واشنطن تحض قائدي النزاع في السودان على التزام تعهداتهما بوقف القتال

وصفت الوضع في الخرطوم بـ«الخطير للغاية»

أعمدة الدخان الناتج على الاقتتال تغطي سماء الخرطوم أمس (أ.ب)
أعمدة الدخان الناتج على الاقتتال تغطي سماء الخرطوم أمس (أ.ب)
TT

واشنطن تحض قائدي النزاع في السودان على التزام تعهداتهما بوقف القتال

أعمدة الدخان الناتج على الاقتتال تغطي سماء الخرطوم أمس (أ.ب)
أعمدة الدخان الناتج على الاقتتال تغطي سماء الخرطوم أمس (أ.ب)

واصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الجمعة، قيادة الجهود المكثفة التي يبذلها المسؤولون الأميركيون، خصوصاً مع قائدي القوات المسلحة السودانية الفريق أول عبد الفتاح البرهان من جهة، و«قوات الدعم السريع» الفريق أول محمد حمدان دقلو الملقب «حميدتي» من جهة أخرى، من أجل إقناعهما بالتزام تعهداتهما حيال وقف العمليات القتالية حتى نهاية عيد الفطر ليل الأحد «على الأقل». بينما تواصلت الجهود لإجلاء محتمل للعاملين لدى السفارة الأميركية في الخرطوم، حيث الوضع «لا يزال خطيراً للغاية».
واتّصل بلينكن بشكل منفصل بالبرهان ودقلو، لحضهما على «وقفٍ لإطلاق النار وفرضه في كل أنحاء البلاد حتى نهاية عيد الفطر». وجاء ذلك بعدما شارك في اجتماع وزاري مع رئيس مفوضية الاتّحاد الأفريقي موسى فقي محمد، وشركاء آخرين طالبوا «بالإجماع» بوقف المعارك لمناسبة العيد. وأشار الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل، إلى أنّ هذه الهدنة يجب أن «تخفف معاناة الشعب السوداني وتمهد الطريق لوقف النار على المدى الطويل». وأضاف أن «المجتمعين الإقليمي والدولي يتحدّثان بصوت واحد للمطالبة بإنهاء العنف، ويطالبان بأن يسمع الزعيمان العسكريان ذلك الصوت».

تتزايد أعداد النازحين من سكان الخرطوم هرباً من المعارك المحتدمة بين طرفي النزاع (أ.ف.ب)

وتعليقاً على إعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنّ الولايات المتحدة بصدد إرسال عسكريين إلى المنطقة تحسباً لاحتمال إجلاء طاقم السفارة في الخرطوم، قال منسق الاتصالات الاستراتيجية لدى مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، إن الولايات المتحدة تواصل استعداداتها لـ«احتمال» إجلاء الدبلوماسيين والرعايا الأميركيين في السودان «إذا ساءت الأحوال»، موضحاً أنه «ليست هناك بيئة آمنة على الإطلاق» حالياً، مذكراً «بالتحذيرات السابقة للأميركيين بعدم السفر إلى السودان، وإذا كانوا في السودان فعليهم مغادرته». وأضاف أنه «في الوقت الحالي، ننصح أي أميركيين (…) بالاعتناء بأنفسهم للعثور على ملاذ آمن»، مؤكداً أن «هذا ليس الوقت المناسب للتنقل في كل أنحاء البلاد». وقال: «لا توجد أولوية أعلى من سلامة موظفي الحكومة الأميركية وعائلاتهم الذين يخدمون بلادنا في الخارج»، موضحاً أن الدبلوماسية الأميركية «أكدت للجانبين أن أي هجمات أو تهديدات أو مخاطر على دبلوماسيينا غير مقبولة على الإطلاق». وأفاد بأن القيادة الأميركية في أفريقيا، ووزارة الدفاع (البنتاغون) ووزارة الخارجية، «تراقب الوضع وتخطط بحكمة لعمليات الطوارئ كجزء من هذا التخطيط». وأعلن أن «هناك بعض القدرات (العسكرية) الإضافية التي نشرت قرب المنطقة، فقط في حال الحاجة إليها لتأمين وتسهيل احتمال مغادرة (العاملين في) السفارة الأميركية بالسودان». وأكد أن الرئيس جو بايدن وافق على التوصية المتعلقة بنقل القدرات العسكرية، إذا لزم الأمر.
ولم يعطِ كيربي «أي معلومات إضافية عن المواطن الأميركي الذي قتل بشكل مأساوي» في السودان، واصفاً الظروف في الخرطوم بأنها «صعبة للغاية» و«خطيرة للغاية». وذكر أن وزارة الخارجية أنشأت بالفعل مجموعة عمل للنزاع العسكري في السودان مكلفة بالإشراف والتخطيط والإدارة واللوجيستيات المتعلقة بالأحداث هناك.
وأكد أن «هناك كثيراً من الجهود التي بذلها دبلوماسيونا (…) لمحاولة تجنب القتال»، موضحاً أن كلاً من القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» أعلنت موافقتها على وقف النار الذي «لم يصمد طويلاً». وأضاف أن الوزير أنتوني بلينكن ومسؤولين كباراً آخرين على اتصال مباشر مع كل من قائد القوات المسلحة السودانية الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» الفريق أول محمد حمدان دقلو، لحضهما على «تنفيذ وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني والحفاظ عليه حتى نهاية عيد الفطر الأحد»، ولكن «مرة أخرى، شهدنا قتالاً مستمراً وهذا ما يثير القلق».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

«التيار الناصري» المصري يُقيم عزاءً للسنوار وسط تفاعل «سوشيالي»

قيادات ناصرية في وقفة تضامنية سابقة مع أهالي غزة (الحزب الناصري)
قيادات ناصرية في وقفة تضامنية سابقة مع أهالي غزة (الحزب الناصري)
TT

«التيار الناصري» المصري يُقيم عزاءً للسنوار وسط تفاعل «سوشيالي»

قيادات ناصرية في وقفة تضامنية سابقة مع أهالي غزة (الحزب الناصري)
قيادات ناصرية في وقفة تضامنية سابقة مع أهالي غزة (الحزب الناصري)

أعلن «الحزب الناصري» المصري إقامة عزاء لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، يحيى السنوار، على غرار ما حدث مع إسماعيل هنية، وحسن نصر الله، وسط تفاعل «سوشيالي» لمستخدمي منصات التواصل الاجتماعي.

وجاءت دعوة الحزب الناصري، الذي يتبنى أفكار الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، تنديداً بـاستمرار «حرب غزة»، ووصف الحزب السنوار في إفادة، أمس الجمعة، بـ«قائد نصر السابع من أكتوبر (تشرين أول) في ملحمة طوفان الأقصى».

وقُتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، يحيى السنوار، غرب مدينة رفح الفلسطينية، جنوب قطاع غزة، عن طريق الصدفة يوم الأربعاء برصاص القوات الإسرائيلية، حسب ما أعلنت تل أبيب.

ونعى الحزب الناصري المصري السنوار، ووصفه في بيانه بـ«القائد المجاهد، الذي كان نموذجاً للتخطيط والتنظيم، والقدرة على المواجهة والفداء، وتجاوز كل الآيديولوجيات والمذهبية»، مؤكداً دعمه لمن سماهم «المجاهدين في فلسطين ولبنان».

الحزب الناصري المصري وصف السنوار بـ«القائد المجاهد» الذي كان نموذجاً للتخطيط والتنظيم (إ.ب.أ)

وسبق أن أدّت قيادات الحزب الناصري «صلاة الغائب» على أمين عام «حزب الله» اللبناني، الراحل حسن نصر الله، في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، وسط انقسام سياسي وقتها. وقبل ذلك أقام التيار الناصري بمصر عزاء بمقر حزب الكرامة (الناصري) في القاهرة لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» السابق، إسماعيل هنية، بعد اغتياله في إيران، بداية شهر أغسطس (آب) الماضي، مما أثار جدلاً وقتها. فيما عبّر ناصريون مصريون، ومستخدمون لمنصات التواصل الاجتماعي، عن تضامنهم مع ما سموه «مشروع المقاومة».

