تتزايد في الجزائر ضغوط جمعيات ضحايا الألغام، الموروثة عن حرب التحرير، على الحكومة لدفعها إلى رفع شكوى إلى محكمة العدل الدولية، بغرض تصنيف زرع الألغام «جريمة ضد الإنسانية»، خاصة أن الجزائر أحصت منذ الاستقلال مقتل أكثر من 7 آلاف شخص ومئات المصابين، جراء الألغام التي نشرها الاستعمار على الحدود الشرقية والغربية، في إطار حربه على ثورة الاستقلال.
وأكد وزير المجاهدين العيد ربيقة في تصريحات بالعاصمة، اليوم (الأربعاء)، أن الدولة «عملت منذ الاستقلال على التكفل بضحايا الألغام التي زرعها الاستعمار الفرنسي خلال الثورة، عبر سياسة وطنية واعية»، مشيداً بدور الجيش في أعمال تطهير المناطق الحدودية الملغمة والملوثة، وإزالة بقايا المتفجرات التي زرعها المستعمر إبان حرب التحرير (1954 - 1962).
كما أبرز الوزير أن الحكومة «ملتزمة باتفاقية أوتاوا لحظر استخدام الألغام، التي وقعت عليها الجزائر في ديسمبر (كانون الأول) 1997، والتي مست 93 منطقة ملغومة، 78 منها كانت على خطي شال وموريس بشرق البلاد، مشيراً إلى «حصد نتائج إيجابية بفضل تطبيق البرنامج الوطني لإزالة الألغام».
وأقامت السلطات الفرنسية خط «موريس» المكهرب (نسبة إلى وزير الدفاع الفرنسي السابق أندريه موريس) على الحدود الجزائرية الغربية مع المغرب، وعلى امتداد 700 كيلومتر، ووضع تحت مراقبة دائمة ابتداء من شهر يوليو (تموز) 1957، عبر زرع حقول من الألغام، وتم تعزيز هذا الخط بخط «شال»، نسبة إلى الجنرال موريس شال، على الحدود الشرقية مع تونس وليبيا، وامتد على طول الحدود التونسية ليصل إلى 460 كيلومتراً بين سنة 1958 و1960.
وبحسب ربيقة، فإن الجزائر تعد «في طليعة الدول التي دعت إلى تجريم وتحريم زرع الألغام»، مشيراً إلى أن الدولة «تسهر على تمكين فئة المصابين وضحايا الألغام والمدنيين من كل حقوقهم من خلال عمليات التكفل الهادفة إلى ترقية الخدمات النوعية، لا سيما بالمركز الوطني لتجهيز مصابي حرب التحرير الوطني، وذوي الحقوق وملحقاته، وقاعات العلاج والتأهيل العضلي والتكفل النفسي بالضحايا».
من جهته، أكد رئيس «الجمعية الوطنية لضحايا الألغام»، عبد القادر العربي، الذي كان مع الوزير، أن الجزائر «تخلصت من مفعول أكثر من مليون لغم، وطهرت أكثر من 50 ألف هكتار من الأراضي، وزرعت بها أشجاراً»، مبرزاً أن الألغام خلفت أكثر من 7000 ضحية بعد انفجارها، وفق إحصائيات «المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة».
وأوضح العربي أن «الاستراتيجية المعتمدة حالياً، بعد أن أقرت الجزائر العمل باتفاقية (أوتاوا) في 2001 تتمثل في دراسة احتياجات الضحايا»، مشدداً على أن الألغام «تبقى جريمة حرب ضد الإنسانية، وهو ما يستدعي إجراء دراسات قانونية لإشراك جميع الفاعلين الدوليين، ومحاسبة المتسببين فيها من خلال اللجوء إلى محكمة العدل الدولية».
ورفعت الحكومة الجزائرية عام 2019 تقريراً إلى الأمم المتحدة، يتناول «الجهود الجبارة المبذولة منذ عشرات السنين في مجال تطهير الأراضي المزروعة بالألغام، والتحسيس من أخطارها»، مؤكدة أنها خلفت 4830 ضحية من المدنيين خلال الثورة، و2470 ضحية بعد الاستقلال بسنوات قليلة، لتتواصل الخسائر حتى بلغت 7300 قتيل حسب آخر إحصائية عام 2021.
كما أشار التقرير إلى أن «العدد الأكبر لضحايا الألغام المضادة للأفراد، تم تسجيله بالمناطق الحدودية الرئيسية المعنية، ابتداء من عام 1956، وخاصة في ولايات الطارف وسوق أهراس وقالمة وتبسة بشرق البلاد، وولايات تلمسان والنعامة وبشار بالغرب».
جزائريون يطالبون بتصنيف ألغام الاستعمار «جريمة ضد الإنسانية»
بعد أن خلفت أكثر من 7 آلاف قتيل ومئات المعطوبين منذ الاستقلال
جزائريون يطالبون بتصنيف ألغام الاستعمار «جريمة ضد الإنسانية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة