اتهامات الرشوة تربك «اتفاق البحر الأسود»

موسكو تتحدث عن صعوبات في التسجيل والتفتيش

ناقلة حبوب في ميناء أوديسا بأوكرانيا (أ.ف.ب)
ناقلة حبوب في ميناء أوديسا بأوكرانيا (أ.ف.ب)
TT

اتهامات الرشوة تربك «اتفاق البحر الأسود»

ناقلة حبوب في ميناء أوديسا بأوكرانيا (أ.ف.ب)
ناقلة حبوب في ميناء أوديسا بأوكرانيا (أ.ف.ب)

اتهمت روسيا، يوم الأربعاء، أوكرانيا بتقويض اتفاق الحبوب في البحر الأسود من خلال مطالبة أصحاب السفن برشاوى مقابل تسجيل سفن جديدة، وإجراء عمليات التفتيش تحت غطاء الاتفاق الذي تأمل الأمم المتحدة في أن يخفف من أزمة الغذاء العالمية.
ولم تصدر أوكرانيا بعد أي تعليق على الاتهامات التي وجهتها وزارة الخارجية الروسية، بل ألقت باللوم على موسكو في مشكلات تواجه الاتفاق. ولم تقدم موسكو أدلة موثقة لدعم ما تقوله.
وتقول كل من روسيا وأوكرانيا إن الاتفاق، الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا في يوليو (تموز)، معرض للانهيار، مع فرض بولندا والمجر وسلوفاكيا - وبالأمس بلغاريا أيضاً - حظراً على استيراد الحبوب الأوكرانية.
وحذرت روسيا بشكل متكرر من أنها لن تجدد الاتفاق بعد 18 مايو (أيار) المقبل ما لم يوافق الغرب على رفع مجموعة من القيود المفروضة على المدفوعات والخدمات اللوجيستية والتأمين تقول إنها تعرقل صادراتها الزراعية.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في بيان، إن مركز التنسيق المشترك في إسطنبول، الذي يشرف على تنفيذ الاتفاق، يواجه صعوبات في تسجيل السفن الجديدة وعمليات التفتيش بموجب صفقة الحبوب.
وكتبت: «في الوقت الحاضر، تواجه منصة مركز التنسيق المشترك في إسطنبول بالفعل صعوبات في تسجيل السفن الجديدة وإجراء عمليات التفتيش.
تنشأ فقط نتيجة لتصرفات الممثلين الأوكرانيين، وكذلك ممثلو الأمم المتحدة الذين، على ما يبدو، لا يريدون أو لا يستطيعون مواجهتهم»، وفقاً لوكالة «سبوتنيك» للأنباء.
وفي البيان نفسه، اتهمت زاخاروفا أوكرانيا «بمحاولة استغلال (مبادرة البحر الأسود) قدر الإمكان، وعدم التورع عن انتهاك قواعد النظام أو طلب الرشاوى من أصحاب السفن، كل ذلك من أجل تحقيق أكبر أرباح تجارية». وقالت إن أصحاب السفن الذين يرفضون دفع رشوة للأوكرانيين أجبروا على الانتظار لأكثر من شهر للتسجيل. وأضافت أن المقترحات الروسية لإضافة سفن تحمل الحبوب إلى الدول الأفريقية المحتاجة «لاقت رداً عدائياً» من ممثلي أوكرانيا، الذين أوقفوا بعد ذلك عمليات تفتيش 27 سفينة تحمل 1.2 مليون طن من البضائع.
من ناحية أخرى، نقلت وكالة الإعلام الروسية، يوم الأربعاء، عن المكتب الصحافي لمنسق الأمم المتحدة إنه جرى استئناف عمليات تفتيش السفن بموجب اتفاق البحر الأسود لتصدير الحبوب بعد مفاوضات على مدى يومين.
وقالت متحدثة باسم مركز التنسيق المشترك في إسطنبول إن عمليات تفتيش السفن استؤنفت في مضيق البوسفور في تركيا، بعد محادثات على مدى يومين بين كييف وموسكو. وقالت إسميني بالا إن الطرفين اتفقا على مشاركة سفن جديدة في المبادرة، وإن «فرق التفتيش تعمل بالفعل».
ويذكر أن روسيا وأوكرانيا وقعتا بشكل منفصل، وثيقتين مع تركيا والأمم المتحدة، في 22 يوليو (تموز) 2022، بشأن تأمين صادرات الحبوب من أوكرانيا عبر البحر الأسود إلى العالم، وإزالة القيود المفروضة على تصدير المنتجات الزراعية والأسمدة من روسيا إلى الأسواق العالمية.
وتنص الاتفاقية على تصدير الحبوب والأغذية والأسمدة الأوكرانية، عبر البحر الأسود من 3 موانئ، بما في ذلك ميناء أوديسا، كما تنص على أن تعمل الأمم المتحدة على تسهيل عمليات تصدير السلع الغذائية والأسمدة الروسية، التي يتم تقييدها بسبب العقوبات الغربية.
وبعيداً عن مشكلات الاتفاقية، أفادت الإذاعة البلغارية في تقرير على موقعها الإلكتروني يوم الأربعاء، نقلاً عن القائم بأعمال رئيس الوزراء غلاب دونيف، بأن بلغاريا فرضت حظراً مؤقتاً على واردات الحبوب الأوكرانية ما عدا التي يجري نقلها بالفعل.
ونقل التقرير عن دونيف قوله: «على مدى العام المنصرم، ظلت كمية ضخمة من الأغذية في البلاد وعطلت سلاسل الأغذية». وأضاف: «نحن مضطرون إلى تبني هذا الإجراء الوطني لأن السلطات الأوروبية لا تزال تفكر في إجراء ملائم».
وفي المقابل، تعتزم الصين، أكبر مستورد للذرة، شراء المزيد من الحبوب من أوكرانيا، حتى في ظل تعزيز بكين لعلاقتها الاستراتيجية مع روسيا. وذكرت «بلومبرغ»، يوم الأربعاء، أن نحو 1.5 مليون طن من الذرة غادرت الموانئ الأوكرانية في طريقها للصين وفقاً لمبادرة الحبوب في البحر الأسود، وذلك وفقاً لبيانات من مركز التنسيق المشترك للمبادرة.
وبهذا يبلغ إجمالي الذرة التي تم شحنها للصين منذ بداية العام أكثر من 3 ملايين طن. وتعد الصين المقصد الرئيسي لصادرات المحاصيل من أوكرانيا منذ أن أدى الاتفاق، الذي توسطت فيه الأمم المتحدة، لإقامة ممر آمن في البحر الأسود العام الماضي، وذلك في ظل تعزيز الصين لعلاقتها مع روسيا.
وقد غادرت 6.5 مليون طن في طريقها إلى الصين منذ أغسطس (آب) الماضي. وهذا يمثل خمس صادرات الحبوب إلى جميع الدول وفقاً للمبادرة.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

