يعود المخرج لوسيان بو رجيلي في عمل مسرحي بعنوان «حبيبة قلبي إنتِ». وتأتي هذه العودة إلى الخشبة بعد غياب عنها منذ نحو 8 سنوات. فالسينما استحوذت على انشغالاته في هذه الفترة وشكّل فيلمه «غداء العيد» واحداً من أبرزها. وكان بو رجيلي قد اختير في عام 2012 من قبل «سي إن إن» واحداً من ثمانية من أكثر الأشخاص ابتكاراً من الذين تركوا أثراً في لبنان والعالم. وبعدها قدم مسرحية «بتقطع أو ما بتقطع؟» التي حظرت من العرض للعامة من الأمن العام اللبناني. كما رُشِحَ لجائزة «حرية التعبير» السنوي لعام 2014 في مركز «باربيكان» في العاصمة البريطانية لندن من قبل منظمة «المؤشّر على الرقابة». ومن أحدث مسرحياته «أمة زائلة»، التي عرضت في مركز فنون باترسي في لندن باعتبارها جزءاً من مهرجان لندن للمسرح في عام 2014 وتناول فيها اتفاقية «سايكس بيكو».
اليوم يعود بو رجيلي مع مسرحية وصفها بأنها «كوميديا سوداء تحكي عن رجل استفاق من نومه ليجد نفسه معصوب العينين ومكبلاً من قبل امرأة ترفض إطلاق سراحه». يبدأ عرض المسرحية في 20 أبريل (نيسان) الجاري على مسرح مونو لتستمر لغاية 7 مايو (أيار). ويقول بو رجيلي الذي كتبها وأخرجها لـ«الشرق الأوسط» عن عودته هذه: «المسرح في بالي دائماً ولكن هناك قصصاً تصلح لتتحول إلى فيلم سينمائي وأخرى لتصبح مسرحية أو كتاباً. وهذه المرة وجدت أن القصة تلائم الخشبة إذ سيتفاعل معها الحضور وكأنهم يعيشونها مع بطلي العمل طارق أنّيش وفرح شاعر».
ويرى بو رجيلي أن الحركة التي يشهدها المسرح حالياً في لبنان كانت متوقعة بعد فترة من الحجر والابتعاد عن الناس بسبب الجائحة. فالمسرح «يتيح للناس التلاقي والتحدث قبل موعد العرض وبعده. كما أن الناس اشتاقت للتفاعل الذي يحدثه العمل المسرحي عندهم. ولعل بقاء المسرح واستمراريته مهما بلغ من مصاعب، فلأنه يبقي الناس على تماس مع بعضهم البعض. كما أن هناك أشخاصاً يحبون أن يشاركوا الممثل في لحظة الولادة لعمل مسرحي يقدمونه. فللمسرح سحره وتأثيره على الناس مغاير تماماً لعمل مصور مسبقاً».
في مسرحية «حبيبة قلبي إنتِ» سنشاهد علاقة بين رجل وامرأة وكيف تتفاعل بينهما اجتماعياً. «سنرى هذه العلاقة من منظار المكان الذين يوجدون فيه. فجغرافيا لبنان متنوعة وتؤثر على كل واحد منا بطريقة وبأخرى. فهما أيضاً سيتأثران بمكانهما ويتفاعلان معه. ويسود الغموض العمل بحيث يبدأ يتكشفه مشاهدها على التوالي. فكأنه يقلب صفحة وراء الأخرى كي يستوعب القصة. فهي تنطلق من مطرح لتصل آخر، فنرى من يسيطر في هذه العلاقة أكثر من الثاني».
في رأي بو رجيلي أن ما يدور في هذه المسرحية يشبه إلى حد كبير «ما يدور في البيوت بين الجدران ونعتقد أنه لن يصل إلى الخارج. فالناس تعتقد أن الداخل لا يمت إلى صلة بالخارج فلا يتأثر به. ولكن سنكتشف في المسرحية أن العكس صحيح وتكون اللحظة صادمة جداً».
وضعت ديكور المسرحية ميريام حب الله فيما تولى عملية الإضاءة فيها هاغوب درغوغاسيان. ويشير لوسيان بو رجيلي إلى أنه سعيد لمشاركتها مع الناس وهو ينتظر بحماس ردود فعلهم تجاهها.
يتابع بو رجيلي العروض المسرحية في بيروت ومن بينها «ورد وياسمين» و«رايحين جايين» و«شجرة التين» و«شي متل الكذب» وغيرها. ويعلق: «من الجيد حضور المسرح اليوم في يومياتنا. وأنا شخصياً أحببت أن أقدم للجمهور عملاً يتطلب منهم التفكير والتحليل. فأي عمل يمكن أن يوعي مشاعر وأفكاراً عدة ويعبئ الفراغات عندنا يفعّل هذه العلاقة بيننا وبين المسرح». من وجهة نظر بو رجيلي فالمسرح يملك دون شك ناحيته الترفيهية. ولكنه في الوقت نفسه يتيح الفرص للتعرف إلى مشاعر وأشياء، نحب اختبارها في ساعة من الوقت. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «يأخذنا العمل المسرحي إلى عالم جديد قد لا يتوفر دخولنا إليه بشكل دائم. فننسى الوقت والواقع للحظة ونتفاعل معه».
كونه كتب هذه المسرحية وأخرجها فهذا لا يعني أن المهمة تكون أسهل أو أصعب. ويوضح: «المسؤولية تتضاعف عندما تتعلق بالمهمتين إذ يجب أن تكوني على مسافة من النص كي تترجمينها بأفكار إخراجية. وقد يتطلب مني الأمر التعديل بالنص، وكذلك في مراجعاتي وتمريناتي مع الممثلين. فمسرحية (حبيبة قلبي إنتِ) هي كناية عن (ست آب) حميم سيلمسه الجمهور عن قرب. فيشعر وكأنه يجلس مع الممثلين وبينهم وكأنه واحد منهم. وهذه الخصوصية بإمكانها أن يترجمها الجو الإخراجي».
لوسيان بو رجيلي لـ«الشرق الأوسط»: المسرح ينسينا الواقع للحظات فنتفاعل معه
بعد أن أخذته السينما يعود في مسرحية «حبيبة قلبي إنتِ»
لوسيان بو رجيلي لـ«الشرق الأوسط»: المسرح ينسينا الواقع للحظات فنتفاعل معه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة