«تاكسي موتور» ظاهرة تغزو دمشق

الدراجات التاكسي جنباً إلى جنب مع سيارات الأجرة جنوب دمشق (الشرق الأوسط)
الدراجات التاكسي جنباً إلى جنب مع سيارات الأجرة جنوب دمشق (الشرق الأوسط)
TT

«تاكسي موتور» ظاهرة تغزو دمشق

الدراجات التاكسي جنباً إلى جنب مع سيارات الأجرة جنوب دمشق (الشرق الأوسط)
الدراجات التاكسي جنباً إلى جنب مع سيارات الأجرة جنوب دمشق (الشرق الأوسط)

على وقع استمرار التدهور القياسي غير المسبوق في الحالة المعيشية للغالبية العظمى من سكان دمشق، وتأكل قيمة مداخيلهم الشهرية وندرة فرص العمل المجزية، تتسع ظاهرة استثمار الدراجات النارية من قبل أصحابها، لنقل الركاب بالأجرة (تاكسي موتور).
وباتت منذ فترات بعيدة رؤية حشود المئات من المواطنين بانتظار قدوم حافلة نقل عامة أو خاصة، مشهداً عادياً في الساحة المقابلة لفرن منطقة الزاهرة الآلي جنوب دمشق والواقعة عند بداية أوتوستراد الزاهرة من الجهة الجنوبية، كما هو الحال في كل مواقف انتظار الحافلات في المدينة.
وسط هذه الحال، وفي مشهد لافت، تتجمع في الجهة المقابلة لساحة تجمع الحشود عند زاوية ما يسمى «المرأب»، العديد من «الدراجات النارية»، ويردد أصحابها على مسمع المارة عبارات: «موتور طلب»، «تاكسي موتور»، إلى أن يحصلوا على مبتغاهم، وذلك بعدما كانت هذه الظاهرة قليلة جداً. ولا يتردد بعض أصحاب «الدراجات النارية»، بالذهاب إلى الجهة الأخرى المزدحمة بالحشود وإطلاقهم نفس العبارات حتى يحصلوا على طلب.
ويوضح لـ«الشرق الأوسط» (م.ن)، وهو صاحب دراجة نارية كان موجوداً أمام «المرأب» بانتظار الحصول على طلب، أن ما دفعه للعمل بنقل الركاب بالأجرة على دراجته، هو ضعف الراتب الحكومي (150 ألف ليرة سورية في الشهر)، والذي «لا يكفي ثمن سجائر»، وهو ما دفعه للاستقالة من الوظيفة والعمل على دراجته النارية بتوصيل الركاب.
الشاب البالغ من العمر 20 عاماً، يؤكد أنه «ذاق الأمرّين» وهو يبحث عن عمل مجزٍ قبل توجهه للعمل على دراجته النارية؛ ذلك أن معظم أصحاب المحال التجارية والورش يستغلون الناس بسبب عدم وجود فرص عمل، ويقول: «عملت لدى أصحاب محل لصناعة المعجنات طيلة شهر كامل، وطوال الشهر وهو يقول سأعطيك بحسب شغلك، ولكنه لم يدفع سوى ضعف الراتب الحكومي».
«أحسن من مية وظيفة، وأحسن من الشغل عند الناس. عم نأكل ونشرب، وندفع بمصروف البيت، ونساعد آخرين»، بهذه العبارات يجيب (م.ن) عن سؤال حول ما يجنيه شهرياً من العمل على دراجته النارية بتوصيل الركاب بالأجرة.
ولاحظت «الشرق الأوسط» خلال جولتها، أن تكلفة الطلب الذي تصل مسافته إلى 5 كيلومترات تتراوح ما بين 5 و7 آلاف ليرة سورية، والذي تصل مسافته إلى 10 كيلومترات إلى ما بين 10 و15 ألفاً، في حين الطلب الذي تصل مسافته ما بين 20 و25 كيلومتراً تتراوح أجرته ما بين 25 و30 ألفاً.
وتعد الأسعار السابقة قليلة إذا ما قورنت بأسعار الطلبات التي يتقاضاها أصحاب سيارات «التاكسي»؛ إذ يتقاضى هؤلاء مبلغ 25 ألف ليرة سورية على طلب مسافته 5 كيلومترات.
المشهد في منطقة الزاهرة، هو ذاته بجانب مشفى التوليد وأمراض النساء وسط العاصمة السورية، حيث تتجمع عشرات الدراجات النارية التي ينادي أصحابها: «موتور طلب»، «تاكسي موتور».
«الحمد لله فيه شغل والوضع جيد»، بهذه العبارة يرد (س.م) لدى سؤاله عما يجنيه يومياً من جراء عمله على الدراجة النارية، ويشير إلى أن الطلبات على «الموتورات» تزايدت منذ اشتداد أزمة البنزين والمازوت، «والناس بعد أن تيأس من الصعود في الحافلات العامة والخاصة تلجأ إلينا بسبب جشع أصحاب التكاسي»، ويضيف: «حالياً برمضان هناك إقبال. الناس صايمة وتريد الوصول إلى منازلها بشتى الوسائل».
ويلفت إلى أن مكاسب أصحاب «الموتورات» من عمليات النقل بالأجرة، «ممتازة»؛ لأن مصروف «الموتور» من البنزين قليل جداً؛ إذ لا يستهلك أكثر من لتر بنزين لقطع مسافة 50 كيلومتراً، وبالتالي «حتى لو اشتروا لتر البنزين من السوق السوداء بـ10 آلاف ليرة، فالعمل مجزٍ»، ويضيف: «في بعض الأحيان يكون هناك ازدحام كبير، فنأخذ طلبين معاً، والأجرة تكون على الأغلب الضعف، وعندما يحصل جدل مع الزبائن يضاف لأجرة الطلب 50 في المائة فقط».
(س.م) يشير إلى أن السلطات تعرف أن «الناس عايفه حالها من الفقر والقلة. العيلة بدها 4 ملايين بالشهر والحكومة بتعطي الموظف 150 ألفاً!»، وبالتالي هي تغض النظر عن قرار منع تجول الدراجات النارية وسط دمشق، و«أصحابها يعملون بسهولة، وإذا استعصى الأمر يحل بالمصاري». ومع تواصل أزمة المواصلات منذ عدة سنوات باتت الدراجات النارية والكهربائية والهوائية وسيلة للتنقل بالنسبة لمن يمتلكونها من سكان دمشق. وكانت صحيفة «الوطن» السورية الخاصة المقربة من السلطات، ذكرت في منتصف العام الماضي، أنه تم اعتقال ما يقارب 200 شخص في دمشق بسبب قيادتهم دراجات نارية غير نظامية (تهريب)، واستخدامها في بعض الحالات بما يعرف بـ«تاكسي الموتور».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