وقال السياسي الناصري بمصر، حمدين صباحي، عبر حسابه على منصة «إكس»: «نحن من المقاومة، والمقاومة منا».

ونعى صباحي، بعدّه الأمين العام لـ«المؤتمر القومي العربي»، في بيان عبر حسابه على «إكس»، اليوم السبت، يحيى السنوار، ودعا إلى «تحويل يوم استشهاده إلى يوم للاعتزاز به، وبكل الشهداء في الحرب الدائرة حالياً في فلسطين ولبنان»، مجدداً التأكيد على «دعم حركة (حماس) في أعمال المقاومة التي تقوم بها».

من جهته، عدّ المخرج المصري، خالد يوسف، مقتل السنوار «رحيلاً لآخر جيل كبار المقاومين»، وقال عبر حسابه بمنصة «إكس» إنه «رحل وهو معتصم بسيفه في ساحة المعركة، وفي الخطوط الأمامية، كما فعل الشهيد عبد المنعم رياض».

بينما كتب عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، عبر حسابه الشخصي على «إكس»: «في الأزمات يحدث الفرز، تتكشف الوجوه، المتصهينون ليسوا منا، هم خونة هذا العصر، هم لسان المحتل، مهمتهم بث اليأس والإحباط، والترويج للعدو وتبرير جرائمه، هؤلاء سيلاحقهم العار أبد الدهر».

من جانبه، عدّ أستاذ العلم الاجتماع السياسي، أمين الشؤون السياسية للحزب الناصري السابق، محمد سيد أحمد، أن تفاعل التيار الناصري مع حركات المقاومة في فلسطين ولبنان «جزء أساسي من ثوابته السياسية، التي تؤمن بفكرة القومية العربية»، عادّاً ذلك «تفاعلاً مشروعاً دفاعاً عن القضية الفلسطينية، التي ترتبط بشكل مباشر بالأمن القومي المصري».

وأوضح سيد أحمد لـ«الشرق الأوسط» أن الناصريين «يدعمون كل من يرفع سلاح المقاومة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، حتى لو كان هناك اختلاف سياسي معهم»، وعدّ هذه المواقف «مهمة لتوعية الرأي العام المصري والعربي بأن المقاومة حركات تحرر وطني، وليست حركات إرهابية»، ومشيراً إلى أن «مشهد الحرب في غزة ولبنان يعيد فرز الداعمين لحركات المقاومة»، عادّاً أن المخالفين لها «يدعمون بشكل غير مباشر الطرف الآخر، وهو الاحتلال الإسرائيلي».

أدّت قيادات الحزب الناصري «صلاة الغائب» على أمين عام «حزب الله» اللبناني الراحل حسن نصر الله (أ.ف.ب)

بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن سلامة، أن «الدعم السياسي والمعنوي لحركات المقاومة في غزة ولبنان، في هذا التوقيت، ضروري لها»، وأرجع ذلك في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «حالة الارتباك التي تواجهها تلك الحركات، والتحدي العنيف لاستمراريتها، مع استهداف الجانب الإسرائيلي لرأس تلك الحركات مؤخراً، كما حدث مع قيادات حماس، إسماعيل هنية ويحيى السنوار، وأمين عام حزب الله اللبناني، حسن نصر الله».

لافتاً إلى أن «التصعيد الحالي بالمنطقة، من الجانب الإسرائيلي، يفرض استمرار الدعم السياسي لحركات المقاومة»، وقال بهذا الخصوص إن «إسرائيل تستهدف حالياً تنفيذ مخطط استيطاني توسعي بالمنطقة، يتجاوز بكثير تلك الحركات»، عادّاً ذلك «يفرض الحفاظ على قوة الردع من حركات المقاومة بفلسطين ولبنان».