الحوار المفتوح لعبداللهيان لم يحضره إلا «أهل البيت»

غابت عنه المعارضة اللبنانية وحضره «التقدمي» من موقع الاختلاف

عبداللهيان لحظة وصوله إلى بيروت (إ.ب.أ)
عبداللهيان لحظة وصوله إلى بيروت (إ.ب.أ)
TT

الحوار المفتوح لعبداللهيان لم يحضره إلا «أهل البيت»

عبداللهيان لحظة وصوله إلى بيروت (إ.ب.أ)
عبداللهيان لحظة وصوله إلى بيروت (إ.ب.أ)

دعوة السفارة الإيرانية في بيروت عدداً من النواب المنتمين إلى الكتل النيابية، على اختلاف مشاربها وانتماءاتها السياسية، للمشاركة في «حوار مفتوح» هو الأول من نوعه وغير مسبوق، مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، بمناسبة زيارته لبنان، لن تبدِّل من المشهد السياسي الذي لا يزال يعرقل انتخاب رئيس للجمهورية، في ظل الانقسام العمودي داخل البرلمان، خصوصاً أن معظم المدعوّين من التكتلات النيابية المعارضة اعتذروا عن عدم تلبية الدعوة، وأن حضور البعض الآخر منهم يأتي من موقع الاختلاف مع الأداء السياسي لإيران في لبنان.
فالسفارة الإيرانية، التي استضافت الحوار داخل مقرها في ضاحية بيروت الجنوبية، عصر أمس، استثنت من الدعوة كتلة «الجمهورية القوية» التي تضم نواب حزب «القوات اللبنانية» برئاسة سمير جعجع، بذريعة تحميله مسؤولية حيال اختفاء الدبلوماسيين الإيرانيين وهم في طريقهم من بيروت إلى شمال لبنان، إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان في يونيو (حزيران) عام 1982، ومن ثم تتوخى، من خلال عدم دعوتهم، تفادي ردود الفعل في داخل إيران.
كما استثنت من الدعوة عضو كتلة «التجدد النيابي» النائب ميشال معوض؛ بذريعة أنها حرصت على عدم دعوة المرشحين لرئاسة الجمهورية للمشاركة في الحوار المفتوح مع عبداللهيان، بخلاف دعوتها النائب نعمت أفرام، الذي يُعتبر في عداد المرشحين للرئاسة، وهو الذي اعتذر عن عدم الحضور بداعي السفر. وكان قد سبقه إلى الاعتذار حزب «الكتائب»، برئاسة النائب سامي الجميل، ومعه حزب «الوطنيين الأحرار»، برئاسة رئيسه النائب كميل شمعون، إضافة إلى عدد من النواب المستقلّين.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن 16 شخصاً كلهم دورون في فلك «الممانعة» حضرواً من أصل 25 مدعواً، فيما لم يحضر أحد من «قوى التغيير» الذين وجهت إليهم الدعوة وأبرزهم ملحم خلف (اعتذر عن عدم الحضور لأن الأولوية لديه انتخاب الرئيس اليوم قبل الغد تطبيقاً لما هو وارد في الدستور)، وياسين ياسين وإلياس جرادة، في حين استثنت السفارة زملاءهم الذين يصنَّفون، من وجهة نظر «حزب الله»، على خانة الصقور المناوئين للسياسة الإيرانية ودورها في لبنان؛ كون طهران طرفاً منحازاً لمحور الممانعة، مما يُفقدها الدور الذي تتطلع إليه في رعايتها حواراً نيابياً، ومن ثم ليست في عداد الدول الصديقة للبنان، الأقدر على التواصل مع جميع الأطراف من موقعها الضاغط، لإخراج لبنان من دوامة المراوحة التي تعطل انتخاب الرئيس.وفي المقابل، حضر «اللقاء الديمقراطي» بشخص النائب بلال عبد الله، الذي شارك في الحوار لأن رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط يقف على رأس الذين ينادون بالحوار.وبحسب المصادر، فإن عبداللهيان تحدث عن الاتفاق الإيراني – السعودي وانعاكاساته على استقرار المنطقة، مؤكداً أن بلاده مصرة على الوصول بلبنان إلى بر الأمان، لكن «قانون قيصر» (العقوبات) يمنعها من تقديم المساعدات. وفي الشأن الرئاسي، أكدت المصادر أنه عبد اللهيان لم يتطرق إلى اسم فرنجية إطلاقاً، قائلاً إن بلاده ليس لديها مرشح وأنها تؤيد ما يتفق عليه اللبنانيون.والرأي الآخر في الحوار جاء على لسان عبدالله الذي دعا إلى الاستفادة من المناخ الإيجابي للاتفاق السعودي – الإيراني وانتخاب رئيس، مؤكداً رفض استخدام لبنان في صراعات المنطقة أو تحويله إلى منصة للاستاءة لأي دولة خصوصاً الخليجية. وقال «آن الأوان لوضع استراتيجية دفاعية»، داعياً عبداللهيان إلى التدخل لدى سوريا لإعادة النازحين لأن وجودهم في لبنان أصبح مكلفاً أمنياً ومالياً.
وفيما لم يعلق عبداللهيان على ما أدلى به عبدالله، أفيد بأنه لم يكن مرتاحاً لغياب المعارضة عن اللقاء.
وبحسب المصادر، فإن نوعية الحضور تدل على أن إيران ليست الأقدر لجمع اللبنانيين في حوار مفتوح، وعليها أن تتوقف أمام مقاطعة قوى مسيحية رئيسة، إياه، لتبادر لاحقاً إلى استخلاص العِبر، على خلفية انحيازها، بلا ضوابط، لمحور الممانعة.
لذلك فإن الحوار المفتوح، الذي نظّمته السفارة الإيرانية يبقى ناقصاً، ولا يمكن لإيران أن تلعب دور الحَكَم والخَصم في آن واحد، ما دامت عاجزة عن اختراق المعارضة التي فضّلت مقاطعتها الحوار المفتوح الذي أُريدَ منه تلميع الدور الإيراني في لبنان.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