«زينبيات» الحوثيين يُرغِمن يمنيات على فعاليات تعبوية وأنشطة لصالح «المجهود الحربي»

جانب من تجمع مسلَّحات حوثيات أثناء حملة تبرع للجبهات أطلقتها الجماعة في صنعاء (إكس)
جانب من تجمع مسلَّحات حوثيات أثناء حملة تبرع للجبهات أطلقتها الجماعة في صنعاء (إكس)
TT

«زينبيات» الحوثيين يُرغِمن يمنيات على فعاليات تعبوية وأنشطة لصالح «المجهود الحربي»

جانب من تجمع مسلَّحات حوثيات أثناء حملة تبرع للجبهات أطلقتها الجماعة في صنعاء (إكس)
جانب من تجمع مسلَّحات حوثيات أثناء حملة تبرع للجبهات أطلقتها الجماعة في صنعاء (إكس)

أرغمت الجماعة الحوثية مئات النساء والفتيات اليمنيات في 4 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، وريفها، وحجة، وإب، على حضور فعاليات تعبوية، ودفع تبرعات مالية وعينية، بزعم الدفاع عن غزة، ودعم ما تسمى «القوة الصاروخية» والطائرات المُسيَّرة، حسبما ذكرته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وكشفت المصادر عن تشكيل الجماعة -في سياق احتفالها بما تسمى «ذكرى ميلاد فاطمة الزهراء»- عشرات الفرق النسائية الميدانية، بموجب تعليمات مباشرة من زعيم الجماعة، لاستهداف اليمنيات وإجبارهن على المشاركة في الفعاليات التعبوية، ودعم المجهود الحربي.

الحوثيون يخضعون الفتيات لفعاليات تعبوية ذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)

وبموجب التعليمات، شرعت كتائب الأمن النسائية الحوثية (الزينبيات) بتنظيم أول أنشطتها؛ إذ نظمت بصنعاء وريفها في يوم واحد نحو 6 فعاليات بطابع طائفي، لإحياء المناسبة، وجرى خلالها دعوة النساء للتبرع، وحث أبنائهن على التوجه إلى الجبهات.

ووفقاً لوكالة «سبأ» بنسختها الحوثية، سيَّرت ما تسمَّى «الهيئة النسائية» للجماعة بصنعاء، قافلة نسوية مالية وعينية، تقدر قيمتها بنحو 100 ألف دولار (الدولار يعادل 530 ريالاً يمنياً في مناطق سيطرة الحوثيين) بزعم دعم ما تسمى القوة الصاروخية، والقوة البحرية، والطيران المُسيَّر.

وتحدثت نساء في أحياء وقرى عدة في صنعاء وريفها لـ«الشرق الأوسط»، عن قيام «الزينبيات» بزيارات مباغتة إلى منازلهن لحثهن على المشاركة مع أفراد أسرهن في إحياء المناسبة ذات الصبغة الطائفية، ومطالبتهن بتقديم ما لديهن من مال وحُلي، بزعم مناصرة غزة، والوقوف في وجه الاعتداءات الأميركية والإسرائيلية.

وتحدث بعض النساء عن وسائل ترهيب وترغيب وتهديد بالحرمان من أقل الحقوق والخدمات، استُخدمت من قبل مشرفات حوثيات أثناء تحشيد النساء والفتيات.

الحوثيون يرغمون النساء اليمنيات على حضور فعاليات ودفع تبرعات للجبهات (إعلام حوثي)

وروت أم عبد الله -وهي ربة منزل في حي القاع بمدينة صنعاء- أنها أُرغِمت ونساء أخريات في الحي الذي يقطنَّه على المشاركة قسراً في مناسبة حوثية هدفها «التحشيد الطائفي» وتقديم الدعم للجماعة.

وأبدت استياءها البالغ من لجوء الجماعة إلى فرض إتاوات جديدة على النساء، بزعم تمويل فعاليات نسوية ظاهرها دعم غزة ولبنان بالقوافل، وباطنها تمويل المجهود الحربي، مع تجاهل الظروف المعيشية والمادية الصعبة التي يعانيها أغلب السكان.

استهداف مُكثف

شمل التحرك الميداني لمجندات الحوثي مدينة حجة (مركز المحافظة) الواقعة شمال غربي اليمن، ومديريات أفلح الشام وكحلان الشرف ومبين والشغادرة والمحابشة، كما تواصل ما تسمى «الهيئة النسائية» و«كتائب الزينبيات» استهداف الأمهات وربات البيوت بمناطق متفرقة في محافظة إب اليمنية (وسط اليمن) بحملات «التطييف» وجمع التبرعات، ووفقاً للذريعة نفسها.

واتهمت نساء يمنيات يقطنَّ مديرية الظهار في إب، شاركن في فعالية حوثية، قادة الجماعة، باستغلال القضية الفلسطينية ومعاناة وأوجاع السكان بالمحافظة، وتكوين ثروة هائلة من التبرعات التي يفرضونها على اليمنيين.

«زينبيات» يرفعن أسلحة تظهر عليها شعارات الحوثيين في صنعاء (إكس)

وجاء استهداف الجماعة الحوثية للنساء بمناطق سيطرتها متزامناً مع مواصلة ارتكابها جرائم وتعسفات متنوعة بحقهن، وسط استمرار المنظمات الدولية والمحلية في إطلاق النداءات الإنسانية المتكررة لوقف هذه الانتهاكات.

وفي تقرير لها، وثقت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات» نحو 10 آلاف و156 انتهاكاً، ارتكبتها الجماعة الحوثية بحق النساء اليمنيات في 18 محافظة، خلال الفترة من سبتمبر (أيلول) 2016 وحتى مارس (آذار) الماضي.

ووفقاً لـ«الشبكة»، فقد قتلت الجماعة بتلك الفترة 2786 امرأة، وأصابت 4369 أخريات بطرق متنوعة، مثل القصف بالمدفعية وصواريخ «الكاتيوشا»، وانفجارات الألغام والعبوات الناسفة، وأعمال القنص المتعمدة، وإطلاق النار العشوائي على الأحياء السكنية.