تقرير حقوقي يتهم الحوثيين بارتكاب جرائم حرب على خلفية تجنيد الأطفال

طفل يمني يحمل سلاحه خلال تجمع لمقاتلين جدد للحوثيين في صنعاء (أ.ف.ب)
طفل يمني يحمل سلاحه خلال تجمع لمقاتلين جدد للحوثيين في صنعاء (أ.ف.ب)
TT
20

تقرير حقوقي يتهم الحوثيين بارتكاب جرائم حرب على خلفية تجنيد الأطفال

طفل يمني يحمل سلاحه خلال تجمع لمقاتلين جدد للحوثيين في صنعاء (أ.ف.ب)
طفل يمني يحمل سلاحه خلال تجمع لمقاتلين جدد للحوثيين في صنعاء (أ.ف.ب)

اتهمت منظمة حقوقية يمنية قادة في الميليشيات الحوثية بارتكاب جرائم حرب لمساهمتهم الفاعلة في تجنيد الأطفال قسرياً تحت سن 15عاماً، وبارتكاب جرائم خطيرة ضد الطفولة واختراق قواعد الحرب وقانون حقوق الإنسان، مشيرة إلى تسبب غياب دور المجتمع الدولي وضعف آليات المساءلة المحلية في استمرار ظاهرة تجنيد الأطفال في اليمن.
وفي تقرير بعنوان «أطفال لا جنود» كشف التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن عن تعرض الأطفال لانتهاكات واسعة لحقوقهم التي كفلتها المواثيق العالمية، بسبب الصراع الدائر، وشمل ذلك تغيير معتقداتهم وهويتهم الوطنية والتجنيد القسري والاستغلال الجنسي وعدة أعمال أخرى يمكن وصفها بالاتجار بالبشر، وفقا لما جاء في التقرير الذي أُطلق أخيراً.
ووثق الفريق الميداني للتحالف رصد 248 واقعة تجنيد واستغلال أطفال في 10 محافظات يمنية خلال 6 أشهر هي مدة نشاطه لإعداد التقرير، وأظهرت نتائج البحث الميداني لفريق التقرير أن محافظة إب تتصدر أعمال التجنيد بواقع 55 طفلاً تليها عمران 46 طفلاً.
واتهم معدو التقرير الميليشيات الحوثية بتجنيد الأطفال بشكل ممنهج وواسع، وبلغ عدد من جندتهم 231 طفلاً خلال فترة إعداد التقرير، ونوهوا بأن بقية الأطراف مارست أعمال التجنيد للأطفال بمستويات محدودة، حيث تم رصد 9 أطفال تم تجنيدهم لصالح الحكومة اليمنية، و8 أطفال من طرف تشكيلات شبه عسكرية لا تخضع لسلطة الحكومة الشرعية.
وأكد مطهر البذيجي رئيس «تحالف رصد» أن الميليشيات الحوثية زادت من وتيرة عمليات تجنيد الأطفال خلال العام الماضي، وهو العام الذي وقعت فيه اتفاقية على خطة إنهاء تجنيد الأطفال مع الأمم المتحدة، وأُطلقت فيه الحملة الدولية لإنهاء تجنيد الأطفال من طرف الحكومة ومكتب الأمم المتحدة في اليمن.
وقال البذيجي لـ«الشرق الأوسط» إن جماعة الحوثي لا تكترث أو تلتزم بما توقع عليه من اتفاقيات، وإنها جندت 35 طفلا عقب توقيع اتفاقها مع الأمم المتحدة على خطة إنهاء تجنيد الأطفال منتصف العام الماضي، بحسب ما تم رصده عن طريق فريق الراصدين.
وأضاف البذيجي أن التحالف الذي عمل خلال الفترة من نهاية أغسطس (آب) الماضي، وحتى نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي تأكد من أن جماعة الحوثي هي أكثر الأطراف التي تعمل على تجنيد الأطفال، حيث تسعى لتعويض النزيف البشري الذي عانت منه خلال السنوات الأخيرة بمقتل الآلاف من مقاتليها.
