لافروف في تركيا بأجندة يتصدرها التطبيع بين أنقرة ودمشق

بعد يومين من «رباعي موسكو» وتوافق الأطراف على مواصلة المسار

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز)
TT

لافروف في تركيا بأجندة يتصدرها التطبيع بين أنقرة ودمشق

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز)

يسيطر ملف تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا على زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لأنقرة، التي بدأت مساء أمس (الخميس)، وتستمر يومين بدعوة من نظيره التركي مولود جاويش أوغلو.
وتأتي الزيارة ، بعد يومين من الاجتماع الرباعي لنواب وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران وسوريا في موسكو للبحث في مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق.
وذكر بيان صادر لوزارة الخارجية الروسية، عشية الزيارة، أن لافروف يزور تركيا، بدعوة من جاويش أوغلو، لمناقشة مختلف القضايا المطروحة على الأجندة الثنائية والدولية، مشيراً إلى أنه «رغم تدهور الوضع الدولي، فإن الحوار السياسي بين روسيا وتركيا مستمر، وقبل كل شيء على مستوى القادة، تم إجراء الاتصالات المنتظمة والقائمة على الثقة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان عبر الهاتف 5 مرات هذا العام، آخرها كان في 25 مارس (آذار) الماضي».
ولفت البيان إلى أن لافروف وجاويش أوغلو سيناقشان الوضع في أوكرانيا، وجنوب القوقاز، والشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، ومنطقة البحر الأسود، واتفاقية الحبوب، وأن الوزيرين سيناقشان مباحثات تطبيع العلاقات التركية السورية، التي بدأت في موسكو، وسيتم التطرق إلى خطوات تقديم المساعدة لأنقرة ودمشق في هذا الصدد، بمشاركة إيران في الصيغة الرباعية بصفتها الدولة الضامنة الثالثة في «مسار أستانا» مع روسيا وتركيا.
ورغم البرنامج الفضفاض للزيارة، فإن الملف السوري، بما فيه مسار تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، يفرض نفسه بقوة على زيارة لافروف. وعلى الرغم من أن الاجتماع الرباعي لم يسفر عن تغير في موقف دمشق «المتشدد» بشأن المطالبة بانسحاب القوات التركية من شمال سوريا، فإن التأكيدات التي خرجت بشأن استمرار المحادثات بعثت برسالة مفادها أنه «يمكن طرح جميع المطالب على الطاولة، والعمل على التوصل إلى توافق»، بحسب ما أكدته مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط».
وقالت المصادر إن «الملف السوري، بما في ذلك مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق الذي ترعاه موسكو، سيكون في مقدمة أجندة مباحثات لافروف في أنقرة، وإن الواضح حتى الآن أن هناك رغبة لدى جميع الأطراف، في استمرار محادثات التطبيع وإنجاح هذا المسار، حتى وإن استغرق الأمر وقتاً طويلاً بسبب طبيعة القضايا المطروحة والتباينات في مواقف الجانبين التركي والسوري».
ولفتت المصادر إلى «الطبيعة الفنية لاجتماع موسكو الرباعي، وأنه لذلك، لم يكن من المنتظر الإعلان عن نتائج محددة؛ كون الهدف من الاجتماع مناقشة وجهات النظر والإعداد لاجتماع وزراء الخارجية».
وأكدت المصادر أن «لتركيا ثوابت في المحادثات الرامية للتطبيع مع نظام الأسد، تُعد أشمل وأعمَّ من مجرد العلاقات الثنائية، بل يمكن النظر إليها على أنها تأسيس لعملية متكاملة تهدف لتحقيق الاستقرار في سوريا، وتتمثل في 3 قضايا رئيسية هي: مكافحة الإرهاب، ودفع العملية السياسية في سوريا لمواصلة (مسار أستانا) باعتباره المسار الحي الوحيد للحل السياسي، وضمان العودة الآمنة والكريمة للاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم».
