مصر: تجدُّد الجدل حول «الطلاق الشفهي» بعد تصريحات لشيخ الأزهر

قال إن تغيير حكمه يحتاج إلى «إجماع شرعي جديد»

أحمد الطيب شيخ الأزهر (المركز الإعلامي لمشيخة الأزهر)
أحمد الطيب شيخ الأزهر (المركز الإعلامي لمشيخة الأزهر)
TT

مصر: تجدُّد الجدل حول «الطلاق الشفهي» بعد تصريحات لشيخ الأزهر

أحمد الطيب شيخ الأزهر (المركز الإعلامي لمشيخة الأزهر)
أحمد الطيب شيخ الأزهر (المركز الإعلامي لمشيخة الأزهر)

جدد حديث شيخ «الأزهر الشريف» الدكتور أحمد الطيب، بأن «تغيير حكم (الطلاق الشفهي) يحتاج إلى (إجماع شرعي جديد)» الجدل في مصر من جديد بشأن «الطلاق الشفهي» الذي تتداخل فيه الآراء الدينية مع الأبعاد والمتطلبات الاجتماعية.
وقال شيخ الأزهر إن «هيئة كبار العلماء (أعلى هيئة دينية في الأزهر) تُشجع على توثيق الطلاق، وتطالب بسن قانون يُلزم الزوج بالتوثيق؛ لكنها لا تستطيع أن تُفتي بأن الطلاق المستوفي للشروط إذا صدر من الزوج من دون إشهاد أو توثيق لا يقع كأنه لم يكن؛ بل ترى أن هذا الرأي مُخالف لما استقر عليه جمهور فقهاء أهل السنة، بل جمهور المسلمين، وأن مذاهب الفقه التي يجري عليها العمل في أقطار أهل السنة، والتي تُدرَّس في الأزهر منذ أكثر من ألف عام ليس فيها هذا الرأي».
وتأتي الإفادة الأحدث لشيخ الأزهر، بعد أقل من شهر على إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن المضيّ في مسار تعديلات قانونية يجري إعدادها تُلزم بـ«توثيق الطلاق» لتأكيد وقوعه بين الزوجين، مؤكداً أنه «لن يتم الاعتداد بأي إجراء يتعلق بالطلاق» ما لم يتم توثيقه.
ويرى الرئيس المصري أن تلك المساعي للاعتداد بـ«الطلاق الموثق» فقط تحدّ من «التفكك الأسري» والتبعات الاجتماعية للطلاق، لافتاً إلى أنه «لن يتم عمل إي إجراء مخالف للشرع».
وأكد الطيب خلال تصريحات متلفزة عبر برنامجه الرمضاني اليومي (مساء الخميس)، أنه «إذا أردنا أن نناقش هذا الأمر، ونصل فيه إلى رأي جديد شرعاً؛ فلا مفر من عقد مؤتمر عالمي يضم علماء متخصصين ممثلين لدول العالم الإسلامي، للنقاش، والانتهاء إلى رأي يصبح هو الرأي المُعتمد بالإجماع أو الأغلبية، إذ من المعلوم أن ما ثبت بالإجماع لا يتغير إلا بإجماع مماثل».

