ذوو الاحتياجات الخاصة وإعاقات الحرب فئة منسية في الجنوب

قدرت الأمم المتحدة نسبتهم بنحو 28 %... غالبيتهم من الأطفال

أحد المصابين في الحرب من ذوي الاحتياجات الخاصة بدرعا (الشرق الأوسط)
أحد المصابين في الحرب من ذوي الاحتياجات الخاصة بدرعا (الشرق الأوسط)
TT

ذوو الاحتياجات الخاصة وإعاقات الحرب فئة منسية في الجنوب

أحد المصابين في الحرب من ذوي الاحتياجات الخاصة بدرعا (الشرق الأوسط)
أحد المصابين في الحرب من ذوي الاحتياجات الخاصة بدرعا (الشرق الأوسط)

أضافت الحرب السورية بويلاتها الدائرة منذ سنوات، مأساة مضاعفة على فئة أصحاب الإعاقات والاحتياجات الخاصة، إذ ثمة فئة جديدة أُضيفت هم متضررو الحرب ممن فقدوا أحد أطرافهم أو قدرتهم على الحياة الطبيعية؛ نتيجة القصف أو مخلفاته من ألغام وقنابل غير منفجرة، أو نتيجة التعذيب في التوقيف والاعتقال. غير أن كلتا الفئتين بقيت خارج دائرة الاهتمام، أمام إهمال حكومي من جهة، وتقاعس منظمات المجتمع المدني والمنظمات الإنسانية الدولية من جهة أخرى.
قدرت إحصاءات الأمم المتحدة في العام الماضي (2022) نسبة ذوي الإعاقة في سوريا بنحو 28 في المائة من السوريين، أي ضعف المعدل العالمي، وأن العدد الأكبر منهم أطفال. وفي تقرير أعدته منظمة «هيومن رايتس ووتش» تحدثت الباحثة أمينة سيريموفيتش عن «التأثير الكارثي والمدمر على الأطفال ذوي الإعاقة». وقد شمل التقرير أرقاماً مرعبة حول معاناة ما يقارب 19 في المائة من السوريين ممن تتراوح أعمارهم بين عامين و17 عاماً من إعاقة جسدية أو ذهنية، ويرجع ذلك إلى آثار الحرب الدائرة في البلاد.
في الجنوب السوري الذي يشمل محافظتي السويداء ودرعا، بقيت البرامج المعدة لذوي الاحتياجات الخاصة عاجزة عن تغطية الأعداد المتزايدة منهم. وقد رصدنا في محافظة درعا أربعة مراكز متخصصة لذوي الهمم، ومركزاً واحداً خاصاً بالأطراف الصناعية وإعادة تأهيل متضرري الحرب، بينما في محافظة السويداء، تجاوز عدد المراكز الخاصة بهذه الفئة 5 مراكز أغلبها مراكز خاصة (غير مجانية) لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.
وفقاً لموظف مسؤول في أحد مراكز رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في درعا تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإنه ليست ثمة إحصائية دقيقة لأعداد ذوي الاحتياجات الخاصة في المحافظة «لكنها في ازدياد دائم»، ولا تكاد الخدمات التي تقدم تكفي لعُشر الأعداد (المسجلة)، مشيراً إلى أن نسبة الأشخاص الذين يعانون من إعاقة بالحركة، هي الأكبر، وتزايدت بفعل الحرب في سوريا.
الحرب أضافت كثيراً لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي الوقت نفسه سلبتهم حقوقهم، ودفعت إلى حالة أمنية واقتصادية متردية، أدت إلى غياب الكوادر المتخصصة بالهجرة والسفر بحثاً عن حياة ودخل يحقق لهم معيشة أفضل وآمنة، وما وصلت إليه الحالة الاقتصادية المتردية وانخفاض قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، أفضى إلى زيادة أسعار الأطراف الصناعية، حيث إن كلفة الطرف الصناعي التقليدي اليوم، لا تقل عن خمسة ملايين ليرة سورية للأنواع متوسطة الجودة. بينما الأطراف الإلكترونية أسعارها 3 أضعاف الأطراف التقليدية، يشتريها المقتدرون مادياً، وينتظر آخرون دفع الجمعيات الخيرية تكاليفها.
الحكومة السورية غافلة عن هذه الفئة، والمشروعات التي تمولها منظمات المجتمع المدني في دمشق تتطلب التسجيل والانتظار لأجل مجهول. ويشير الموظف المسؤول، إلى حالات عاجزة عن توفير ولو جلسة علاج فيزيائية واحدة بعد أن وصلت تسعيرتها في المراكز الخاصة لأكثر من 60 ألف ليرة سورية. والمراكز الحكومية غير قادرة على تغطية كامل الحالات.
