النيابة الليبية تحقق مع أميركي بتهمة «التبشير بالمسيحية»

«الأمن الداخلي» رفض وصف واشنطن له بـ«الميليشيا» بعد ضبطه

عناصر من إدارة المهام الخاصة التابعة لوزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة (وزارة الداخلية)
عناصر من إدارة المهام الخاصة التابعة لوزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة (وزارة الداخلية)
TT

النيابة الليبية تحقق مع أميركي بتهمة «التبشير بالمسيحية»

عناصر من إدارة المهام الخاصة التابعة لوزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة (وزارة الداخلية)
عناصر من إدارة المهام الخاصة التابعة لوزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة (وزارة الداخلية)

تصاعدت ردود الفعل في ليبيا بعد القبض على مواطن أميركي، في العاصمة طرابلس، بتهمة «التبشير بالمسيحية»، بالإضافة إلى توقيف قوات الأمن لليبيَين (رجل وفتاة) لقيامهما بـ«نشر الإلحاد».
وقال جهاز الأمن الداخلي بطرابلس، اليوم (الخميس) إن الأميركي الذي رمزت إلى اسمه بـ(S. B. O) ويعمل مساعد مدير مركز «جيت وي» لتدريس اللغة الإنجليزية في طرابلس، اتضح أنه «يمارس التبشير؛ ويعمل هو وزوجته كفريق تابع لمنظمة (جمعيات الله ASSEMBLIES OF GOD) لنشر المسيحية في البلاد».
وزاد الجهاز أنهما «يعملان على استقطاب أبناء شعبنا المسلم بإغوائهم ببعض المزايا والوعود الواهية للوصول لمبتغاهم؛ وهو إفساد عماد المجتمع الليبي والتشكيك في عقيدته، إلا أنهما فشلا في تمرير مخططاتهما كما فشل الذين من قبلهم، ومن سيعقبهم مهما تعددت دسائسهم واختلفت أدواتهم».
وعقب توقيف المواطن الأميركي، قبضت السلطات الأمنية على رجل وفتاة ليبيين، بتهمة «خروجهما عن الدين والترويج للإلحاد»، وقال جهاز الأمن الداخلي، إن الفتاة التي رمز إلى اسمها بـ(ا. ع. ت) ليبية الجنسية، «استُقطبت في سن المراهقة في عمر الخامسة عشرة واعتنقت المسيحية وروجت لها».
وكانت عناصر قسم التحري بالإدارة العامة لمكافحة «الأنشطة المضادة والأفعال الإجرامية»، ألقت القبض على ليبي يسمى «م. ع. م» لاتهامه أيضاً بالخروج عن الدين الإسلامي والترويج للإلحاد. وقال قسم التحري التابع لوزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، إن النيابة العامة قررت حبس المواطن «بعد إقراره بكل ما هو منسوب إليه من أفعال، وما زال البحث مستمرا عن بقية المطلوبين».
وفور إعلان جهاز الأمن الداخلي عن توقيف المواطن الأميركي في طرابلس منتصف الأسبوع الماضي، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، لقناة «سي إن إن» إن بلاده على علم بعملية احتجاز أحد مواطنيها من قبل ميليشيا في طرابلس، وقال إن «الخارجية وسفاراتنا وقنصلياتنا في الخارج ليس لديها أولوية أكبر من سلامة وأمن مواطني الولايات المتحدة في الخارج».
وقال مصدر بمكتب النائب العام لـ«الشرق الأوسط» إن النيابة العامة «بصدد التحقيق مع المواطن الأميركي، وإن المستشار الصديق الصور، سيعلن عن تفاصيل التحقيقات فور انتهائها».
وتباينت رود عديد الليبيين بشأن توقيف مواطنين وأجانب، لاتهامهم بـ«التبشير والإلحاد»، بين مدافعين عن «حرية الاعتقاد الديني»، ومن نظر لحملة جهاز الأمن الداخلي على أنها تستهدف «الدفاع عن الإسلام».
وقال أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، إن «ليبيا دولة مسلمة بطبيعة الحال، تحكمها القوانين والتشريعات، ولا يحق لأي دولة كانت أن تُحاول المساس بدين المجتمع وعقيدته، أو تنال من القيم المجتمعية وتهديد هذه القيم بدعوى حرية الاعتقاد الديني».
ويرى حمزة في بيان مساء (الأربعاء) أن «من حل ضيفاً على ليبيا وجب عليه الامتثال لقوانينها واحترام شعبها، وإن لم يفعل فعليه الخروج منها أو ويتحمل المسؤولية القانونية لأفعاله التي تُجرمها التشريعات والقوانين الوطنية». ونوه حمزة إلى أنه رغم التحفظ على بعض «ممارسات وتجاوزات سابقة للجهاز»، إلى أنه «أثنى على جهود ضباطه وأفراده في التعامل مع هكذا مخالفات وتجاوزات وانتهاكات للأمن القومي لليبيا والمساس بوحدة العقيدة الدينية للمجتمع الليبي».
ودافع جهاز الأمن الداخلي عن وصفه من قبل الخارجية الأميركية بأنه «ميليشيا»، وقال في بيان اليوم (الخميس) إنه «يعتبر من أقدم المكونات الأمنية للدولة الليبية، حيث تم تدشينه قبل 70 عاماً»، مشيراً إلى أن «تاريخ الجهاز يمتد منذ أيام المملكة الليبية وكان يعرف بإدارة المباحث العامة وتوالت التسميات ما بين أمن الدولة والمباحث العامة وهيئة الأمن الداخلي وجهاز الأمن الداخلي وإدارة أمن المعلومات وجهاز المباحث العامة». ونوه إلى أن الجهاز أعيدت تسميته بجهاز الأمن الداخلي، والذي يضم عناصر من الأنحاء كافة مدربة على أعلى المستويات تتسم بالانضباط وتمارس نفس الاختصاصات وإن اختلفت التسميات.
وانتهى جهاز الأمن الداخلي إلى الحديث عن تعدد اختصاصاته وفقاً لـ«التشريعات النافذة» والتي من بينها، حسب قوله «حفظ كيان الدولة، وحماية أمنها السياسي والاجتماعي والاقتصادي ومكافحة الإرهاب والظواهر الهدامة والمخاطر والتهديدات التي تستهدف قيمها الدينية والاجتماعية».
وسبق للنائب العام الليبي المستشار الصديق الصور، الكشف في مارس (آذار) 2022 عن إجراء تحقيقات مع 5 متهمين ينضوون ضمن «جماعة سرية» موسومة بحركة «التنوير» انتهى إلى «اعترافهم بأنهم يدعون لـ(الإلحاد)، ويرفضون الأديان، ويتعمدون الإساءة إلى الدين الإسلامي».
وفي التوقيت ذاته أثيرت حالة من اللغط في البلاد على خلفية إعلان الحركة الليبية وقف نشاطها بشكل نهائي في البلاد بعد اعتقال بعض أعضائها في ظروف وصفت حينذاك بـ«الغامضة».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».