نقلت وكالة «رويترز»، الأربعاء، عن 9 مصادر سورية وإيرانية وإسرائيلية وغربية، أن إيران استخدمت رحلات الإغاثة من الزلزال لجلب أسلحة ومُعدات عسكرية إلى حليفتها الاستراتيجية سوريا.
وذكرت المصادر «أن الهدف هو تعزيز دفاعات إيران ضد إسرائيل في سوريا، ودعم الرئيس بشار الأسد». و«رويترز» هي أول من يعلن هذه المعلومات.
وقالت المصادر إنه، بعد زلزال السادس من فبراير (شباط)، في شمال سوريا وتركيا، بدأت مئات الرحلات الجوية، من إيران، الهبوط في مطارات حلب ودمشق واللاذقية؛ لتوصيل الإمدادات، واستمر ذلك 7 أسابيع.
وذكر مصدران إقليميان، ومصدر مخابرات غربي، «أن الإمدادات تضمنت مُعدات اتصالات متقدمة، وبطاريات رادار، وقِطع غيار مطلوبة لتحديث مزمع لنظام الدفاع الجوي السوري، الذي مدَّت به إيران، دمشق في حربها الأهلية».
وتحدثت «رويترز» إلى اثنين من مسؤولي المخابرات الغربية، ومصادر مقرَّبة من القيادتين الإيرانية والإسرائيلية، وكذلك منشق عسكري سوري، وضابط سوري، عن الرحلات الجوية المذكورة.
وردّاً على سؤال حول ما إذا كانت إيران قد استخدمت طائرات الإغاثة الإنسانية، بعد الزلازل، لنقل معدات عسكرية إلى سوريا، بهدف تعزيز شبكتها هناك ومساعدة الأسد، قالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك: «هذا غير صحيح»، في حين لم تردَّ الحكومة السورية على طلب للتعقيب.
وقالت مصادر إقليمية «إن إسرائيل سرعان ما علمت بتدفق الأسلحة إلى سوريا، وأطلقت حملة شرسة للتصدي لذلك». وقال البريغادير جنرال يوسي كوبرفاسر، أحد المصادر المطّلعة، ورئيس الأبحاث السابق في الجيش الإسرائيلي، والمدير العام السابق لوزارة الشؤون الاستراتيجية، «إن الضربات الجوية الإسرائيلية ضد الشحنات اعتمدت على معلومات مخابراتية دقيقة جداً، لدرجة أن الجيش الإسرائيلي كان يعلم أي شاحنة سيستهدفها في قافلة ممتدة من الشاحنات».
- «تحركات كبيرة»
وقال مسؤول دفاعي إسرائيلي، طلب عدم ذكر اسمه: «تحت ستار شحنات مساعدات الزلزال إلى سوريا، رصدت إسرائيل تحركات كبيرة لمعدات عسكرية من إيران، يجري نقلها بشكل أساسي في أجزاء».
وأضاف أن «معظم المساعدات» سُلّمت إلى مطار حلب، في شمال سوريا، و«أن الوحدة السورية 18000، بقيادة حسن مهدوي، التابعة لفيلق القدس، وهو جهاز التجسس والذراع شبه العسكرية للحرس الثوري الإيراني، تولّت تنظيم الشحنات».
وأشار إلى «أن وحدة النقل 190، التابعة لفيلق القدس، بقيادة بهنام شهرياري، تولّت النقل البري». ولم يتسنَّ التواصل مع مهدوي وشهرياري، للتعليق. وأحجم «الحرس الثوري» عن التعقيب.
وقال المنشقّ العسكري السوري العقيد عبد الجبار عكيدي، الذي يحتفظ بصلات في الجيش السوري: «الاستهدافات (الإسرائيلية) الأخيرة كانت لاجتماعات لقادة مُهمين من الميليشيات الإيرانية، بالإضافة إلى شحنات من الرقائق لتطوير الأسلحة».
وذكر مصدر إقليمي أن إسرائيل قصفت مدرج مطار حلب، بعد ساعات فقط من هبوط طائرتيْ شحن إيرانيتين بشحنات أسلحة، تحت ستار نقل مساعدات الإغاثة الإنسانية. وأكد مصدران، في مخابرات غربية، تلك المعلومات.
وكان الجنرال إسماعيل قاآني، قائد «فيلق القدس» بـ«الحرس الثوري»، أول مسؤول أجنبي تطأ قدماه منطقة الزلزال في سوريا، قبل أيام قليلة من وصول الأسد نفسه.
والمعروف أنه في حال وقوع كارثة إنسانية، يمكن لطائرات الإغاثة، التابعة للأمم المتحدة، أن تطلب الحصول على حقوق الهبوط من السلطات المحلية. وتُستثنى البضائع الإنسانية من العقوبات. وفي هذه الحالة، منحت السلطات السورية «حقوق» هبوط لرحلات جوية مباشرة، قادمة من روسيا وإيران.
وقال مصدر إقليمي، مقرَّب من القيادة الدينية الإيرانية: «كان الزلزال كارثة مؤسفة، ولكن، في الوقت نفسه، أعاننا الله لمساعدة إخواننا في سوريا، في قتالهم ضد أعدائهم. جرى إرسال كميات من الأسلحة إلى سوريا على الفور».
وتنفّذ إسرائيل، على مدى أعوام، هجمات ضد ما تصفها بأنها «أهداف مرتبطة بإيران في سوريا»، حيث نما نفوذ طهران، منذ أن بدأت دعم الأسد في الحرب الأهلية، التي اندلعت عام 2011.
وقال ضابط بالجيش السوري، طلب عدم ذكر اسمه، «إن الإسرائيليين يكثفون جهودهم لهزيمة إيران في سوريا».
وأضاف: «لماذا الآن؟ ببساطة لأن لديهم معلومات أن شيئاً ما يجري تطويره بسرعة. يجب أن يُوقفوه ويستهدفوه لإبطائه. خلق الزلزال الظروف المواتية، الفوضى التي أعقبته سمحت للطائرات الإيرانية بالهبوط بسهولة».
وقال مصدر أمني إقليمي ومصدرا مخابرات غربية، إنه، في الثالث من أبريل (نيسان)، في أعقاب المزيد من الزلازل، شملت الأهداف الإسرائيلية مستودعات أسلحة في جبل المانع، بالقرب من منطقة الكسوة الجبلية جنوب دمشق، حيث قامت القوات الإيرانية وجماعة (حزب الله) اللبنانية، بتشييد «ما قد يكون أكثر مواقعها العسكرية تحصيناً في سوريا».
وأضاف المصدر الإقليمي أنه جرى قصف محطة رادار تُستخدم للطائرات المسيَّرة، في الثالث من أبريل أيضاً، مؤكداً ما قاله مصدران في مخابرات غربية، لـ«رويترز».
وقال مصدر مخابراتي غربي: «نعتقد أن الميليشيات الإيرانية نقلت كميات ضخمة من الذخيرة، وأعادت تخزين الكميات التي فُقدت في ضربات سابقة نفّذتها طائرات إسرائيلية مسيَّرة»؛ في إشارة إلى الرحلات الجوية الإيرانية، منذ زلزال السادس من فبراير.