إردوغان: يجب على إسرائيل السماح بعودة الحياة في غزة لطبيعتها

إردوغان متحدثاً خلال فعالية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في 9 ديسمبر 2025 (الرئاسة التركية)
إردوغان متحدثاً خلال فعالية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في 9 ديسمبر 2025 (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان: يجب على إسرائيل السماح بعودة الحياة في غزة لطبيعتها

إردوغان متحدثاً خلال فعالية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في 9 ديسمبر 2025 (الرئاسة التركية)
إردوغان متحدثاً خلال فعالية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في 9 ديسمبر 2025 (الرئاسة التركية)

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم (السبت)، إنه يجب على إسرائيل الوفاء بوعودها والامتثال الكامل لوقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف الرئيس التركي أنه يجب على إسرائيل السماح بعودة الحياة في غزة إلى طبيعتها.

من جانبه، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إن إسرائيل مارست التطهير العرقي في كثير من مدن فلسطين.

وأكد فيدان -خلال تصريحات في إسطنبول- أن تركيا تعمل على إيقاف الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة؛ مشيراً إلى أن بلاده لعبت دوراً فعالاً مع الوسطاء من أجل التوصل إلى هذا الاتفاق.

وتم التوصل إلى توافق بين إسرائيل و«حماس» بشأن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، خلال اجتماعات في شرم الشيخ، ودخل الاتفاق حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتتواصل المحادثات لدفع المرحلة التالية من خطة الرئيس ترمب، لإنهاء الصراع المستمر منذ عامين في غزة.

وتنص الخطة على إدارة فلسطينية من التكنوقراط، تكون مؤقتة في القطاع، يشرف عليها «مجلس سلام» دولي، وتدعمها قوة أمنية متعددة الجنسيات. وقد ثبتت صعوبة المفاوضات حول تشكيل هذه القوة وتفويضها.


