المنفي يدعو لبيئة مناسبة للانتخابات في ليبيا... والدبيبة «ملتزم» بتهيئتها

قادة ميليشيات بغرب البلاد يفعّلون «اتحاد الثوار»

صورة وزعتها حكومة الدبيبة لاجتماعها في مصراتة بحضور المنفي والكبير
صورة وزعتها حكومة الدبيبة لاجتماعها في مصراتة بحضور المنفي والكبير
TT

المنفي يدعو لبيئة مناسبة للانتخابات في ليبيا... والدبيبة «ملتزم» بتهيئتها

صورة وزعتها حكومة الدبيبة لاجتماعها في مصراتة بحضور المنفي والكبير
صورة وزعتها حكومة الدبيبة لاجتماعها في مصراتة بحضور المنفي والكبير

دعا رئيس «المجلس الرئاسي» الليبي محمد المنفي، إلى العمل على خلق بيئة مناسبة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في وقت جدد فيه عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، حرص حكومته على أداء التزاماتها وواجباتها لخدمة الليبيين، وتهيئة الأجواء لإقامة العملية الانتخابية.
يأتي ذلك بينما التزم الطرفان الصمت حيال إعلان قادة ميليشيات مسلحة في المنطقة الغربية، تفعيل ما يسمى «اتحاد ثوار ليبيا»، واعتبروا أن «الخروج من الفوضى الأمنية والسياسية التي تعيشها البلاد مسؤوليته».
ومساء أمس (السبت)، أعلن موالون للصادق الغرياني، مفتي ليبيا المقال من منصبه، في بيان متلفز أصدروه من العاصمة طرابلس، رداً على الاجتماعات العسكرية المقامة برعاية البعثة الأممية، رفض التعديل الدستوري الـ13 الصادر عن مجلس النواب، بالإضافة إلى رفض ما سموها «عسكرة الدولة»، و«تولي مزدوجي الجنسية، ومن تلطخت أيديهم بدماء الليبيين، مناصب سيادية».
وقالوا إنهم اتفقوا على أن القوات كافة من الآليات التابعة لـ«اتحاد ثوار ليبيا» هي بمثابة «الدرع الحصين للأمن القومي الليبي، ومستعدة للدفاع بقوة عن مكتسبات الشعب»، وأعربوا عن أملهم في أن يكون للأمم المتحدة والدول الداعمة دور في مساندتهم، مماثل لدورها في «الثورة» التي أطاحت بنظام حكم الرئيس الراحل معمر القذافي في فبراير (شباط) عام 2011.
وكان الغرياني قد دعا أخيراً، في تصريحات بثتها قناة تلفزيونية يملكها، مَن وصفهم بأنهم «ثوار فبراير الحقيقيون»، إلى الحذر مما سماها «أدوات المجتمع الغربي في ليبيا ومؤامراتهم»، ودعا مَن يحملون السلاح للاحتياط من هذه «المؤامرات».
ولم يصدر أي تعليق رسمي، من «المجلس الرئاسي»، أو حكومة الدبيبة. لكن الأخير أكد في المقابل لدى ترؤسه مساء أمس (السبت)، اجتماعاً للحكومة في مدينة مصراتة بغرب البلاد، بحضور المنفي، والصديق الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي، استمراره في الالتزام بخدمة الليبيين، وإنهاء المراحل الانتقالية، وإجراء انتخابات نزيهة.
واعتبر الدبيبة أن المرحلة الآن تتطلب تمسك الجميع بالسلام، والتداول السلمي على السلطة، لافتاً إلى ضرورة تعزيز فرص إنجاح الانتخابات، لكي تحظى نتائجها بالقبول من الأطراف جميعاً.
وأضاف: «ملتزمون بتهيئة الظروف المناسبة لإنهاء المراحل الانتقالية عبر انتخابات عادلة ونزيهة»، وجدد الدعوة للسلطة التشريعية لـ«استيعاب حقيقة أن الليبيين أصبحوا أكثر وعياً وقوة لمواجهة مشروع التمديد».
وقال الدبيبة إن الليبيين «سيواجهون مشاريع التقسيم المشبوهة كافة»، وأعرب عن تطلعه لقيادة بعثة الأمم المتحدة مسار اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) للحفاظ على الاستقرار ومنع العودة للحرب.
وأشاد بما وصفها، بـ«المواقف الوطنية للمجلس الرئاسي»، لدعم مسار المصالحة الوطنية، وعدم تصعيد حدة الخلافات بين مختلف الأطراف السياسية في ليبيا، كما رحب بتعاون الصديق الكبير مع الحكومة لتخفيف المعاناة عن المواطنين، مؤكداً التزام محافظ المصرف المركزي بالاستجابة لتطلعات الشعب الليبي، وإنعاش الوضع الاقتصادي، والالتزام بسياسات الإفصاح والشفافية.
وبعدما تعهد بأن تكون كل الأسر الليبية في «خير وسلام» في ظل ما وصفه بـ«الوضع الاقتصادي والمعيشي المستقر في البلاد»، وعد الدبيبة بإنهاء أزمة الوقود، وأن تصبح الطوابير «من الماضي».
من جهته، قال المنفي، إن رفع المعاناة عن المواطن، وتقديم الخدمات، هو الهدف الأساسي الذي لا بدّ من التركيز عليه لخلق بيئة مستقرّة لإجراء الانتخابات في أقرب الآجال.
وأكد أن العملية الانتخابية ليست محصورة في يوم انتخابي واحد، بل هي عملية كاملة وشاملة، معرباً عن استعداد المجلس لتقديم كلّ ما في وسعه لتسهيل كل ما من شأنه أن يسهم في رفع المعاناة عن المواطنين.
وأشاد المنفي، بجهود الحكومة في تقديم أفضل الخدمات للمواطنين كافة بمختلف مناطق البلاد ومدنها، كما أثنى على دور محافظ المصرف المركزي في تقديم التسهيلات كافة للحكومة لأداء عملها، في ظل ظروف استثنائية.
بدوره، قال ريتشارد نورلاند السفير والمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، إنه شكر لرئيس البعثة الأممية عبد الله باتيلي، خلال حديثهما، جهوده لتعزيز التوافق الوطني حول الانتخابات في ليبيا، لافتاً في بيان عبر «تويتر» إلى أنهما أشادا بالقادة العسكريين والأمنيين الذين أكدوا لباتيلي في بنغازي مجدداً التزامهم بسيادة ليبيا واستقرارها السياسي، من خلال «الانتخابات، ومغادرة المقاتلين والقوات والمرتزقة الأجانب».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.