بوتين يقر بـ«صعوبات» في دونباسhttps://aawsat.com/home/article/4285496/%D8%A8%D9%88%D8%AA%D9%8A%D9%86-%D9%8A%D9%82%D8%B1-%D8%A8%D9%80%C2%AB%D8%B5%D8%B9%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%AA%C2%BB-%D9%81%D9%8A-%D8%AF%D9%88%D9%86%D8%A8%D8%A7%D8%B3
بوتين يقر بـ«صعوبات» في دونباس
«الناتو» مصمم على «ضمان انتصار كييف»
أقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمواجهة بلاده صعوبات في عمليات دمج المناطق التي تم ضمها إلى روسيا (أ.ف.ب)
موسكو: رائد جبر - كييف: «الشرق الأوسط»
TT
TT
بوتين يقر بـ«صعوبات» في دونباس
أقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمواجهة بلاده صعوبات في عمليات دمج المناطق التي تم ضمها إلى روسيا (أ.ف.ب)
اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الخميس، بالصعوبات التي تواجهها قوات بلاده في إقليم دونباس بشرق أوكرانيا، وطالب بوضع تصورات محددة حول آليات تطوير الحكم الذاتي المحلي في المناطق التي ضمتها روسيا الخريف الماضي. وقال بوتين خلال ترؤسه اجتماعاً لمجلس تطوير الحكم الذاتي المحلي الذي استحدث لتولي الإشراف على دمج المناطق الجديدة، إنه على اتصال دائم مع حاكم دونيتسك دينيس بوشيلين. وخاطب بوشيلين قائلاً: «بالطبع، هناك كثير من المشكلات في الكيانات الجديدة للاتحاد الروسي. بهذا المعنى لديك صعوبات حتى أكثر من زملائك الآخرين، ويمكنني القول إنها أكثر بكثير».
في سياق متصل، أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ في أثناء زيارة غير معلنة إلى كييف، أمس الخميس، أن الحلف مصمم على «ضمان انتصار» أوكرانيا في الحرب على روسيا ويعد ذلك أولوية، مشيراً إلى أنه سيتم بحث خطة انضمامها لـ{الناتو} خلال قمة في يوليو (تموز) المقبل.
وقال ستولتنبرغ في مؤتمر صحافي في كييف إن «مستقبل أوكرانيا داخل العائلة الأوروبية الأطلسية. يتفق جميع الحلفاء على ذلك». وأشار إلى أن «مسألة العضوية» ستحتل «أولوية على جدول أعمال» قمة حلف الأطلسي المرتقبة في فيلنيوس.
وردت روسيا قائلة إن هدفها هو منع كييف من الانضمام للتكتل العسكري. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن روسيا ترى نفسها معرضة للخطر جراء احتمال انضمام أوكرانيا لـ{الناتو} «لأن ذلك يجلب خطراً حقيقياً وكبيراً لبلادنا وأمنها». بوتين يقر بصعوبات في دونباس ويتعهد تسريع دمج «المناطق الجديدة»
قال الكرملين الأربعاء إنه أسقط طائرتين مسيّرتين أطلقتهما أوكرانيا، واتّهم كييف بمحاولة قتل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأوضح الكرملين في بيان: «استهدفت مسيّرتان الكرملين... تم تعطيل الجهازين»، واصفاً العملية بأنها «عمل إرهابي ومحاولة اغتيال رئيس روسيا الاتحادية». وقال الكرملين إن العرض العسكري الكبير الذي يُقام في 9 مايو (أيار) للاحتفال بالنصر على ألمانيا النازية في عام 1945 سيُنظم في موسكو رغم الهجوم بمسيَّرات. ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف قوله: «العرض سيقام. لا توجد تغييرات في البرنامج».
أكّدت تركيا وروسيا عزمهما على تعزيز التعاون بعد نجاح إطلاق أكبر مشروع في تاريخ العلاقات بين البلدين اليوم (الخميس)، وهو محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء التي أنشأتها شركة «روسآتوم» الروسية للطاقة النووية في ولاية مرسين جنوبي تركيا.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال مشاركته إلى جانب نظيره الروسي فلاديمير بوتين، عبر تقنية الفيديو الخميس، في حفل تزويد أول مفاعل للمحطة التركية بالوقود النووي، أن تركيا ستصبح من خلال هذا المشروع واحدة من القوى النووية في العالم.