أما المسؤولة في مركز متخصص في السويداء التي تحفظت على ذكر اسمها، فتصف لـ«الشرق الأوسط»، وضع الأفراد الذين يعانون من إعاقة، سواء أكانت بالولادة أم حديثة جراء الحرب بـ«المأساوي»، فهم يعانون من التهميش ومن غياب الرعاية الصحية والنفسية والتعليمية، وكأن الجميع يدير عنهم وجهه سواء الجهات الحكومية أو المجتمع، أو منظمات المجتمع المدني، رغم أنهم أكثر الشرائح تضرراً جراء الحرب، لافتة إلى أن الحكومة السورية لا تتحمل مسؤوليتها تجاههم، واكتفت بأنها خصصت لكل فرد من ذوي الاحتياجات الخاصة مبلغ 12 ألف ليرة سورية في السنة (أقل من دولارين)!
ولولا دعم بعض الجمعيات الخيرية والأفراد للمراكز المتخصصة، لكان الوضع مزرياً أكثر مما هو عليه، وخصوصاً أن المراكز لا ترتادها أعداد كبيرة؛ بسبب الوضع المادي لمعظم العائلات، والمبالغ المترتبة على رعاية المصابين، التي تتجاوز 8 آلاف ليرة سورية للساعة الواحدة. بينما تتصاعد فئة ذوي الاحتياجات الخاصة بالسويداء نتيجة الحوادث الأمنية المستمرة. الوضع مأساوي وبحاجة إلى التدخل الفوري من قبل المنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني والجهات الحكومية صاحبة الشأن.
- اعتقال وإعاقات
رياض من ريف درعا يقول لـ«الشرق الأوسط»: «تعرضت للاعتقال مدة 3 أشهر عام 2011، دخلت المعتقل إنساناً طبيعياً وخرجت معاقاً نتيجة الضرب المبرح الذي تعرضت له على منطقة الظهر، حتى أصبحت أعاني من اعوجاج جانبي للعمود الفقري، مع انزلاق للفقرات، وديسك سفلي وآخر رقبي، ترافقني آلامها دائماً»، مضيفاً أن حالته منعته من مزاولة أي مهنة، وقيدت من حركته وتنقله، وأنه يقضي معظم وقته مستلقياً، والطامة الكبرى وفقاً للمصدر، أن حالته غير مصنفه في سوريا إعاقة، لذا، لا يتمتع بأي حقوق (سواء لدى جهات حكومية أو لدى منظمات المجتمع المدني) تسهل تلقيه الرعاية الطبية اللازمة من أدوية أو علاجات فيزيائية، وعليه أن يدبر شخصياً علاجه على نفقته الخاصة.
أما حسام (23 عاماً) من مدينة درعا فيعاني من شلل بالحركة بعد أن فقد إحدى قدميه بسبب شظايا قذيفة اخترقت منزله عام 2012 أدت إلى مقتل شقيقه وإعاقة تلازمه منذ سن العاشرة. يقول: «طلب كرسي متحرك أو طرف صناعي يتطلب انتظار شهوراً طويلة، أو تبرعاً من أحد الأفراد أو الجمعيات الخيرية الأهلية» موضحاً أنه حتى «تسهيلات العمل أو التنقل في المرافق العامة والخاصة ووسائل النقل غير متوفرة»، مشيراً إلى أنه «بعد أن كانت منظمات المجتمع المدني قد أطلقت العشرات من المشروعات الداعمة لذوي الاحتياجات الخاصة في درعا، وقدمت الأطراف الصناعية وأدوات ووسائل الحركة بشكل مجاني، وتقريباً أصبح في كل مدينة وبلدة مركز للرعاية النفسية والتعليم لذوي الاحتياجات الخاصة، أُغلقت هذه المشروعات والجمعيات دون سابق إنذار، مع سيطرة قوات النظام السوري على المنطقة عام 2018».
مصدر في الشؤون الاجتماعية والعمل بالحكومة السورية، تحدث لنا، بالقول، إن الأعداد كبيرة والإمكانيات المخصصة لنا صغيرة جداً، والميزانية لا تكاد تغطي النفقات، فالمنطقة الجنوبية بحاجة لمزيد من المراكز المجانية لرعاية ومتابعة ذوي الاحتياجات الخاصة المجهزة بالرنين المغناطيسي، والتصوير الشعاعي، وأجهزة تخطيط السمع والدماغ والأعصاب، والمختصين بالنطق والعلاج الفيزيائي ومهارات الحركة والتواصل الإيمائي والتحسسي، وهذا معظمه غير متوفر لمحدودية الميزانية والكوادر في المراكز الحكومية. واعتبر أن الحل، يكمن في دعم الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لإنشاء مراكز رعاية لهذه الفئة.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.