أكّدت تركيا وروسيا عزمهما على تعزيز التعاون بعد نجاح إطلاق أكبر مشروع في تاريخ العلاقات بين البلدين اليوم (الخميس)، وهو محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء التي أنشأتها شركة «روسآتوم» الروسية للطاقة النووية في ولاية مرسين جنوبي تركيا.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال مشاركته إلى جانب نظيره الروسي فلاديمير بوتين، عبر تقنية الفيديو الخميس، في حفل تزويد أول مفاعل للمحطة التركية بالوقود النووي، أن تركيا ستصبح من خلال هذا المشروع واحدة من القوى النووية في العالم. وقال، في أول ظهور له بعد وعكة صحية ألمت به الثلاثاء ومنعته على مدى يومين من مواصلة برنامجه الانتخابي: «نحن هنا لافتتاح المشروع الذي سيضع تركيا بين القوى النووية في العالم. مع هذا الاحتفال، نفي بوعد آخر قطعناه لأمتنا، ونشهد إدخال الوقود النووي إلى موقع محطة الطاقة. هكذا، اكتسبت الآن هوية منشأة نووية».
وأضاف إردوغان، الذي يأمل الفوز في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 14 مايو (أيار): «يوجد اليوم 422 مفاعلا نوويا في العالم قيد التشغيل، و52 منها قيد الإنشاء. قبلت المفوضية الأوروبية الطاقة النووية كطاقة خضراء، وأزالت علامات الاستفهام حول استخدامها للأغراض السلمية». واعتبر هذا المشروع أكبر استثمار تركي - روسي بتكلفة بلغت 20 مليار دولار، معلنا أنه سيتم تشغيل جميع وحدات المحطة تدريجياً حتى عام 2029.
وسيساهم المشروع في خفض واردات تركيا من الغاز الطبيعي بـ1.5 مليار دولار سنوياً، وفق إردوغان الذي أكّد أن محطة الطاقة النووية «تلبي أيضاً متطلبات وكالة المهام الدولية والاتحاد الأوروبي، إلى جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، متوقعا إقامة محطات أخرى.
من جانبه، اعتبر بوتين أن تحول تركيا إلى دولة نووية سيعود بالفائدة على سوق الطاقة فيها، مشيرا إلى أن مشروع «أككويو» هو أهم مشروع بين روسيا وتركيا ويسمح بتنمية العلاقات الاقتصادية وعلاقات الجوار بين البلدين، التي لم تصل لهذا المستوى من قبل، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري 62 مليار دولار العام الماضي. وأكد بوتين أن روسيا ستعمل كل ما بوسعها لتلبية الحاجات التركية فيما يتعلق بالغاز الطبيعي، وكذلك احتياجاتها بعد كارثة زلزالي 6 فبراير (شباط) التي ضربت 11 ولاية في جنوب البلاد. وقبل الحفل، أجرى إردوغان اتصالا هاتفيا مع بوتين شكره خلاله على دور روسيا في بناء محطة «أككويو»، كما بحثا العلاقات التركية - الروسية والقضايا الإقليمية.
وذكر بيان للرئاسة التركية أن الرئيسين بحثا في مستجدات الحرب الروسية - الأوكرانية والخطوات المتعلقة باتفاقية شحن الحبوب عبر البحر الأسود الموقعة في إسطنبول في 22 يوليو (تموز) 2022. وأكد إردوغان لبوتين إمكان العمل على مبادرات جديدة لإنهاء الحرب، كما تطرقا إلى التطورات في سوريا. وأضاف البيان أن بوتين تمنى السلامة لإردوغان على خلفية الوعكة الصحية التي ألمت به الثلاثاء أثناء إجرائه لقاء تلفزيونيا مباشرا.
وفي وقت سابق، الخميس، قال وزير الصحة التركي فخر الدين كوجا، إن الحالة الصحية للرئيس إردوغان «جيدة جدا»، وإن التهاب المعدة والأمعاء الذي أصابه «في تراجع».
وخلال الاحتفال، أعلن وزير الطاقة التركي فاتح دونماز، أن المحطة ستوفر 10 في المائة من احتياجات تركيا من الطاقة بعد تشغيلها بالكامل، وأنها بالنسبة لتركيا ليست مجرد محطة طاقة نووية، بل هي بداية للعصر النووي في تركيا.
وبدوره، قال رئيس شركة «روسآتوم» أليكسي ليخاتشيف، «إن اليوم هو يوم تاريخي للعلاقات الروسية التركية. اليوم أصبحت تركيا دولة نووية، تستخدم الطاقة النووية لأغراض سلمية».
وأضاف أنه يجري العمل على تجهيز الوحدة الأولى من المحطة هذا الخريف، على أن يتم الإطلاق الفعلي لمحطة الطاقة النووية العام المقبل... «نخطط لبدء التشغيل الفعلي في العام المقبل ونقل المفاعل الأول إلى حالة الحد الأدنى من مستوى الطاقة الذي يمكن التحكم بها من أجل إنتاج الكهرباء بشكل مطرد في العام 2025».
ويعمل بمشروع المحطة حاليا نحو 25 ألف شخص 80 في المائة منهم تقريبا من الأتراك. وأسهم في إنعاش المنطقة عبر تشييد الطرق والمنازل والمقاهي والفنادق. وبتسليم الوقود النووي للمفاعل الأول، اكتسبت المحطة صفة «منشأة نووية». وحرص الجانب التركي على اتخاذ خطوة تزويد المفاعل الأول بالوقود النووي بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية، وقبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 14 مايو المقبل.
ويعود تاريخ عقد إنشاء المحطة، التي تتولى إنشاءها وإدارتها شركة «روسآتوم» إلى 12 مايو 2010. وتتضمن 4 مفاعلات بطاقة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات. وتلبي الشروط والمتطلبات الحديثة المعتمدة لدى المجتمع النووي العالمي، المنصوص عليها في معايير الأمان لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجموعة الاستشارية الدولية للسلامة النووية، ومتطلبات نادي المنظمات التشغيلية الأوروبية (إي يو آر).
* رئيس «روسآتوم»
على هامش إطلاق المشروع، أكد رئيس شركة «روسآتوم» أليكسي ليخاتشوف، أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا لم تترك آثارا سلبية على سير العمل في مشروع محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء في تركيا.
وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» في مرسين، أقرّ بأن المشروع مر بصعوبات عديدة، مثل وباء كورونا، والضغوط السياسية على روسيا، ثم كارثة زلزالي 6 فبراير في تركيا التي خلفت عشرات الآلاف من القتلى. إلا أنه أكّد إحراز «تقدم بالجدول الزمني بالتعاون مع الجانب التركي، حتى أن الجدول الزمني تم اختصاره».
وأوضح: «بالطبع، أثرت هذه الأمور على المشروع بشكل ما. لكن بفضل جهود الفريقين التركي والروسي، ودعم قيادتي البلدين، وبفضل الاهتمام الخاص من الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان بشكل شخصي بدفع المشروع، نتقدم للأمام بكل ثقة». وأضاف أن دور إدارتي البلدين لا يتوقف عند تلقي التقارير عن سير العمل، لكنهما «عملتا باستمرار على اتخاذ القرارات التي جعلت المشروع يستمر بنجاح ويصل إلى هذه النقطة».
يُذكر أن تاريخ عقد إنشاء المحطة، التي تتولى إنشاءها وإدارتها شركة «روسآتوم» الحكومية الروسية، يعود إلى 12 مايو 2010. وتتضمن المُنشأة 4 مفاعلات بطاقة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، وسيبدأ الإنتاج في الوحدة الأولى عام 2024 بحسب مسؤولين تنفيذيين في «روسآتوم».
تدشين أول مفاعل نووي لتوليد الكهرباء في جنوب تركيا
بوتين وإردوغان اعتبرا المحطة أهم مشروع تعاون بين البلدين
تدشين أول مفاعل نووي لتوليد الكهرباء في جنوب تركيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة