تراوح الأزمة السياسية في كينيا في مكانها، بعد عودة احتجاجات المعارضة إلى الشوارع، وتجميد «حوار وطني» مزمع، تختلف المعارضة والرئيس حول طريقته وأهدافه. وانطلقت، الثلاثاء، موجة جديدة من الاحتجاجات، وأطلقت الشرطة الكينية الغاز المسيل للدموع على مجموعة من المتظاهرين في العاصمة نيروبي.
ووفق وسائل إعلام محلية، شهد الحي التجاري المركزي انتشاراً مكثفاً للشرطة، وأُغلق عدد كبير من المتاجر، كما انطلق بعض المشرعين المعارضين، في مسيرة إلى مكتب الرئيس، لـ«تقديم التماس حول التكلفة المرتفعة، بشكل غير مقبول، للغذاء والوقود والكهرباء»، ومنعتهم الشرطة من الوصول للمبنى وفرقتهم باستخدام الغاز المسيل للدموع. بينما تحدثت تقارير عن محاولة المتظاهرين إقامة حواجز على الطرق الرئيسية في أنحاء المدينة جميعها، وقيامهم بإلقاء الحجارة على الشرطة، التي ردت بالغاز المسيل للدموع، واشتعلت النيران في حافلة وشاحنة بضائع.
وكانت الشرطة الكينية اعتبرت، الاثنين، أن الاحتجاجات «غير قانونية»، غير أن زعيم المعارضة الكينية رايلا أودينغا، قال: «إنها (الاحتجاجات) ماضية في طريقها»، مضيفاً في حديثه خلال مؤتمر صحافي بمناسبة عيد العمال، أن «الاحتجاجات مدعومة، بما يكفله الدستور، بالحق في التظاهر السلمي».
واتهم أودينغا الحكومة بـ«صنع الديكتاتورية»، مؤكداً أن العنف وتدمير الممتلكات الذي وقع خلال الموجة السابقة من الاحتجاجات «حدث عندما اقتحمت الشرطة مسيراتنا».
وكان أودينغا دعا إلى استئناف الاحتجاجات بعد انتهاء شهر رمضان. وقال إن الرئيس ويليام روتو «أضعف البرلمان، واستولى على مؤسسات الدولة، واختار أعضاء السلطة القضائية لتوطيد السلطة». كما أعلن سابقاً أن «الحكومة فشلت في تلبية مطالبه»، واتهمها بمحاولة «فرض إرادتها على مواقفه، على طاولة المفاوضات».
والشهر الماضي، اتهم تحالف المعارضة الذي يقوده أودينغا حكومة روتو بعدم وجود نية للحوار. وقال، في بيان، إن اقتراح الحكومة الهادف إلى تشكيل لجنة مختارة مشتركة في البرلمان «ينم عن سوء نية مطلق». وتعهد التحالف بـ«عدم المشاركة في أي عملية برلمانية».
يأتي ذلك على الرغم من إعلان زعيم الأغلبية البرلمانية، كيماني إيتشونغوا، أن ممثلي اللجنة البرلمانية التي تم تعيينها لإقامة حوار مع المعارضة «منفتحون على مناقشة فتح خوادم انتخابات 2022»، وهو أحد المطالب الرئيسية الشائكة التي كان قد تم رفض النقاش حولها من جانب الرئيس روتو.
وقال إيتشونغوا في 21 أبريل (نيسان) الماضي: «نريد الاستماع إليهم، حتى الخوادم التي يريدون منا فتحها. لقد طلبنا منهم طرح الموضوع على الطاولة» وقال: «بدلاً من الصراخ في المسيرات سنناقش الأمر... ليس لدينا ما نخفيه».
ويصر الرئيس الكيني ويليام روتو على أن يكون الحوار السياسي عبر ممثلي الحكومة وتحالف المعارضة في البرلمان، بينما تصر المعارضة على ألا يتقيد الحوار بالإطار البرلماني، وأن تتم دعوة قوى غير ممثلة في البرلمان إلى المفاوضات.
من جانبه، أعلن روتو، الاثنين، أنه «يمكن السماح للمشرعين بمناقشة قضايا خوادم الانتخابات». ودعا خلال احتفالات عيد العمال، المعارضة إلى تجنب العنف وتدمير الممتلكات من خلال الاحتجاجات، وحثها على تبني المحادثات الحزبية في البرلمان. وقال روتو: «إن الحكومة تحترم حقوق المعارضة وواجبها الدستوري». وأضاف: «هناك مَن يريد أن يقسم البلاد… بدلاً من العنف والدمار دعونا نتحدث في البرلمان».
وتمر البلاد بأزمة سياسية على وقع احتجاجات بدأت في 20 مارس (آذار)، دعا إليها أودينغا، واستمرت أسبوعين. وعقب تدخلات إقليمية وخسائر اقتصادية واسعة جراء أعمال العنف خلال الاحتجاجات، أعلن زعيم المعارضة الكينية أنه «علّق الاحتجاجات، وأنه مستعد لإجراء محادثات بعد مناشدة من الرئيس روتو».
ووفق منظمات غير حكومية، أسفرت الاحتجاجات عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة أكثر من 400 شخص، بينهم ما لا يقل عن 60 من ضباط الأمن، علاوة على خسائر اقتصادية كبيرة. وطالبت الاحتجاجات بحل أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة، وعودة الدعم المرفوع عن السلع الأساسية، كما طالبت بإصلاحات في الهيئة المستقلة للانتخابات، وتشكيل لجنة مستقلة بفتح الخوادم الرقمية للتحقيق في «تزوير محتمل» للانتخابات الأخيرة، التي جاءت بروتو رئيساً، ويدعي أودينغا أنها «سُرقت منه».
بدوره، توقع المحلل السياسي الكيني محمد عبد اللاهي أن «توقف الاحتجاجات، أي مسار لمحادثات محتملة بين الحكومة والمعارضة». ورأى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الاحتجاجات «ستزيد من سوء الوضع الاقتصادي المتردي بالفعل»، مشيراً إلى أن «كثيراً من المحلات التجارية والأنشطة الاقتصادية في نيروبي أُغلقت، وأُصيبت الحركة التجارية بالشلل».
تجدد احتجاجات المعارضة في كينيا
وسط مخاوف من اتساع المواجهات مع قوات الأمن
تجدد احتجاجات المعارضة في كينيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة