الجزائر تعوّل على تغيُر سياسي في إسبانيا لإنهاء القطيعة

تشترط على مدريد سحب دعمها الخطة المغربية للصحراء نظير عودة التجارة

صورة مركبة لتبون وسانشيز نشرتها الرئاسة الجزائرية في 6 مارس 2022 بمناسبة اتصال هاتفي بينهما
صورة مركبة لتبون وسانشيز نشرتها الرئاسة الجزائرية في 6 مارس 2022 بمناسبة اتصال هاتفي بينهما
TT

الجزائر تعوّل على تغيُر سياسي في إسبانيا لإنهاء القطيعة

صورة مركبة لتبون وسانشيز نشرتها الرئاسة الجزائرية في 6 مارس 2022 بمناسبة اتصال هاتفي بينهما
صورة مركبة لتبون وسانشيز نشرتها الرئاسة الجزائرية في 6 مارس 2022 بمناسبة اتصال هاتفي بينهما

تتجه الجزائر إلى تحسين علاقاتها الاقتصادية مع فرنسا، بمناسبة زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى باريس شهر يونيو (حزيران) المقبل، في الوقت الذي تسير فيه علاقاتها مع إسبانيا نحو مزيد من الجفاء، بعد عام من «حادثة خروج مدريد عن حيادها في نزاع الصحراء»، ما دفعها إلى تجميد التجارة مع الجارة المتوسطية باستثناء ما يتعلق بعقود الطاقة.
وتشير تقديرات وسائل إعلام إسبانية إلى أن خسائر توقُف التجارة مع الجزائر فاقت 600 مليون دولار، تكبدتها شركات إسبانية بين منتصف عام 2022 حتى مارس (آذار) 2023، وتمثلت بشكل خاص في منتجات غذائية، ولحوم الماشية، ومواد نصف مصنعة مرتبطة بالبناء والبنية التحتية والأشغال العامة. واحتجت هذه الشركات مراراً لدى الحكومة في مدريد، بغرض الضغط عليها للبحث عن تسوية عاجلة مع الحكومة الجزائرية التي من جهتها تظل مصرّة على موقف القطيعة مع مدريد، ما لم تتراجع عن دعمها خطة الحكم الذاتي المغربية الخاصة بالصحراء.
ووفق مصادر سياسية جزائرية رفيعة «لا يوجد في أفق العلاقة مع إسبانيا أي شيء جديد يدفع للعودة إلى ما كانت عليه مطلع العام الماضي»، في إشارة إلى رسالة رفعها رئيس الحكومة بيدرو سانشيز إلى ملك المغرب محمد السادس، يؤكد فيها انحياز إسبانيا إلى مقترح الحكم الذاتي، ما شكَّل في نظر الجزائر خروجاً عن الحياد في القضية، من جانب القوة الاستعمارية السابقة بالمنطقة المتنازع عليها.
ومن نتائج تغيُر الموقف الإسباني من الصحراء أيضاً، قرار الجزائر تعليق «معاهدة الصداقة وحسن الجوار» الموقّع عليها عام 2002.
وأثار تعاطي الجزائر مع هذه التطورات امتعاضاً لدى السلطات الإسبانية. وصرّح وزير الخارجية خوسيه مانويل ألفاريس، أن بلاده «لن تؤجج خلافات عقيمة»، مدافعاً عن «قرار سيادي اتخذته إسبانيا في إطار القانون الدولي، وليس هناك شيء آخر يمكن إضافته». وفهمت الجزائر من هذا الكلام أن شريكها الاقتصادي المتوسطي يقدّم علاقته مع «الغريم المغربي، على الاعتبارات التي تخص علاقاتهما القديمة» التي كانت دائماً مبنية على منطق براغماتي.
وقياساً إلى آخر تصريحات للرئيس عبد المجيد تبون حول العلاقات مع إسبانيا، لا يبدو أن الجزائر مستعدة لحل الخلاف من دون موافقة مدريد على شروطها. كما أنها تترقب تغيرًا في الخريطة السياسية في إسبانيا، يفضي إلى رحيل رئيس الحكومة سانشيز، الذي تحمّله شخصياً، قرار تغيير البوصلة في ملف الصحراء.
وأكد الرئيس تبون بهذا الخصوص، في تصريحات للصحافة الشهر الماضي، أن «ما فرضه السيد سانشيز على الإسبان (دعم مقترح الحكم الذاتي) سيتغير، بحدوث تغيير في الحكومة (الإسبانية)». مبرزاً أن التجارة مع إسبانيا ستظل مجمدة باستثناء إمدادها بالطاقة «لأن الغاز الجزائري يستفيد منه الشعب الإسباني وليس سانشيز». كما قال: «إسبانيا تبقى دولة صديقة، وتربطنا بها علاقة طيبة جداً، لم تتغير مع الأجهزة الحكومية الإسبانية، ولا مع الشعب، ولا القصر الملكي».
وفي إطار «مناكفة» مدريد وإلحاق مزيد من الضرر الاقتصادي بها، عززت الجزائر، بشكل لافت، علاقاتها مع إيطاليا بضخ مزيد من الغاز إليها في الفترة الماضية، تعويضاً عن الغاز الروسي الذي جرى قطعه في سياق الحرب الحالية في أوكرانيا.
وصدَّ الجزائريون محاولات متكررة للاتحاد الأوروبي، لرأب الصدع مع إسبانيا. فقد زارهم ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، الإسباني جوزيب بوريل، في مارس الماضي، بغرض تليين الموقف، وعلى أساس أن مقاطعة التجارة مع إسبانيا تخلّ بتعهدات الجزائر الواردة في اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي (2005)، الذي تطالب الجزائر أصلاً بمراجعته جذرياً، بذريعة أنه «مجحف» باقتصادها، غير أن بوريل فشل في مهمته.


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الملك محمد السادس يهنئ ترمب ويؤكد «امتنان» المغرب لموقفه من الصحراء

العاهل المغربي الملك محمد السادس (ماب)
العاهل المغربي الملك محمد السادس (ماب)
TT

الملك محمد السادس يهنئ ترمب ويؤكد «امتنان» المغرب لموقفه من الصحراء

العاهل المغربي الملك محمد السادس (ماب)
العاهل المغربي الملك محمد السادس (ماب)

هنأ العاهل المغربي الملك محمد السادس، اليوم الأربعاء، دونالد ترمب على فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، مؤكداً «امتنان الشعب المغربي» لاعترافه خلال ولايته الرئاسية الأولى بسيادة المملكة على إقليم الصحراء المتنازع عليه.

وقال العاهل المغربي في برقية تهنئة إلى ترمب، نشرتها «وكالة الأنباء المغربية»: «يطيب لي، بمناسبة انتخابكم مجدداً رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، أن أبعث إليكم بأحر تهانئي، مقرونة بأصدق متمنياتي لكم بكامل التوفيق في مهامكم السامية». مضيفاً: «إنني لأستحضر فترة ولايتكم السابقة، التي بلغت علاقاتنا خلالها مستويات غير مسبوقة، تميزت باعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الكاملة للمملكة المغربية على كامل ترابها في الصحراء».

وتابع العاهل المغربي موضحاً في برقية التهنئة: «هذا الموقف التاريخي، الذي سيظل الشعب المغربي ممتناً لكم به، يمثل حدثاً هاماً ولحظة حاسمة»، و«يعد بآفاق أرحب لشراكتنا الاستراتيجية».

وكان الجمهوري ترمب أول رئيس دولة غربية يعترف بسيادة المغرب على هذا الإقليم، الذي يشكل محور نزاع بين المغرب وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر منذ نحو نصف قرن. وجاء هذا الاعتراف في الأسابيع الأخيرة للولاية السابقة لترمب في البيت الأبيض.

يشار إلى أن المغرب حصل خلال الأعوام التالية على تأييد دول غربية أخرى لخطة الحكم الذاتي، التي يطرحها حلاً وحيداً للنزاع. ومن أبرز هذه الدول فرنسا، التي أكد رئيسها إيمانويل ماكرون من الرباط نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أنها ستنشط «دبلوماسياً» في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لدعم مقترح المغرب.

وفي قراره الأخير حول هذا النزاع، دعا مجلس الأمن الدولي، الخميس الماضي، إلى وجوب التوصّل إلى «حل سياسي واقعي، وقابل للتحقيق ومستدام ومقبول من الطرفين». ورحب المغرب بهذا القرار. فيما لم تشارك الجزائر، التي تتولى عضوية غير دائمة في مجلس الأمن، في التصويت عليه؛ احتجاجاً على رفض تعديلات اقترحتها.

كما أعرب الملك محمد السادس في رسالة تهنئة ترمب عن تطلعه «إلى مواصلة العمل سوياً معكم من أجل النهوض بمصالحنا المشتركة، وتعزيز تحالفنا المتفرد في مختلف مجالات التعاون».