أجرى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي اتصالاً هاتفياً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس. وقدم الرئيس الروسي في بداية الاتصال التهنئة لولي العهد بعيد الفطر المبارك. وجرى خلال الاتصال استعراض العلاقات الثنائية بين السعودية وروسيا وسبل تطويرها في مختلف المجالات.
في روسيا وفي المنفى، أُضعفت المنظمات والمواطنون المناهضون للحرب ولبوتين بسبب القمع وانعدام الوحدة بين صفوفهم، وفق تقرير نشرته الأربعاء صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. حسب التقرير، يعتبر المعارضون الديمقراطيون الروس أن هزيمة الجيش الروسي أمر مسلَّم به. «انتصار أوكرانيا شرط أساسي للتغيير الديمقراطي في روسيا»، تلخص أولغا بروكوبييفا، المتحدثة باسم جمعية الحريات الروسية، خلال اجتماع نظمه المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري) مع العديد من ممثلي المعارضة الديمقراطية الروسية، وجميعهم في المنفى بأوروبا. يقول المعارضون الروس إنه دون انتصار عسكري أوكراني، لن يكون هناك شيء ممكن، ولا سيما تمرد السكان.
أعلنت موسكو أمس أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قام بزيارة سريعة إلى الخطوط الأمامية في خيرسون ولوغانسك، مشيرة إلى أن الزيارة جاءت تأكيداً لسيطرة روسيا على المناطق التي ضمتها إلى أراضيها. وأغضبت الخطوة كييف التي وصفت الزيارة بأنها تهدف للاطلاع على «جرائم» روسية. ورأى المستشار في الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك، أن زيارة بوتين تعد «جولة خاصة لعرّاب عمليات القتل الجماعي». على صعيد آخر، عقد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو جلسة مباحثات مطوّلة مع نظيره الصيني لي شانغ فو، قال بعدها إن التعاون والتنسيق بين روسيا والصين لهما تأثير على استقرار الوضع في العالم.
ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكمhttps://aawsat.com/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82/%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D9%88%D8%B9/5084502-%D8%A3%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%AA%D8%A3%D9%87%D9%91%D8%A8-%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B9%D9%90%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85
ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم
صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)
عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في أزمة سياسية بعد الانهيار المفاجئ للحكومة الائتلافية التي يرأسها المستشار أولاف شولتس. وبهذا التطوّر بات شولتس أحد أقصر المستشارين حكماً في ألمانيا؛ إذ إنه قبل إكماله 3 سنوات على رأس الحكومة الائتلافية التي تمثل 3 أحزاب (اشتراكي وليبرالي وبيئي «أخضر») صار المستشار رئيساً لحكومة أقلية مؤلفة من حزبين بانتظار الانتخابات المبكرة التي حُدّد موعدها يوم 23 فبراير (شباط) المقبل.
الحكومة الألمانية ترنّحت إثر انسحاب «ضلعها» الليبرالي، الحزب الديمقراطي الحر، منها. ورغم انسحاب الحزب، أراد رئيسها المستشار أولاف شولتس الاستمرار على رأس «حكومة أقلية» حتى نهاية مارس (آذار)، وهو التاريخ الذي حدّده في البداية لإجراء الانتخابات المبكرة عوضاً عن نهاية سبتمبر (أيلول).
لكن أمام ضغوط المعارضة وافق المستشار وزعيم الحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي) على تقريب الموعد شهراً آخر. وحتى بعد إجراء الانتخابات، فإن فترة الشكوك قد تستمر لأسابيع أو أشهر إضافية. وللعلم، في ألمانيا، لم يسبق أن فاز أي حزب بغالبية مطلقة تسمح له بتشكيل حكومة منفرداً. وبالنتيجة، حكمت ألمانيا (الغربية أساساً) منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حكومات ائتلافية قادها إما محافظو حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (يمين الوسط) أو اشتراكيو الحزب الديمقراطي الاجتماعي (يسار الوسط).
اليمين عائد... لكن!
هذه المرة يبدو أن الديمقراطيين المسيحيين (الحزب الذي قادته لفترة أنجيلا ميركل) يتجهون لاستعادة السلطة. فحزبهم تصدر استطلاعات الرأي بفارق كبير بنسبة تصل إلى 33 في المائة، وهي أعلى من النسبة التي تتمتع بها الأحزاب الثلاثة التي شكَّلت حكومة شولتس مجتمعة، قبل انهيارها. غير أن اختيار الحزب الشريك - أو الأحزاب الشريكة – في ائتلاف الديمقراطيين المرتقب، قد يكون أمراً معقّداً ويستغرق وقتاً طويلاً.
عقبة البيروقراطية
من ناحية ثانية، رغم محاولات الديمقراطيين المسيحيين تقريب موعد الانتخابات أكثر، مستفيدين من تقدم حزبهم في استطلاعات الرأي، ودعوات جمعيات الأعمال لتقليص فترة الشك والغموض في بلد لم يشهد نمواً اقتصادياً منذ 5 سنوات، فإن البيروقراطية الألمانية شكّلت عائقاً أساسياً أمام ذلك.
وحقاً، لا يقع اللوم في تأخير الانتخابات لنهاية فبراير (شباط) فقط على تشبّث شولتس بإطالة عمر حكومته العاجزة عن العمل. ذلك أنه فور انهيار الحكومة، وبدء الكلام عن انتخابات جديدة، دقّت «هيئة الانتخابات» جرس الإنذار محذّرة من أن التسرّع في إجرائها قد يؤدي إلى أخطاء تسببت بإعادتها. ورأت «الهيئة» ضرورة إفساح الوقت الكافي لتحضير اللوائح، وطبع الأوراق، وتحديات العثور على ورق كافٍ ومطابع جاهزة للعمل في خلال مدة زمنية قصيرة.
نقاط خلافية جدّية
ورغم سخافة هذا المشهد، فهو يعكس واقعاً في ألمانيا المقيدة بالبيروقراطية التي تعيق الكثير من تقدّمها، وكان واحداً من أسباب انهيار الحكومة في النهاية. فقد فشلت حكومة شولتس بإدخال أي إصلاحات لتخفيف البيروقراطية رغم التوصيات المتكرّرة من اختصاصيين. ولقد صدرت آخر هذه التوصيات الأسبوع الماضي من «مجلس الخبراء الاقتصادي»، وهو «مجلس حكماء» مدعوم من الحكومة، دعا إلى تقليص البيروقراطية وتسريع «المكننة» كواحدة من الخطوات الرئيسة لتحقيق النمو الاقتصادي.
وللعلم، كانت تلك واحدة من الخلافات الأبرز بين أحزاب الائتلاف الحكومي الثلاثة. فليبراليو الحزب الديمقراطي الحر (وسط) - الذي يعتبر مؤيداً لمجتمع الأعمال والشركات الكبرى - دفعوا منذ تشكيل الحكومة إلى «تقليص البيروقراطية»، خصوصاً على الشركات، إضافة إلى تخفيض الضرائب عنها، لكن أولويات الاشتراكيين وحزب «الخضر» البيئي تمثّلت بزيادة المعونات الاجتماعية والاستدانة لمواجهة التحديات الاقتصادية التي فرضتها تبعات حرب أوكرانيا وجائحة «كوفيد - 19».
قضية الإنفاق العام
شكّل الإنفاق العام نقطة خلافية أخرى مع الليبراليين الذين رفضوا التخلي عن بند كبح الديون الذي يوصي به الدستور الألماني إلا في الحالات القصوى. وجرى التخلي عن هذا البند بعد جائحة «كوفيد - 19» عندما اضطرت الحكومة إلى الاستدانة والإنفاق لمساعدة الاقتصاد على النهوض. وفي المقابل، أراد الاشتراكيون و«الخضر» مواصلة العمل بتعليق بند كبح الديون ضمن خطط إنعاش الاقتصاد وتمويل الحرب الأوكرانية، لكن ليندنر رفض رغم أن «مجلس الخبراء» أوصى ببحث هذا البند وتخفيف التقيد به.
هكذا أدى الخلاف على إجراءات إنعاش الاقتصاد وميزانية عام 2025 إلى انفراط التحالف مع الليبراليين، ودفع بشولتس إلى طرد زعيمهم ووزير المالية كريستيان ليندنر، الذي قدم مقترحاً لتقليص البيروقراطية وخفض الضرائب مقابل خفض الإعانات الاجتماعية لتمويل الحرب في أوكرانيا من دون زيادة الدين العام.
الاشتراكيون بقيادة شولتس وحزب «الخضر» رفضوا مقترح ليندنر من دون القدرة على التوصل إلى «حل وسط»، مع أن المستشار اعتاد المساومة والحلول الوسطى منذ تشكيل حكومته التي غالباً ما شابتها الخلافات الداخلية.
وطبعاً، دفع طرد ليندنر الوزراء الليبراليين للتضامن مع زعيمهم والاستقالة... ما فرط عقد الحكومة. وبعد أيام من الجدل حول موعد الانتخابات المقبلة، اتفقت الأحزاب على طرح الثقة بالحكومة يوم 16 ديسمبر (كانون الأول) - ويتوقع أن تخسرها بعد خسارتها الغالبية البرلمانية - ما سيؤدي إلى انتخابات عامة حدد موعدها في 23 فبراير.
الاقتصاد أساس الأزمة
نقطة إنعاش الاقتصاد تظهر الآن نقطةً خلافية أساسية، بينما يراوح الاقتصاد الألماني مكانه عاجزاً عن تحقيق أي نمو يذكر. ثم أن مئات الشركات الصغيرة والوسطى أقفلت خلال العامين الماضيين، وبدأت حتى كبرى شركات السيارات تعاني خسائر دفعت بشركة «فولكسفاغن» العملاقة إلى إقفال 3 من مصانعها العشرة في ألمانيا.
مع هذا، لا يمكن لوم سياسات الحكومة والخلافات الداخلية حول التعامل مع الاقتصاد وحدها، لتبرير تدهور الاقتصاد الألماني خلال السنوات الثلاث الماضية. إذ بدأت حكومة شولتس عملها في خضم جائحة «كوفيد - 19» التي تسببت بأزمات اقتصادية عالمية، وتلت الجائحة الحرب الأوكرانية وتبعاتها المباشرة على ألمانيا، التي كانت تستورد معظم حاجاتها من الغاز من روسيا. وقد تعاملت حكومة شولتس مع انقطاع الغاز الروسي السريع عن ألمانيا بحكمة، ونجحت في تعويضه بسرعة من دون التسبب بأزمة نقص للغاز في البلاد. وأيضاً اتخذت تدابير لحماية المستهلكين من الارتفاع الكبير في الأسعار، مع أنها ما كانت قادرة على تفادي التداعيات بشكل كامل.
من ثم، تحوّلت الحكومة إلى ما يشبه حكومة إدارة الأزمات والسياسات السيئة الموروثة عن الحكومات السابقة. لكن حتى هنا، يمكن تحميل الاشتراكيين بعض مسؤولية السياسات الاقتصادية السيئة، ومنها اعتماد ألمانيا بشكل متزايد طوال حكومات أنجيلا ميركل الأربع على الغاز الروسي، والسبب أن الاشتراكيين شاركوا في ثلاث من هذه الحكومات، وشولتس نفسه كان وزيراً للمالية ثم نائب المستشارة.
علاقة الاشتراكيين بروسيا
من جانب آخر، لم يساعد القرب التاريخي للاشتراكيين من روسيا حكومة شولتس بإبعاد نفسها عن موسكو؛ إذ بقي المستشار متردداً لفترة طويلة في قطع العلاقات مع روسيا ودعم أوكرانيا. ومع أن ألمانيا تحوّلت الآن إلى ثاني أكبر داعم عسكري لكييف بعد واشنطن، فإن تردد شولتس شخصياً في كل قرار يتعلق بتسليح أوكرانيا، غالباً ما وضعه في مواجهة مع حليفيه في الحكومة وكذلك مع المعارضة. وللعلم، يعتمد شولتس سياسة حذرة في دعم أوكرانيا ولا يؤيد ضمها لـ«ناتو» (حلف شمال الأطلسي)؛ تخوفاً من استفزاز روسيا أكثر وخشيته من دفعها لتوسيع الصراع.
في أي حال، كرّر شولتس القول في كل مناسبة بضرورة استمرار دعم أوكرانيا، وكان هذا واحداً من أسباب الخلافات حول الميزانية التي أدت إلى انهيار الحكومة، فوزير المالية أراد اقتطاع مخصّصات اجتماعية لتمويل الحرب في حين شولتس أراد الاستدانة لذلك رافضاً المس بالإعانات.
وحيال أوكرانيا، مع أن مقاربة تمويل الحرب في أوكرانيا تختلف بين الأحزاب الألمانية، لا خلاف على دعم كييف لا خلاف عليه. بل يتشدّد الديمقراطيون المسيحيون المتوقع فوزهم بالانتخابات وقيادتهم الحكومة المقبلة أكثر في دعمهم. ويؤيد زعيم حزبهم، فريدريش ميرتز، الذي قد يصبح المستشار القادم، أوكرانيا ضم أوكرانيا «فوراً» إلى «ناتو» بخلاف شولتس، كما يؤيد إرسال صواريخ «توروس» البعيدة المدى والألمانية الصنع إليها، بينما يعارض شولتس ذلك.
وهنا نشير إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي كان طوال السنوات الماضية، منذ تفجّر الحرب الأوكرانية، شديد الانتقاد لتردّد المستشار الاشتراكي في قرارات تسليح كييف وقطع العلاقات الاقتصادية مع روسيا، رغم أنه كان المسؤول عن وصول العلاقات الاقتصادية إلى مرحلة الاعتماد الألماني على الطاقة الروسية... كما كان حاصلاً قبل الحرب.
على الحكومة الجديدة التعامل مع ترمب
في ملف العلاقات الاقتصادية
تبعات عودة ترمب
في اتجاه موازٍ، مقاربة الحرب الأوكرانية ستضع أي حكومة ألمانية جديدة في مواجهة محتملة مع إدارة دونالد ترمب القادمة في واشنطن. إذ ستضيع ألمانيا شهوراً ثمينة في تحديد سياستها مع العد العكسي للانتخابات المبكرة وتفاوض الأحزاب خلالها على تشكيل حكومة ائتلافية.
ولن يكون أمام الحكومة الجديدة فقط تحدي التعامل مع إدارة ترمب في ملف أوكرانيا، بل أيضاً في ملف التجارة والعلاقات الاقتصادية. ذلك أن ترمب في عهده الأول دأب على انتقاد ألمانيا بسبب ضخامة صادراتها إلى الولايات المتحدة، وبخاصة السيارات، التي تفوق بأضعاف الصادرات الأميركية إليها. وبالفعل، هدَّد آنذاك برسوم على السيارات الألمانية في حال لم تزد برلين وارداتها من الولايات المتحدة خاصة الغاز الأميركي الذي كان ترمب يضغط على ميركل لاستيراده عوضاً عن الغاز الروسي. بالتالي، مع عودة ترمب، ستعود المخاوف من حرب اقتصادية مع واشنطن قد تكون إذا وقعت مدمّرة لقطاع السيارات الألمانية. وحقاً، خفّضت كل الشركات الألمانية الكبرى سقف توقّعاتها للأرباح في الأشهر المقبلة، بعد تراجع مبيعاتها في الأسواق الخارجية وتحديداً الصين، بشكل كبير. وقد يشكّل تقلّص سوقها في الولايات المتحدة ضربة جديدة لها يحذّر الخبراء الاقتصاديون من أن تبعاتها ستكون مؤلمة للاقتصاد الألماني.
حسابات الانتخابات المقبلة
عودة إلى حسابات الداخل، لم يطرح الزعيم الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتز، في الواقع، فكرة إعادة وزير المالية المعزول كريستيان ليندنر إلى حكومته المحتملة. لكن سيتوجّب أولاً على حزب ليندنر، أي الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) أن يكسب أصواتاً كافية لتمثيله في البرلمان. وحتى مع تحقيق هذا قد لا يكون التحالف بين الحزبين كافياً لضمان الغالبية، إلا إذا حصلت مفاجأة وحقق أحد الحزبين نتائج أعلى من المتوقع في الاستطلاعات، كما فعل الاشتراكيون في الانتخابات الماضية عندما نالوا قرابة 26 في المائة متقدمين على الديمقراطيين المسيحيين الذين نالوا 24 في المائة من الأصوات. ويومذاك كانت استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات تشير إلى شبه تعادل بين الحزبين.
من ثم، في حال بقاء ليبراليي الحزب الديمقراطي الحر خارج الحكومة، قد تعيد ألمانيا إنتاج حكومة يشارك فيها الحزبان الرئيسان المتناقضان في سياساتهما الاجتماعية والاقتصادية، أي الاتحاد الديمقراطي المسيحي اليميني والحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي). وقد يُجبَر الحزبان على ضم شريك ثالث يرجح أن يكون حزب «الخضر» في حال غياب الليبراليين عن المشهد. وقد تعيد هكذا حكومة ثلاثية فترة الخلافات والاضطراب التي شهدتها ألمانيا في ظل الحكومة الثلاثية الحالية التي رغم انجازاتها، لا يذكر كثيرون إلا الخلافات التي شابتها.وحتى ذلك الحين، فإن التحديات التي ستواجهها أي حكومة ألمانية قادمة، تجعل من فترة انتظار الانتخابات وتشكيل الحكومة، فترة صعبة ستزيد من عمق الأزمة الاقتصادية وتشرذم الموقف الألماني والأوروبي أمام الإدارة الأميركية.