وأُثير الجدل بشأن عدم وقوع «الطلاق الشفهي» للمرة الأولى منذ نحو 5 سنوات عندما تحدث الرئيس المصري عنه في محفل عام، وسؤاله علانية لشيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، بشأن مدى توافق الفكرة مع الشريعة الإسلامية، وردّ الأخير بأنه «غير جائز»، وكررت «هيئة كبار العلماء» التابعة للأزهر تأكيد موقف شيخه في بيان رسمي.
ووفق رئيس تحرير صحيفة «صوت الأزهر» (الناطقة باسم مشيخة الأزهر الشريف)، أحمد الصاوي، فإن «الموقف الذي اتخذته هيئة كبار العلماء في مسألة (الطلاق الشفوي) هو موقف يُعبر عن إجماع المذاهب الفقهية المُعتبرة، والإجماع -حسب المنهج الأزهري- هو أحد المصادر الأساسية للتشريع الإسلامي».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «اقتراح شيخ الأزهر عقد مؤتمر عالمي هو دعوة لطرح المسألة لنقاش أوسع مع علماء العالم الإسلامي للوصول إلى رأي مُعتمد، يعبّر عن إجماع جديد وعصري، سواء ذهب هذا الإجماع إلى تأييد الإجماع السابق أو غير ذلك».
وبلغ عدد حالات الطلاق عام 2021 نحو 245 ألفاً و777 حالة طلاق، وفق تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بينما كان عام 2020 نحو 222 ألف حالة. وحسب التقرير الذي صدر في أغسطس (آب) الماضي، «تحدث حالة طلاق واحدة كل دقيقتين في مصر، و25 حالة في الساعة». لكنّ وزير العدل المصري عمر مروان، قال، الشهر الماضي، إن ثمة «أخطاء حسابية وإحصائية اكتنفت عمليات الرصد ويجري العمل على تصحيحها».
وشدد الصاوي على أن «الأزهر ليس مُعترضاً على توثيق الطلاق؛ بل دعا مبكراً إلى سن تشريعات تُلزم الزوج بالتوثيق وتفرض عليه عقوبات؛ إذا ماطل أو امتنع في توثيقه». وتابع الصاوي: «لكن الأزهر لا يتفق مع الآراء المغايرة المطروحة، مثل (أن الطلاق الشفهي المُكتمل الأركان والشروط، والصادر عن الزوج بإرادة واعية، من دون ثمة ضغط من أي نوع) لا يقع، وهو القول الذي يختلف معه الأزهر الشريف، استناداً إلى ما أقرته المذاهب الفقهية المُعتبَرة التي تُدرس في أروقته».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


عقود من الرّيادة السعودية في فصل التوائم

TT

عقود من الرّيادة السعودية في فصل التوائم

جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)
جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)

بينما تتواصل جلسات «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»، بالعاصمة السعودية الرياض لليوم الثاني، أظهرت ردهات المكان، والمعرض المصاحب للمؤتمر بما يحتويه، تاريخاً من الريادة السعودية في هذا المجال على مدى 3 عقود، وفقاً لردود الفعل من شخصيات حاضرة وزوّار ومهتمّين.

جانب من المعرض المصاحب لـ«المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)

 

على الجهة اليُمنى من مدخل مقر المؤتمر، يكتظ المعرض المصاحب له بالزائرين، ويعرّج تجاهه معظم الداخلين إلى المؤتمر، قُبيل توجّههم لحضور الجلسات الحوارية، وبين مَن يلتقط الصور مع بعض التوائم الموجودين ويستمع لحديثٍ مع الأطباء والطواقم الطبية، برزت كثير من المشاعر التي باح بها لـ«الشرق الأوسط» عددٌ من أشهر حالات التوائم السياميّة التي نجحت السعودية في عمليات فصلها خلال السنوات الأخيرة.

 

«أعمل في المستشفى حيث أُجريت عملية فصلنا»

السودانيتان التوأم هبة وسماح، من أوائل التوائم الذين أُجريت لهم عمليات الفصل قبل 3 عقود، وقد عبّرتا لـ«الشرق الأوسط» عن فخرهما بأنهما من أولى الحالات الذين أُجريت عملية فصلهما في السعودية.

قالت هبة عمر: «مَدّتنا عائلتنا بالقوة والعزيمة منذ إجرائنا العملية، وهذا الإنجاز الطبي العظيم ليس أمراً طارئاً على السعودية، وأرجو أن يجعل الله ذلك في ميزان حسنات قيادتها وشعبها».

 

التوأم السيامي السوداني هبة وسماح (تصوير: تركي العقيلي)

أما شقيقتها سماح عمر فتضيف فصلاً آخر من القصة :«لم نكن نعرف أننا توأم سيامي إلّا في وقت لاحق بعد تجاوزنا عمر الـ10 سنوات وبعدما رأينا عن طريق الصّدفة صورة قديمة لنا وأخبرنا والدنا، الذي كافح معنا، بذلك وعاملنا معاملة الأطفال الطبيعيين»، وتابعت: «فخورون نحن بتجربتنا، وقد واصلنا حياتنا بشكل طبيعي في السعودية، وتعلّمنا فيها حتى أنهينا الدراسة الجامعية بجامعة المجمعة، وعُدنا إلى السودان عام 2020 شوقاً إلى العائلة ولوالدتنا»، وبعد اندلاع الحرب في السودان عادت سماح إلى السعودية لتعمل في «مستشفى الملك فيصل ومركز الأبحاث»، وهو المستشفى نفسه الذي أُجريت لها ولشقيقتها فيه عملية الفصل.

ووجهت سماح عبر «الشرق الأوسط» رسالةً إلى التوائم السيامية طالبتهم فيها باستكمال حياتهم بشكل طبيعي: «اهتموا بتعليمكم وصحتكم؛ لأن التعليم على وجه الخصوص هو الذي سيقوّيكم لمواجهة صعوبة الحياة».

 

«وجدتُ العلاج في السعودية»

بوجهين تغشاهما البراءة، ويشع منهما نور الحياة، بينما لا يتوقع من يراهما أن هاتين الطفلتين قد أجرتا عملية فصل؛ إذ تظهرا بصحة جيدة جداً، تقف الباكستانيتان التوأم فاطمة ومشاعل مع أبيهما الذي يتحدث نيابةً عنهما قائلاً :«بحثت في 8 مستشفيات عن علاج للحالة النادرة لفاطمة ومشاعل، ولم أنجح في مسعاي، وعندما رفعت طلباً إلى الجهات الصحية في السعودية، جاء أمر العلاج بعد شهرين، وتوجهت إلى السعودية مع تأشيرة وتذاكر سفر بالإضافة إلى العلاج المجاني. رافقتني حينها دعوات العائلة والأصدقاء من باكستان للسعودية وقيادتها على ما قدمته لنا».

التوأم السيامي الباكستاني فاطمة ومشاعل (تصوير: تركي العقيلي)

 

«السعودية بلد الخير (...) فاطمة ومشاعل الآن بأفضل صحة، وأصبحتا تعيشان بشكل طبيعي مثل أخواتهما الثلاث الأخريات»؛ يقول الوالد الباكستاني... «أشكر القيادة السعودية والشعب السعودي الطيب والدكتور عبد الله الربيعة على الرعاية التي تلقيناها منذ كان عمر ابنتيّ عاماً واحداً في 2016».

وقبل أن تغادرا الكاميرا، فاضت مشاعر فاطمة ومشاعل بصوتٍ واحد لميكروفون «الشرق الأوسط»: «نحن فاطمة ومشاعل من باكستان، ونشكر السعودية والملك سلمان والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، والدكتور عبد الله الربيعة».

 

عُماني فخور بالسعودية

أما محمد الجرداني، والد العُمانيتين التوأم صفا ومروة، فلم يُخفِ شعوره العارم بالفخر بما وصلت إليه السعودية من استخدام التقنيات الحديثة في المجال الطبي حتى أصبحت رائدة في هذا المجال ومجالات أخرى، مضيفاً أن «صفا ومروة وُلد معهما شقيقهما يحيى، غير أنه كان منفرداً».

الجرداني وهو يسهب في الحديث لـ«الشرق الأوسط»، وسط اختلاط المشاعر الإنسانية على وجهه، أكّد أن صحة ابنتيه اليوم «في أفضل حالٍ بعدما أُجريت لهما عملية الفصل في السعودية عام 2007، وأصبحتا تمارسان حياتهما بأفضل طريقة، ووصلتا في دراستهما إلى المرحلة الثانوية»، وأضاف: «نعزو الفضل في ذلك بعد الله إلى الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، ثم الملك سلمان، والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، اللذين واصلا المسيرة الإنسانية للسعودية... وصولاً إلى هذا المؤتمر، وتحديد يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عامٍ (يوماً للتوائم الملتصقة)».

الجرداني أشاد بجهود الدكتور عبد الله الربيعة في قيادة الفرق الطبية المختصة، وقال إنه «مدين بالشكر والعرفان لهذا المسؤول والطبيب والإنسان الرائع».

المؤتمر الذي يُسدَل الستار على أعماله الاثنين ينتشر في مقرّه وبالمعرض المصاحب له عدد من الزوايا التي تسلّط الضوء على تاريخ عمليات فصل التوائم، والتقنيات الطبية المستخدمة فيها، بالإضافة إلى استعراضٍ للقدرات والإمكانات الطبية الحديثة المرتبطة بهذا النوع من العمليات وبأنشطة «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية».