بدأت الصين، أمس، في مضيق تايوان، تدريبات على «تطويق كامل» للجزيرة، كما ذكر التلفزيون الحكومي، في اليوم الأول من مناورات عسكرية تستمر حتى الاثنين.
وذكرت قناة «سي سي تي في» أن «تدريبات (السبت) تركّز على القدرة على السيطرة على البحر والمجال الجوي والاتصالات (...) لإحداث قوة رادعة وتطويق كامل» لتايوان.
وشاركت في التدريبات مدمرات وزوارق سريعة قاذفة للصواريخ ومقاتلات وطائرات تموين وأجهزة تشويش. وقال المتحدث باسم الجيش الصيني، شي يي، في بيان، إن هذه المناورات تشكل «تحذيراً جدياً من التواطؤ بين القوى الانفصالية التي تسعى إلى استقلال تايوان والقوى الخارجية، وكذلك من أنشطتها الاستفزازية». وأوضح الجيش الصيني أن المناورات التي تشمل «دوريات» أيضاً، «ضرورية لحماية سيادة الصين ووحدة وسلامة أراضيها».
ولم يتم تحديد الموقع الدقيق للمناورات الجديدة، باستثناء التدريبات بالذخيرة الحية المرتقبة الاثنين، التي ستجرى حول بينغتان أقرب نقطة في الصين إلى تايوان. ويبلغ عرض أضيق جزء من مضيق تايوان بين الساحل الصيني والجزيرة نحو 130 كيلومتراً.
- تهديد للاستقرار
رأت تايبيه أن المناورات تهدّد «الاستقرار والأمن» في منطقة آسيا والمحيط الهادي. ورصدت وزارة الدفاع التايوانية، أمس، 9 سفن حربية صينية و71 طائرة عسكرية حول الجزيرة. وقالت إن «(الحزب الشيوعي الصيني) تسبب عمداً في التوتر بمضيق تايوان الذي له تأثير سلبي على الأمن والتنمية الاقتصادية للمجتمع الدولي».
ودانت رئيسة تايوان تساي إينغ - وين، السبت، «النزعة التوسعية الاستبدادية» للصين، مؤكدة أن الجزيرة «ستواصل العمل مع الولايات المتحدة ودول أخرى للدفاع عن قيم الحرية والديمقراطية». فيما قالت وزارة الدفاع التايوانية إنها «تتابع الوضع»، وكلّفت الجيش «الردّ» على الأنشطة العسكرية الصينية.
وبعد ساعات على إعلان بكين عن هذه التدريبات العسكرية، التقت تساي وفداً من الكونغرس الأميركي يزور الجزيرة. وأكّد مايكل ماكول، رئيس هذا الوفد والمسؤول عن مبيعات المعدات العسكرية الأميركية إلى دول أجنبية، أن واشنطن تعمل على إمداد تايوان بالأسلحة بسرعة.
وقال ماكول: «نفعل ما بوسعنا في الكونغرس لتسريع هذه المبيعات ومدكم بالأسلحة التي تحتاجون إليها للدفاع عن أنفسكم وسنؤمن تدريباً لجيشكم، ليس من أجل الحرب، بل من أجل السلام».
- إجراءات «حازمة»
وتأتي التدريبات العسكرية الصينية في مضيق تايوان في أجواء من التوتر مع الجزيرة، بعد اجتماع رئيستها تساي إينغ - وين مع رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي في الولايات المتحدة، الأربعاء.
ورداً على ذلك، توعدت بكين على الفور، باتخاذ «إجراءات حازمة وقوية». وتنظر الصين باستياء إلى التقارب الجاري منذ سنوات بين السلطات التايوانية والولايات المتحدة التي تقدم للجزيرة دعماً عسكرياً مهماً على الرغم من عدم وجود علاقات رسمية بينهما.
وتعتبر بكين تايوان التي يبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، جزءاً لا يتجزأ من أراضي الصين، ولم تتمكن بعد من إعادة توحيدها مع بقية أراضيها منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية في 1949. واعترفت الولايات المتحدة بجمهورية الصين الشعبية في 1979، ويفترض نظرياً ألا يكون لها اتصال رسمي مع جمهورية الصين (تايوان) بموجب «مبدأ الصين الواحدة» الذي تدافع عنه بكين. وأجرت بكين في أغسطس (آب) الماضي، مناورات عسكرية غير مسبوقة حول تايوان، عندما زارت رئيسة مجلس النواب حينذاك الديمقراطية نانسي بيلوسي، الجزيرة. لكن حتى الآن، لا يقارن الرد على اللقاء بين تساي ومكارثي مع صيف 2022.
وتأتي المناورات العسكرية غداة زيارة دولة قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للصين، حيث أثار مسألة تايوان مع الرئيس الصيني شي جينبينغ. وقال الإليزيه الجمعة، إن «الحديث كان مكثفاً وصريحاً» حول هذا الموضوع.
وأكد شي جينبينغ لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، الخميس، خلال اجتماع في بكين، أن «أي شخص يعتقد أن الصين ستقدم تنازلات بشأن تايوان واهم»، في تصريحات نقلتها وزارة الخارجية الصينية.
وبالنسبة لجيمس شار، وهو زميل باحث في برنامج الصين بمعهد الدراسات الدفاعية والاستراتيجية في سنغافورة، فإن التدريبات تؤكد «اعتماد بكين على الخطاب القومي في توجهها لجمهورها المحلي وتسجيلها نقاطاً سياسية في الداخل». وأكد لوكالة الصحافة الفرنسية: «سيكون من الخطأ التغاضي عن أن الجيش بدأ تدريباته هذه المرة بعد أن اختتم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته إلى الصين».
ومن جهته، حذر المحلل العسكري، سونغ تشونغبينغ، من أن هذه التدريبات ذات البعد «العملياتي» تهدف إلى إثبات أنه «إذا تكثفت الاستفزازات»، فإن الجيش الصيني سيكون مستعداً «لتسوية مسألة تايوان بشكل نهائي».