لبنان «يسجل» أعلى نسبة للتضخم... وعملته «الأسوأ عالمياً»

الليرة اللبنانية «الأسوأ عالمياً» (رويترز)
الليرة اللبنانية «الأسوأ عالمياً» (رويترز)
TT

لبنان «يسجل» أعلى نسبة للتضخم... وعملته «الأسوأ عالمياً»

الليرة اللبنانية «الأسوأ عالمياً» (رويترز)
الليرة اللبنانية «الأسوأ عالمياً» (رويترز)

تكفّلت الفواتير المضاعفة للهواتف المحمولة والمستحقة عن شهر مارس (آذار) الماضي، بتحديث واقعي ومؤلم للأعباء الثقيلة التي طرأت على أكلاف الخدمات العامة على المستهلكين في لبنان، بنتيجة قرارات احتساب أغلبها وفق سعر الدولار المعتمد على منصة «صيرفة»، مما سيضاعف تأثيرها في الارتفاعات القياسية المشهودة لأرقام موجات الغلاء المتتالية بوتيرة متسارعة في لبنان.
وشهدت تكلفة الاتصالات التي تعكس نسبة تثقيل تبلغ 4.5 في المائة من المؤشر العام للغلاء، ارتفاعات حادة خلال الأشهر الماضية بعد قرار احتسابها على سعر الدولار المعتمد على منصة «صيرفة». وبلغت نسبة الارتفاع التراكمية على أساس سنوي نحو 380 في المائة حتى نهاية شهر فبراير (شباط) الماضي. علماً بأن السعر المرجعي للدولار على المنصة ارتفع مجدداً من 70 ألف ليرة إلى نحو 90 ألف ليرة.
ويبلغ الحد الأدنى الساري حالياً لتكلفة الاتصالات في لبنان نحو 7 دولارات شهرياً، حيث يرتفع المتوسط العادي مع ضرورات إضافة تكلفة الاشتراك بالباقة الأدنى للإنترنت إلى نحو 15 دولاراً. وهو ما يعني أن الفواتير الجديدة لن تقل عن نحو 1.3 مليون ليرة. فيما تفرض ضرورات التواصل وجود خطين هاتفيين على الأقل لدى كل أسرة، أي بتكلفة شهرية تتعدّى 2.5 مليون ليرة.
وبالمثل، بدأ ورود فواتير الإمداد بالكهرباء العامة، ورغم اقتصارها على ما بين 4 و6 ساعات يومياً، انطلاقاً من حد أدنى سيقارب المليوني ليرة شهرياً، مقابل رسوم الاشتراك والتأهيل المحتسبة بنحو 12 دولاراً بالحدود الأدنى، ويضاف إليها احتساب 10 سنتات أميركية لكل كيلوواط من الاستهلاك لأوّل 100 كيلو، و27 سنتاً للاستهلاك الإضافي. وهو ما يعني أن الفاتورة الأدنى ستكون نحو 22 دولاراً وفق سعر «صيرفة».
وريثما تصدر الإحصاءات الموثقة لتطور مؤشر الغلاء للشهر الماضي، ومعها حصيلة الفصل الأول من العام الحالي، يمكن بسهولة استنباط الفوارق الطارئة على فواتير الاتصالات والكهرباء وسائر الرسوم الحكومية، ربطاً بتطور سعر صرف الليرة على المنصة التي يديرها البنك المركزي، الذي سجل انهيارات دراماتيكية متتالية ترجمها ارتفاع سعر الدولار المعروض من 38 ألف ليرة إلى 87 ألف ليرة حالياً، أي بارتفاع بلغ 49 ألف ليرة ونسبته نحو 129 في المائة.
وتظهر استطلاعات ميدانية، ارتفاعات مذهلة في التكلفة الشهرية للمعيشة في لبنان، وبما يتراوح بين 40 و70 مليون ليرة، بالحد الأدنى للأسرة المكونة من 4 أفراد، فيما لا تتعدى متوسطات المداخيل الواقعية والمدعومة بالزيادات أو المنح الطارئة والمساعدات الاجتماعية مجموع 20 إلى 25 مليون ليرة شهرياً للعاملين في القطاعين العام والخاص. مع التنويه بأن نحو 20 إلى 30 في المائة من إجمالي العاملين يتقاضون رواتبهم جزئياً أو كلياً بالدولار الأميركي، مما يمنحهم قوة توازن متكافئة مع تفاقم الأكلاف المعيشية.
وتثبت هذه الفجوات صدقية التقارير الدولية بأنّ 80 في المائة من سكّان لبنان يعيشون تحت خطّ الفقر وأنّ 70 في المائة من الأشخاص يواجهون صعوبات في التأقلم مع النفقات المتزايدة. كذلك أنّ ذوي الدخل المحدود هم الأكثر تأثّراً بالأزمة، في حين أنّ شبكة الأمان الاجتماعي تعاني من قصور في التمويل.
ومن شأن الأرقام المحدثة، أن تعزز تموضع لبنان في المرتبة الأولى لمؤشر التضخم في العالم، وبالمثل صدارة الليرة لقائمة «أسوأ» العملات على مستوى الأداء السلبي حول العالم، فيما ستنتج بالتوازي ارتقاء المؤشر التراكمي للغلاء إلى ما يتعدى ثلاثة آلاف في المائة بحصيلة سنوات الأزمات المتفاقمة.
وبالأسبقية، فقد سجّل لبنان أعلى نسبة تضخّم اسميّة في أسعار السلّة الغذائيّة حول العالم بالقياس السنوي المقارن حتى نهاية الشهر الأول من العام الحالي، محققاً رقم 139 في المائة نسبة تغيّر سنويّة في مؤشّر تضخّم أسعار الغذاء، ومتفوقاً بذلك على زيمبابوي التي سجلت نسبة 138 في المائة، لتتبعهما الأرجنتين بنسبة 103 في المائة، وإيران بنسبة 73 في المائة.
أمّا فيما خصّ نسبة التضخّم الحقيقيّ، التي تعكس، بحسب التقرير التحليلي الأحدث الصادر عن البنك الدولي، نسبة التضخّم الاسميّة في أسعار الغذاء ناقصا منها نسبة التضخّم الإجماليّة، فقد بلغت نسبة التغيّر السنويّة في أسعار الغذاء في زيمبابوي 45 في المائة في فترة المقارنة، تبعتها مصر ورواندا بنسبة متساوية بلغت 30 في المائة، وإيران بنسبة 20 في المائة، في حين بلغت هذه النسبة 15 في المائة في لبنان، وهي سابع أعلى نسبة في العالم.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

إردوغان: نجري حوارا وثيقاً مع أحمد الشرع

TT

إردوغان: نجري حوارا وثيقاً مع أحمد الشرع

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في سوتشي بروسيا... 29 سبتمبر 2021 (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في سوتشي بروسيا... 29 سبتمبر 2021 (رويترز)

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم (الاثنين)، إن أنقرة تجري حوارا وثيقا مع قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، مضيفاً أن الزيارات إلى سوريا ستزداد من الآن فصاعدا.

وأضاف بعد اجتماع لمجلس الوزراء في أنقرة، أن تركيا ستقدم للشعب السوري كل الدعم الذي يحتاجه لتعزيز مكاسبه، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان والقائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع المعروف باسم أبو محمد الجولاني أثناء حضورهما مؤتمراً صحافياً بعد اجتماعهما في دمشق... 22 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وتابع قائلا: «لا مكان في مستقبل سوريا لأي منظمة إرهابية بما في ذلك (داعش) وحزب العمال الكردستاني»، مضيفا أن نهج تركيا الثابت هو حماية وحدة الأراضي السورية تحت كل الظروف.

وحذّر إردوغان من أن أي انتهاك لوحدة أراضي سوريا، مؤكداً أن ذلك سيكون بمثابة تجاوز للخط الأحمر بالنسبة لتركيا.