اليمنيون يفتقدون بهجة العيد بمنغصات الحوثيين وتدهور الاقتصاد

الميليشيات حصرت توزيع المليارات من الموارد على قادتها وأتباعها

متجر في مدينة صنعاء اليمنية لبيع الأحذية (أ.ف.ب)
متجر في مدينة صنعاء اليمنية لبيع الأحذية (أ.ف.ب)
TT
20

اليمنيون يفتقدون بهجة العيد بمنغصات الحوثيين وتدهور الاقتصاد

متجر في مدينة صنعاء اليمنية لبيع الأحذية (أ.ف.ب)
متجر في مدينة صنعاء اليمنية لبيع الأحذية (أ.ف.ب)

اشتكى يمنيون في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين من حرمانهم من بهجة عيد الفطر، وأرجعوا الأسباب إلى التدهور الحاد في أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية التي زادها تفاقماً انقطاع الرواتب وارتفاع غير مسبوق للأسعار وتصاعد حدة بطش الحوثيين وفرض المزيد من الجبايات والإتاوات.
يأتي ذلك في وقت تغدق فيه الجماعة الحوثية الأموال والمساعدات الغذائية على قادتها وأتباعها وتقصر الرعاية عليهم عبر العديد من الهيئات والمؤسسات والجمعيات التي كانت أسستها الجماعة عقب انقلابها، حيث قامت بإنفاق مليارات الريالات عليهم خلال شهر رمضان.
وتحدث عدد من السكان في صنعاء وغيرها لـ«الشرق الأوسط» عن شكاواهم من الارتفاعات غير المسبوقة في أسعار السلع الأساسية والملابس وجميع متطلبات العيد، وقالوا «إن سوء أوضاعهم المادية والنفسية والمعيشية بسبب الانقلاب والحرب وسياسات الفساد والنهب الحوثية حالت دون إتمام فرحتهم كسائر الناس في البلدان العربية والإسلامية بهذه المناسبة».
وجدد السكان في صنعاء ومدن يمنية أخرى اتهاماتهم لكبار قادة ومشرفي الميليشيات بالوقوف بشكل مباشر وغير مباشر وراء بروز هذا الوضع المأساوي الذي يكابدونه ومعهم كثير من اليمنيين بمختلف المناطق.
ويفيد عبد الله المطري، وهو عامل بالأجر اليومي وأب لخمسة أطفال، لـ«الشرق الأوسط» بأنه تجول مع زوجته في كثير من الأسواق ومحال بيع الملابس في العاصمة عله يجد لأطفاله ملابس بأسعار مناسبة لكنه لم يجد.
وعبر عبد الله، عن شعوره بالصدمة حيال ما شاهده من ارتفاع مخيف وغير معهود في أسعار مختلف أنواع الملابس، وقال: «حتى الملابس القديمة أصبحت أسعارها مرتفعة».
بدوره، أكد موظف تربوي من إب أنه اضطر بعد أن تقطعت به السبل وعجز عن الإيفاء بالتزامات أسرته، ونتيجة استمرار انقطاع المرتبات ومنع الميليشيات فاعلي الخير من مد يد العون له ولغيره من الأسر الأشد احتياجاً في المحافظة، إلى التنقل بين مساجد عدة في نطاق مركز المحافظة ليقف عقب كل صلاة ماداً يده للمصلين لطلب العون المادي ليتسنى له كسوة أولاده.
وشكا الموظف التربوي من استمرار تدهور أوضاعه وأسرته المادية عاماً بعد آخر. وقال: «إنه عمل جاهداً رغم حدة الظروف لإيجاد أي وسيلة تمكنه من إدخال الفرحة لأسرته لكي تنسيهم المآسي والآلام التي عصفت بهم منذ أكثر من 8 سنوات ماضية».
وأشار إلى أنه وفي ظل هذه المعاناة التي يكابدها وملايين اليمنيين في إب وغيرها، تواصل الميليشيات الحوثية العبث بمليارات الريالات وتسخيرها فقط لمصلحة أتباعها غير آبهة بحرمان ملايين اليمنيين.
في سياق ذلك، أكد العديد من العائلات في صنعاء ومدن أخرى خاضعة للانقلاب لـ«الشرق الأوسط»، عجزها هذا العام كسابقيه عن تلبية متطلبات العيد، بفعل ظروفهم المادية الصعبة التي رافقها تفشي رقعة البطالة والفقر وانعدام تام في فرص العمل.
وعزا بعض العائلات الأسباب إلى أنها نتاج للارتفاعات غير المسبوقة هذا العام في أسعار الملابس وغيرها من مستلزمات العيد، إلى جانب صعوبة أوضاعهم المادية الحرجة التي قادت إلى تدني قدرتهم الشرائية.
يأتي ذلك في وقت أقبل فيه كبار قادة ومشرفي الميليشيات الحوثية والموالين لهم على اقتناء أفخر الملبوسات، إضافة إلى إنفاقهم الأموال ببذخ على شراء بقية مستلزمات العيد لهم ولأسرهم، دون النظر إلى حجم المعاناة الكبيرة التي تؤرق السكان في غالبية المدن تحت سطوتهم.
وكانت الأمم المتحدة أكدت في تقارير سابقة لها أن ملايين السكان في اليمن لا يملكون ما يكفي من الطعام بشهر رمضان، في ظل أسوأ أزمة إنسانية في العالم تشهدها البلاد الغارقة في صراع مميت منذ أكثر من سبع سنوات.
وذكرت أن نحو 25.5 مليون نسمة في اليمن من إجمالي السكان البالغ 30 مليون نسمة، تحت خط الفقر، وبحاجة إلى الدعم أكثر من أي وقت مضى، لافتة إلى أن الحرب شرّدت أكثر من 4 ملايين شخص.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

العليمي يدعو إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن اقتصادياً وأمنياً

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)
TT
20

العليمي يدعو إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن اقتصادياً وأمنياً

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)

أعرب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، عن تطلعه إلى شراكة أوسع مع الولايات المتحدة لمواجهة التحديات التي تواجهها بلاده، داعياً إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن على الصعد الإنسانية والاقتصادية والأمنية.

