الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

الاستخبارات البريطانية أبلغت الإسرائيليين بوجود الموقع الحساس في 2008

علي رضا أكبري (أرشيفية - رويترز)
علي رضا أكبري (أرشيفية - رويترز)
TT

الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

علي رضا أكبري (أرشيفية - رويترز)
علي رضا أكبري (أرشيفية - رويترز)

بعد نحو 5 أشهر على إعدام علي رضا أكبري، النائب السابق لوزير الدفاع الإيراني، على خلفية اتهامه بالتجسس لصالح بريطانيا، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر إسرائيلية وإيرانية أن المسؤول السابق «كان جاسوساً غير متوقع» بسبب ولائه الشديد للنظام، لكنه لعب دوراً رئيسياً في الكشف عن منشأة فوردو التي ضمت أنشطة سرية لإيران قبل أن تعترف طهران بوجود موقع تخصيب اليورانيوم الواقع تحت الأرض في عام 2009.
وأعدم أكبري (62 عاماً)، الذي يحمل الجنسية البريطانية، فجر 14 يناير (كانون الثاني)، بعد ثلاثة أيام من تسريب قضية اعتقاله لوسائل الإعلام. وحسب «نيويورك تايمز»، فإن إعدام أكبري التي تربطه صلات وثيقة بأمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، أنهى سراً بقي طي الكتمان لمدة 15 عاماً.
في هذا الصدد، ذكرت الصحيفة أن مسؤولاً استخباراتياً بريطانياً رفيع المستوى سافر إلى تل أبيب في أبريل (نيسان) 2008، حاملاً رسالة سرية إلى الإسرائيليين، بشأن وجود جاسوس لدى بريطانيا يمكنه الوصول إلى الأسرار النووية والدفاعية في إيران.
وحسب الصحيفة، فإن المعلومات القيمة التي قدمها الجاسوس على مدى سنوات، كان لها دور حيوي في إزالة الشكوك لدى الحكومات الغربية بشأن نيات إيران امتلاك السلاح النووي، وإقناع العالم بفرض عقوبات واسعة النطاق على طهران.
وبدأ أكبري، الذي عاش حياة مزدوجة، بتسريب الأسرار النووية إلى المخابرات البريطانية في عام 2004. وكان أكبري قائداً عسكرياً بارزاً في «الحرس الثوري»، ونائباً لوزير الدفاع (علي شمخاني حينذاك)، ويعرف بتعصبه الديني وتشدده السياسي وخطاباته ومقابلاته النارية. ولم يفقد ثقة السلطات حتى بعد انتقاله إلى لندن، حيث واصل تقديم «الاستشارات» لشمخاني وغيره من المسؤولين.
ذكرت «نيويورك تايمز» أن أكبري لم يواجه مشكلة حتى 2019، عندما اعتقل في طهران، بعدما زارها بدعوة من شمخاني. وقالت مصادر مقربة من «الحرس الثوري» للصحيفة، إن «روسيا ساعدت إيران في الكشف عن هوية الجاسوس الذي كشف عن وجود منشأة فوردو النووية، وهو أكبري». وأعادت الصحيفة التذكير بتقرير سابق لها في سبتمبر (أيلول) 2019، ونقلت عن مصادر حينذاك أن منشأة فوردو كشف عنها جاسوس بريطاني، قبل أن يقوم مسؤولون بريطانيون بنقل تلك المعلومات إلى الإسرائيليين. وقالت مصادر أمنية غربية للصحيفة، إن المعلومات بشأن فوردو وأنشطة إيران للحصول على أسلحة نووية هناك كانت واحدة من بين تسريبات أكبري التي جرى نقلها إلى الإسرائيليين في 2008.
وتقول السلطات الإيرانية إنها اعتقلت أكبري بين مارس (آذار) 2019 ومارس 2020، لكنها لم تحدد توقيت اعتقاله.
وبعد إعدام أكبري بيومين، بث الإعلام الحكومي الإيراني اعترافات متلفزة منه، يتحدث فيها عن دوره في تأكيد أهمية محسن فخري زاده، نائب وزير الدفاع الإيراني السابق في شؤون الأبحاث، الذي اغتيل بواسطة رشاش آلي، واتهمت إيران، إسرائيل، بالوقوف وراء اغتياله.
وفي الاعترافات المتلفزة، تحدث أكبري عن «تجنيده» من المخابرات البريطانية، كاشفاً عن تقديمه معلومات، منها تحديد أهمية المسؤولين والأشخاص المؤثرين، لدول أجنبية، خصوصاً في الملف النووي والقضايا المتعلقة بالأنشطة الإقليمية.
ويصرح أكبري في التسجيل: «سُئلت عما إذا كان من الممكن أن يشارك شخص ما، لنفترض الدكتور فخري زاده، في مشروع ما، لقد قلت: لماذا لا يستطيع».
وقبل إعدامه بأيام قليلة، كشفت «بي بي سي فارسي» عن رسالة صوتية من أكبري، وهو يتحدث من داخل السجن، يقول فيها إنه تعرض للتعذيب لأكثر من 10 أشهر، وأُجبر على الاعتراف أمام الكاميرا بجرائم لم يرتكبها. وقال: «لا توجد أدلة ضدي»، مشيراً إلى قيامه بأنشطة اقتصادية في عدة دول أوروبية بعد مغادرة إيران «بشكل قانوني»، لكنه اتُّهم بـ«الهروب» وامتلاك «شركات وهمية».
وقالت إيران إن أكبري كشف هوية وطبيعة نشاط أكثر من 100 مسؤول، أبرزهم فخري زاده.
ونقلت «نيويورك تايمز» عن دبلوماسي إيراني كبير ومستشار للحكومة، أن أكبري دعا في أحد الاجتماعات الرسمية إلى ضرورة امتلاك إيران سلاحاً نووياً.
في 15 يناير الماضي، أي بعد يوم من إعدام أكبري، نشرت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية مقتطفات من تصريحات أكبري، من بينها تصريحات أدلى بها في أغسطس (آب) 2003 لوكالة «إيسنا» الحكومية حول ضرورة حصول إيران على سلاح نووي «رادع»، مشدداً على أن «امتلاك هذا النوع من السلاح لا يمكن مقارنته باستخدامه».
وبموجب الاتفاق النووي لعام 2015، وافقت إيران على وقف تخصيب اليورانيوم في «فوردو»، وحوّلته بدلاً من ذلك إلى «مركز للطاقة النووية والفيزياء والتكنولوجيا».
في يوليو (تموز) العام الماضي، أعلنت إيران العودة إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة في منشأة فوردو. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، باشرت إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة.
وتقوم إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة في منشأة «نطنز» منذ أبريل 2021 بنسبة قريبة من الـ90 في المائة اللازمة لاستخدام اليورانيوم في صنع الأسلحة.
في فبراير (شباط) الماضي، انتقدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إخفاء إيران القيام بتعديلات جوهرية في طبيعة عمل أجهزة الطرد المركزي بمنشأة فوردو، معلنة عن امتلاك إيران أجهزة تحمل رؤوساً تمكنها من التحول بسرعة وسهولة لمستويات تخصيب أعلى نقاء.
في وقت لاحق من الشهر نفسه، كشفت تقارير مسربة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عثور مفتشيها على جزيئات يورانيوم مخصبة بنسبة 83.7 في المائة، وهي أعلى نسبة تصل إليها إيران على الإطلاق.
ومع ذلك، قالت إيران إنها لا تنوي تخصيب اليورانيوم بأكثر من 60 في المائة. واتفقت مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية على التحقيق بشأن منشأ اليورانيوم بنسبة 83.7 في المائة.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

نتنياهو: الضربات الإسرائيلية أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو: الضربات الإسرائيلية أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الخميس)، أن الضربات التي وجّهتها إسرائيل إلى إيران وحلفائها في الشرق الأوسط أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة برمتها في المستقبل، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال نتنياهو، في كلمة موجهة إلى الشعب الإيراني، إن «الأحداث التاريخية التي نشهدها اليوم هي ردود فعل متسلسلة».

وتابع: «ردود فعل متسلسلة على قصف (حركة) حماس والقضاء على (حزب الله) واستهداف (أمينه العام السابق حسن) نصر الله، والضربات التي سدّدناها لمحور الرعب الذي أقامه النظام الإيراني».

واتهم نتنياهو إيران بإنفاق عشرات مليارات الدولارات لدعم الرئيس السوري بشار الأسد، الذي أطاحه هجوم شنّته فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام»، ودعم حركة «حماس» في قطاع غزة و «حزب الله» في لبنان.

وأكد أن «كل ما تسعى إليه إسرائيل هو الدفاع عن دولتها، لكننا من خلال ذلك ندافع عن الحضارة بوجه الوحشية».

وقال للإيرانيين: «إنكم تعانون تحت حكم نظام يسخركم ويهددنا. سيأتي يوم يتغير هذا. سيأتي يوم تكون فيه إيران حرة». وتابع: «لا شك لديّ في أننا سنحقق هذا المستقبل معاً أبكر مما يظن البعض. أعرف وأؤمن بأننا سنحول الشرق الأوسط إلى منارة للازدهار والتقدم والسلام».

ومع سقوط الأسد، خسرت إيران في سوريا حلقة رئيسية في «محور المقاومة» الذي تقوده ضد إسرائيل، بعد أن خرج حليفها الآخر «حزب الله» ضعيفاً من الحرب مع إسرائيل.

ولطالما أدّت سوريا، التي تتشارك مع لبنان حدوداً طويلة سهلة الاختراق، دوراً استراتيجياً في إمداد «حزب الله» اللبناني المدعوم عسكرياً ومالياً من إيران، بالأسلحة.