بكين توسع خطة «المقايضة الاستهلاكية» لإحياء النمو الاقتصادي

بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)
بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)
TT

بكين توسع خطة «المقايضة الاستهلاكية» لإحياء النمو الاقتصادي

بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)
بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)

أضافت الصين المزيد من الأجهزة المنزلية إلى قائمة المنتجات التي يمكن استخدامها في خطة «المقايضة الاستهلاكية»، وستقدم إعانات إضافية للسلع الرقمية هذا العام، في محاولة لإحياء الطلب في قطاع الأسر الراكد.

وستشمل خطة المقايضة للأجهزة المنزلية أفران الميكروويف وأجهزة تنقية المياه وغسالات الأطباق وأواني الطهي هذا العام، وفقاً لوثيقة صادرة عن أعلى هيئة تخطيط للدولة ووزارة المالية يوم الأربعاء. ويمكن أن تحصل الهواتف الجوالة وأجهزة الكمبيوتر اللوحية والساعات الذكية والأساور التي تقل قيمتها عن 6000 يوان على إعانات بنسبة 15 في المائة.

ولم يحدد البيان التكلفة الإجمالية للحوافز، لكن مسؤولاً بوزارة المالية قال في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء إن الحكومة خصصت حتى الآن 81 مليار يوان (11.05 مليار دولار) لتبادل السلع الاستهلاكية لدعم الاستهلاك في عام 2025.

وتشكل التدابير الجديدة جزءاً من خطة أوسع لتحفيز النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم في عام 2025، حيث أدت أزمة العقارات الشديدة إلى تآكل ثروة المستهلكين والإضرار بإنفاق الأسر. وكان قطاع المستهلكين المتعثر في الصين نقطة ألم خاصة للاقتصاد مع مطالبة المحللين ومستشاري السياسات باتخاذ تدابير عاجلة لتحفيز الأسر على الإنفاق مرة أخرى.

