الجزائر: أحكام ثقيلة تنتظر سعيد بوتفليقة وعدداً من رجال الأعمال

سعيد بوتفليقة (الشرق الأوسط)
سعيد بوتفليقة (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: أحكام ثقيلة تنتظر سعيد بوتفليقة وعدداً من رجال الأعمال

سعيد بوتفليقة (الشرق الأوسط)
سعيد بوتفليقة (الشرق الأوسط)

سيكون بمقدور سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة وكبير مستشاريه سابقاً، ومجموعة من رجال الأعمال المقربين منه على نتائج محاكمتهم في غضون أسبوع، بعد أن وضعت محكمة الاستئناف بالعاصمة أول من أمس، القضية في المداولة، وصدور التماسات بحقهم تراوحت بين السجن 10 و15 سنة مع التنفيذ.
وطالبت النيابة بإنزال عقوبة السجن 12 سنة مع التنفيذ ضد سعيد (66 سنة)، الذي حمّلته مسؤولية الفساد الذي وقع في مشروعات وصفقات تخص البنية التحتية والأشغال العامة وسكة الحديد والبناء، التي حصل عليها بعض رجال الأعمال بـ«فضل الحظوة» التي كانت لهم عند بوتفليقة خلال الـ20 سنة من حكمه (1999 - 2019).
وكان أقصى التماس بالحبس 15 سنة من نصيب رجل الأعمال محيي الدين طحكوت، مالك شركة استيراد سيارات كورية، والمستثمر الحصري سابقاً في نشاط نقل طلاب الجامعات بالحافلات. كما التمس ممثل النيابة السجن 12 سنة لكل من المستثمرين علي حداد، وأحمد معزوز ومحمد بعيري، فيما طلب للإخوة رجال الأعمال الثلاثة، رضا ونوح وطارق السجن 10 سنوات. أما البرلماني السابق الطاهر ميسوم، ومدير «البنك الوطني الجزائري» الحكومي سابقاً عبود عاشور، فكانت الالتماسات بالسجن عامين مع التنفيذ بحقهما. ووفق تحقيقات الأمن حول القضية، فقد استفاد ميسوم من صفقات مشتركة مع طحكوت، فيما ترتبط تهمة عاشور بتمويلات محل شبهة لفائدة مشروعات رجال الأعمال.
كما طلبت النيابة أيضاً بمصادرة أملاك وحجز أرصدة كل هؤلاء المتهمين، ومعهم أفراد عائلاتهم، من بينهم زوجة سعيد بوتفيلقة، التي سبق أن حجزت المحكمة شقة صغيرة تملكها بالعاصمة، بذريعة أن شراءها تم «من عائدات الفساد».
وجاءت طلبات النيابة مطابقة للأحكام التي أصدرتها المحكمة الابتدائية ضد «وجهاء النظام» في فبراير (شباط) الماضي.
يشار إلى أن لائحة الاتهام تشمل 56 متهماً، من بينهم أطر وكوادر بأجهزة ومؤسسات حكومية، ومنهم أيضاً أفراد من عائلات رجال الأعمال. وتتمثل التهم الموجهة إليهم في «إخفاء عائدات إجرامية ناتجة عن جرائم الفساد، وغسيل أموال ومخالفة قانون الصرف». كما يشار إلى أن المحاكمة تمت بطريقة الفيديو، انطلاقاً من السجون التي يوجد بها المتهمون، وكلها خارج العاصمة.
وأبدى محامو شقيق الرئيس الراحل انزعاجاً من مرافعة ممثل النيابة، الذي أكد أن أستاذ الرياضيات بالجامعة سابقاً «وفر الغطاء والحماية لأصدقائه رجال الأعمال لنهب المال العام»، مبرزاً أن «النفوذ الذي كان له في الدولة فتح الباب لتوزيع الصفقات والثروات للمقربين منه، في مقابل حصوله على دعم مادي كبير للاستمرار في الحكم أطول مدة ممكنة». والمعروف أن أرباب العمل كانوا وراء تمويل حملات بوتفليقة الأربع، وحتى الخامسة، التي انطلقت لولا أن المظاهرات ألغت الاقتراع الذي كان مقرراً في 18 أبريل (نيسان) 2019.
وخلال نحو أسبوعين من المحاكمة، تم تداول «قضية الرسائل النصية الهاتفية»، التي تبادلها سعيد مع رجال الأعمال في خضم الحراك الشعبي الذي أفضى إلى الإطاحة بالرئيس في الثاني من أبريل 2019. ورشح من هذه الرسائل أن أصحاب الثروة والمال كانوا متخوفين على أملاكهم ومشروعاتهم في حال مغادرة بوتفليقة ومستشاره الخاص الحكم، واستندت النيابة على هذه الرسائل، واعتبرتها «دليلاً على ضلوع سعيد بوتفليقة ورجال الأعمال في الفساد».
غير أن دفاع سعيد بوتفليقة رفض بشدة ما جاء على لسان ممثل النيابة، معتبراً أن اعتقاله جرى قبل استقالة الرئيس تحت الضغط الشعبي، وأيضاً قبل اعتقال رجال الأعمال، «ما يؤكد أنه لم يكن يملك القوة والنفوذ لمنح الحماية لأي أحد من المتابعة والسجن». أما أحد الإخوة كونيناف، فأكد أن كثافة تواصله بالهاتف مع سعيد «كانت أمراً طبيعياً بحكم الصداقة التي تجمعنا». فيما دافع سعيد عن نفسه بهذا الخصوص، قائلاً إنه «صديق عائلة كونيناف»، ونفى بشدة أن يكون استغل موقعه في السلطة لتقديم منفعة للإخوة الثلاثة. كما نفى أي علاقة له ببقية رجال الأعمال المتهمين، الذين جاء ذكرهم في قضايا أخرى تتعلق بالفساد، والتي اتهم فيها رئيسا الوزراء سابقاً عبد المالك سلال، وأحمد أويحيى.


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)
TT

مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)

مع بدء المرافعات الختامية ضد المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية في إقليم دارفور(غرب السودان)، علي عبد الرحمن، الشهير باسم «علي كوشيب»، أبلغ مدعي المحكمة الجنائية الدولية قضاة أن «غالبية الأدلة تظهر أن سلوك المتهم وأفعاله تثبت ارتكابه الجرائم المنصوص عليها».

وقال إن علي عبد الرحمن، المشتبه به في أول محاكمة تنظر جرائم الحرب في إقليم دارفور بالسودان قبل عقدين، كان زعيم ميليشيا مرهوب الجانب وأمر بارتكاب فظائع منها القتل والاغتصاب والنهب.

ودفع عبد الرحمن ببراءته من تهمة الإشراف على آلاف من مقاتلي «الجنجويد» الموالين للحكومة خلال ذروة القتال في عامي 2003 و2004. وقال دفاعه إنه ليس زعيم الميليشيا، المعروف أيضاً باسمه الحركي «علي كوشيب». ووصف الدفاع المتهم «كوشيب» في وقت سابق بأنه «كبش فداء» قدّمته الحكومة السودانية للتغطية على المتهمين الرئيسيين، منهم الرئيس المخلوع عمر البشير، ووزيرا الدفاع وقتها عبد الرحيم محمد حسين، والداخلية أحمد هارون.

الادعاء أثبت قضيته

وقال المدعي العام للمحكمة كريم خان، في بيانه الختامي، الأربعاء، إنه خلال المحاكمة التي استمرت عامين، قدّم شهود الادعاء «روايات مفصلة عن القتل الجماعي والتعذيب والاغتصاب واستهداف المدنيين وحرق ونهب قرى بأكملها»، وإن الادعاء أثبت قضيته بما لا يدع مجالاً للشك.

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

وتمثل المرافعات الختامية نهاية المحاكمة الأولى والوحيدة التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم المرتكبة في السودان منذ إحالة مجلس الأمن الدولي القضية إلى المحكمة في 2005، ولا تزال هناك أوامر اعتقال معلقة بحق مسؤولين سودانيين كبار في عهد الرئيس السابق عمر البشير.

واندلع الصراع في دارفور لأول مرة عندما حمل متمردون غير عرب السلاح في وجه حكومة السودان، متهمين إياها بتهميش المنطقة النائية الواقعة في غرب البلاد. وحشدت حكومة السودان آنذاك ميليشيات عربية في الأغلب تعرف باسم «الجنجويد» لقمع التمرد، ما أثار موجة من العنف وصفتها الولايات المتحدة وجماعات حقوق الإنسان بأنها تصل إلى حد الإبادة الجماعية.

ومنذ بدء المحاكمة التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية، اندلع الصراع مرة أخرى في دارفور، وتحول الصراع الحالي المستمر منذ 20 شهراً بين الجيش و«قوات الدعم السريع» شبه العسكرية إلى صراع يزداد دموية مع تعثر جهود وقف إطلاق النار. وأعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في يونيو (حزيران) من هذا العام أنه يجري أيضاً تحقيقات عاجلة في مزاعم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية حالياً في دارفور.

ومن المقرر أن تستمر المرافعات الختامية إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.

حكومة السودان سلّحت «الجنجويد»

وذكر خان أن حكومة السودان وآخرين كانوا يقومون بتسليح ميليشيا «الجنجويد» من أجل مقاومة «التمرد»، إلا أن الضحايا في هذه القضية «لم يكونوا ثواراً، بل هم مدنيون. وقال في مرافعته إن المحكمة استمعت، في وقت سابق، إلى روايات 81 شاهداً «تحدثوا عن القتل الجماعي والاغتصاب والحرق والتدمير لقرى كاملة وتهجير أهاليها من شعب الفور الذين حتى لا يستطيعون العودة إلى مناطقهم حتى اليوم».

وأضاف أن مئات الرجال من قبيلة الفور تعرضوا للاعتقال والتعذيب في مكجر ودليج بوسط دارفور، وتم هذا على يد المتهم في هذه القضية «علي كوشيب». وتابع: «قدمنا للمحكمة أدلة على جرائم الاغتصاب التي ارتكبها (الجنجويد)، والتي كانت جزءاً من سياسة استراتيجية لـ(الجنجويد) وحكومة السودان ضد شعب الفور».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المدعي العام إن كل التهم المسؤول عنها جنائياً المتهم علي كوشيب «تم إثباتها أمام المحكمة، ونأمل أن تأخذ المحكمة بالأدلة الموثوقة من خلال محاكمة نزيهة». وأكد أن المتهم «مسؤول عن جرائم ارتكبت في مناطق كتم وبندسي ومكجر ودريج في أثناء الصراع بإقليم دارفور».

ووصف خان هذه المحاكمة بأنها تمثل بارقة أمل للذين فقدوا أقاربهم وممتلكاتهم، والذين ينتظرون العدالة لمدة 20 عاماً. ويواجه علي كوشيب 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتُكبت في إقليم دارفور بالسودان، خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2003 وأبريل (نيسان) 2004 بمناطق مكجر وبندسي ودليج وكدوم بوسط دارفور.

وبدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى، في 5 أبريل 2022، على أثر تسليم نفسه للمحكمة في يونيو 2020، واستجوبت المحكمة، خلال التقاضي، 56 شاهداً، وأغلقت قضية الادعاء في 5 يونيو 2023.