مصر تبرز إجراءات «الحماية الاجتماعية» لمواجهة الغلاء

قالت إنها تستهدف الحد من «تبعات الأزمة العالمية»

مبادرة «كتف في كتف» لدعم الفقراء في مصر (الصفحة الرسمية للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي)
مبادرة «كتف في كتف» لدعم الفقراء في مصر (الصفحة الرسمية للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي)
TT

مصر تبرز إجراءات «الحماية الاجتماعية» لمواجهة الغلاء

مبادرة «كتف في كتف» لدعم الفقراء في مصر (الصفحة الرسمية للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي)
مبادرة «كتف في كتف» لدعم الفقراء في مصر (الصفحة الرسمية للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي)

أبرزت الحكومة المصرية، (الاثنين)، إجراءات «الحماية الاجتماعية» التي اتخذتها خلال الفترة الماضية للحد من تبعات الغلاء، والأزمة الاقتصادية العالمية على المواطنين، ولا سيما الفئات الأكثر احتياجاً. واستعرض مجلس الوزراء، في تقرير مطول، كافة الإجراءات، والخطوات التي نفذتها الحكومة، بما في ذلك «توسيع نطاق عمل المنظمات الأهلية، والأعمال الخيرية، والمشروعات القومية».
وأشار التقرير إلى «تكلفة الحزمة المالية التي تحملتها الحكومة لتحسين أجور العاملين بالدولة، وكذلك أصحاب المعاشات، فضلاً عن (معاش تكافل وكرامة) الذي يُصرف للفئات الأكثر احتياجاً، التي بلغت 190 مليار جنيه (الدولار بـ30.75 جنيه)».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجّه في مارس (آذار) الماضي بزيادة أجور العاملين بالدولة وأصحاب الكادرات الخاصة 1000 جنيه شهرياً. فضلاً عن دعم معاشات «تكافل وكرامة» بنسبة 25 في المائة شهرياً، وزيادة المعاشات بحد أدنى 170 جنيهاً، وحد أقصى 1635 جنيهاً، كما شملت حزمة الدعم المالي للأجور زيادة العلاوة الدورية المقررة للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية، وزيادة حد الإعفاء الضريبي على الدخل ليصبح 36 ألف جنيه سنوياً بدلاً من 24 ألف جنيه.
شملت جهود الحكومة المصرية، حسب التقرير، «وضع خطة توسعية لمنافذ بيع السلع بأسعار تقل عن أسعار السوق بنحو 30 في المائة، لتكون متاحة في أكثر من 25 ألف منفذ متحرك وثابت». وذكر التقرير أن «الحزمة المالية المخصصة لدعم السلع التموينية والخبز وكذلك المواد البترولية بلغت نحو 100 مليار جنيه».
ولفت التقرير إلى مشروع «حياة كريمة» الذي انطلق كمبادرة «تستهدف تطوير القرى الأكثر فقراً في الريف المصري، ثم تحول إلى مشروع قومي بتكلفة تريليون جنيه في يونيو (حزيران) 2021». وأوضح أنه «تم الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع في عام 2021 -2022، وشملت تطوير 52 مركزاً، فيما يجري حالياً تنفيذ المرحلة الثانية، التي تشمل 60 مركزاً، في حين تضم المرحلة الثالثة 60 مركزاً ينتظر الانتهاء من تطويرها خلال عام 2023 -2024».
وتطرق تقرير مجلس الوزراء إلى «دور (التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي) الذي انطلق في مارس 2022، في تعزيز جهود الحماية الاجتماعية، من خلال ضم وتنظيم عمل 34 كياناً في قطاع العمل الأهلي في مصر تحت مظلة واحدة». وحسب البيانات الواردة في التقرير، «وصل التحالف إلى نحو 30 مليون مواطن من الأكثر استحقاقاً، لتوفير مظلة خدمية شملت الدعم الصحي والغذائي، وكذلك الدعم المالي وتقديم معاشات شهرية لأكثر من 600 ألف أسرة».
كان القطاع الزراعي ضمن «أولويات التحالف الوطني للعمل الأهلي»، الذي أطلق مبادرة «ازرع» لدعم الفلاحين وتوسيع نطاق الزراعات الاستراتيجية، مثل القمح، حيث يتم تنفيذ المبادرة في 8 محافظات مع 100 ألف من صغار المزارعين بمساحة 150 ألف فدان، لإنتاج 3.3 مليون أردب قمح، حسب التقرير.
وانضمت مبادرة «كتف بكتف» التي انطلقت قبيل شهر رمضان، بمشاركة 60 ألف متطوع، بهدف توزيع 6 ملايين كرتونة مواد غذائية بالمحافظات كافة، إلى سلسلة الجهود الحكومية لصد تبعات الأزمة الاقتصادية. وأشار التقرير إلى مساهمات صندوق «تحيا مصر» في تعزيز الحماية الاجتماعية للمواطنين «بتكلفة مالية وصلت إلى 22 مليار جنيه منذ إنشائه حتى الآن». من جانبه، يُثمن النائب عاطف المغاوري، عضو البرلمان المصري، جهود الحكومة لتوفير مظلة حماية اجتماعية للمواطن، غير أنه وصف الحلول السابقة بـ«المُسكن»، ويقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المواطن المصري بحاجة إلى خطة طوارئ شاملة تقدم حلولاً استثنائية لمواجهة الضغوط الاقتصادية، مثل إعادة تشغيل المصانع المتوقفة وتحريك عجلة الإنتاج». ويرى المغاوري أن الدعم المالي المباشر «لن يحقق العدالة، وإن وفر حماية مؤقتة، لأنها غير مستدامة»، ويقول إن «الدعم المالي المباشر دون حل جذور الأزمة يفاقمها، لأنه يعزز ثقافة الفقر». ويشير إلى أن «الزيادة المحدودة في الأجور أو المعاشات الاستثنائية أو تلك المبادرات مثل (تكافل وكرامة) توفر حماية مؤقتة للفئات الاجتماعية الأكثر احتياجاً، لكن ثمة طبقات أخرى سقطت من السلم الاجتماعي ولا تشملها هذه الجهود، ومن ثم على الحكومة أن تقدم حلولاً ضامنة لتحقيق عدالة اجتماعية مستدامة».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)
TT

مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)

مع بدء المرافعات الختامية ضد المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية في إقليم دارفور(غرب السودان)، علي عبد الرحمن، الشهير باسم «علي كوشيب»، أبلغ مدعي المحكمة الجنائية الدولية قضاة أن «غالبية الأدلة تظهر أن سلوك المتهم وأفعاله تثبت ارتكابه الجرائم المنصوص عليها».

وقال إن علي عبد الرحمن، المشتبه به في أول محاكمة تنظر جرائم الحرب في إقليم دارفور بالسودان قبل عقدين، كان زعيم ميليشيا مرهوب الجانب وأمر بارتكاب فظائع منها القتل والاغتصاب والنهب.

ودفع عبد الرحمن ببراءته من تهمة الإشراف على آلاف من مقاتلي «الجنجويد» الموالين للحكومة خلال ذروة القتال في عامي 2003 و2004. وقال دفاعه إنه ليس زعيم الميليشيا، المعروف أيضاً باسمه الحركي «علي كوشيب». ووصف الدفاع المتهم «كوشيب» في وقت سابق بأنه «كبش فداء» قدّمته الحكومة السودانية للتغطية على المتهمين الرئيسيين، منهم الرئيس المخلوع عمر البشير، ووزيرا الدفاع وقتها عبد الرحيم محمد حسين، والداخلية أحمد هارون.

