في ظل أزمة سياسية تعمل البلاد على حلها بعد تعليق احتجاجات قادتها المعارضة، ما زالت الأزمات الاقتصادية في كينيا تشكل مصدراً للتوتر والاضطرابات. وهذا الأسبوع، أقرت الحكومة الكينية بأنها «تواجه أزمة سيولة أدت إلى تأخير دفع رواتب آلاف العاملين في القطاع العام».
وقالت إنها «اضطرت إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن دفع الرواتب وتسديد ملايين الدولارات من الديون الخارجية المستحقة هذا الشهر»، كما فشلت الخزانة أيضاً في تحويل الأموال إلى المقاطعات والجهات التي تشرف على الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم.
ووفق وزير المالية الكيني نجوجونا ندونجو، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام كينية (الأربعاء)، فإن الحكومة «تواجه قيوداً مالية ناجمة عن ضعف الإيرادات ومحدودية فرص الحصول على قروض».
من جانبه، ألقى نائب الرئيس ريغاتي جاتشاغوا، باللوم في الأزمة على الحكومة السابقة التي يتهمها بالاقتراض بكثافة في أثناء وجودها في السلطة، لكنه لم يقدم أي دليل على هذه المزاعم.
في المقابل، قال المستشار الاقتصادي الرئاسي ديفيد ندي، إن تأخر الرواتب ليس أزمة، ووصف الوضع بأنه «أزمة سيولة تشغيلية». وفي مقابلة تلفزيونية، قال ندي إن الحكومة تتوقع 500 مليون دولار (460 مليون جنيه إسترليني) من قرض ستحصل عليه البلاد، وسيتم تسوية رواتب موظفي الخدمة المدنية بحلول نهاية الأسبوع المقبل.
والعاملون في الوزارات والوكالات وحكومات المقاطعات هم الأكثر تضرراً من التأخير في رواتب شهر مارس (آذار)، وأصدرت نقابتان لموظفين في الدولة إخطارات بعزمهم على مقاطعة العمل.
ويبلغ الدين العام في كينيا الآن 65 في المائة من إيرادات الدولة، وتحتاج البلاد إلى أكثر من 420 مليون دولار شهرياً لدفع الرواتب والمعاشات التقاعدية لموظفي الخدمة المدنية.
يأتي هذا بينما تمر البلاد بأزمة سياسية على وقْع احتجاجات بدأت في 20 مارس، دعا إليها وقادها زعيم المعارضة رايلا أودينغا، كان من بين مطالبها حل أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة وعودة الدعم المرفوع عن السلع الأساسية. تلك الاحتجاجات توقفت بعد الإعلان عن بدء محادثات برلمانية بين الحكومة والمعارضة، ويجري حالياً تشكيل لجان برلمانية من الحكومة والمعارضة لبحث حلول للخلافات.
وعقب تدخلات إقليمية وخسائر اقتصادية واسعة جراء أعمال العنف خلال الاحتجاجات، أعلن زعيم المعارضة الكينية أنه «علّق الاحتجاجات وأنه مستعد لإجراء محادثات بعد مناشدة من الرئيس روتو». ووفق منظمات غير حكومية أسفرت الاحتجاجات عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة أكثر من 400 شخص، من بينهم ما لا يقل عن 60 من ضباط الأمن.
وأعرب أودينغا (الثلاثاء الماضي) عن نيته الدعوة إلى مظاهرات جديدة، «لكنه لا يزال ملتزم بتخفيف التوتر السياسي من خلال الحوار». وأضاف أنه سيعقد اجتماعاً يشمل قيادات معارضة في مجلس المدينة، يوم الخميس، تعقبه مسيرة حاشدة يوم الأحد «لشرح موقفه ومسار العمل المقبل»، من خلال ما سماها بـ«اتصالات مباشرة» مع الجمهور.
وحثّ أودينغا الحكومة على «الحضور إلى طاولة المفاوضات بأيدٍ نظيفة، وبقبضات غير مقيدة، والالتزام بعملية نزيهة وشفافة تشمل جميع القضايا التي تُربك بلادنا».
ورجح عطية عيسوي، الخبير المصري في الشؤون الأفريقية، أن يعود الوضع للتوتر بعودة الاحتجاجات إلى الشوارع في ضوء الأزمة المالية والاقتصادية المتصاعدة، وهو ما تفاقمه أزمة التأخر في دفع الرواتب.
وقال عيسوي لـ«الشرق الأوسط»: «على الحكومة الكينية اتخاذ إجراءات لمكافحة الفساد وتشجيع الاستثمار، ويمكن بيع بعض الأصول لحل أزمة النقد». ورجح عيسوي أن تستمر الأزمة الاقتصادية في كينيا لفترة طويلة لأنها ناتجة عن «مشكلات مزمنة، علاوة على أزمة اقتصادية عالمية، لكن على المستوى السياسي قد تنجح المفاوضات الجارية مع المعارضة في ملف تشكيل مفوضية انتخابات مستقلة فقط لأن ذلك يصب في مصلحة أودينغا والرئيس روتو معاً».
وأضاف في المقابل: «تتطلب ملفات إعادة الدعم وتخفيض تكاليف ارتفاع المعيشة وقتاً لتوفير الموارد الشحيحة في الأساس». كما رجح عيسوي أنه «في حالة زيادة ضغط الشارع عليها في الملف الاقتصادي واستثمار ذلك من جانب المعارضة بقيادة أودينغا، قد تقوم الحكومة بتصدير المشكلة للمعارضة وتطالبها بتقديم خطة لكيفية حل تلك المشكلات وطرق تمويل حلولها المقترحة، وهو ما ستفشل المعارضة فيه في الغالب».
كينيا: تصاعُد الاضطرابات الاقتصادية وسط مخاوف من عودة الاحتجاجات
الحكومة أقرت بـ«أزمة نقد طاحنة»
كينيا: تصاعُد الاضطرابات الاقتصادية وسط مخاوف من عودة الاحتجاجات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة