الجزائر: سجن 3 رجال أعمال أشقاء بتهمة «غسل أموال»

المحكمة الجزائرية في العاصمة (واج)
المحكمة الجزائرية في العاصمة (واج)
TT

الجزائر: سجن 3 رجال أعمال أشقاء بتهمة «غسل أموال»

المحكمة الجزائرية في العاصمة (واج)
المحكمة الجزائرية في العاصمة (واج)

بينما دانت محكمة بالجزائر العاصمة أمس، 3 إخوة رجال أعمال وصهرهم، بالسجن بتهمة فساد مرتبطة بقناة تلفزيونية كانت ملكاً لهم، نطقت محكمة أخرى بالبراءة بحق أخوين من رجال الأعمال، كانت لهم صلات قوية بالرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة ومحيطه.
وتم الحكم على الإخوة عيسو وصهرهم، بالسجن لمدة تراوحت بين 15 و20 سنة مع التنفيذ، على أساس تهم «مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف، وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، وغسل أموال، وإصدار شيكات من دون رصيد، وإخفاء عائدات مالية ناتجة عن جرائم، وتمويل خفي لأحزاب سياسية». وصدرت الأحكام غيابياً ضد الأربعة الذين يقيمون بالخارج. كما أصدرت المحكمة مذكرة اعتقال دولية ضدهم، بحكم أنهم «هاربون من القضاء».
وأغلقت الحكومة قناة «الجزائرية وان» في أغسطس (آب)2021، على أثر توجيه تهم الفساد ضد ملاكها رجال الأعمال الذين كانوا قد غادروا البلاد لعلمهم مسبقاً بأنهم محل تحقيق أمني. وتعود أسباب إغلاقها، أساساً، إلى شبهات في مصدر تمويلها، وخصوصاً فيما تعلق باستئجار القمر الصناعي «نايل سات» عن طريق تبديل الدينار الجزائري بالدولار الأميركي في السوق الموازية. مع الإشارة إلى أن قوانين البلاد تمنع تحويل أموال إلى الخارج.
وعرف مُلاك «الجزائرية وان» بقربهم من أحزاب موالية للسلطة، من بينها «التجمع الوطني الديمقراطي»، وعلى الرغم من ذلك تم اتهامهم بـ«التمويل الخفي لأحزاب». كما تملك عائلة عيسو شركات في قطاعات أخرى خارج الإعلام، مثل الأشغال العامة.
وفي سياق المحاكمات التي تخص الفساد، برّأت المحكمة الأخوين مراد وخيدر عولمي مدير الضرائب سابقاً، من تهمتي «إساءة استغلال الوظيفة»، و«الاستفادة من سلطة وتأثير أعوان الدولة». وكان ممثل النيابة قد التمس السجن 5 سنوات مع التنفيذ ضد المتهمين.
وتتعلق الوقائع بشراء قطعة أرض لفائدة شركة تابعة لعائلة عولمي، مختصة في مجال تسويق سيارات ألمانية، من دون التصريح بثمنها الحقيقي لدى الضرائب. واستفاد أصحاب المشروع من تخفيضات ضريبية في إطار آليات حكومية لتشجيع الاستثمار. وأنكر المتهمان وقائع الفساد، معتبرين أنهما انتفعا بشكل قانوني من تسهيلات قدمتها الدولة لكل المستثمرين الذين يخلقون مناصب الشغل. وأشارت التحقيقات في هذه القضية إلى أن جهة عليا تدخلت لمصلحتهما، بغرض حصولهما على تسهيلات ضريبية لإطلاق مشروعهما.
وعلى الرغم من حكم البراءة، سيبقى الأخوان عولمي في السجن بحكم إدانتهما بالفساد في قضايا أخرى كثيرة. وأمرت «المحكمة العليا» العام الماضي بمصادرة أملاك العائلة التي تضم رجال أعمال آخرين، وتتمثل خصوصاً في شركة بيع السيارات، وتم حجز ودائع العائلة المالية في بنوك محلية. وأرسلت المحاكم في وقت سابق إنابات قضائية إلى إسبانيا وفرنسا وكندا، للتعاون مع سلطات هذه البلدان لمصادرة عقاراتها وودائعها. وتبلغ قيمة أملاك عولمي 2.5 مليار دولار، حسب تقدير الحكومة، جرى جمع معظمها، حسب التحقيقات في الفساد التي انطلقت بعد رحيل بوتفليقة عن الحكم، في 2019، بفضل مشروعات وصفقات رست على العائلة، بحكم قربها من عائلة الرئيس السابق، وخصوصاً شقيقه ومستشاره سعيد بوتفليقة الذي يوجد في السجن بتهمة الفساد.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، شدد الرئيس عبد المجيد تبون خلال اجتماع بسفراء وقناصل الجزائر في الخارج، على متابعة مصير الإنابات القضائية التي كان القضاء قد أطلقها في 2020، بهدف استعادة ما تسمى «أموالاً منهوبة»، تم تحصيلها بطرق غير قانونية من طرف وجهاء في النظام.


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
TT

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

بينما أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي، سيبحث البرلمان الأوروبي غداً لائحة فرنسية المنشأ، تتعلق بإطلاق سراحه.

وصرّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الثلاثاء، لدى نزوله ضيفاً على إذاعة «فرانس إنفو»، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون «مهتم بالأمر، إنه كاتب عظيم، وهو أيضاً فرنسي. لقد تم منحه الجنسية الفرنسية، ومن واجب فرنسا حمايته بالطبع. أنا أثق برئيس الجمهورية في بذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحه». في إشارة، ضمناً، إلى أن ماكرون قد يتدخل لدى السلطات الجزائرية لطلب إطلاق سراح الروائي السبعيني، الذي يحمل الجنسيتين.

قضية صلصال زادت حدة التباعد بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

ورفض الوزير روتايو الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول هذه القضية، التي تثير جدلاً حاداً حالياً في البلدين، موضحاً أن «الفاعلية تقتضي التحفظ». وعندما سئل إن كان «هذا التحفظ» هو سبب «صمت» الحكومة الفرنسية على توقيفه في الأيام الأخيرة، أجاب موضحاً: «بالطبع، بما في ذلك صمتي أنا. ما هو مهم ليس الصياح، بل تحقيق النتائج». مؤكداً أنه يعرف الكاتب شخصياً، وأنه عزيز عليه، «وقد تبادلت الحديث معه قبل بضعة أيام من اعتقاله».

واعتقل الأمن الجزائري صاحب الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، في محيط مطار الجزائر العاصمة، بينما كان عائداً من باريس. ولم يعرف خبر توقيفه إلا بعد مرور أسبوع تقريباً، حينما أثار سياسيون وأدباء في فرنسا القضية.

وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو (رويترز)

ووفق محامين جزائريين اهتموا بـ«أزمة الكاتب صنصال»، فإن تصريحات مصورة عُدَّت «خطيرة ومستفزة»، أدلى بها لمنصة «فرونتيير» (حدود) الفرنسية ذات التوجه اليميني، قبل أيام قليلة من اعتقاله، هي ما جلبت له المشاكل. وفي نظر صنصال، قد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، التي تقع في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

بل أكثر من هذا، قال الكاتب إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». وفي تقديره «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهم من كلامه أنه يقصد الجزائر، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً محلياً، خصوصاً في ظل الحساسية الحادة التي تمر بها العلاقات بين الجزائر وفرنسا، زيادة على التوتر الكبير مع الرباط على خلفية نزاع الصحراء.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

وفي حين لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات، هاجمت «وكالة الأنباء الجزائرية» بحدة الكاتب، وقالت عن اعتقاله إنه «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور، رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه ضد المهاجرين في فرنسا عموماً، والجزائريين خصوصاً.

يشار إلى أنه لم يُعلن رسمياً عن إحالة صنصال إلى النيابة، بينما يمنح القانون الجهاز الأمني صلاحية تجديد وضعه في الحجز تحت النظر 4 مرات لتصل المدة إلى 12 يوماً. كما يُشار إلى أن المهاجرين السريين في فرنسا باتوا هدفاً لروتايو منذ توليه وزارة الداخلية ضمن الحكومة الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرجّح متتبعون لهذه القضية أن تشهد مزيداً من التعقيد والتوتر، بعد أن وصلت إلى البرلمان الأوروبي؛ حيث سيصوت، مساء الأربعاء، على لائحة تقدمت بها النائبة الفرنسية عن حزب زمور، سارة كنافو. علماً بأن لهذه السياسية «سوابق» مع الجزائر؛ إذ شنت مطلع الشهر الماضي حملة كبيرة لإلغاء مساعدات فرنسية للجزائر، قُدرت بـ800 مليون يورو حسبها، وهو ما نفته الحكومة الجزائرية بشدة، وأودعت ضدها شكوى في القضاء الفرنسي الذي رفض تسلمها.