مؤسسة «المدى» العراقية و«برنامج تعافي» يعيدان الروح لمعهد الدراسات الموسيقية

مؤسسة «المدى» العراقية و«برنامج تعافي» يعيدان الروح لمعهد الدراسات الموسيقية
TT

مؤسسة «المدى» العراقية و«برنامج تعافي» يعيدان الروح لمعهد الدراسات الموسيقية

مؤسسة «المدى» العراقية و«برنامج تعافي» يعيدان الروح لمعهد الدراسات الموسيقية

بدأت مؤسسة «المدى للثقافة والإعلام والفنون»، وبدعم من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، و«برنامج تعافي»، تأهيل معهد الدراسات الموسيقية الذي تأسس في السبعينات واحداً من المعاهد الفريدة في المنطقة التي تدرّس المقام العراقي والآلات الموسيقية العراقية.
وبدأت الحملة بإعادة إعمار المبنى التراثي الذي يضم المعهد، والذي أنشئ عام 1904، وكان مقراً لأول رئيس للحكومة العراقية عبد الرحمن النقيب، بعد تأسيس الدولة العراقية عام 1921، وهو يقع في شارع الرشيد على ضفة دجلة من جانب الرصافة. وعانى المبنى زمناً طويلاً من إهمال كبير، حيث تداعت جدرانه القديمة، ولم يجر تجديد قاعاته أو توفير الآلات والمعدات والأجهزة الحديثة واللازمة لتدريب طلبته.
تقول د. غادة العاملي المدير العام لمؤسسة «المدى»، «حين انتقلت (المدى) إلى بغداد بعد انهيار نظام (البعث) الاستبدادي وجدت أن مهمتها التي تعبر عن جوهر مشروعها هو أن يتعافى العراق، وقد لا تكون مجرد مصادفة عابرة أن تتبنى (المدى) هذا المشروع الثقافي الذي يشكل رافداً من روافد النشاط الإبداعي، فلا يمكن لدولة أن تتكرس أو مجتمع أن ينهض ويتطور من دون أن تزدهر فيهما حركة ثقافية بكل مكوناتها الإبداعية وأدوات تعميق الوعي والمعرفة بالتلازم مع حركة التجديد والتحديث وما يرتبط بها من حقوق وحريات. من هنا يأتي اهتمام (المدى) وتبنيها للمشاركة في إعادة تأهيل مبنى معهد الدراسات الموسيقية العراقي بدعم من الوكالة الأميركية (برنامج تعافي)».
وأشارت إلى أن الجانب الرمزي لهذا المشروع يتجسد في تأكيد دور الموسيقى في استنهاض المجتمع والارتقاء بذائقته، ويؤشر للمكانة التاريخية للعراق في ابتكار الأدوات الموسيقية وصناعتها وتطوير الحركة الفنية النغمية، ونحن إذ نحتفي مع «برنامج تعافي» بهذا المشروع نتطلع إلى أن تكون هذه باكورة نشاط مشترك ممتد يسهم في تأهيل وتطوير وإغناء كل ما من شأنه الارتقاء بالنشاط الثقافي الحر، وكل ما يثري الحركة الإبداعية ويوسع ميادينها.
وذكر وكيل وزارة الثقافة العراقية عماد جاسم، أن «مؤسسة (المدى) عملت بالتعاون مع (برنامج تعافي)، وبعد العديد من الاجتماعات المثمرة التي عقداها، على إصلاح المبنى بعد أعوام طويلة من غياب الدعم نتيجة قلة التخصيصات المالية. ونحتفل اليوم بقدوم الفرق الهندسية بمتابعة هيئة الآثار للإبقاء على البيت ضمن هويته التراثية العريقة. وكانت لنا زيارات متكررة للإشراف على العمل وتحديد أولويات الإعمار على ألا يؤثر على سير العملية التدريسية».
أما مؤسس بيت العود العربي، الموسيقار نصير شمة، فيقول، «يعد معهد الموسيقى من أهم المعاهد في الشرق الأوسط والوحيد من نوعه بالمنطقة، فهو لا يشبه معاهد أو أكاديميات الفنون الجميلة، إذ يتسم بالدراسات المتخصصة لتخريج عازفين وفنانين على مستوى عالٍ وعلى دراية ومعرفة بعلوم الموسيقى العراقية الصرفة، لذلك فإن إلمام الطالب لستة أعوام متواصلة في دراسة المقامات العراقية في حد ذاته أمر يعد نادراً وغير موجود سوى في هذا المعهد. من هنا تبرز أهميته وضرورة إعادة نشاطه في حال أردنا رؤية فنانين حقيقيين ومهمين شأنهم شأن من تخرجوا في سبعينات وثمانينات القرن الماضي».
وتعود فكرة تأسيس المعهد إلى عام 1964، لكنه تأسس رسمياً عام 1970 وتفرد بتعليم الموسيقى الرافدينية والمقام العراقي والموسيقى التراثية، وتخرج فيه فنانون عراقيون معروفون مثل كاظم الساهر ونصير شمة وعازف العود أحمد مختار وقارئة المقام فريدة محمد علي وأستاذ المقام وقارئه حسين الأعظمي وغيرهم كثيرون درسوا على أيدي أساتذة أكفاء أمثال منير بشير وروحي الخماش وعباس جميل وغانم حداد وغيرهم، الذين باتوا جزءاً من التاريخ الفني للعراق.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
TT