وقال شو تيان تشن، كبير الاقتصاديين في وحدة «إيكونوميك إنتليجينس»: «نتوقع أن يتضاعف إجمالي الدعم إلى 300 مليار يوان في عام 2025. وهذا يمثل إلى حد ما تحولاً سياسياً نحو المزيد من الاستهلاك». وأضاف أن الإعانات الأكثر محدودية للهواتف والأجهزة اللوحية، بأقل من 500 يوان لكل عنصر، تشير إلى أن بكين لا تنوي دعم الأغنياء للإنفاق الباهظ.

وفي العام الماضي، خصصت الصين نحو 150 مليار يوان من إصدار سندات الخزانة الخاصة بقيمة تريليون يوان لدعم استبدال الأجهزة القديمة والسيارات والدراجات وغيرها من السلع. وقال المسؤولون إن الحملة «حققت تأثيرات إيجابية».

وقال لي غانغ، المسؤول بوزارة التجارة، في نفس المؤتمر الصحافي، إن الحملة أسفرت عن مبيعات سيارات بقيمة 920 مليار يوان ومبيعات أجهزة منزلية بقيمة 240 مليار يوان في عام 2024.

ومع ذلك، لم يجد المستثمرون الكثير من الطموح في إعلانات يوم الأربعاء، حيث انخفض مؤشر أسهم الإلكترونيات الاستهلاكية في الصين بنسبة 3.2 في المائة بحلول استراحة منتصف النهار.

وقال مسؤول في هيئة تخطيط الدولة الأسبوع الماضي، إن الصين ستزيد بشكل حاد التمويل من سندات الخزانة طويلة الأجل في عام 2025 لتحفيز ترقيات المعدات ونظام مقايضة السلع الاستهلاكية. وفي العام الماضي، خصصت الصين ما مجموعه 300 مليار يوان لهذه المبادرات.

وقال تشاو تشين شين، نائب رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح - الجهة المسؤولة عن التخطيط الحكومي - يوم الأربعاء، إن أرقام التمويل للخطط ستصدر خلال الاجتماع البرلماني السنوي في مارس (آذار) المقبل.

وتعهد كبار القادة الصينيين بتعزيز الاستهلاك «بقوة» وتوسيع الطلب المحلي «في جميع الاتجاهات» هذا العام. وذكرت «رويترز» الأسبوع الماضي أن ملايين العاملين الحكوميين في جميع أنحاء الصين حصلوا على زيادات في الأجور، كجزء من الجهود الرامية إلى تعزيز الاستهلاك.

وقال لين سونغ، كبير خبراء اقتصاد الصين في «آي إن جي»: «نتوقع أن تساعد السياسة الأكثر دعماً في انتعاش نمو مبيعات التجزئة في عام 2025 مقارنة بعام 2024. وسيعتمد تعافي استهلاك الأسر على استقرار أسعار الأصول، بالإضافة إلى تحسن الثقة في آفاق التوظيف».

ووفقاً لوثيقة السياسة، ستزيد الصين أيضاً الأموال من إصدار سندات الخزانة الخاصة طويلة الأجل لدعم ترقيات المعدات في المجالات الرئيسة. وستشمل الحملة الآن المعدات المستخدمة في قطاعي تكنولوجيا المعلومات والزراعة، مع التركيز على المعدات المتطورة والذكية والخضراء.

وعلى أساس دعم بنسبة 1.5 نقطة مئوية على أسعار الفائدة على قروض ترقية المعدات التي يتم الحصول عليها من البنوك، قالت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح إنها سترتب أيضاً أموالاً من سندات الخزانة لخفض تكاليف تمويل الشركات بشكل أكبر.

ورتب البنك المركزي مرفق إعادة الإقراض المنخفض التكلفة بقيمة 400 مليار يوان لدعم ترقيات المعدات. وقال سونغ إن الوثيقة تشير إلى أن القطاعات الصناعية عالية التقنية بالإضافة إلى تصنيع معدات النقل من المرجح أن تستفيد، مما يساعد هذه القطاعات على البناء على الزخم القوي في العام الماضي.