تصريحات العليمي جاءت خلال استقباله في الرياض سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاجن، وذلك بعد أيام من دخول تصنيف الجماعة الحوثية «منظمة إرهابية أجنبية» حيز التنفيذ وفرض عقوبات أميركية جديدة على 7 من كبار قادتها، في مقدمهم المتحدث باسمها وزير خارجيتها الفعلي محمد عبد السلام.

وذكر الإعلام الرسمي أن اللقاء، الذي حضره عضو المجلس القيادي الرئاسي عثمان مجلي، بحث العلاقات اليمنية - الأميركية وآفاقها المستقبلية، وسبل تعزيزها على مختلف المستويات.

ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية أن العليمي أكد الحاجة الملحة إلى نهج عالمي جماعي لدعم الحكومة في بلاده لمواجهة التحديات الاقتصادية، والخدمية، والإنسانية، وتعزيز قدراتها في مكافحة الإرهاب، والجريمة المنظمة، وتأمين مياهها الإقليمية، بصفتها شريكاً وثيقاً لحماية الأمن والسلم الدوليين.

العليمي التزم بعدم تأثير تصنيف الحوثيين «إرهابيين» على العمل الإنساني (سبأ)
العليمي التزم بعدم تأثير تصنيف الحوثيين «إرهابيين» على العمل الإنساني (سبأ)

وتطرق اللقاء، وفق الوكالة، إلى مستجدات الوضع اليمني، ووجهات النظر إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي المقدمة «خطر ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان».

وأشاد رئيس مجلس الحكم اليمني، خلال اللقاء، بـ«العلاقات الثنائية المتميزة بالولايات المتحدة، وتدخلات واشنطن الإنسانية والإنمائية، ودورها المشهود في اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية المهربة للحوثيين».

شراكة أوسع

وطبقاً للمصادر الرسمية اليمنية، فقد أعرب العليمي عن تطلعه إلى شراكة ثنائية أوسع مع الولايات المتحدة لمواجهة التحديات، وردع التهديدات المزعزعة لأمن واستقرار اليمن والمنطقة.

ومع التنويه بقرار الإدارة الأميركية إعادة تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية»، جدد العليمي الالتزام اليمني بالتعاون الوثيق مع المجتمع الدولي لتنفيذ القرار، والحد من تداعياته الإنسانية المحتملة على الفئات الاجتماعية الضعيفة.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أعاد منذ الأيام الأولى من رئاسته الثانية في يناير (كانون الثاني) الماضي تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية»، قبل أن يدخل القرار حيز التنفيذ قبل أيام بالتوازي مع فرض عقوبات على 7 من قادة الجماعة.

ومن غير المعروف حتى الآن حجم الضرر الذي يمكن أن يتعرض له الحوثيون جراء هذا التصنيف، خصوصاً في ظل الدعوات الأممية إلى عدم تعريض المدنيين والقطاع الخاص في مناطق سيطرة الجماعة لأي أضرار، فضلاً عن عدم التأثير على العمل الإنساني الذي تقوده الوكالات الأممية.

ودائماً ما يقول مجلس القيادة الرئاسي اليمني إن الوسيلة المثلى لمواجهة الحوثيين وتأمين المياه اليمنية، هي دعم القوات الحكومية الشرعية لفرض سيطرتها على الأرض واستعادة الحديدة وموانئها.

مخاوف أممية

في ظل عدم وجود يقين بشأن مسار السلام المتعثر الذي يقوده المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، لم يُخفِ الأخير، في أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن، مخاوفه من انهيار التهدئة والعودة إلى مسار الحرب، خصوصاً مع أحداث التصعيد الميداني للجماعة الحوثية في جبهات مأرب والجوف وتعز.

وطبقاً لتقارير يمنية، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيداً حوثياً متسارعاً في جبهات مأرب، ومواجهات مع القوات الحكومية، بالتزامن مع دفع الجماعة المدعومة من إيران بحشود إضافية من مجنديها إلى جبهات المحافظة الغنية بالنفط.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

وحذر المبعوث من الإجراءات التصعيدية، وقال: «شهدنا تصاعداً في الخطاب من أطراف الصراع، وهيّأوا أنفسهم علناً للمواجهة العسكرية. ويجب ألا نسمح بحدوث ذلك. الكلمات مهمة. النية مهمة. الإشارات مهمة. يمكن أن تكون للرسائل المختلطة والخطاب التصعيدي عواقب حقيقية؛ مما يعمق انعدام الثقة ويغذي التوترات في وقت يكون فيه خفض التصعيد أمراً بالغ الأهمية».

وعبر غروندبرغ عن قلقه إزاء القصف، والهجمات بالطائرات من دون طيار، ومحاولات التسلل، وحملات التعبئة، التي حدثت مؤخراً في مأرب، وكذلك في مناطق أخرى مثل الجوف وشبوة وتعز. في إشارة إلى تصعيد الحوثيين.

وقال المبعوث: «أكرر دعوتي الطرفين إلى الامتناع عن المواقف العسكرية والتدابير الانتقامية التي قد تخاطر بإغراق اليمن مرة أخرى في صراع واسع النطاق حيث سيدفع المدنيون الثمن مرة أخرى».