1.65 مليون يمني من كبار السن يواجهون خطر المجاعة

بسبب الصراع وتقلص سبل العيش بفعل سلوك الانقلابيين

يمنية تبيع أطعمة لوجبات إفطار رمضان في صنعاء (إ.ب.أ)
يمنية تبيع أطعمة لوجبات إفطار رمضان في صنعاء (إ.ب.أ)
TT
20

1.65 مليون يمني من كبار السن يواجهون خطر المجاعة

يمنية تبيع أطعمة لوجبات إفطار رمضان في صنعاء (إ.ب.أ)
يمنية تبيع أطعمة لوجبات إفطار رمضان في صنعاء (إ.ب.أ)

كانت الستينية أم يوسف تواجه قسوة الحياة وغلاء الأسعار ببيع الخبز الذي تعده نساء أخريات في منازلهن، حيث تعوّد أهالي جنوب العاصمة اليمنية صنعاء على شراء الخبز منها يومياً من أمام إحدى الأسواق التجارية؛ إلا أنها اختفت فجأة منذ أيام. وفي حين لجأ زبائن أم يوسف إلى شراء الخبز من نساء أخريات، ذهب أحمد، الشاب الثلاثيني، للسؤال عنها فاكتشف أن عناصر من مكتب البلدية الذي يديره الانقلابيون الحوثيون صادروا بضاعتها على مدى يومين متتاليين، ومنعوها من مزاولة عملها الذي تعيش منه، متسببين بمديونية كبيرة للنساء اللواتي يسلمنها خبزهن لبيعه، ليرفضن التعامل معها لاحقاً.
وحسب الشاب الثلاثيني، فإن أم يوسف تعيش رفقة ابنتها القاصر، محاولةً توفير ما يتيسر لها من متطلبات الحياة وإبقاء ابنتها في المدرسة، إلا أن صعوبة المعيشة وممارسات الانقلابيين الحوثيين تمنعها من مواصلة هذه المهمة. وحالة أم يوسف ليست نادرة أو استثنائية، إذ يواجه كبار السن في اليمن أوضاعاً مأساوية، مما دفع بمنظمة دولية مختصة في مساعدة كبار السن للمطالبة بحقوقهم؛ إلى إجراء بحث حول أثر الأزمة والحرب في اليمن عليهم، ضمن دراسة شملت 10 دول، لتكشف عن تعرض 1.65 مليون منهم لخطر المجاعة.
ومنذ أسابيع اعتدى قيادي حوثي في محافظة ريمة (نحو 200 كلم جنوب غربي العاصمة صنعاء) على امرأتين مسنتين، الأم السبعينية وابنتها الخمسينية، مستقوياً بجماعته، ومستغلاً عدم وجود أقارب للذود عنهما سوى شاب مريض تقومان برعايته وإعالته. وجاء اعتداء القيادي الحوثي على المرأتين بعد أن حاول استغلال وضعهما المعيشي للاستيلاء على أرض تملكانها، ما دفعهما إلى اللجوء للقضاء الذي أنصفهما، إلا أن القيادي الحوثي عرض عليهما التنازل عن الأرض بمقابل مادي بخس. وبسبب استمرار رفضهما أقدم على الاعتداء عليهما بإلقائهما من سطح منزلهما، متسبباً لهما بكسور وجروح خطيرة.
وأكدت الدراسة التي أعدتها منظمة «هلب إيج» أن كبار السن في اليمن يتأثرون بشكل خاص بارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، ويضطر معظمهم إلى تخفيض استهلاكهم من الطعام وتقليل مشترياتهم منه، بينما تلجأ النساء المسنات إلى الصيام لأوقات طويلة قد تمتد لأكثر من يوم لتمكين أطفالهن أو أحفادهن من تناول كفايتهم من الطعام. وبينما يضطر بعض المسنات إلى التسول من أجل تدبير المبالغ التي تمكّنهم من شراء الطعام، وفقاً للدراسة، فإن الغالبية من كبار السن في اليمن اختاروا التوقف عن زيارة الأطباء والمستشفيات للحصول على الرعاية الصحية بسبب ارتفاع أسعار الوقود وتكلفة النقل، وتحولوا إلى استهلاك أدوية منخفضة التكلفة ورديئة الجودة. ويختار عدد كبير من كبار السن اليمنيين بيع أثاث وحاجيات منازلهم إلى جانب الأشياء الثمينة مثل المجوهرات، لكسب بعض الدخل وتلبية احتياجاتهم الأساسية، إلا أن كل هذه التدابير لا تمنع تراكم ديونهم لدى محلات البقالة والسوبر ماركت والصيدليات، دون توفر وسائل لسداد هذه الديون.
وطبقاً للدراسة التي جاءت ضمن مشروع «تأثير أزمة الغذاء والوقود والتمويل العالمي في 10 دول مختلفة على كبار السن الذين غالباً ما يتم تجاهلهم»، جاء اليمن في المرتبة السابعة بين هذه الدول. وحثت الدراسة الحكومة اليمنية على «اتباع استراتيجيات يمكن من خلالها التخفيف من الصعوبات التي يواجهها كبار السن»، ودعتها إلى «التحرك العاجل رفقة المجتمع الدولي لتخفيف معاناة كبار السن، وإيلاء حصول كبار السن على الغذاء والدواء أهمية كافية». ودعت إلى «توفير مساحة للاستماع لأصوات كبار السن ومخاوفهم، وإنشاء شراكات مجتمعية وتقديم التوجيه المجتمعي لتحسين حياتهم، وأن تشمل برامج المساعدة الوطنية والدولية كبار السن من بين الفئات الأكثر ضعفاً والتي تجب تلبية احتياجاتها».
وتسببت الحرب في اليمن بتوسيع رقعة البطالة وفجوة سوق العمل، حيث رحبت سوق العمل بتوجه كبار السن والأطفال إليها على حساب الفئات العمرية الواقعة بينهما، ويرجع ذلك -حسب خبراء اقتصاديين- إلى قبول هاتين الفئتين السنّيتين بالأجور المتدنية والشروط المعقدة لظروف العمل. ووفق إحصاءات حكومية فإن أكثر من 80 في المائة من الفقراء اليمنيين يعيشون في الريف حيث يعتمدون على العمل في الزراعة، والتي يعمل فيها أقل من تلك النسبة بنحو 10 في المائة، ويعد أكثر من نصف هؤلاء من كبار السن الذين يرتبطون بالزراعة، بخلاف الشباب الذين يبحثون عن فرص التعليم والوظائف المرتبطة بالصناعة والتجارة.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
TT
20

مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)

حفّز تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أزمة سلسلة محال «بلبن»، التي أثارت ضجة كبيرة الأيام الماضية، قطاعات واسعة من المصريين، التمسوا حل مشاكلهم عند رئيس البلاد.

ووجَّه مصريون استغاثات مرئية ومكتوبة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يطلبون فيها تدخل الرئيس لحل شكاوى «يُفترض حلها على مستويات تنفيذية أقل»، وهو ما دعا برلمانيون لمطالبة الجهات المعنية بـ«التخفيف عن كاهله».

كانت السلطات المصرية قد أغلقت سلاسل محال «بلبن» للحلوى، وأرجعت ذلك إلى «استخدام مكونات ضارة»، و«عدم استيفاء الأوراق الرسمية لتشغيل بعض الفروع»، وهو ما دعا الشركة إلى نشر استغاثة للرئيس السيسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في 18 أبريل (نيسان) الحالي، مشيرة إلى أن غلق 110 فروع لها يضر بنحو 25 ألف عامل وعائلاتهم.

وفي اليوم التالي، أعلن مجلس الوزراء المصري، وفق «توجيهات رئاسية»، عن التواصل مع مالكي السلسة لعقد اجتماع تنسيقي لإيضاح الإجراءات التصحيحية والوقائية المطلوب اتخاذها نحو إعادة النشاط في حال توفيق وتصحيح الأوضاع في أقرب وقت، وهو ما دعا الشركة لتوجيه رسالة شكر إلى الرئيس.

ومع سرعة حل الأزمة، توالت الاستغاثات الموجهة إلى السيسي، كل يلتمس حل أزماته عند بابه، بداية من أهالي قرية سرسنا في محافظة الفيوم جنوب العاصمة الذين شكوا إليه «قلة المشروعات» في القرية، وأزمة المواصلات بها، مروراً بمعلمين تتعاقد معهم وزارة التربية والتعليم بنظام «الحصة»، مطالبين بتعيينهم.

وصمم المعلمون شعاراً لحملتهم على غرار تصميم شعار محل «بلبن»، وبألوانه نفسها.

وكتب المعلم تامر الشرقاوي على مجموعة تواصل خاصة بهذه الفئة من المدرسين أنهم يريدون أن يرسلوا استغاثة للرئيس للاهتمام بقضيتهم على غرار ما حدث مع شركة «بلبن»، وهو اقتراح لاقى تفاعلاً كبيراً.

شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)
شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)

ولم تقتصر الاستغاثات على طلبات موجهة من مجموعات، فكانت بعضها شخصية، مثل استغاثة وجهها الدكتور جودة عواد بعد صدور قرار من نقابة الأطباء يمنعه من مزاولة المهنة لمدة عام، لـ«ترويجه عقاقير» عبر صفحاته، واستخدامه «أساليب جديدة في التشخيص والعلاج لم يكتمل اختبارها بالطرق العلمية»، حسب بيان وزارة الصحة.

وناشد عواد الرئيس بالتدخل لرفع «الظلم عنه»، وقال إن «صفحات استغلت صورته وركَّبت فيديوهات تروج للأدوية».

وحملت بعض المناشدات اقتراحات مثل عودة «عساكر الدورية» ليجوبوا الشوارع، مع زيادة الحوادث، حسب استغاثة مصورة وجهها أحد المواطنين للرئيس عبر تطبيق «تيك توك».

وبينما أقر أعضاء بمجلس النواب بحقيقة أن تدخل الرئيس يسرع بالحل فعلياً، أهابوا بالقطاعات المختلفة سرعة التحرك لحل المشاكل المنوطة بها تخفيفاً عن كاهله.

ومن هؤلاء النواب مصطفى بكري الذي قال إن تدخل الرئيس في بعض المشاكل وقضايا الرأي العام «يضع حداً للإشاعات والأكاذيب، ويرد الاعتبار لحقوق الناس التي يسعى البعض إلى إهدارها»، لكنه طالب الجهات المعنية عبر منصة «إكس» بالتخفيف عنه والتحرك لحل المشاكل وبحث الشكاوى.

اتفق معه النائب فتحي قنديل، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس على عاتقه الكثير من المسؤوليات والأعباء. يجب على المواطنين أن يدركوا ذلك، وألا يوجهوا كل استغاثة إليه، خصوصاً أن بعض هذه المشاكل تكون مفتعلة»، وطالب موظفي الدولة «بعدم التعنت أمام المواطنين والعمل على حل مشاكلهم».

ويرى النائب البرلماني السابق ومنسق الاتصال بأمانة القبائل والعائلات المصرية بحزب «الجبهة الوطنية»، حسين فايز، أنه على الرغم من الأعباء التي تُلقى على عاتق الرئيس بكثرة المناشدات «فإن ذلك أيضاً يعزز مكانته لدى الشارع».

وسبق أن تدخل السيسي لحل أزمات أو تحقيق آمال مواطنين بعدما ظهروا عبر مواقع التواصل أو في أحد البرامج التلفزيونية. ففي سبتمبر (أيلول) 2021، أجرى اتصالاً على القناة الأولى المصرية، عقب عرض تقرير مصور عن سيدة تعمل في مهنة «الحدادة» لإعالة أسرتها وتطلب توفير شقة، وهو ما استجاب له الرئيس.

ويعدّ أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، أن نمط توجيه استغاثات إلى الرئيس «راسخ في المجتمع المصري»، إيماناً بأن مجرد تدخله سيحل المشاكل فوراً. وعدّ أن ذلك يعكس «مركزية الدولة».