ليبيا «المنقسمة على نفسها» تشهد عيدين شرقاً وغرباً

الدبيبة يحتفل بعيد الفطر في مصراتة

عبد الحميد الدبيبة يحتفل بعيد الفطر في مصراتة (حكومة الوحدة المؤقتة)
عبد الحميد الدبيبة يحتفل بعيد الفطر في مصراتة (حكومة الوحدة المؤقتة)
TT

ليبيا «المنقسمة على نفسها» تشهد عيدين شرقاً وغرباً

عبد الحميد الدبيبة يحتفل بعيد الفطر في مصراتة (حكومة الوحدة المؤقتة)
عبد الحميد الدبيبة يحتفل بعيد الفطر في مصراتة (حكومة الوحدة المؤقتة)

شهد الاحتفال بأول أيام عيد الفطر (السبت) في المنطقة الغربية الليبية تراشقاً وعراكاً بين مصلّين، في مثال على حالة الانقسام التي تعيشها البلاد، وفي غياب رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة، الذي أدّى صلاة العيد بمسقط رأسه في مدينة مصراتة (غرب البلاد).
واحتفلت مدن الشرق الليبي والجنوب بعيد الفطر (الجمعة) بناءً على بيان أصدرته «هيئة الإفتاء»، التابعة للمنطقة الشرقية، لكن دار الإفتاء الليبية بطرابلس أعلنت أن (السبت) هو أول أيام العيد.
ورصدت وسائل إعلام ليبية محلية ما وصفتها بـ«حالة من الفوضى» في ميدان الشهداء وسط العاصمة طرابلس، وعدم إكمال الصلاة؛ رفضاً لفتوى الصادق الغرياني مفتي البلاد المعزول من منصبه، بشأن «هلال العيد».
وأشارت وسائل الإعلام إلى طرد وليد اللافي وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية في حكومة الدبيبة من الميدان.
وهتف مصلّون ضد الغرياني، وغادر آخرون المكان، ما دفع التلفزيون الرسمي لقطع بث صلاة العيد.
ولم يشارك الغرياني، العائد من تركيا، في الاحتفال بالعيد بميدان الشهداء وسط طرابلس؛ بسبب «احتجاجات المواطنين»، لكنه ظهر لاحقاً وهو يستقبل المهنئين بالعيد بمسجد «مراد آغا» في تاجوراء، حيث أدى الصلاة برفقة نجله سهيل بعد تمسّكه بفتواه.
وبعد يوم واحد من الاحتفال بالعيد رسمياً في المنطقة الشرقية بليبيا، وتكريساً لحالة الانقسام السياسي في البلاد، التي انعكست على الاحتفال بالعيد في يومين مختلفين، شارك الدبيبة في صلاة عيد الفطر بمسجد «الغلبان» بمنطقة رأس التوتة في مدينة مصراتة.
ووفق مراقبون فإن «هذه أول مرة في تاريخ ليبيا تحتفل مدن المنطقة الشرقية بالعيد قبل نظيرتها في المنطقة الغربية».
وأعرب مواطنون عن استيائهم الشديد من حالة الانقسام والتشظي بين المؤسسات والقيادات الليبية التي تتصدر المشهد السياسي والعسكري والأمني، التي انعكست سلباً على حياتهم المعيشة والخدمية والاجتماعية، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الليبية» الموالية لحكومة الدبيبة والتي أشارت إلى أن «حالة التأزم وصلت لأول مرة إلى الجانب الديني، والاختلاف في أمور الفقه والعبادات».
إلى ذلك، دعا مجلس الأمن القومي الليبي المنظمات الأجنبية العاملة في البلاد، لـ«استيفاء إجراءات تسجيلها وفقاً للقوانين والتشريعات الليبية»، معلناً رفضه أية مشروعات «تمس القضايا المتعلقة بالأمن القومي».
وذكر بيان للمجلس، أنه تابع المبادرة التي أطلقتها المنظمة الإيطالية «أراباتشي» للسلام في ليبيا، بالشراكة مع المركز الدولي للدراسات الزراعية المتقدمة بالبحر المتوسط (سيام باري).
وتهدف المبادرة إلى «تعزيز قطاع الزراعة والعمالة الزراعية في فزان، والمساهمة في التماسك الاجتماعي، واندماج السكان المحليين ومجتمعات المهاجرين في المنطقة المذكورة»، خلال اجتماعها مع عدد من عمداء بلديات منطقة الجنوب الليبي، في مدينة باري الإيطالية.
وعلى الرغم من ترحيبه بالمشروعات التي تهدف إلى المشاركة في تنمية بعض القطاعات المحلية في ليبيا، فإن المجلس حذر من «المشروعات التي تمس القضايا المرتبطة بالأمن القومي والسلم الاجتماعي الليبي، مثل قضايا الهجرة والمهاجرين (غير الشرعيين)»، معلناً رفضه إياها.
ودعا المؤسسات والوزارات والقطاعات الليبية إلى «توحيد الصف، وعدم السماح لمثل هذه المشروعات بـ(العبث) بمقدرات الشعب الليبي، والمساس بالأمن القومي، وعدم تلبية أي دعوة للمشاركة من أي دول أو منظمات أجنبية سواء داخل ليبيا أو خارجها، إلا بعد أخذ الموافقة من الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة الخارجية».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

الحكومة المصرية تتعهد بعدم اللجوء إلى «تخفيف أحمال الكهرباء»

TT

الحكومة المصرية تتعهد بعدم اللجوء إلى «تخفيف أحمال الكهرباء»

تعهّدت الحكومة المصرية بعدم اللجوء إلى خطة «تخفيف أحمال الكهرباء»، أي قطع الخدمة مدة محددة يومياً، الصيف المقبل، وقالت إنها «وفّرت الوقود الكافي لتشغيل المحطات»، إلى جانب «التوسع في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة».

وافتتح رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، محطة «أبيدوس 1» للطاقة الشمسية في مدينة كوم أمبو، بمحافظة أسوان (جنوب مصر)، ضمن خطوات للحكومة المصرية للتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة لإنتاج الكهرباء.

ولجأت الحكومة المصرية لخطة تُسمى «تخفيف الأحمال»، تقضي بقطع التيار عن مناطق عدة خلال الصيف الماضي لمدة وصلت إلى ساعتين يومياً، وذلك لتقليل الضغط على شبكات الكهرباء، بسبب زيادة الاستهلاك، في حين اشتكى مواطنون من تجاوز فترات انقطاع الكهرباء أكثر من ساعتين.

وتعهّد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بـ«عدم اللجوء إلى تخفيف أحمال الكهرباء مرة أخرى»، وقال في كلمته خلال افتتاح محطة «أبيدوس 1» للطاقة الشمسية، السبت، إن «حكومته خصصت التمويل لتوفير الوقود اللازم لاستقرار إنتاج الشبكة القومية للكهرباء»، مشيراً إلى «وضع خطة عاجلة لإضافة 4 آلاف ميغاواط من الطاقة المتجددة لتأمين الاستهلاك في صيف 2025».

رئيس الوزراء المصري خلال افتتاح محطة أبيدوس للطاقة الشمسية - (مجلس الوزراء المصري)-

وأوضح مدبولي أن «وزارة الكهرباء تمكّنت من حل مشكلة الانقطاعات بالتنسيق، وتحسين الإنتاجية»، إضافة إلى «وضع خطة لتأمين التغذية الكهربائية لصيف 2025 مع وزارة البترول، تقوم على سد فجوة متوقعة في الإنتاج في حدود من 3 إلى 4 آلاف ميغاواط إضافية، بتكلفة استثمارية تقارب 4 مليارات دولار»، مشيراً إلى أنه «سيتم الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة لسد فجوة الإنتاج والاستهلاك في الصيف المقبل، وتجنّب اللجوء لتخفيف الأحمال، وتقليل استيراد المواد البترولية».

وكان رئيس الوزراء المصري قد بحث خلال اجتماع حكومي، الخميس، مع وزراء الكهرباء والبترول والمالية، «ضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من الوقود في فصل الصيف المقبل»، وأكد «ضمان الجاهزية، وعدم وجود انقطاعات في الكهرباء، واستدامة واستقرار التغذية بالكهرباء بمختلف المحافظات»، وفق إفادة لمجلس الوزراء المصري.

ولجأت الحكومة المصرية في شهر يونيو (حزيران) الماضي، لاستيراد 300 ألف طن مازوت، و20 شحنة من الغاز لضخ كميات كافية من الوقود لإنتاج الكهرباء، ووقف خطة انقطاع الكهرباء، في حين قدرت وزارة الكهرباء المصرية حجم الاحتياج اليومي لإنهاء انقطاعات الكهرباء بنحو 135 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، و10 آلاف طن من المازوت.

وعدّ مدبولي افتتاح محطة «أبيدوس» للطاقة الشمسية، «تحولاً نوعياً» في استثمار الموارد الطبيعية في بلاده، وتوظيفها بشكل «أكثر كفاءة بما يغطي الاحتياجات».

وتقام محطة «أبيدوس 1» لإنتاج الطاقة الشمسية على مساحة 10 آلاف متر مربع، وتضم أكثر من مليون لوح شمسي، بقدرة إنتاجية تصل إلى 560 ميغاواط، ما يجعلها ثاني أكبر محطة للطاقة الشمسية في أفريقيا بعد محطة «بنبان» في أسوان

وتضاف المحطة لمشروعات الطاقة الشمسية في محافظة أسوان؛ حيث سبق أن افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في يوليو (تموز) 2018، محطة «الطاقة الشمسية في بنبان» بأسوان، والتي تصنف الأكبر في أفريقيا والشرق الأوسط، بطاقة إنتاجية 2000 ميغاواط من الكهرباء، حسب مجلس الوزراء المصري.

ويعتقد خبير الطاقة المصري، علي عبد النبي، أن توسع الحكومة المصرية في مشروعات الطاقة المتجددة «خطوة ضرورية لمواجهة عجز الإنتاج في فترات ذروة الاستهلاك»، وشدد على «ضرورة اتخاذ الحكومة حزمة من الإجراءات لتحقيق أمن الطاقة، من بينها الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء».

ووضعت الحكومة المصرية استراتيجية وطنية للطاقة المتجددة، تستهدف إنتاج 42 في المائة من الكهرباء، من مصادر الطاقة الجديدة بحلول عام 2030، وفق مجلس الوزراء المصري.

وطالب عبد النبي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بـ«ضرورة استثمار موارد مصر الطبيعية في إقامة مزيد من مشروعات الطاقة الجديدة، مثل التوسع في محطات الطاقة الشمسية في أسوان، ومحطات الرياح في محافظتي البحر الأحمر والسويس»، مشيراً إلى «ضرورة إقامة محطات لتخزين الكهرباء للاستفادة من إنتاج مشروعات الطاقة الجديدة».

محطة أبيدوس للطاقة الشمسية - (مجلس الوزراء المصري)

من جهته، يرى أستاذ الطاقة بالجامعة الأميركية بالقاهرة، جمال القليوبي، أن الحكومة المصرية «تتخذ 3 إجراءات استباقية لتأمين إنتاج الكهرباء في الصيف المقبل»، مشيراً إلى أن «أولى تلك الخطوات التوسع في مشروعات الطاقة الشمسية والرياح لإنتاج نحو 4 آلاف ميغاواط من الكهرباء».

وأوضح القليوبي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة المصرية تتجه لإبرام صفقات لاستيراد الغاز والوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء، مع التوسع في عمليات البحث والتنقيب والاستكشافات المحلية»، مشيراً إلى أن القاهرة «تستهدف تقليل فاتورة استيراد الطاقة من الخارج، بالاعتماد على مصادر الإنتاج المحلية».

وعلى هامش افتتاح محطة «أبيدوس»، شهد رئيس الوزراء المصري، توقيع اتفاقين لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في منطقة خليج السويس، بين وزارة الكهرباء المصرية وشركة «إيميا باور» الإماراتية.