«شط الحرية»... دراما ليبية ممزوجة بالكوميديا والاشتباك مع السياسة

الموسم الخامس للمسلسل رغم محدودية الأدوات

لقطة من مسلسل «شط الحرية» الجزء الخامس (قناة المسار)
لقطة من مسلسل «شط الحرية» الجزء الخامس (قناة المسار)
TT

«شط الحرية»... دراما ليبية ممزوجة بالكوميديا والاشتباك مع السياسة

لقطة من مسلسل «شط الحرية» الجزء الخامس (قناة المسار)
لقطة من مسلسل «شط الحرية» الجزء الخامس (قناة المسار)

استطاع مسلسل «شط الحرية» في ليبيا، أن ينقل الجدل الدائر في أروقة السياسة، ودهاليز المؤسسات المختلفة إلى شاشة التلفزيون، من خلال تجسيد واقع مأزوم يلفت إليه الانتباه بقدر من السخرية الممزوجة بالكوميديا.

والمسلسل، الذي تعرضه فضائية «المسار»، وينتجه «اتحاد وفناني أجدابيا» تمكن في نسخته الخامسة، رغم محدودية أدواته الإنتاجية من اجتذاب شرائح عديدة من المشاهدين، بمختلف طبقاتهم الثقافية والآيديولوجية، لكن مع بث حلقته الـ14، انتقل بعضهم من خانة المعجبين به إلى خانة الرافضين له، بل والهجوم الحاد عليه وعلى مموليه، بعدما طالتهم سهامه اللاذعة.

يدور «شط الحرية» في أجواء بدوية، تعكس بعض جوانب من الحياة اليومية للمواطنين، لا تخلو من تسليط الضوء على الواقع المعاش بكل مشاكله الاجتماعية، غير أن ذلك لم يمنع مؤلف المسلسل فتحي القابسي، من الاعتذار للجمهور، لإطلاق اسم «الدحداح» على كلب، وهو ما اعتبره مشاهدون إساءة للصحابي الجليل ثابت بن الدحداح.

وقال القابسي، فور إذاعة هذه الحلقة، في تسجيل مصور، إنه «لم يكن يعلم أن هناك صاحبياً يحمل هذا الاسم، وهذا خطأ غير مقصود»، متابعاً: «قد يكون هذا قصوراً أو قلة معرفة، كل هذا نقبله بكل رحابة صدر، ولكن لا يمكن لأي شخص أن يفكر ولو بواحد في المائة، أن هذا الأمر مقصود».
ووجه القابسي، حديثه لمتابعي المسلسل بعدم «تصديق كلام المغرضين والحاسدين الذين من شدة كرههم للعمل، يؤولون الحلقات كما يرونها هم، ويذهبون بها في مناطق خطرة، ويتصيدون لنا الأخطاء».


لقطة من مسلسل «شط الحرية» الجزء الخامس (قناة المسار)

ويضم المسلسل كوكبة من الفنانين الليبيين الذين يتحدثون اللهجة «البرقاوية» (شرق ليبيا) من بينهم عبد الباسط الفالح وسليمان اللويطي وعبد الهادي بوخريم، وإبراهيم منصور وخالد إبريك، ومن إخراج علي العروشي.

ويحمل المسلسل إسقاطات سياسية على قرارات اتخذتها حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، وهو ما عزاه ليبيون إلى كون صناع العمل ينتمون إلى شرق البلاد. وتحمل كل حلقة من المسلسل، اسماً مختلفاً، مثل «معيز الحول» و«بوسالمين» و«الفلكس»، بالإضافة إلى «الموسوسات» أو «المؤسسات» وهي الحلقة رقم 14 التي وُجهت فيها اتهامات لمؤسسات المجتمع المدني في ليبيا بأنه أداة للتطبيع مع إسرائيل، ورفض طارق لملوم، رئيس «منظمة بلادي لحقوق الإنسان» في ليبيا، هذه الاتهامات، وقال إن «مخرج العمل تعمد أن يُخرج شكل مؤسسات المجتمع المدني في ليبيا أنها تعمل لصالح إسرائيل وأنها عميلة وتتلقى السيارات والأموال».

