كتاب مغربي يستوحي تاريخ فاس وروحها

كتاب مغربي يستوحي تاريخ فاس وروحها
TT
20

كتاب مغربي يستوحي تاريخ فاس وروحها

كتاب مغربي يستوحي تاريخ فاس وروحها

صدر، أخيراً، للباحث والصحافي المغربي نزار الفراوي، عن منشورات «سليكي أخوين» بطنجة، كتاب جديد تحت عنوان «فاس... ذاكرة الروح وأنفاس المكان»، جاء، بحسب كاتبه، بمثابة «بانوراما عن المكان والمتخيل والأرواح المقيمة والعابرة، وعبقرية التجربة الإنسانية في مدينة متفردة».
بعد حديثه عن علاقته بفاس، منذ الولادة إلى حين مغادرتها، يكتب الفراوي: «كان تصالحي مع المدينة بطيئاً مديداً، تحقق، للمفارقة، بعد أن غادرت فاس إلى الرباط لمتابعة الدراسة ثم العمل. عادت فاس لتسكنني برفق وعمق على جناح التأمل العقلاني الناضج في أغوار المكان والتبتل الروحي في ألغازه وكنوزه المادية واللامادية. جددت زيارة فاس على خطى الصحافي المسلح بعين يقظة، حاولت معانقة المكان باستنفار في الحواس، وتواصل فعال مع الآثار المحفوظة والشخصيات العابرة».
والكتاب هو نماذج مختارة لا ديوان شامل، لأن «المدينة أبعد من أن يلم بها كتاب. هي أمشاج من نسيج مركب ولوحة متنوعة الأجزاء، تدعو إلى الغوص في المكان بتجربة شخصية مباشرة، أشبه بطقس حج روحي».
ويستلهم الكاتب أمكنة تنبض بأسماء مَن عبروا من أعلام خالدين، من قبيل ابن خلدون، وابن الخطيب، وليون الأفريقي (الحسن الوزان)، مستطلعاً وجوه فاعلين معاصرين ترتسم من خلالهم أحوال المشهد الثقافي والفني في عاصمة الروح، ومقتفياً أثر فاس في النص الإبداعي، شعراً ورواية، ولوحة أيضاً، حافراً في نوستالجيا الفضاء الجامعي الرائد «ظهر المهراز»، حاضن النخب الفكرية والسياسية، مع «إحساس حتمي بالنقصان والضآلة أمام زخم المكان وامتداده المضاعف في طيات الزمن وتعددية العناصر وأبدية الفضاء في مواجهة الإهمال والهجوم الضاري على الذاكرة».
وتتوزع الكتاب عناوين تنقل القارئ بجولة في بعض فضاءات فاس، مع لقاء وجوه تدل عليها، وذلك «تجميعاً لمكونات هوية باذخة ومتعددة للمكان، اكتسبها من شريط تاريخ ممتد عبرته شخصيات وازنة، وصهرته تحولات وأحداث كبرى».
في تقديم الكتاب كتب الناقد والباحث فريد الزاهي: «وأنا أقرأ كتاب نزار الفراوي، أحسست كم أن ديمومة الأحاسيس تسري بين أجيال متفاوتة، رغم التغيرات التي مست أديم المدينة والتحولات التي طالت جسدها وشرايينها. لن أكون مبالغاً إن قلتُ إني وجدت شيئاً من ذاتي هنا، في الأوصاف والحكايات، رغم أن الكتاب مزيج من الفيض الشعري والتحقيق الصحافي واستيحاء التاريخ... ثمة أشياء كثيرة انمحت، أو هي غابت مع أمواج الزمن... حلقات الحكاة في مقبرة روضة سيدي علي بوغالب، التي كنا نرتادها مباشرة بعد المدرسة، نستمتع فيها بحكايات سيف بن ذي يزن، ونتضاحك بها من العبارات المسكوكة لبائع الأعشاب والمنشطات الجنسية... وعام 1967 الموكب الأخير لسلطان الطلبة وهو يمر بفخامته السلطانية ممتطياً صهوة جواده... و(الشويطيني) المارد الحارس لسينما الملكية غير بعيد عن هناك، وبائع الكرداس (أكلة تُحضَّر من أحشاء أضحية عيد الأضحى) اللذيذ بين الموقعين».
ويتساءل الزاهي: «كيف يمكن لهذه المدينة أن تسلم أسرارها للكاتب الباحث المستقصي من غير أن تسبل عليه من وهجها؟ هكذا يبدو أن الغواية التي تمارسها المدينة لا يمكن إلا أن تفرز كتابة ممهورة بالذاتية، تُضْحي فيها الذات منغمسة في جسد الموضوع ومتعلقة بتحولاته. لذا فإن غور الكاتب في التاريخ والذاكرة والشفهي والمكتوب يغدو أشبه برقصة الكاتب أمام شجرة المدينة الفارعة وسموق أفنانها. إنها تدعوه لتسلقها كي يشارف كيانها ويتلمس باليد مكنوناتها».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

