أسهمت زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري في إعطاء دفعة جديدة لمسار تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا، وكشفت عن استعداد البلدين للاستمرار في هذا المسار، وتعزيز التشاور والتنسيق بشأن القضايا الإقليمية والدولية.
وبدا أن نهج التدرج المصري في التعامل مع ملف تطبيع العلاقات مع أنقرة بعد ما يقرب من 10 سنوات من التوتر السياسي على خلفية سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر ودعمهم من جانب تركيا، وهو ما انعكس في إعلان الوزيرين في مؤتمر صحافي عقب مباحثاتهما في أنقرة الخميس الاتفاق على المضي قدماً في تحسين العلاقات واتخاذ خطوات بتوقيتات محددة لإعلان تبادل تعيين السفراء وعقد قمة بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي ورجب طيب إردوغان.
ورغم استباق جاويش أوغلو زيارة نظيره المصري وإعلان أنها قد تشهد الإعلان عن تبادل السفراء وعدم انتظار لقاء الرئيسين الذي قد يعقد بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا في 14 مايو (أيار) المقبل، والإعلان عن ذلك خلال زيارة شكري، قال الوزير التركي خلال المؤتمر الصحافي: «نعمل على اتخاذ خطوات ملموسة لرفع مستوى التمثيل الدبلوماسي في الفترة المقبلة، وسنعلن بشكل مشترك عن تفاصيل كل خطوة في وقتها، وأود أن أؤكد أنه ليست هناك مشكلة».
وأكد أن هناك توافقاً مع مصر في وجهات النظر حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأزمة السورية والوضع في ليبيا.
وندد بشدة بالممارسات الإسرائيلية والانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل في المسجد الأقصى، كما أكد ضرورة الامتناع عنها والتوجه إلى استئناف العملية السياسية على أساس حل الدولتين، وتطابق وجهات النظر مع مصر في هذا الشأن.
وقال جاويش أوغلو: «إننا نريد أن نملأ الصفحة الجديدة التي فتحناها مع مصر بمشاريع مشتركة وقصص نجاح»، مشيراً إلى أن حجم التجارة بين البلدين في نمو مستمر، كما يجري بحث استئناف «خط الرورو» بين ميناء مرسين والموانئ المصرية.
ومن جانبه، عبر وزير الخارجية المصري، سامح شكري، عن سعادته بتوالي اللقاءات من أجل تفعيل آليات تحسين العلاقات المصرية التركية، قائلاً إننا ناقشنا العديد من القضايا، في مقدمتها العلاقات الثنائية، وتذليل العقبات التي تحد من تطورها، ورغبة البلدين في تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية وتوسيعها على أرضية راسخة من العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين ولصالح الاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي، وبما يعود بالنفع على شعبي البلدين.
وأضاف شكري: «اتفقنا على استمرار الوتيرة السريعة للقاءات والمباحثات في إطار محدد وبما يؤدي إلى الارتقاء بمستوى العلاقات الدبلوماسية خلال قمة لرئيسي البلدين نعد لها لتتويج جهود توطيد العلاقات المصرية التركية... واتفقنا على توقيتات محددة ملائمة للإعلان عن تبادل تعيين السفراء، وكذلك قمة الرئيسين، ونقوم ببحث التفاصيل الخاصة بهذه التوقيتات والتوافق عليها باستمرار».
وتابع أنه تم خلال المباحثات تناول العديد من القضايا، في مقدمتها القضية الفلسطينية والوضع في القدس والجهود المبذولة لإنهاء التوتر، مؤكداً ضرورة استئناف عملية السلام وتحقيق حل الدولتين على أساس الالتزام بحدود 4 يونيو (حزيران) 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس من أجل حماية حقوق الفلسطينيين، ويمكن لمصر وتركيا العمل معاً في هذا الاتجاه.
وبالنسبة لليبيا، قال شكري إن هناك «اتفاقاً بين مصر وتركيا على ضرورة العمل من أجل إجراء انتخابات حرة ونزيهة وتحقيق الاستقرار والرفاهية للشعب الليبي. لدينا إرادة مشتركة بخصوص ليبيا ونتفق على ضرورة تشكيل حكومة تعكس إرادة الشعب وتحافظ على وحدة أراضي ليبيا». كما اتفقنا على العمل سوياً «من أجل الوصول إلى حل في سوريا يضمن وحدة أراضيها، ويحقق الاستقرار لشعبها. وتناولنا العديد من القضايا الإقليمية والدولية، ونؤكد على وجود الأرضية الصالحة للتشاور بين البلدين حول مختلف القضايا».
من جانبه، أكد جاويش أوغلو التوافق مع موقف مصر بالنسبة لليبيا، قائلاً إننا «نرى أن هناك إمكانات كبيرة للتعاون بين البلدين سواء بالنسبة للانتخابات أو التدريب المشترك للقوات الليبية، والقضاء على أي هواجس أمنية لمصر على حدودها الغربية، ومن الآن فصاعداً سنعمل على توثيق التعاون بشأن ليبيا».
وأضاف: «كذلك بالنسبة لسوريا، هناك اتفاق بيننا وبين مصر بشأن ضرورة نجاح العملية السياسية وتحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة الأراضي السورية والقضاء على التنظيمات الإرهابية التي تشكل خطراً على أمن تركيا».
ورداً على سؤال حول التعاون الاقتصادي والتجاري، أكد شكري أن هناك تعاوناً كبيراً بين البلدين، وهناك اتفاقية للتجارة الحرة، وهناك مشروعات لتركيا في مصر ومتاح أمامها أيضاً إقامة مشروعات جديدة في المناطق الصناعية مثل المنطقة الصناعية حول قناة السويس. ورأى أن تخفيف التوتر وحل المشاكل بين دول المنطقة من شأنه تعزيز التفاهم بشأن قضايا المنطقة وتحقيق الرفاهية لشعوبها.
وأكد جاويش أوغلو وجود نقاط مشتركة كثيرة مع مصر، وأنه يمكن إنشاء شراكات بينهما في المرحلة المقبلة.
وعن التعاون بشأن الطاقة والغاز الطبيعي مع مصر، قال شكري إن هناك آفاقاً للتعاون بين البلدين في هذا المجال. وقال جاويش أوغلو إن الحرب في أوكرانيا لو استمرت ستكون هناك أزمة طاقة عالمية، مشيراً إلى أن تركيا تجاوزت الآن المتوسط العالمي في إنتاج الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح)، و«إذا تعاونا كدولتين شقيقتين، فسوف ندعم بعضنا البعض وسوف تتطور صادراتنا أيضاً».
وأضاف: «لا شك في أن لدينا تعاوناً في مجال الطاقة. تركيا من أكثر الدول التي تستورد الغاز الطبيعي المسال من مصر، ولديها استثمارات هناك، ونريد زيادة التعاون في جميع المجالات. خاصة في مجال الطاقة، وهذا أيضاً في مجال الطاقة المتجددة، ونقوم حالياً بدراسة كيفية نقل الغاز الطبيعي المصري إلى تركيا، حيث إن مصر غنية به، وتركيا تسعى لأن تكون مركزاً لتوزيع الطاقة في العالم والاستثمار في مجال الطاقة النظيفة، والحاجة تتزايد للطاقة، ونحن نسعى للتعاون في هذا المجال».
لقاء السيسي ـ إردوغان ينتظر تبادل السفراء
زيارة شكري لأنقرة أكدت الرغبة في مواصلة التطبيع والتوافق على قضايا المنطقة
لقاء السيسي ـ إردوغان ينتظر تبادل السفراء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة