باتيلي لـ«الشرق الأوسط»: ندعم أي توافق يضع ليبيا على طريق التعافي

المبعوث الأممي قال إن المخرجات التي ستنتج عن مبادرته «ستحظى بالشرعية»

عبد الله باتيلي (البعثة الأممية)
عبد الله باتيلي (البعثة الأممية)
TT

باتيلي لـ«الشرق الأوسط»: ندعم أي توافق يضع ليبيا على طريق التعافي

عبد الله باتيلي (البعثة الأممية)
عبد الله باتيلي (البعثة الأممية)

(حوار سياسي)
أكد الممثل الخاص للأمين العام رئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا، عبد الله باتيلي، أن مبادرته الداعمة إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية بالبلاد خلال العام الحالي تهدف إلى «تحريك المياه السياسية الراكدة»؛ و«إشراك الجميع في رسم المسار نحو الاستحقاق الانتخابي»، و«دعم أي توافق يضع ليبيا على طريق التعافي».
وفي حوار خص به «الشرق الأوسط» تحدث باتيلي عن مدى تأثير «المرتزقة» والمقاتلين الأجانب على الاستحقاق المنتظر، وموقفه من اختيار حكومة جديدة لإدارة الانتخابات، وقال: نحن ننظر لتوحيد السلطة التنفيذية في ليبيا بـ«واقعية، لكن يتوجب مقاربة توحيد الحكومة في هذا الوقت الحساس بكثير من الحذر؛ لأن هذا الموضوع قد يخلق تعقيدات ليبيا في غنى عنها».
وألقى باتيلي الكرة في ملعب لجنة «6+6»، بقوله: إن «القوانين الانتخابية لا تزال قيد النقاش، وبالإمكان تضمينها أي شروط ترى الأطراف أنها تضمن حياد الإدارة في الإشراف على الانتخابات»، مضيفاً أنه «قد يكون من بين ذلك اشتراط استقالة كل الطامحين للترشح للرئاسية من مواقع المسؤولية، التي يشغلونها قبل فترة من تاريخ الانتخابات».
وإلى نص الحوار:
> مبادرتكم لتفعيل مسار الانتخابات في ليبيا لا تزال يكتنفها الغموض بالنسبة للكثيرين داخل ليبيا وخارجها... ما ملامح هذه المبادرة؟ من سيشارك فيها؟ وما المنتظر منها؟
- يجب أن أوضح أولاً أن مبادرتي تهدف لتحريك المياه السياسية الراكدة، مع البناء على التوافقات التي تم إحرازها حتى الآن بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» بشأن الإعداد للانتخابات. وبصيغة أخرى، تسعى المبادرة إلى توسيع دائرة المشاركة الليبية في تفعيل مسار الانتخابات وحل الأزمة الراهنة، وعدم ترك الأمر حكراً على المجلسين التشريعيين، اللذين استغرقا ما يكفي من الوقت، دون أن يتوصلا إلى نتائج ملموسة.
الجميع ستكون له كلمة في رسم المسار نحو الانتخابات، إلى جانب مجلسي النواب و«الدولة». والمبادرة ستشرك طيفاً واسعاً من المكونات الليبية، من قوى سياسية وأمنية فاعلة، وأحزاب وممثلين عن النساء والشباب والأعيان، ومنظمات المجتمع المدني. ولن يكون لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أي دور في اختيار من يمثل هذه المكونات.
كما يجب الإشارة ثانياً إلى أن هذه المبادرة تقترح آلية عمل مرنة وغير تقليدية؛ إذ ستعتمد على ما يعرف بدبلوماسية الوسيط المتنقل بين الأطراف Shuttle diplomacy، والتي سأسهر عليها شخصياً بهدف مساعدة الليبيين على التوصل إلى توافقات وطنية حول أهم القضايا، التي تتطلبها الانتخابات. وتشمل هذه القضايا، كما وضحت في تصريحات سابقة، أكثر من مجرد تبني قاعدة دستورية وقوانين انتخابات، رغم أهمية هذين الأمرين. ومن بين القضايا التي سيتم الحسم فيها تأمين الانتخابات، وضمان حرية تنقل المرشحين لإجراء حملاتهم الانتخابية، وضمان موافقتهم على النتائج، وتبنيهم مدونة سلوك (أو ميثاق شرف) والتزامهم بها، وإقرار آلية حكومية شفافة للإنفاق، وأي قضايا أخرى قد يستدعيها التحضير الجيد للانتخابات.
إن المهمة الأساسية الانتخابات هي اختيار قيادة جديدة للبلاد؛ ولذلك فهي تتطلب التزام وانخراط جميع الأطراف، وليس فقط مجلسي النواب والدولة، اللذين قد يكون بعض أعضائهما ضمن المترشحين.
> وهل ستكون القرارات التي ستنتج من المبادرة ملزمة لجميع الأطراف؟ أم أنها مجرد توصيات؟
- يمكنني القول إن القرارات التي ستنتج من هذه المبادرة ستحظى بالشرعية؛ لأنها ستكون بالضرورة محل إجماع وطني وتعكس أوسع توافق ممكن، وستكون تعبيراً عن التزام جميع الأطراف ومسؤوليتهم السياسية والأخلاقية. وسيكون هذا الالتزام، بالإضافة إلى متابعة المواطنين والهيئات والمنظمات التي تمثلهم، من بين أهم الضمانات لتطبيق القرارات التي سيتم التوافق عليها.
> في حال تعثر التوافق حول شروط الترشح للانتخابات الرئاسية... هل ستتوجهون إلى إجراء انتخابات برلمانية فقط خلال العام الحالي؟
- من حيث المبدأ، نحن ندعم أي توافق ليبي واسع يضع البلاد على طريق التعافي، ويعيد إضفاء الشرعية على مؤسسات الدولة، ويفتح الباب أمام السلام والاستقرار المستدامين، والتنمية وإعادة الإعمار، والاهتمام برخاء المواطنين. حل الأزمة الراهنة يستدعي توافقاً على كل القضايا الخلافية. ومن هنا نقول إن توافق الليبيين هو الكلمة الفصل. لكن ما لمسته من الليبيات والليبيين الذين أقابلهم، وما أسمعه من المجتمع الدولي، وما أفهمه من الإقبال الكثيف على التسجيل في القوائم الانتخابية، يصبّ كله في اتجاه إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة قبل نهاية 2023. وإذا تمت هذه الانتخابات بنجاح، وهذا ما نعمل من أجله مع كل الشركاء الليبيين، فإنها ستُعيد الشرعية المفقودة لمؤسسات البلاد.
> أين تقع مبادرتكم مما تم التوافق عليه لحد الآن بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»؟ وبخاصة تبنيهما التعديل الثالث عشر للإعلان الدستوري؟
- المبادرة، وربحاً للوقت، ستبني على ما تم التوصل إليه من توافقات بين مجلسي النواب و«الدولة»، بما في ذلك المعالجات اللازمة في التعديل 13 للإعلان الدستوري. وفي هذا الإطار، عرضت تقديم المساعدة الفنية واللوجيستية وتوفير الخبرات اللازمة لدعم لجنة «6+6»، المكلفة إعداد القاعدة الدستورية وقوانين الانتخابات، حتى يُثمر عملها نتائج ملموسة في أقرب وقت ممكن. ولا يجب أن ننسى كذلك التوافقات المهمة والمشجعة جداً بين أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» بشأن حماية الانتخابات، وتأمين حركة المرشحين في مختلف مناطق البلاد.
علاوة على ذلك، ستعطي هذه المبادرة، من خلال منهج المشاركة الواسعة إلى جانب المجلسين، الاهتمام اللازم لمعالجة القضايا التي تشكل مبعث قلق. ومن تلك القضايا على سبيل المثال التوافق على الإدارة الشفافة للموارد الوطنية، وضمان بيئة تنافسية متكافئة بين المترشحين، وضمان حياد الإدارة.
> حدثنا عن الضمانات والأدوات التي ستدفع كل الأطراف للقبول بنتائج العملية الديمقراطية؟
- يجب توفير عوامل عدة لإنجاح العملية الانتخابية، وهي معروفة للجميع في ليبيا، والعمل عليها بدأ منذ الآن وسيستمر إلى يوم الاقتراع، بل ويتجاوزه إلى حين تنصيب المؤسسات المنتخبة. وأحد أهم هذه العوامل هو الأمن. يجب توفير الحماية للانتخابات، بما في ذلك ضمان حرية المرشحين والأحزاب السياسية في التنقل في أرجاء ليبيا كافة، وفي إجراء حملاتهم الانتخابية واللقاء بالناخبين بحرية، بعيداً عن أي تضييق أو ترهيب. الوضع الأمني مهم كذلك للمواطنين، وخصوصاً النساء، من أجل القيام بواجبهم الانتخابي بحرية، ودون ضغوط أو خوف على سلامتهم.
