترز)

وأوضحت غورغييفا أن تدفق التجارة سيتغير اتجاهه مع قيام الدول بوضع حواجز جمركية، وغير جمركية، وأن التجارة ستستمر، لكن الاضطرابات ستؤدي إلى تكاليف. وقالت: «سنُحدد هذه التكاليف كمياً في تقريرنا الجديد عن آفاق الاقتصاد العالمي، والذي سيُصدر مطلع الأسبوع المقبل. وستتضمن توقعاتنا الجديدة للنمو تخفيضات ملحوظة في الأسعار، ولكن ليس ركوداً». وأضافت: «سنشهد أيضاً زيادات في توقعات التضخم لبعض الدول».

وفي تعليقها على التوقعات الاقتصادية العالمية، قالت غورغييفا إن مرونة الاقتصاد العالمي خضعت لاختبار جديد مع إعادة هيكلة نظام التجارة العالمي التي أشعلتها الرسوم الجمركية الأميركية، وردّ الصين، والاتحاد الأوروبي. وأشارت إلى انخفاض أسعار الأسهم العالمية مع تصاعد التوترات التجارية، وقالت: «إن هذا يُذكرنا بأننا نعيش في عالم يشهد تغيرات مفاجئة، وشاملة».

جدول الأعمال

ستهيمن الصدمة الجديدة التي لحقت بالاقتصاد العالمي على مناقشات اجتماعات الربيع. فمن المتوقع أن يحظى فرض الرسوم الجمركية الأميركية على مجموعة واسعة من الشركاء التجاريين، وخاصة الصين، والإجراءات الصينية الانتقامية، على مجمل النقاشات.

كما أن هناك العديد من القضايا الأخرى المدرجة على جدول أعمال الاجتماعات، بما في ذلك زيادة الحصص المرتقبة، وتمويل تسهيلات الإقراض الميسرة في صندوق النقد الدولي، وإعادة النظر في تخفيف الديون.