ويبين التقرير أن 238 طفلاً جرى تجنيدهم بوسائل ترغيبية، و10 أطفال جُندوا بوسائل ترهيبية، واستخدِمت وسائل كثيرة للتأثير عليهم، حيث تم استقطاب 43 طفلاً بتسليمهم رواتب، و26 لجأت الميليشيات الحوثية إلى إلحاقهم بدورات ثقافية و41 آخرين نُقلوا إلى معسكرات.
كما تم استقطاب 8 أطفال دون معرفتهم بما يُراد منهم، و6 تمكنت الميليشيات من إغرائهم بتسلم أسلحة و3 دفعتهم عائلاتهم للتجنيد، بينما 7 جُندوا في نقاط التفتيش الأمنية، ولم تعرف دوافع تجنيد 98 آخرين، ورجح معدو التقرير أن للعوامل الاقتصادية والإعلام والمناهج التعليمية دورا في تجنيدهم.
وطبقاً لمعدي التقرير، فإن النتائج المتوقعة لتحليل الوقائع الموثقة تشير إلى أن العدد الأكبر من المجندين الأطفال لقوا حتفهم خلال الأعمال القتالية، حيث سجل التقرير مقتل 142 طفلاً، فيما لا يزال 82 قيد التجنيد في المواقع القتالية والمعسكرات ونقاط التفتيش، وعاد 13 طفلا فقط إلى منازلهم، بينما يوجد 5 أطفال مجندين تم احتجازهم كأسرى حرب، و4 مصيرهم مجهول.
كما كشف التقرير عن أن ميليشيات الحوثي تستقطب الأطفال عبر سلسلة من المشرفين الذين يزاولون مهام التحشيد، وسخّرت من أجلهم الكثير من الأموال لتسهيل عملهم في التأثير على الأطفال، مشيرا إلى تأثير تغيير المناهج التعليمية للأطفال على الدفع بهم إلى التجنيد.
وتستخدم الدعاية ووسائل الإعلام الحوثية لصناعة هالة من المهابة والتبجيل المصطنعين على القتلى من الأطفال المجندين، لا سيما خلال تشييع جنائزهم لتحفيز أقرانهم للالتحاق بالميليشيات تأسيا بهم والثأر لهم، إلى جانب الخطاب التعبوي لقادتها وإنتاج كثير من البرامج والمواد الإعلامية لتحفيزهم للقتال تحت شعارات الدفاع على الوطن والعرض والأرض والشرف.
ومما يزيد من تشدد الأطفال بعد غسل أدمغتهم وإلحاقهم بالقتال في الجبهات التعامل معهم كمشتبهين بدلاً من اعتبارهم ضحايا، ويواجهون تحديات أثناء العودة إلى مجتمعاتهم المحلية، ويُوصمون بالمجرمين أو أن لديهم القابلية لارتكاب الجريمة، وهذا الوصم يزيدهم إصراراً على مواقفهم، ويضعف من إمكانية دمجهم في المجتمعات المحلية.
ولم تحصل «الشرق الأوسط» على بيانات أو معلومات من الحكومة اليمنية حول تجنيد الأطفال في صفوف قواتها المسلحة، أو حول مراحل تنفيذ برنامجها لإنهاء تجنيد الأطفال الذي تتشاركه وزارة حقوق الإنسان مع الأمم المتحدة، حيث لم يرد مسؤولو الوزارة على الاستفسارات الموجهة إليهم.


مقالات ذات صلة

خلال أسبوع... 5 محطات من المشاورات الثنائية تعزّز مستوى التنسيق بين الرياض وواشنطن

الخليج زيارة وزير الخارجية السعودي الرسمية إلى الولايات المتحدة الأميركية تتوّج أسبوعاً حافلاً من التنسيق رفيع المستوى بين البلدين (الخارجية السعودية)

خلال أسبوع... 5 محطات من المشاورات الثنائية تعزّز مستوى التنسيق بين الرياض وواشنطن

شهد التنسيق السعودي - الأميركي 5 محطات من المباحثات الثنائية خلال أسبوع، تضمّنت مشاورات سياسية ودفاعية إلى العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية.