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

بعيداً عن التكلس السياسي الذي تعانيه ليبيا، انطلق في العاصمة طرابلس مهرجان للفيلم الأوروبي تحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي إلى البلاد، بالتعاون مع الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، في خطوة تستهدف توسيع الشراكة الثقافية وكسر حاجز الانقسام، من خلال تجميع الليبيين بالثقافة والفن.

وتشارك في النسخة الأولى من المهرجان، التي انطلق الأحد، 5 سفارات أوروبية عاملة في ليبيا، بأعمال يتم عرضها للجمهور مجاناً لمدة 5 أيام، تنتهي الخميس المقبل. وعبّر سفير بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، عن سعادته لافتتاح أول مهرجان سينمائي ليبي - أوروبي في طرابلس، إلى جانب الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، وسفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا ومالطا وإسبانيا. وعدّ هذا الحدث «علامة فارقة في الشراكة الثقافية بين ليبيا والاتحاد».

ويعرض مساء اليوم (الاثنين) فيلم «راعي البقر من الحجر الجيري» المقدم من سفارة مالطا، بقاعة الهيئة العامة للسينما والمسرح في شارع الزاوية بطرابلس، التي دعت الجمهور للاستمتاع بمشاهدته.

البوستر الترويجي لفيلم «فتاة عادت» الإيطالي (إدارة المرجان)

وبجانب الفيلم المالطي، فإن العروض المفتوحة للجمهور تتضمن، وفق ما أعلنت إدارة المهرجان، ورئيس بعثة الاتحاد، «طفلة عادت» من إيطاليا، و«قصر الحمراء على المحك»، إسباني، ويعرض الثلاثاء، ثم «كليو» (ألمانيا) الذي يعرض للجمهور الأربعاء، على أن يختتم المهرجان بفيلم «عاصفة» الفرنسي.

ولوحظ أن الدول المشاركة في المهرجان حرصت على تروّج الأعمال المشاركة، من هذا المنطلق دعا المركز الثقافي الفرنسي والسفارة الفرنسية في ليبيا الجمهور الليبي لحضور الفيلم الفرنسي الذي أخرجه كريستيان دوغواي، وقالا في رسالة للجمهور الليبي: «نحن في انتظاركم لتشاركونا هذه اللحظة السينمائية الاستثنائية».

جانب من افتتاح مهرجان الفيلم الأوروبي في طرابلس (البعثة الأوروبية إلى ليبيا)

وكان رئيس هيئة السينما والمسرح والفنون، عبد الباسط بوقندة، عدّ مبادرة الاتحاد لإقامة المهرجان «خطوة إيجابية في مسار الشراكة بين ليبيا، متمثلة في هيئة السينما والمسرح والفنون، والاتحاد الأوروبي والدول الخمس المشاركة».

وأضاف بوقندة، في كلمة الافتتاح، الذي بدأ الأحد بعرض الأفلام، أن المناسبة «تفتح آفاقاً واسعة في مجالات السينما كواحدة من أهم أنواع التواصل بين الشعوب ومرآة عاكسة لكثير من القضايا الاجتماعية والإنسانية والثقافية التي تسهم بفاعلية في توعية الناس، وتدفع بهم تجاه الارتقاء والإحساس بالمسؤولية».

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي (السفارة الفرنسية لدى ليبيا)

وخلال مراسم الافتتاح، عُرض فيلم «شظية» الليبي الذي أنتج في الثمانينات، من تأليف الأديب الليبي المعروف إبراهيم الكوني، ويحكي قصة معاناة الليبيين مع الألغام التي زرعت في صحراء ليبيا خلال الحرب العالمية الثانية، وراح ضحيتها كثير من المواطنين في مدن ومناطق مختلفة من البلاد.

وبجانب العروض السينمائية في ليبيا، تُجمّع الفنون في ليبيا عادةً من فرقت بينهم السياسة، ويحشد المسرح على خشبته ممثلين من أنحاء البلاد، كانت قد باعدت بينهم الآيديولوجيات في زمن ما، يحكون جميعاً أوجاعهم عبر نصوص ولوحات إبداعية، ويفتحون نوافذ جديدة للتلاقي والحوار بعيداً عن النزاع والانقسام السياسي.

وسبق أن تعطلت الحركة الفنية المسرحية في ليبيا، مُتأثرة بالفوضى الأمنية التي شهدتها ليبيا عقب اندلاع ثورة «17 فبراير» التي أسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011. لكن مع الاستقرار النسبي الذي تشهده ليبيا يظل الرهان على الفن في اختبار الانقسام السياسي، الذي ضرب البلاد، لتوحيد الليبيين.