«مستقبل مشلول»... مبتورو الأطراف في غزة يكافحون لإعادة بناء حياتهم وسط نقص الأجهزة التعويضية

حنين المبحوح فقدت ساقها في غارة إسرائيلية على منزلها أسفرت أيضاً عن مقتل بناتها الأربع جميعاً بغزة (أ.ب)
حنين المبحوح فقدت ساقها في غارة إسرائيلية على منزلها أسفرت أيضاً عن مقتل بناتها الأربع جميعاً بغزة (أ.ب)
TT

«مستقبل مشلول»... مبتورو الأطراف في غزة يكافحون لإعادة بناء حياتهم وسط نقص الأجهزة التعويضية

حنين المبحوح فقدت ساقها في غارة إسرائيلية على منزلها أسفرت أيضاً عن مقتل بناتها الأربع جميعاً بغزة (أ.ب)
حنين المبحوح فقدت ساقها في غارة إسرائيلية على منزلها أسفرت أيضاً عن مقتل بناتها الأربع جميعاً بغزة (أ.ب)

تجلس حنين المبحوح على كرسيها المتحرك، تحلم بإعادة بناء أسرتها، وحمل طفل رضيع، وبالمشي مجدداً. لكن حياتها في غزة متوقفة، كما تقول، بعد بتر ساقها، بانتظار سفرها إلى الخارج لتلقي المزيد من العلاج.

في يوليو (تموز) عام 2024، دمرت غارة جوية إسرائيلية منزلها في وسط غزة بينما كانت هي وعائلتها نائمين. قُتلت بناتها الأربع، بمن فيهن طفلتها الرضيعة ذات الخمسة أشهر. وأُصيب زوجها بحروق بالغة. سُحقت ساقا المبحوح تحت الأنقاض، واضطر الأطباء إلى بتر ساقها اليمنى فوق الركبة، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وقالت في منزل والديها: «على مدار العام ونصف العام الماضيين، لم أتمكن من الحركة، من العيش كغيري. على مدار العام ونصف العام الماضيين، عشت بلا أطفالي».

حنين المبحوح من غزة فقدت ساقها في غارة إسرائيلية على منزلها أسفرت أيضاً عن مقتل بناتها الأربع (أ.ب)

كان وقف إطلاق النار في غزة، الذي مضى عليه شهران، بطيئاً في تقديم المساعدة لآلاف الفلسطينيين الذين فقدوا أطرافهم جراء القصف الإسرائيلي على مدار العامين الماضيين. تُقدّر منظمة الصحة العالمية أن عدد مبتوري الأطراف جراء الحرب يتراوح بين 5 و6 آلاف شخص، 25 في المائة منهم أطفال.

يُعاني مبتورو الأطراف من صعوبة التأقلم، في ظل نقص الأطراف الاصطناعية، وتأخر عمليات الإجلاء الطبي من غزة.

وأفادت منظمة الصحة العالمية بوصول شحنة من المستلزمات الأساسية للأطراف الاصطناعية إلى غزة مؤخراً، ويبدو أنها أول شحنة كبيرة تصل خلال العامين الماضيين.

ووفقاً للؤي أبو سيف، رئيس برنامج ذوي الاحتياجات الخاصة في منظمة المعونة الطبية للفلسطينيين (MAP)، ونيفين الغصين، المديرة بالإنابة لمركز الأطراف الاصطناعية وشلل الأطفال في مدينة غزة، فإن إسرائيل لم تسمح بدخول أي أطراف اصطناعية جاهزة، أو مواد لتصنيعها تقريباً منذ بدء الحرب.

قالت المبحوح: «مستقبلي مشلول». كانت نائمة وطفلتها الرضيعة بين ذراعيها عندما ضربت الغارة منزلهم في النصيرات. ولأسابيع عديدة أثناء فترة علاجها في المستشفى، لم تكن المبحوح تعلم بمقتل طفلتها.

خضعت لعدة عمليات جراحية. ولا تزال يدها تعاني من صعوبة في الحركة. أما ساقها المتبقية فما زالت محطمة، ومثبتة بقضبان معدنية. وهي بحاجة إلى ترقيع عظمي، وعلاجات أخرى لا تتوفر إلا خارج غزة.

أُدرج اسمها على قائمة الإجلاء الطبي قبل عشرة أشهر، لكنها لم تحصل بعد على إذن بمغادرة غزة.

الخبير في الأطراف الاصطناعية أحمد الأشقر يعمل في أحد المستشفيات وسط قطاع غزة (أ.ب)

في انتظار فرصتها للمغادرة، تعيش في منزل والديها. تحتاج إلى مساعدة في تغيير ملابسها، ولا تستطيع حتى الإمساك بقلم، وما زالت غارقة في حزنها على أطفالها. قالت عن طفلتها الرضيعة: «لم أسمعها تنطق كلمة (ماما)، ولم أرَ سنها الأول، ولم أشاهدها تخطو خطواتها الأولى».

تحلم بإنجاب طفل جديد، لكن ذلك مستحيل حتى تتلقى العلاج.

وأفادت: «من حقي أن أعيش، وأن أنجب طفلاً آخر، وأن أستعيد ما فقدته، وأن أمشي... أما الآن، فقد شُلّ مستقبلي. لقد دمروا أحلامي».

لا تزال عمليات الإجلاء الطبي بطيئة. لم يُسفر وقف إطلاق النار إلا عن زيادة طفيفة في عمليات الإجلاء الطبي لـ16 ألفاً و500 فلسطيني، بحسب الأمم المتحدة، ينتظرون تلقي العلاج الضروري في الخارج -ليس فقط لمبتوري الأطراف، بل أيضاً مرضى يعانون من أنواع عديدة من الأمراض المزمنة، أو الجروح.

حتى الأول من ديسمبر (كانون الأول)، تم إجلاء 235 مريضاً منذ بدء وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول)، أي أقل بقليل من خمسة مرضى يومياً. في الأشهر التي سبقت ذلك، كان المتوسط ​​نحو ثلاثة مرضى يومياً.

أعلنت إسرائيل الأسبوع الماضي استعدادها للسماح للمرضى وغيرهم من الفلسطينيين بمغادرة غزة عبر معبر رفح الذي تسيطر عليه إسرائيل بين غزة ومصر. لكن من غير المؤكد حدوث ذلك، لأن مصر، التي تسيطر على الجانب الآخر من المعبر، تطالب أيضاً بفتح رفح أمام الفلسطينيين لدخول غزة، كما ينص عليه اتفاق وقف إطلاق النار.

صرح الدكتور ريتشارد بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لوكالة «أسوشييتد برس»، بأن تراكم الحالات يعود إلى نقص الدول القادرة على استضافة المرضى الذين يتم إجلاؤهم. وأضاف أن هناك حاجة لفتح طرق إجلاء طبي جديدة، لا سيما إلى الضفة الغربية المحتلة، والقدس الشرقية، حيث المستشفيات جاهزة لاستقبال المرضى.

بالنسبة للمنتظرين، تتوقف الحياة تماماً. يرقد ياسين معروف في خيمة بوسط غزة، وقد بُترت قدمه اليسرى، وساقه اليمنى بالكاد مُثبتة بقضبان.

أُصيب الشاب البالغ من العمر 23 عاماً وشقيقه بقصف إسرائيلي في مايو (أيار) أثناء عودتهما من زيارة منزلهما في شمال غزة الذي أُجبرت عائلتهما على الفرار منه. قُتل شقيقه. كان معروف ينزف على الأرض، بينما هاجم كلب ضال ساقه اليسرى الممزقة.

ياسين معروف البالغ من العمر 23 عاماً فقد قدمه اليسرى وأصيب بجروح بالغة في ساقه اليمنى بعد تعرضه لقصف إسرائيلي في غزة (أ.ب)

يقول الأطباء إن ساقه اليمنى ستحتاج أيضاً إلى البتر، ما لم يتمكن من السفر إلى الخارج لإجراء عمليات جراحية قد تُنقذها. قال معروف إنه لا يستطيع تحمل تكلفة المسكنات، ولا يستطيع الذهاب إلى المستشفى بانتظام لتغيير ضماداته كما ينبغي.

وصرح: «إذا أردت الذهاب إلى الحمام، فإنني أحتاج إلى شخصين أو ثلاثة ليحملوني».

كان محمد النجار يدرس تكنولوجيا المعلومات في جامعة فلسطين قبل الحرب.

قبل سبعة أشهر، اخترقت شظايا ساقه اليسرى خلال غارات على المنزل الذي كانت عائلته تحتمي فيه. اضطر الأطباء لبتر ساقه فوق الركبة. كما أصيبت ساقه اليمنى بجروح بالغة، ولا تزال الشظايا عالقة في أجزاء من جسده.

رغم خضوعه لأربع عمليات جراحية، وجلسات علاج طبيعي، لا يزال النجار، البالغ من العمر 21 عاماً، غير قادر على الحركة.

يقول: «أرغب في السفر إلى الخارج، وتركيب طرف صناعي، والتخرج من الجامعة، والعيش حياة طبيعية كباقي الشباب خارج غزة».

تواجه غزة نقصاً حاداً في الأطراف الاصطناعية. فقد ذكرت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها في أكتوبر أن نحو 42 ألف فلسطيني أصيبوا بإصابات غيّرت مجرى حياتهم في الحرب، بما في ذلك البتر، وإصابات الدماغ، وإصابات الحبل الشوكي، والحروق الشديدة.

وقد «تحسّن الوضع قليلاً» بالنسبة لمن يحتاجون إلى المساعدة، لكن «لا يزال هناك نقص كبير في المنتجات المساعدة»، مثل الكراسي المتحركة، والمشايات، والعكازات. وأوضحت منظمة الصحة العالمية في بيان لوكالة «أسوشييتد برس» أن غزة لا تضم ​​سوى ثمانية اختصاصيي أطراف اصطناعية قادرين على تصنيع وتركيب الأطراف الاصطناعية.

أفاد مدير مركز الأطراف الاصطناعية وشلل الأطفال في مدينة غزة، وهو أحد مركزين لا يزالان يعملان في القطاع، بأن المركز تلقى شحنة من المواد اللازمة لتصنيع الأطراف الاصطناعية قبيل بدء الحرب عام 2023. ودخلت شحنة صغيرة أخرى في ديسمبر 2024، لكن لم تصل أي شحنات منذ ذلك الحين.

يوسف السامري البالغ من العمر 16 عاماً والذي فقد ساقيه أثناء جلب الماء بالقرب من منزله بعد غارة جوية إسرائيلية يرقد على أرضية في روضة الأطفال التي نزح إليها بغزة (أ.ب)

وتمكن المركز من توفير أطراف اصطناعية لـ250 حالة خلال الحرب، إلا أن الإمدادات بدأت تنفد، بحسب الغصين.

وأوضح أبو سيف من منظمة MAP أنه لم تدخل أي أطراف اصطناعية جاهزة، سواءً كانت أرجلاً أو أذرعاً، وأن إسرائيل لا تحظرها، لكن إجراءاتها تتسبب في تأخيرات، و«في النهاية تتجاهلها».

يرغب إبراهيم خليف في الحصول على طرف اصطناعي للساق اليمنى ليتمكن من العمل في الأعمال اليدوية، أو تنظيف المنازل لإعالة زوجته الحامل، وأطفاله.

وفي يناير (كانون الثاني)، فقد ساقه إثر غارة جوية إسرائيلية استهدفت مدينة غزة بينما كان يبحث عن الطعام. قال خليف: «كنتُ المعيل لأطفالي، أما الآن فأنا جالس هنا. أفكر في كيف كنتُ وما أصبحتُ عليه».


«الأونروا»: إسرائيل تواصل منع إدخال المساعدات مباشرة إلى قطاع غزة

فتى بُترت ساقه في غزة من الذين يحتاجون إلى مساعدات «الأونروا» (أ.ب)
فتى بُترت ساقه في غزة من الذين يحتاجون إلى مساعدات «الأونروا» (أ.ب)
TT

«الأونروا»: إسرائيل تواصل منع إدخال المساعدات مباشرة إلى قطاع غزة

فتى بُترت ساقه في غزة من الذين يحتاجون إلى مساعدات «الأونروا» (أ.ب)
فتى بُترت ساقه في غزة من الذين يحتاجون إلى مساعدات «الأونروا» (أ.ب)

أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، اليوم السبت، أن إسرائيل مستمرة في منعها إدخال المساعدات الإنسانية مباشرة إلى قطاع غزة.

وحذرت الوكالة عبر منصة «إكس» من تأثير حلول الشتاء وهطول الأمطار على الأوضاع السيئة للنازحين بالفعل، موضحة أن فرقها تعمل على جمع القمامة، وتقديم الرعاية الصحية، وتوزيع الملابس.

وأكدت الوكالة التابعة للأمم المتحدة أن لديها إمدادات تكفي لتوفير المأوى لنحو 1.3 مليون شخص مخزنة خارج غزة.