غازي الحارثي (الرياض)
العالم العربي عمار البكار الذي كان بجوار والده على الرصيف لحظة وفاته بسبب الجوع (إكس)

وفاة جائع تفضح مزاعم الحوثيين عن توزيع أموال الزكاة

كشفت وفاة شخص من الجوع في مدينة إب اليمنية مزاعم الجماعة الحوثية عن إنفاق الأموال التي تجمعها بمسمى الزكاة، في حين تواصل الجماعة جمع الجبايات لمجهودها الحربي.

وضاح الجليل (عدن)
خاص مقاتلة «إف-18» أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» (أ.ف.ب)

خاص وزير يمني: الضربات الأميركية تفقد الحوثيين 30 في المائة من قدراتهم العسكرية

تواجه الجماعة المدعومة من إيران حالة من الارتباك العميق، وفقاً لمسؤول يمني رفيع، كشف عن أن الجماعة خسرت ما يقارب 30 % من قدراتها العسكرية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي أتباع الحوثيين بجوار لوحة إعلانية تظهر صورة مفبركة لسفينة تحترق وهي ترفع العلم الأميركي (غيتي)

ضربات واشنطن تستنزف الحوثيين رغم التكتم على الخسائر

تواجه الجماعة الحوثية مأزقاً غير مسبوق بعد استهداف الولايات المتحدة الواسع لقدراتها العسكرية وقادتها الميدانيين، وعجزها عن الرد عليها أو إحداث توازن بالمواجهة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي لقطة جوية لمصور يمني توضح انفضاض مصلين في إب بعد تعيين خطيب حوثي لصلاة العيد (إكس)

اليمنيون يرفضون أداء صلاة العيد تحت وصاية الحوثيين

تسبب فرض الجماعة الحوثية خطباء لصلاة العيد من أتباعها في رفض السكان في مناطق سيطرتها أداء الصلاة تحت وصايتها، وانتقل الآلاف منهم لأدائها في مناطق سيطرة الحكومة.

وضاح الجليل (عدن)

اختفاء مراهقين وأطفال في ذمار بالتزامن مع معسكرات الصيف الحوثية

الحوثيون يخضعون أطفالاً في ذمار للتعبئة الفكرية (فيسبوك)
الحوثيون يخضعون أطفالاً في ذمار للتعبئة الفكرية (فيسبوك)
TT
20

اختفاء مراهقين وأطفال في ذمار بالتزامن مع معسكرات الصيف الحوثية

الحوثيون يخضعون أطفالاً في ذمار للتعبئة الفكرية (فيسبوك)
الحوثيون يخضعون أطفالاً في ذمار للتعبئة الفكرية (فيسبوك)

بالتزامن مع تدشين جماعة الحوثي حملات استقطاب واسعة لأطفال وشبان إلى معسكراتها الصيفية لهذا العام، عادت ظاهرة اختفاء المراهقين إلى الواجهة مجدداً في محافظة ذمار الخاضعة لسيطرة الجماعة، وسط مخاوف حقوقية ومجتمعية من تصاعد الظاهرة واستخدامها غطاء لعمليات التجنيد القسري.

وأفادت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» بأن المحافظة شهدت خلال الأيام القليلة الماضية تسجيل ما لا يقل عن ثماني حالات اختفاء مفاجئة لأطفال وشبان تتراوح أعمارهم بين 10 و20 عاماً، في مدينة ذمار وعدد من المديريات المجاورة، دون أن تتمكّن أسرهم من معرفة مصيرهم أو الجهات التي تقف وراء اختفائهم.