الادعاء أثبت قضيته

وقال المدعي العام للمحكمة كريم خان، في بيانه الختامي، الأربعاء، إنه خلال المحاكمة التي استمرت عامين، قدّم شهود الادعاء «روايات مفصلة عن القتل الجماعي والتعذيب والاغتصاب واستهداف المدنيين وحرق ونهب قرى بأكملها»، وإن الادعاء أثبت قضيته بما لا يدع مجالاً للشك.

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

وتمثل المرافعات الختامية نهاية المحاكمة الأولى والوحيدة التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم المرتكبة في السودان منذ إحالة مجلس الأمن الدولي القضية إلى المحكمة في 2005، ولا تزال هناك أوامر اعتقال معلقة بحق مسؤولين سودانيين كبار في عهد الرئيس السابق عمر البشير.

واندلع الصراع في دارفور لأول مرة عندما حمل متمردون غير عرب السلاح في وجه حكومة السودان، متهمين إياها بتهميش المنطقة النائية الواقعة في غرب البلاد. وحشدت حكومة السودان آنذاك ميليشيات عربية في الأغلب تعرف باسم «الجنجويد» لقمع التمرد، ما أثار موجة من العنف وصفتها الولايات المتحدة وجماعات حقوق الإنسان بأنها تصل إلى حد الإبادة الجماعية.

ومنذ بدء المحاكمة التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية، اندلع الصراع مرة أخرى في دارفور، وتحول الصراع الحالي المستمر منذ 20 شهراً بين الجيش و«قوات الدعم السريع» شبه العسكرية إلى صراع يزداد دموية مع تعثر جهود وقف إطلاق النار. وأعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في يونيو (حزيران) من هذا العام أنه يجري أيضاً تحقيقات عاجلة في مزاعم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية حالياً في دارفور.

ومن المقرر أن تستمر المرافعات الختامية إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.

حكومة السودان سلّحت «الجنجويد»

وذكر خان أن حكومة السودان وآخرين كانوا يقومون بتسليح ميليشيا «الجنجويد» من أجل مقاومة «التمرد»، إلا أن الضحايا في هذه القضية «لم يكونوا ثواراً، بل هم مدنيون. وقال في مرافعته إن المحكمة استمعت، في وقت سابق، إلى روايات 81 شاهداً «تحدثوا عن القتل الجماعي والاغتصاب والحرق والتدمير لقرى كاملة وتهجير أهاليها من شعب الفور الذين حتى لا يستطيعون العودة إلى مناطقهم حتى اليوم».

وأضاف أن مئات الرجال من قبيلة الفور تعرضوا للاعتقال والتعذيب في مكجر ودليج بوسط دارفور، وتم هذا على يد المتهم في هذه القضية «علي كوشيب». وتابع: «قدمنا للمحكمة أدلة على جرائم الاغتصاب التي ارتكبها (الجنجويد)، والتي كانت جزءاً من سياسة استراتيجية لـ(الجنجويد) وحكومة السودان ضد شعب الفور».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المدعي العام إن كل التهم المسؤول عنها جنائياً المتهم علي كوشيب «تم إثباتها أمام المحكمة، ونأمل أن تأخذ المحكمة بالأدلة الموثوقة من خلال محاكمة نزيهة». وأكد أن المتهم «مسؤول عن جرائم ارتكبت في مناطق كتم وبندسي ومكجر ودريج في أثناء الصراع بإقليم دارفور».

ووصف خان هذه المحاكمة بأنها تمثل بارقة أمل للذين فقدوا أقاربهم وممتلكاتهم، والذين ينتظرون العدالة لمدة 20 عاماً. ويواجه علي كوشيب 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتُكبت في إقليم دارفور بالسودان، خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2003 وأبريل (نيسان) 2004 بمناطق مكجر وبندسي ودليج وكدوم بوسط دارفور.

وبدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى، في 5 أبريل 2022، على أثر تسليم نفسه للمحكمة في يونيو 2020، واستجوبت المحكمة، خلال التقاضي، 56 شاهداً، وأغلقت قضية الادعاء في 5 يونيو 2023.