مؤتمر يدعو لأسس ثابتة في بناء الاقتصاد الرقمي

مطلب لتبني قواعد ولوائح عالمية جديدة تدعم القيم والمبادئ في الاقتصاد

الأمير تركي الفيصل خلال كلمته التي ألقاها في المؤتمر العالمي لتخصيص الأصول أمس في الرياض (الشرق الأوسط)
الأمير تركي الفيصل خلال كلمته التي ألقاها في المؤتمر العالمي لتخصيص الأصول أمس في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

مؤتمر يدعو لأسس ثابتة في بناء الاقتصاد الرقمي

الأمير تركي الفيصل خلال كلمته التي ألقاها في المؤتمر العالمي لتخصيص الأصول أمس في الرياض (الشرق الأوسط)
الأمير تركي الفيصل خلال كلمته التي ألقاها في المؤتمر العالمي لتخصيص الأصول أمس في الرياض (الشرق الأوسط)

وسط حضور كبير من المسؤولين والاقتصاديين والماليين، شدد المؤتمر العالمي لتخصيص الأصول، الذي أقيم أمس (الثلاثاء) في الرياض بتنظيم من شركة «مكتب العائلة»، على تشكل القواعد الجديدة للاقتصاد الرقمي وفرضها أنماطاً جديدة من الأنشطة والتفاعل، داعياً إلى استعداد البلدان لغد مختلف يتصدى لكافة الأزمات العالمية، في مقدمتها الصدمات المالية والاقتصادية.
وأكد الأمير تركي الفيصل بن عبد العزيز، رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، أنه في ظل العولمة تتحول الأزمة السياسية أو المالية أو الاجتماعية إلى عالمية، لافتاً إلى ما تشهده تداعيات أزمة الحرب الروسية الأوكرانية وانعكاسها على الأمن الغذائي والطاقة وسلاسل الإمداد، التي ألقت بآثارها على الاقتصاد العالمي.
ويرى الأمير تركي الفيصل، أن العولمة تأتي استجابة طبيعية للتطورات التي شهدتها البشرية من دون أن يعني ذلك التغاضي عن مساوئها، مشدداً خلال كلمة ألقاها في المؤتمر على ضرورة أن تتحوط السعودية ودول الخليج من خلال بناء اقتصادات على أسس ثابتة.
ولفت رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، إلى أن العولمة تجسدت في المجال المالي أكثر من غيره من المجالات الأخرى، لأنها متهمة بما آلت إليه أوضاع العالم، ليس في المجال المعرفي فحسب، بل المالي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي وغيرها، وأيضاً متهمة بتحولها إلى مصلحة الرأسمالية.
وقال الأمير الفيصل، إنه لم تعد هناك قيادة وحيدة في دولة واحدة كما كان في السابق، خصوصاً بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وأن هذا العالم الآن يسعى لأن تسود التعددية والتساوي، ليس فقط في المسؤوليات، وأيضاً فيما يقدمه للآخرين، داعياً إلى وضع قواعد ولوائح عالمية تعزز من القيم والأخلاق وتعزيز مصالح الإنسانية.
وحول دور المرأة في المجتمع السعودي، أبان الأمير تركي الفيصل: «لن يبلغ مجتمعنا طموحاته إلا إذا حققنا التساوي بين الرجل والمرأة، والحكومة والشعب مصممون على أن يكون الدور النسائي مماثلاً للدور الذكوري في خدمة المجتمع».
من ناحية أخرى، ناقش عبد الرحمن الراشد، رئيس المجلس الاستشاري للتحرير لقناة «العربية» الإخباريّة التلفزيونيّة، خلال المؤتمر الشراكة التجارية بين السعودية والصين وتأثيرها على العلاقة مع الولايات المتحدة.
ولفت الراشد إلى أهمية اتفاق السعودية وإيران بوساطة صينية، موضحا أن الصين باتت دولة هامة في الخارطة الدولية والمنطقة، في الوقت الذي لا تزال فيه العلاقات قوية مع أوروبا وأميركا، مؤكدا على أهمية الصين كسوق مهمة للسعودية.
وأفاد الراشد أن حجم تصدير السعودية من النفط لأميركا يقدر بـ 300 ألف برميل، في حين فنزويلا والمكسيك وحتى كندا تصدر لأميركا بكميات أكبر .
وحول العلاقة السعودية مع أميركا، اقتبس الراشد كلمة الرئيس الأميركي كارتر في سبعينات القرن الماضي «الدول المنتجة للنفط هي مركز جاذبية العالم وسندافع عنها طوال الوقت».
من جهته، لفت جوناثان بيرجر، الرئيس التنفيذي ومدير الاستثمار في «إيه إس بيرش جروف»، إلى الفرص المتاحة في سوق الائتمان غير السائل في أميركا الشمالية، في حين تطرق إدوارد سيسكيند، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «كالي ستريت»، إلى انخفاض مستويات إشغال العقارات التجارية في المدن الأميركية الكبرى مع سياسة العمل من المنزل الجديد وصعود حركات الاستدامة.
من جانبه، أشار عبد الله العبيكان، الرئيس التنفيذي لـ«مجموعة العبيكان للاستثمار»، إلى أهمية القواعد الجديدة للاقتصاد الرقمي، وكيفية الاستعداد للمستقبل من خلال التحولات في سوق العمل، وأهمية المنصات الرقمية، والذكاء الصناعي، لفهم أعمق لتوجهات اقتصاد مستقل. ويعتقد العبيكان أن فهم ديناميكيات الاقتصاد الرقمي سيساعد على فهم المخاطر والفرص المتاحة للأصول، مشدداً في الوقت ذاته على الحاجة إلى تنفيذ التطبيقات البيئية والمجتمعية والحوكمة (ESG). وزاد رئيس «مجموعة العبيكان» أن الحاجة كذلك ملحة لسؤال مديري المحافظ للتوجيه إلى عمل استراتيجية لتنمية صناعة إدارة الثروات في كافة الأنشطة والقطاعات.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.