ومن أهم الضمانات كذلك، تعهد المرشحين المسبق بالقبول بنتائج الانتخابات، دون المس بحقهم في تقديم الطعون بالطرق القانونية المعروفة. إنها مسألة التزام سياسي وأخلاقي. كما يجب على الأطراف السياسية أن تتبنى مدونة سلوك، وأن تحترم بنودها، التي يجب أن تنص فيما تنص عليه، الابتعاد عن التحريض وخطاب الكراهية، والالتزام بأخلاقيات التنافس الشريف، والابتعاد عن أي إجراءات أو أعمال من شأنها الإخلال بسلامة الانتخابات ونزاهتها. على العملية الانتخابية أن تكون واجهة لتنافس البرامج والرؤى السياسية لصالح ليبيا موحدة وذات سيادة ينعم بخيراتها كل الليبيين.
> هناك مطالبات بضرورة استقالة المسؤولين الحاليين من مناصبهم إذا رغبوا في الترشح؟
- هنالك إدراك من الجميع بضرورة توفير شروط متكافئة للتنافس الانتخابي الشريف. وفي هذا الباب يجب التأكيد مرة أخرى على ضرورة توفير آلية حكومية شفافة للرقابة على الإنفاق العام، ومنع استعمال موارد الدولة لأغراض انتخابية، أو لترجيح كفة مرشح ما على حساب منافسيه. هذا إجراء مهم لضمان بيئة تنافس متكافئة بين جميع المترشحين. ويدخل في نفس الباب، أي توفير أرضية متكافئة للتنافس الانتخابي، ضرورة استقالة المسؤولين الحاليين من مناصبهم قبل فترة زمنية تحددها القوانين الانتخابية. هذه الأمور يجب أن يتوافق عليها الليبيون أنفسهم منذ الآن، وقبل وضع خريطة طريق للانتخابات خلال شهر يونيو (حزيران) المقبل.
وبشكل عام، فإن إجراءات ضمان نجاح العملية الانتخابية تبدأ من الآن، وستستمر إلى ما بعد الانتخابات، مروراً بيوم الاقتراع نفسه.
> هل سيكون وجود «المرتزقة» والقوات الأجنبية في ليبيا عاملاً معرقلاً للعملية الانتخابية؟
- صحيح أن تواجد المقاتلين الأجانب و«المرتزقة» مشكلة تؤرق الليبيين ودول الجوار والمجتمع الدولي ككل. لكن مدى خطورة هذه الظاهرة يعتمد في جزء كبير منه على إرادة الأطراف الليبيين ومدى التزامهم باتفاقاتهم الأمنية، ورغبتهم في توحيد مؤسساتهم، بما في ذلك المؤسستان العسكرية والأمنية، وإصرارهم على إعادة الهيبة لسيادتهم الوطنية.
الأمر إذن يعود في نهاية المطاف لليبيين أنفسهم، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وكثير من أعضاء المجتمع الدولي، مستعدون للمساعدة على سحب المقاتلين الأجانب والمرتزقة وإعادة إرساء السيادة الليبية.
>هل هنالك أي أفق زمني لخروج هذه العناصر من ليبيا؟
- يمكن القول إن هناك تقدماً في ملف سحب المقاتلين الأجانب والمرتزقة بفضل العمل الجاد، الذي تقوم به اللجنة العسكرية المشتركة، وبفضل التعاون الذي تبديه بعض الدول المعنية كالسودان والنيجر وتشاد. ولا شك أنكم تتابعون التقدم الذي أحرزته لجان الاتصال الليبية ونظيراتها الممثلة لهذه البلدان، خاصة فيما يتعلق بإنشاء آلية لتبادل البيانات، بالإضافة إلى برامج العودة الطوعية.
هذا المسار يمضي في الاتجاه الصحيح، ونحن نتابعه من كثب بمعية شركائنا الليبيين والإقليميين والدوليين. وهنا أجدد التأكيد على الرغبة المشتركة لدى ليبيا وجيرانها في إنهاء تواجد المرتزقة والمقاتلين الأجانب على الأراضي الليبية،  بما يضمن احترام سيادة ليبيا ووحدتها الترابية، دون الإضرار بدول الجوار. وقد أكدت جولتي الأخيرة في دول الجوار الليبي، والتي شملت كلاً من السودان وتشاد والنيجر، على الالتزام المشترك إزاء حل هذه المعضلة.
> هل ترى أن سبب تأخر إجراء الانتخابات هو عدم جاهزية القوانين؟ أم بسبب «القوة القاهرة» التي أعلنت عنها المفوضية العليا فيما سبق؟
- هنالك ميل لدى أغلب الأطراف السياسية في ليبيا لمحاولة التنصل من مسؤوليتها في تعطيل المسار الانتخابي، وإلقاء اللوم على الأطراف الأخرى. هذه مقاربة غير مفيدة إذا كنا نريد المضي قدماً، وبشكل إيجابي، نحو إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الحالي. انتهى وقت إلقاء اللوم، وحان وقت العمل وتسريع الخطى لتلبية تطلعات الناخبين الليبيين، الذين سجلوا بكثافة في القوائم الانتخابية.
لا شك أن الجميع يتحمل المسؤولية بشكل أو بآخر في عدم إجراء الانتخابات في ديسمبر (كانون الأول) 2021. وقد كان التأجيل إلى ما لا نهاية مناسباً لقوى الأمر الواقع، وهذه حقيقة لا تغيب عن الليبيين. الوضع القائم يخدم فقط بعض الأشخاص؛ لذلك استمر التعطيل عبر مناورات مختلفة تعتمد في العموم على قاعدة «الاتفاق على الاختلاف». وتفادياً لتكرار الأسباب أو الأعذار، أو سمّها ما شئت، لتأجيل الانتخابات، فإن المبادرة التي أطلقتها تقضي بالعمل بالتوازي مع لجنة «6+6» على كل القضايا الأمنية والسياسية والفنية، التي يستدعيها إجراء الانتخابات. وبهذه الطريقة، نضمن استكمال الإطار القانوني، ونتفادى حصول القوة القاهرة مرة أخرى.
> ما موقفكم من اختيار حكومة جديدة تكون مسؤولة عن إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية؟
- المحاولات الجادة لتوحيد المؤسسات الليبية على المستويين العسكري والأمني لا تستثني السلطة التنفيذية. لكن يتوجب مقاربة توحيد الحكومة في هذا الوقت الحساس بكثير من الواقعية والحذر؛ لأن هذا الموضوع قد يخلق تعقيدات سياسية وإجرائية، بل وحتى قانونية ودستورية، ليبيا في غنى عنها. تشكيل الحكومات غالباً ما يترافق مع تدافع على المناصب واختلاف على الحصص، وتهافت على المصالح الفردية والفئوية، وهذا لن يخدم المساعي الهادفة إلى التركيز على الاستحقاق الانتخابي، مع الاستمرار في تصريف أعمال الدولة والشؤون اليومية للمواطنين. نحن ننظر لموضوع توحيد السلطة التنفيذية بواقعية، ترمي إلى تحقيق الهدف الأسمى المرجو، وهو إجراء الانتخابات تحت سلطة واحدة، دون خلق مزيد من التعقيدات.
> لكن الكثيرين متخوفون من أن استمرار حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة يضر بشروط التنافس الشريف بين المترشحين؟
- طبعاً الواقعية التي نقارب بها مسألة توحيد السلطة التنفيذية لا تلغى التخوفات المشروعة للأشخاص، الذين يطالبون بحكومة مصغرة ومستقلة. لذلك؛ نأمل من خلال المساعي الحميدة التي أقودها في توفير أرضية متكافئة للتنافس الحر والشريف بين جميع المترشحين، وإقرار آلية شفافة للرقابة على المصروفات الحكومية، تفادياً لاستغلال موارد الدولة لأغراض انتخابية. أضف إلى ذلك، أن القوانين الانتخابية ما زالت قيد النقاش، وبالإمكان تضمينها أي شروط ترى الأطراف أنها تضمن حياد الإدارة في الإشراف على الانتخابات. وقد يكون من ذلك مثلاً اشتراط استقالة كل الطامحين للترشح للانتخابات الرئاسية من مواقع المسؤولية، التي يشغلونها قبل فترة من تاريخ الانتخابات.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

ليبيا: «صراع قوة» بين الدبيبة وميليشيات «متمردة» يلهب أجواء طرابلس

عماد الطرابلسي وزير داخلية «الوحدة» المكلف (من مقطع فيديو)
عماد الطرابلسي وزير داخلية «الوحدة» المكلف (من مقطع فيديو)
TT

ليبيا: «صراع قوة» بين الدبيبة وميليشيات «متمردة» يلهب أجواء طرابلس

عماد الطرابلسي وزير داخلية «الوحدة» المكلف (من مقطع فيديو)
عماد الطرابلسي وزير داخلية «الوحدة» المكلف (من مقطع فيديو)

انفتح المشهد الأمني الليبي على حلقة جديدة من التوتر و«صراع القوة» بين حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، وبعض الميليشيات بالعاصمة؛ مما قد ينذر بتصعيد بينهما إن لم تنجح السلطات في «ترويض» هذه «التشكيلات المتمردة» على اتفاق سابق، يقضي بخروجها من طرابلس.

وكشفت تصريحات وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة»، عماد الطرابلسي، عن جانب من الأزمة، المتمثلة في رفض بعض الميليشيات - لم يسمّها - اتفاقاً سابقاً بتنفيذ إخلاء مقارّها في طرابلس، وإعادتها إلى مقارّها وثكناتها. وكشف بلهجة حادة، عكست جانباً مما يجري في الكواليس، خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء، عن أن بعض القوات في طرابلس «تواصل الخروج للشوارع بالأرتال المسلحة، قصد فرض واقع جديد بالقوة للسيطرة على طرابلس»، وقال: «لدي القوة لشنّ معركة وفتح النار وسط طرابلس؛ وتخرب على الكل في حال قرر أحد ذلك».

أوحيدة اتهم الميليشيات الموجودة في العاصمة بالتحالف مع أطراف أجنبية (إ.ب.أ)

وأمام هذه الخلافات التي ظهرت إلى العلن بين «الوحدة» وأذرعها الأمنية، توقّع عضو مجلس النواب الليبي، جبريل أوحيدة «افتعال أي طرف من الأطراف المسيطرة على طرابلس إعادة أجواء التوتر الأمني؛ إذا شعر بخطر يهدد وجوده». ورأى في حديث إلى «الشرق الأوسط»، الخميس، أن الميليشيات الموجودة في العاصمة «تتحالف مع أطراف أجنبية؛ والجميع يستمد قوته منها»، لافتاً إلى أنه «في غياب هيبة القانون والسلطة الشرعية الموحدة، فإن الكل يرى الحقيقة من زاويته، ويفعل ما يناسبه ليحقق مصلحته».

وسبق لحكومة «الوحدة» عقد مفاوضات مع ميليشيات مسلحة بطرابلس للخروج من العاصمة بالكامل، استجاب بعضها للاتفاق، لكن البعض الآخر يرفض الامتثال، بحسب الطرابلسي.

ولم يحدد الطرابلسي من هي الميليشيات التي رفضت تنفيذ الاتفاق، لكن متابعين أشاروا إلى أنه يقصد عبد الغني الككلي، الشهير بـ«غنيوة»، الذي يقود «جهاز دعم الاستقرار»، الذي تأسس بموجب قرار حكومي في يناير (كانون الثاني) 2021، ويعدّ أحد أكثر قادة الميليشيات نفوذاً في طرابلس.

وسبق أن تحدث الطرابلسي عن سبع ميليشيات، وصفها بـ«الأجهزة الأمنية»، وقال إنه جرى الاتفاق على إخراجها من طرابلس. وعادة ما تطلق السلطات الرسمية مصطلح «الأجهزة الأمنية» على «التشكيلات المسلحة». وهذه الأجهزة هي «جهاز قوة الردع»، و«جهاز الأمن العام»، و«الشرطة القضائية»، و«جهاز دعم الاستقرار»، و«اللواء 444 قتال»، و«اللواء 111»، بالإضافة إلى «قوة دعم المديريات».

وخلال الشهرين الماضيين، أفرز المشهد الأمني في ليبيا الكثير من التفاصيل، من بينها «عقد صفقات» مع تشكيلات مسلحة، على خلفية أزمة المصرف المركزي، تضمن لها إعادة تموضعها بالعاصمة.

وأمام هذه التطورات، يتخوف كثيرون من عودة التوتر الأمني إلى طرابلس، وهو ما عكسه الليبي، جعفر الحشاني، عبر حسابه على «فيسبوك»، معتبراً أن تصريحات الطرابلسي «خطيرة»، وقال إنها «توضح لنا مدى هشاشة الوضع الأمني في العاصمة؛ وهذا يدل على عدم وجودة آلية موحدة، أمنية وعسكرية في الغرب الليبي».

وشهدت طرابلس عشرات الاشتباكات الدامية خلال العقد الماضي، أسفرت عن وقوع كثير من القتلى والجرحى، لكن السلطات التنفيذية في طرابلس عادة ما تسارع لاحتواء التوتر، وتبرم صلحاً بين التشكيلين المسلحين.

الكوني يبحث مع عدد من حكماء بلديات الجبل وأعيانها آليات تحقيق الاستقرار (الرئاسي)

في غضون ذلك، التقى النائب بالمجلس الرئاسي الليبي، موسى الكوني، حكماء مناطق الجبل وأعيانها بمختلف مكوناتهم للوقوف على المشاكل التي يواجهونها. وقال المجلس الرئاسي في بيان، الخميس، إن مثل هذه اللقاءات «تساهم في حلحلة المشاكل قبل تفاقمها؛ للمحافظة على النسيج الاجتماعي للمنطقة».

واستعرض الحكماء والأعيان أمام الكوني، الطبيعة الاجتماعية لمنطقة الجبل الغربي بمختلف مكوناتها، والجهود التي تبذل لضمان استقرارها، وشدّدوا على ضرورة أن يكون للمجلس الرئاسي، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، دوره في للمحافظة على التهدئة في المنطقة، من خلال متابعة آليات عمل المناطق العسكرية للمحافظة على السلم الاجتماعي فيها. و«العمل على حل التشكيلات المسلحة كافة، التي تعمل خارج إطار الدولة في مناطق الجبل؛ حفاظاً على النسيج الاجتماعي».

ومن جهته، أكد الكوني أن المجلس الرئاسي سوف يتابع الأوضاع في المنطقة «بعيداً عن الجهوية»، مشيراً إلى أنه «سيعمل بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لدرء الفتنة قصد تحقيق الاستقرار، وضمان التعايش السلمي بين شركاء الوطن بمختلف مكوناتهم».

وشهدت بعض مناطق ومدن الأمازيغ، وخصوصاً يفرن بالجبل الغربي، توتراً أمنياً على خلفية رفضهم التواجد العسكري من خارج مناطقهم، وطالبوا «الرئاسي» بالتدخل.

في شأن مختلف، حذَّر «الاتحاد الوطني» للأحزاب الليبية، من «استغلال إجراء استفتاءات لأغراض سياسية ضيقة، أو لتصفية حسابات شخصية»، وقال إن الاستفتاء «يجب أن يكون وسيلة لتوحيد الصفوف، وليس لتعميق الانقسامات، وأن يكون هدفه الأساسي تحقيق المصلحة الوطنية العليا».

ويأتي هذا التصريح على خلفية تحدث السلطات في طرابلس عن اتجاهها لدعوة الشعب إلى «استفتاء» بشأن القضايا العالقة، ومن بينها الدستور، دون تحديد ما الذي يتم الاستفتاء عليه.

ونوّه الاتحاد إلى أن «الاستفتاء الشعبي يمثل أداة ديمقراطية مهمة لتمكين الشعب الليبي من المشاركة الفاعلة في صناعة مستقبله»، مؤكداً على «حق الشعب في إجراء استفتاءات حول القضايا المصيرية، مثل شكل الدولة ونظاميها السياسي والإداري، وهوية اقتصادها، وكذلك ميثاق وطني جامع يضمن التعايش السلمي بين جميع مكونات الشعب الليبي.

«الاتحاد الوطني» للأحزاب الليبية أيَّد حل مجلس النواب (رويترز)

وذهب الاتحاد الداعم لسلطات طرابلس، إلى «وجاهة وصواب» حل مجلسي النواب و«الدولة»؛ بسبب ما أسماه بـ«الأداء الباهت والضعيف، وعدم إدراكهما خطورة المرحلة، وإضاعتهما الفرص المتتالية للخروج من الأزمة، إلا أن ذلك لن يكون الحل الأمثل».

وانتهى «الاتحاد» لدعوة مجلس النواب إلى إصدار قانون «استفتاء شامل»، يضمن مشاركة جميع الليبيين في تحديد خياراتهم الوطنية، حول القضايا محل الخلاف بين أطراف الصراع، والدفع بالبلاد باتجاه عقد الانتخابات.