حفتر يمدد نفوذه إلى الزنتان باجتماع ممثليه مع الجويلي

مؤتمر صحافي لباشاغا في سرت... و«مديرية الزاوية» تتبرأ من التدهور الأمني

صورة وزعها إعلام «الجيش الوطني» لاجتماع وفده مع الجويلي في الزنتان
صورة وزعها إعلام «الجيش الوطني» لاجتماع وفده مع الجويلي في الزنتان
TT

حفتر يمدد نفوذه إلى الزنتان باجتماع ممثليه مع الجويلي

صورة وزعها إعلام «الجيش الوطني» لاجتماع وفده مع الجويلي في الزنتان
صورة وزعها إعلام «الجيش الوطني» لاجتماع وفده مع الجويلي في الزنتان

مدد المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، المتمركز في شرق البلاد، نفوذه إلى مدينة الزنتان الجبلية، على بعد 180 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة طرابلس، باجتماع لممثليه مع اللواء أسامة الجويلي آمر المنطقة العسكرية الغربية، الموالي لفتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية، الذي أعلن فجأة عن تنظيمه مؤتمراً صحافياً، الثلاثاء، بمدينة سرت.
وفي اجتماع نادر هو الأول من نوعه، اجتمع الجويلي، مساء الأحد، مع وفد يمثل الجيش الوطني، ضم أعضاءه في اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5)، وترأسه خيري التميمي مدير مكتب حفتر. وقالت «شعبة إعلام الجيش»، في بيان مقتضب، إن «الوفد التقى إلى جانب الجويلي، بعض قيادات وأعيان مدينة الزنتان».
ولاحقاً، اجتمع حفتر بأعضاء لجنة «5 + 5» ووكيل وزارة الداخلية فرج قعيم والعقيد باسم البوعيشي، بعد رجوعهم وإنهاء اجتماعاتهم في الزنتان وطرابلس للاطلاع على آخر المستجدات.
ولم يصدر أي بيان لتفسير الاجتماع الاستثنائي، الذي يؤكد صحة المعلومات المتواترة منذ فترة عن مصالحة بين حفتر والجويلي، تمت خلال اجتماعها في مقر حفتر بالرجمة خارج مدينة بنغازي بشرق البلاد.
وبحسب مراقبين، يمثل الاجتماع زيادة لافتة في نفوذ قوات حفتر إلى رقعة جغرافية واستراتيجية مهمة، بينما قال مصدر عسكري بالجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط»، مشترطاً عدم تعريفه، إن «حفتر حريص على تسريع توحيد المؤسسة العسكرية وتجاوز خلافات الماضي».
وكان وفد يمثل حفتر قد زار طرابلس مؤخراً، والتقى مع قيادات أمنية وعسكرية في المنطقة الغربية، بحضور عبد الله باتيلي رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا.
بدوره، أعلن باشاغا رئيس حكومة الاستقرار الموازية المكلف من مجلس النواب، اعتزامه عقد مؤتمر صحافي، بمقره في سرت، دون أن يفصح عن مضمون المؤتمر.
وبينما توقعت مصادر غير رسمية، أن يعلن باشاغا تخليه عن منصبه، تتويجاً لمفاوضاته السرية مع غريمه عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة المؤقتة، امتنع مكتب باشاغا عن التعليق.
وتكتم الدبيبة وباشاغا، معلومات عن اجتماعهما غير المعلن في مسقط رأسيهما بمدينة مصراتة بغرب البلاد. ولمح إبراهيم بوشناف مستشار الأمن القومي الليبي، إلى اتفاق سري بين من وصفهم ببعض أطراف الأزمة الليبية، بشأن تقاسم المناصب السيادية، وتنصيب رئيس جديد لمجلس الأمن القومي الليبي بدلاً منه.
لكن بوشناف، الذي كشف عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، عن هذا الاتفاق غير المعلن، امتنع عن الرد على أسئلة وجهت إليه بالخصوص، ورفض التعليق بشأنه.
وكان لافتاً تأكيد باشاغا، خلال اجتماعه مساء الأحد، بمقر حكومته غير المعترف بها دولياً، في سرت، مع اللواء أسامة الدرسي رئيس جهاز الأمن الداخلي، على تطوير العمل في المطارات والموانئ والمنافذ الحدودية، وفي كل مناطق ومدن ليبيا، وألا يقتصر العمل على المنطقتين الجنوبية والشرقية.
وقال باشاغا، في بيان وزعه مكتبه، إنه بعدما استمع لشرح بشأن التجهيزات الأمنية والخطط التي يقوم بتنفيذها الجهاز للحفاظ على الاستقرار واستتباب الأمن، أعطى تعليماته بمضاعفة الجهود لملف مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وتركيز كل الجهود في هذا الاتجاه.
من جهة أخرى، قالت حليمة عبد الرحمن وزيرة العدل بحكومة الدبيبة، إنها بحثت مع السفير الفرنسي مصطفى مهراج أولويات عمل الوزارة؛ كملف حقوق الإنسان والمصالحة الوطنية والملفات الأخرى، واعتبرت أن «العملية الانتخابية هي السبيل لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا وصولاً إلى الاستحقاق الانتخابي لكل الليبيين»، مشيرة إلى أنهما ناقشا الاهتمامات المشتركة في المجالين القضائي والقانوني، وتطوير التعاون بين البلدين.
كما بحثت حليمة، مع سفير تركيا كنعان يلماز، التعاون القضائي في مجال تنفيذ الأحكام القضائية وتبادل السجناء والمحكومين بين البلدين لدعم أواصر التعاون بين السلطتين الليبية والتركية، بالإضافة إلى تعزيز الشراكة بعد تبادل الخبرات في المجالات العدلية والقضائية.
بدورها، أخلت مديرية أمن الزاوية مسؤوليتها عن تدهور الوضع الأمني بالمدينة، ودافعت عن محدودية دورها، في مواجهة شكوى سكان وأهالي المدينة مؤخراً لحل أزمة الوقود وتردي الأوضاع الأمنية والخدمية بالمدينة.
وأرجعت انتشار ظاهرة تجارة المخدرات داخل المدينة، إلى كونها من اختصاص جهاز مكافحة المخدرات، كما أوضحت أن مكافحة تهريب الوقود والأسواق الموازية لبيع الوقود، اختصاص أصيل لجهاز الحرس البلدي.
وأكدت المديرية أن توفير الحماية لسيارات نقل الوقود، من مصفاة الزاوية إلى محطات الوقود، من اختصاص جهاز حرس المنشآت النفطية.
إلى ذلك، تحدث سكان محليون وشهود عيان، عن وقوع هزة أرضية خفيفة مساء الأحد، شعر بها أهالي المنطقة الغربية. وبينما لم يصدر أي بيان رسمي من المركز الليبي الحكومي للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء، نفت مؤسسة محلية غير رسمية لعلوم الفضاء، وجود هزّة أرضية، مشيرة في بيان لها في ساعة مبكرة من صباح الاثنين، إلى أنها تلقت كثيراً من الرسائل والاتصالات لشهادات بشعور هزّة أرضية في بعض مناطق غرب ليبيا، لم يتم رصدها في المراصد العالمية المعتمدة.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
TT

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.

فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

بين الرفض والقبول

تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.

الدبيبة والمنفي لم يعلّقا على تصريحات الطرابلسي (المجلس الرئاسي الليبي)

وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».

وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».

منظمة «العفو الدولية» قالت إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء» (وزارة الداخلية)

وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».

من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».

وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».

جمال الفلاح رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية (الشرق الأوسط)

وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».

وسيلة للإلهاء

أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.

تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».

زهراء لنقي عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي (الشرق الأوسط)

وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة؜ من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».

حماية الآداب العامة

غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».

وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.

وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».

وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».

أمينة الحاسية في لقاء سابق مع سيتفاني ويليامز (الشرق الأوسط)

ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».

المحامية الليبية ثريا الطويبي (الشرق الأوسط)

واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».