بالمقابل، كانت «وكالة الأنباء السورية» (سانا)، كشفت أن الوفد السوري ركز في الاجتماع الرباعي على 3 نقاط رئيسية، هي: «ضرورة إنهاء الوجود التركي على الأراضي السورية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية، ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله»، وأن رئيس الوفد السوري، نائب وزير الخارجية، أيمن سوسان، طالب تركيا بالإعلان «رسمياً» عن سحب قواتها من سوريا من أجل إعادة التواصل بين الجانبين.
وأضافت أن سوسان أكد أن «إعادة الأوضاع في شمال شرقي وشمال غربي سوريا إلى ما كانت عليه تتطلب ظروفاً تتحقق بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدتها وبانسحاب القوات غير الشرعية، ومكافحة الإرهاب، وإعادة بسط سلطة الدولة السورية على كل أراضيها».
وقال وزير الخارجية الروسي لافروف، إن موسكو اقترحت «بالتشاور مع سوريا وتركيا وإيران مواعيد لاجتماع وزراء خارجية الدول الأربع»، لافتاً إلى أن تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق «قد يستغرق وقتاً».
ونقل بيان للخارجية الروسية عن لافروف قبل بدء الاجتماع الرباعي، قوله: «إنني أتطلع إلى موافقتكم على موعد الاجتماع في موسكو على مستوى وزراء الخارجية مع أصدقائي وزملائي حسين أمير عبد اللهيان، ومولود جاويش أوغلو، وفيصل المقداد... لقد اقترحنا بعض المواعيد التي يمكن أن تصبح مقبولة بشكل عام بعد نتائج جولة محادثاتكم».
وقالت وسائل إعلام قريبة من النظام السوري، أول من أمس (الأربعاء)، إن وزيري الخارجية التركي والسوري «قد يلتقيان الاثنين المقبل».
وقال لافروف: «نحن مقتنعون تماماً بأن منصة (أستانا)، التي عملنا جميعاً بجد من أجل إنشائها، لها مستقبل عظيم. تتفتح الآفاق لتحويل هذه المنصة، التي أُثبت فعلياً أهميتها، من آلية لتحقيق الاستقرار العسكري السياسي إلى أداة فعالة للتعاون الإقليمي، وذلك بالنظر إلى إمكانات بلداننا والمطالبة ببذل جهود لتعزيز مرحلة ما بعد الصراع».
ولفت إلى أن الشعبين التركي والسوري «مرتبطان على مدى قرون بتاريخ مشترك، وأن المجتمع الديني والثقافي، وكذلك الجغرافيا، تجعل تنمية علاقات حسن الجوار متبادلة المنفعة بين البلدين بلا منازع».
وسبق لوزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، عشية الاجتماع الرباعي في موسكو، أن قال إن لافروف سيزور تركيا للتضامن معها عقب كارثة زلزالي 6 فبراير (شباط) الماضي، وإن الفرصة ستتاح لمناقشة الأبعاد المختلفة للعلاقات الثنائية وملفات سوريا وليبيا وقضايا إقليمية أخرى، بالإضافة إلى تمديد اتفاقية الممر الآمن للحبوب في البحر الأسود لمدة 120 يوماً. وأضاف جاويش أوغلو أن «العملية السياسية في سوريا، وأوضاع اللاجئين السوريين، وضرورة زيادة المساعدات الإنسانية لسوريا بعد الزلازل، من القضايا المهمة التي سيتم بحثها»، خلال لقائه مع نظيره الروسي.
ولم يصدر عن أي من الأطراف المشاركة في اجتماع موسكو ما يشير إلى «خلافات عميقة»، وقالت المصادر إن «الشروط التي يضعها كل طرف هي أمور قابلة للتفاوض، وإن رفع السقف من جانب دمشق قد يكون للضغط على تركيا ورسالة إلى الداخل السوري، ولن تمنع الاستمرار في مباحثات التطبيع لرغبة جميع الأطراف في إنجاحها، وإن الأمر يتعلق بالوقت، لأنه ليس من المنتظَر أن يتم تحقيق تقدم سريع على هذا المسار، وهو ما تدركه جميع الأطراف».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
TT

فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)

شهدت معسكرات تدريب تابعة للجماعة الحوثية في العاصمة المختطفة صنعاء وريفها خلال الأيام الأخيرة، فراراً لمئات المجندين ممن جرى استقطابهم تحت مزاعم إشراكهم فيما تسميه الجماعة «معركة الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

وتركزت عمليات الفرار للمجندين الحوثيين، وجُلهم من الموظفين الحكوميين والشبان من معسكرات تدريب في مدينة صنعاء، وفي أماكن أخرى مفتوحة، في مناطق بلاد الروس وسنحان وبني مطر وهمدان في ضواحي المدينة.

جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في صنعاء للتعبئة القتالية (فيسبوك)

وتحدّثت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، عن فرار العشرات من المجندين من معسكر تدريبي في منطقة جارف جنوب صنعاء، وهو ما دفع وحدات تتبع جهازي «الأمن الوقائي»، و«الأمن والمخابرات» التابعين للجماعة بشن حملات تعقب وملاحقة بحق المئات ممن قرروا الانسحاب من معسكرات التجنيد والعودة إلى مناطقهم.

وذكرت المصادر أن حملات التعقب الحالية تركّزت في أحياء متفرقة في مديريات صنعاء القديمة ومعين وآزال وبني الحارث، وفي قرى ومناطق أخرى بمحافظة ريف صنعاء.

وأفادت المصادر بقيام مجموعات حوثية مسلحة باعتقال نحو 18 عنصراً من أحياء متفرقة، منهم 9 مراهقين اختطفوا من داخل منازلهم في حي «السنينة» بمديرية معين في صنعاء.

وكان الانقلابيون الحوثيون قد دفعوا منذ مطلع الشهر الحالي بمئات المدنيين، بينهم شبان وأطفال وكبار في السن وموظفون في مديرية معين، للمشاركة في دورات تدريب على استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة استعداداً لإشراكهم فيما تُسميه الجماعة «معركة تحرير فلسطين».

ملاحقة الفارين

يتحدث خالد، وهو قريب موظف حكومي فرّ من معسكر تدريب حوثي، عن تعرُّض الحي الذي يقطنون فيه وسط صنعاء للدَّهم من قبل مسلحين على متن عربتين، لاعتقال ابن عمه الذي قرر الانسحاب من المعسكر.

ونقل أحمد عن قريبه، قوله إنه وعدداً من زملائه الموظفين في مكتب تنفيذي بمديرية معين، قرروا الانسحاب من الدورة العسكرية بمرحلتها الثانية، بعد أن اكتشفوا قيام الجماعة بالدفع بالعشرات من رفقائهم ممن شاركوا في الدورة الأولى بوصفهم تعزيزات بشرية إلى جبهتي الحديدة والضالع لمواجهة القوات اليمنية.

طلاب مدرسة حكومية في ريف صنعاء يخضعون لتدريبات قتالية (فيسبوك)

ويبرر صادق (40 عاماً)، وهو من سكان ريف صنعاء، الأسباب التي جعلته ينسحب من معسكر تدريبي حوثي أُقيم في منطقة جبلية، ويقول إنه يفضل التفرغ للبحث عن عمل يمكّنه من تأمين العيش لأفراد عائلته الذين يعانون شدة الحرمان والفاقة جراء تدهور وضعه المادي.

ويتّهم صادق الجماعة الحوثية بعدم الاكتراث لمعاناة السكان، بقدر ما تهتم فقط بإمكانية إنجاح حملات التعبئة والتحشيد التي تطلقها لإسناد جبهاتها الداخلية، مستغلة بذلك الأحداث المستمرة في قطاع غزة وجنوب لبنان.

وكان سكان في صنعاء وريفها قد اشتكوا من إلزام مشرفين حوثيين لهم خلال فترات سابقة بحضور دورات عسكرية مكثفة تحت عناوين «طوفان الأقصى»، في حين تقوم في أعقاب اختتام كل دورة بتعزيز جبهاتها في مأرب وتعز والضالع والحديدة وغيرها بدفعات منهم.

وكثّفت الجماعة الحوثية منذ مطلع العام الحالي من عمليات الحشد والتجنيد في أوساط السكان والعاملين في هيئات ومؤسسات حكومية بمناطق تحت سيطرتها، وادّعى زعيمها عبد الملك الحوثي التمكن من تعبئة أكثر من 500 ألف شخص.