«جوازك إلى العالم» في جدة... جولة فريدة بين ثقافات متعددة

عكست الفعالية في نسختها الأولى بمدينة الخبر عمق التواصل الإنساني بين الشعوب (واس)
عكست الفعالية في نسختها الأولى بمدينة الخبر عمق التواصل الإنساني بين الشعوب (واس)
TT
20

«جوازك إلى العالم» في جدة... جولة فريدة بين ثقافات متعددة

عكست الفعالية في نسختها الأولى بمدينة الخبر عمق التواصل الإنساني بين الشعوب (واس)
عكست الفعالية في نسختها الأولى بمدينة الخبر عمق التواصل الإنساني بين الشعوب (واس)

تنطلق بمحافظة جدة (غرب السعودية)، الأربعاء المقبل، فعالية «جوازك إلى العالم» التي تأخذ الزوار في جولة فريدة بين شعوب وثقافات متعددة من خلال عروض تفاعلية وفعاليات فنية ورقصات تقليدية ونكهات أصيلة وتجارب لا تنسى، في أجواء احتفالية تنبض بالحياة.

ويأتي إطلاق الفعالية بعد نجاح لافت حققته النسخة السابقة التي تختتم هذا الأسبوع في مدينة الخبر (شرق السعودية)، وشهدت حضوراً واسعاً وتفاعلاً كبيراً من العائلات والزوار الذين استمتعوا بتجارب متنوعة، عكست عمق التواصل الإنساني بين الشعوب، وقدرة الفعاليات الترفيهية على خلق لحظات تجمع الزوار في أجواء ممتعة.

وتُقدم النسخة الجديدة من «جوازك إلى العالم» في جدة برنامجاً حافلاً يمتد طوال شهر مايو (أيار) المقبل، ويشمل أربع محطات رئيسية تبدأ مع الاحتفاء بالثقافة الفلبينية من 30 أبريل (نيسان) حتى 3 مايو تليها أجواء بنغلاديشية أصيلة بين 7 و10 مايو، ثم ينتقل الزوار إلى ألوان وتراث الهند من 14 حتى 17 مايو، قبل أن تختتم الفعالية بأيام سودانية من 21 حتى 24 مايو.

وتُوفِّر للزوار فرصة استكشاف حضارات متعددة في مكان واحد، عبر عروض فنية مباشرة، وتجارب تذوق مأكولات تقليدية شهيرة، وأنشطة تفاعلية تسلط الضوء على الفلكلور والعادات الاجتماعية للدول المشاركة، مما يجعل من الحدث محطة أساسية لكل من يبحث عن رحلة متكاملة في قلب السعودية.

«جوازك للعالم» تقدّم تجربة متكاملة تُعرِّف الزوار بثقافات متنوعة (هيئة الترفيه)
«جوازك للعالم» تقدّم تجربة متكاملة تُعرِّف الزوار بثقافات متنوعة (هيئة الترفيه)

وتتيح الفعالية التي تنظمها هيئة الترفيه السعودية للجاليات المقيمة في المملكة، للمغتربين إعادة الاتصال بجذورهم، وتعريف الزوار بثقافات متنوعة من خلال العروض الفنية، وتجارب الطهي، والحرف التقليدية، وورش العمل التفاعلية.

ويخوض زوار «جوازك إلى العالم» تجربة متكاملة تنعكس من خلال تصميم بصري موحد وهوية فنية مستوحاة من الزخارف الشعبية، والأنماط النسيجية، والعناصر الطبيعية، والمعمارية الخاصة بكل دولة.

وخُصِّصت لكل جالية مناطق لعرض مكونات الثقافة، منها الأزياء والإكسسوارات التقليدية، والعروض الراقصة، والأطعمة المتنوعة، والحِرف اليدوية، إضافة إلى الأسواق المفتوحة، والمسارح، والمجسمات التفاعلية.

وتأتي الفعالية ضمن أهداف متعددة، من أبرزها تعزيز التنوع الثقافي، وإبراز جمال تقاليد الدول المشاركة، وبناء جسور تواصل بين المقيمين والزوار، وخلق تجربة شاملة ممتعة وتعليمية لجميع أفراد العائلة، وتسليط الضوء على الإرث الثقافي من خلال الفنون والمأكولات.

ومن المتوقع أن تحظى بحضور جماهيري واسع، لما تحمله من طابع احتفالي وتجارب نابضة بالحياة تعبّر عن تقاليد عريقة، تتماشى مع مستهدفات «رؤية السعودية 2030» في تعزيز الترفيه وجودة الحياة لسكان البلاد.