وقال بشير عمر القانوني الليبي، إنه «من الخطأ جمع مؤسسات المجتمع المدني كافة ووضعها في سلة واحدة»، متابعاً: «لا شك في أن عدداً غير قليل منها يمارس العمالة والاسترزاق غير المشروع، وفي الوقت نفسه هناك مؤسسات منضبطة ترأسها شخصيات في قمة الوطنية والنزاهة وتقوم بدورها الذي أنشئت من أجله على الوجه الأكمل».

وانتهى القانوني الليبي إلى أن «مؤلف مسلسل شط الحرية أخطأ بتعميمه، كما أن المدافعين عن مؤسسات المجتمع المدني أخطأوا هم أيضاً في دفاعهم المستميت عن كل مؤسسات المجتمع المدني دون أن يعترفوا بوجود اختراق وقصور وانحراف لبعضها». وسعت «الشرق الأوسط» إلى التواصل مع مؤلف العمل، فلم تتلق رداً، فيما امتنع غالبية صناعه عن الرد أيضاً.


لقطة من مسلسل «شط الحرية» الجزء الخامس (قناة المسار)

وتتنوع القضايا التي يتناولها المسلسل، ففي إحدى حلقاته تم الإسقاط على ما يعتقده صناع العمل بتدخل السفراء في الشأن الليبي، كما تناول كيف أقبل صغار السن على المسارعة بالزواج للاستفادة بمنحة الزواج التي قدمتها حكومة «الوحدة» بطرابلس.

وقال مفتاح بوعجاج الكاتب الليبي، إن إعجابنا بمسلسل «شط الحرية» لا يمنعنا من نقده، فالنقد الموضوعي الهادف يقول عنه العارفون إنه «نوع وشكل آخر من المحبّة والإعجاب».

وذهب بوعجاج إلى أن الحلقة التي تناولت المُجتمع المدني «قد تُعطي فكرة خاطئة عن دوره الضروري في التوعية بحقوق المجتمع والتأسيس الصحيح»، ورأى أن «فكرة المجتمع المدني قد تشوّهت نتيجة لممارسات وسلوك واستفزاز بعضها وقفزها على حاجات الواقع خلال هذه المرحلة الانتقالية الطويلة؛ ورغم ذلك لا يجوز التعميم».

وقال إن منظمات المجتمع المدني «الوطنية» في وقت وظروف خلال المراحل الانتقالية قد تكون أهم وأكثر فائدة من الأحزاب التي تأسست من دون دستور ولا قيود ولا قوانين تنظّم تمويلها وتأسيسها».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

عبد الله المحيسن: الصدق مفتاح وصول الأعمال السعودية للعالمية

المخرج السعودي عبد الله المحيسن (هيئة الأفلام السعودية)
المخرج السعودي عبد الله المحيسن (هيئة الأفلام السعودية)
TT

عبد الله المحيسن: الصدق مفتاح وصول الأعمال السعودية للعالمية

المخرج السعودي عبد الله المحيسن (هيئة الأفلام السعودية)
المخرج السعودي عبد الله المحيسن (هيئة الأفلام السعودية)

شهدت الجلسة الافتتاحية في النسخة الثانية من «مؤتمر النقد السينمائي» بالرياض، مساء الأربعاء، احتفاءً بالمخرج السعودي عبد الله المحيسن، مع عرض فيلمه الوثائقي «اغتيال مدينة»، الذي قدَّمه عام 1976 في الجلسة الافتتاحية مع محاورته من جانب الناقديْن؛ المصري أحمد شوقي رئيس الاتحاد الدولي للنقاد «فيبرسي»، والسعودي أحمد العياد.

وعبّر المحيسن عن فخره بالاحتفاء بمسيرته في المؤتمر، الذي عدّ استمرارية انعقاده، للعام الثاني على التوالي، دليلاً على أهمية تطوير الحركة السينمائية بالسعودية، مشيراً إلى أن العمل السينمائي المستند إلى النقد الواعي الهادف الصادق يُعد المحرك الرئيسي للتطور والإبداع.

وشدّد على أن إبراز مفهوم الصدق والإخلاص لرسائل الأعمال الفنية قد يكون مفتاح وصول الأعمال السعودية المتنوعة للعالمية، مشيراً إلى أن السينما الحقيقية تبدأ من البيئة المحلية.

وأضاف أن المخرجين عندما يقدمون أعمالاً من بيئتهم المحلية، وتعبر عن خصوصيتهم، ستكون انطلاقتهم الحقيقية للعالمية، مشيراً إلى أهمية أن تكون الأفلام معبرة عن مجتمعها، وليست مجرد إعادة إنتاج لأفكار وأفلام الغرب، عبر إقحام أفكارهم في أعمالنا.

جانب من الندوة (هيئة الأفلام السعودية)

ولفت إلى أن القصص التي تُلامس الواقع وتعبر عن الهوية السعودية ستكون قادرة على الوصول للجمهور العالمي، مشدداً على أهمية الصدق في التعبير عن أنفسنا وثقافتنا، دون محاولة إرضاء تصورات وتوقعات الغرب المحددة عنا، الأمر الذي سيمكّن من استخدام السينما بصفتها أداة لتعريف العالم بنا وبتنوعنا الحقيقي، وليس ما يتوقعونه منا.

وأكد أن النقد السينمائي أسهم في مسيرته بشكل كبير، خصوصاً بعد عرض فيلمه «اغتيال مدينة» في افتتاح الدورة الثانية من «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»، مستذكراً حديث الناقد المصري الراحل سمير فريد معه وطلبه منه أن يقدم أشياء أطول وأكثر تعقيداً بعد مشاهدته فيلمه الأول، الأمر الذي ترك أثراً كبيراً على مسيرته الفنية.

واستعاد المحيسن ذكريات تقديم الفيلم بعد اندلاع الحرب الأهلية في لبنان بوقت قصير، خلال منتصف السبعينات من القرن الماضي، وهو البلد الذي عاش فيه عدة سنوات، خلال دراسته في المرحلة الثانوية، في نهاية الستينات وأوائل السبعينات، قبل أن يتجه إلى لندن لاستكمال دراسته، مؤكداً أنه مزج في الفيلم بين استخدام الرسوم المتحركة في البداية، واللقطات التي وثّقها، لافتاً إلى أنه استخدم الرسوم المتحركة في بداية الأحداث لإيصال رسالة الفيلم بطريقة رمزية مبتكرة.

وأضاف أن ما قد يراه البعض الآن سهلاً عند مشاهدة الفيلم، لم يكن سهلاً وقت تقديمه، خصوصاً أن الأفلام الوثائقية لم تكن لها منافذ عرض تصل من خلالها إلى الجمهور، بالإضافة إلى عدم وجود تجارب عربية سابقة استُخدمت فيها الرسوم المتحركة بأعمال وثائقية، الأمر الذي لم يكن مألوفاً عند تقديم الفيلم.

وقال الناقد السعودي أحمد العياد، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاحتفاء بمسيرة المحيسن في الملتقى يأتي تقديراً لما قدّمه للسينما السعودية؛ ليس فقط عبر أفلامه التي جعلته من الرواد الحقيقيين للسينما السعودية، ولكن أيضاً لما قدّمه من دعم مستمر للشباب، خلال مسيرته الممتدة على مدار أكثر من 50 عاماً.

وتستمر أعمال مؤتمر «النقد السينمائي الدولي» في نسخته الثانية بمدينة الرياض حتى 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، حيث يلتقي الخبراء وصناع الأفلام والمبدعون في رحلة استكشافية لفن «الصوت في السينما» الذي اختير موضوعاً لمؤتمر هذا العام.

يقام المؤتمر تحت عنوان «الصوت في السينما» (هيئة الأفلام السعودية)

وأرجع رئيس هيئة الأفلام عبد الله آل عياف اختيار الصوت ليكون موضوع هذا العام بوصفه «نصف التجربة السينمائية الذي يحكي ما لا تستطيع أن تحكيه الصورة، سواء أكان الصوت موسيقى تصل مباشرة إلى الروح، أم حواراً يُظهر الحقيقة، أم صمتاً هو أقوى من كل صوت».

وأثنى الناقد السينمائي المصري أندرو محسن، لـ«الشرق الأوسط»، على تركيز المؤتمر على الصوت بوصفه أحد العوامل المهمة في صناعة الشريط السينمائي، وعَدَّ النقد من الأمور التي تساعد على تحسين جودة الإنتاج السينمائي.