ويرى ناشطون حقوقيون في محافظة ذمار أن تصاعد حالات الاختفاء خلال الفترة الأخيرة ليس أمراً عابراً، بل يمثّل مؤشراً خطيراً على عمليات تجنيد منظّم تمارسها الجماعة الحوثية بحق القاصرين، في إطار ما تسميه «المعسكرات الصيفية». وأكدوا أن العام الحالي شهد تصاعداً غير مسبوق في جرائم الخطف، معظم ضحاياها من الفتيان والمراهقين.

الحوثيون يركّزون على الأطفال والمراهقين لتعبئتهم فكرياً وطائفياً (فيسبوك)
الحوثيون يركّزون على الأطفال والمراهقين لتعبئتهم فكرياً وطائفياً (فيسبوك)

وأشار الحقوقيون إلى أن الجماعة الحوثية تسعى من خلال هذه المعسكرات إلى غسل أدمغة الأطفال والمراهقين بالأفكار المتطرفة وتلقينهم مفاهيم طائفية، تمهيداً لإرسالهم إلى جبهات القتال تحت شعارات دينية وسياسية، من بينها «نصرة فلسطين».

وقائع مؤلمة

من بين أحدث حالات الاختفاء التي وثّقتها مصادر محلية، اختطاف الطفل أكرم صالح الآنسي من وسط مدينة ذمار قبل يومين، ولا يزال مصيره مجهولاً. كما شهدت المدينة حادثة اختفاء الطفل مهنأ حفظ الله (13 عاماً) في أثناء خروجه من منزله، دون أن تنجح أسرته حتى الآن في العثور عليه رغم عمليات البحث المكثفة.

وسُجلت أيضاً حالة اختفاء لطفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات، إلى جانب حادثة غامضة أخرى لاختفاء خمسة إخوة من أسرة واحدة، جميعهم دون سن البلوغ، في أثناء قضاء إجازة عيد الفطر في ضواحي المدينة.

وأكد شهود عيان أن الأطفال الخمسة: عبد الرزاق، وهايل، وهناء، وملايين، وجنى، اختفوا في الثالث من أبريل (نيسان) الحالي دون أي أثر، في حين لم تُسفر جهود الأسرة الذاتية عن أي نتيجة.

وتحدّث سكان لـ«الشرق الأوسط» عن تنامي الظاهرة، متهمين جماعة الحوثي باستخدام عمليات الاختفاء وسيلة للابتزاز السياسي والمجتمعي، وفرض واقع التجنيد بالقوة.

قيادات حوثية لدى زيارتها حديثاً لمعسكر صيفي في ذمار (إعلام حوثي)
قيادات حوثية لدى زيارتها حديثاً لمعسكر صيفي في ذمار (إعلام حوثي)

وقال أحد السكان، ويدعى خيري، إن المحافظة تحوّلت خلال الفترة الماضية إلى «ساحة مفتوحة» لخطف المراهقين، متهماً قادة الحوثيين بالوقوف خلف عمليات الاختفاء، خصوصاً بعد رفض الأهالي إرسال أبنائهم إلى المعسكرات.

وأضاف خيري أن الحوثيين يسعون لتحويل الأطفال إلى «دروع بشرية» أمام الضربات الأميركية، واستثمار ذلك لاحقاً في الخطاب السياسي والإنساني، مشيراً إلى أن عشرات الشبان اختطفوا من عدة مناطق بذمار وتمّ إخضاعهم للتعبئة الفكرية والعسكرية دون علم أو موافقة أسرهم.

وكان القيادي الحوثي محمد البخيتي، المعيّن في منصب محافظ ذمار، قد دفع خلال الأعوام الماضية بمئات المجندين، معظمهم من الأطفال والمهمشين واللاجئين الأفارقة، إلى خطوط القتال عبر دوريات عسكرية تابعة للجماعة.

ويحذّر ناشطون من أن استمرار هذه السياسة يضع حياة آلاف الأطفال والشبان في خطر حقيقي، ويهدّد النسيج المجتمعي لمحافظة ذمار التي ترفض الغالبية العظمى من سكانها الزج بأبنائهم في حروب لا علاقة لهم بها.