لفتت عدة لقطات مُصوّرة لحفلات إفطار وسحور داخل قصور أثرية في مصر الأنظار، وأثارت الجدل حول مدى إمكانية فتح تلك المناطق التاريخية أمام الاستخدام العام للجمهور كمطاعم وخيم رمضانية صاخبة.
وبعد إثارة الجدل بشأن إتاحة تنظيم حفلات الطعام العام الماضي في قصر القبة، أثير الجدل مجدداً في موسم رمضان الحالي حول الأمر نفسه في قصر عابدين (وسط القاهرة)، والذي تداول رواد بمواقع التواصل لقطات فيديو لحفل إفطار داخل إحدى القاعات الملكية الرئيسية بقصر عابدين، وسط تساؤلات حول جدوى الأمر، ومدى خطورته على أثرية المكان.
ويفتح المطعم المقام داخل قصر عابدين الحجز مسبقاً أمام الجمهور إلكترونياً، ويقدم وجبات رمضانية مرفقة بحفلات عزف وغناء، ويحدد المطعم أسعاراً مرتفعة نسبياً للإفطار تصل لـ1800 جنيه للفرد (نحو 60 دولاراً)، تشمل وجبة رئيسية ومقبلات ومشروبات وحلوى، ويفرض هذا السعر المرتفع شريحة اقتصادية واجتماعية مرتفعة لرواد هذا المطعم المقام داخل جدران قصر أثري وفق متابعين.
وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، أمين عام المجلس الأعلى للآثار الأسبق، فإن القصور الملكية يجب أن تظل تُعامل معاملة المتاحف، ويضيف في حديثه مع «الشرق الأوسط»: «القصور الملكية في كل مكان في العالم هي أماكن أثرية ومتحفية، يكون التعامل معها بحرص شديد، وليس فتحها أمام الجمهور كمطاعم وصالات أفراح، يمكن فهم أن تُعقد داخلها مناسبات وفعاليات ثقافية، لكن فتحها أمام الاستهلاك الجماهيري لا يقلل فقط من قيمتها الأثرية، ولكن كذلك يعرضها لحوادث أو قد يُعرض المحتويات بداخلها للإتلاف، وهذا من الأمور التي من الصعب السيطرة عليها مع استضافة حفلات طعام وخيّم رمضانية ومناسبات اجتماعية داخلها». ويعد قصر عابدين من أكثر القصور التاريخية فخامة في مصر، حيث شيد خلال حكم أسرة محمد علي باشا، وإلى جانب قيمته الأثرية والمتحفية له كذلك مكانة تاريخية، حيث شهد الكثير من الأحداث البارزة التي شهدتها مصر منذ العصر الملكي، وحتى قيام ثورة يوليو (تموز) 1952.
كما يعد قصر القبة من أبرز القصور الملكية في عهد أسرة محمد علي باشا، وأكبرها من حيث المساحة، وشهد أشهر زيجات الأسرة الملكية، وهو زواج الملك فاروق من الملكة فريدة في يناير (كانون الثاني) عام 1938.
وشهد قصر عابدين حفل عرض أزياء للسيدات منذ شهرين، حيث اصطف الجمهور في إحدى ردهاته على الجانبين، لتمر العارضات من بينهن مستفيدات من أجوائه ونقوشه الفريدة.
قصر عابدين (تصوير: عبدالفتاح فرج)
وتعد قصور عابدين والقبة والاتحادية والطاهرة بالقاهرة، ورأس التين والمتنزه بالإسكندرية من أشهر القصور الرئاسية المصرية.
وفي المقابل، يرى خبراء سياحة أن الاستفادة المادية من القصور الملكية أمر مهم، مع وضع ضوابط للحفاظ عليها، واستشهدوا بتجربة فرنسا وإسبانيا وبريطانيا والنمسا في هذا الإطار.
وقال محمد كارم، رئيس اللجنة العليا للسياحة بحزب «أبناء مصر»، لـ«الشرق الأوسط»: «أكد الرئيس السيسي على إتاحة هذه الأماكن الأثرية للمواطنين، مع وضع ضوابط وشروط صارمة لذلك»، مشيراً إلى أن قصر القبة استضاف مؤتمرين مهمين العام الماضي. مبدياً تأييده فتح هذه القصور لجمهور الحفلات الخاصة لتحقيق عوائد اقتصادية مهمة للخزينة المصرية، ومساهمتها في الترويج سياحياً للبلاد على غرار دول أخرى تحقق عوائد ضخمة من سياحة القصور».
واحتضن قصر عابدين التاريخي حفلات غنائية في موسم عيد الأضحى عام 2020، حيث قدم المطرب الشاب محمد عدوية، حفلاً غنائياً افتراضياً بصحبة والده المطرب الشعبي الكبير أحمد عدوية، بسبب جائحة «كورونا».