هل ينجح المبعوث الأممي في اختبار الانتخابات الليبية؟

وسط مطالب بمزيد من اجتماعات تضم عسكريين بالبلاد

المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي (البعثة الأممية)
المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي (البعثة الأممية)
TT

هل ينجح المبعوث الأممي في اختبار الانتخابات الليبية؟

المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي (البعثة الأممية)
المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي (البعثة الأممية)

رغم الخطوات التي قطعها عبد الله باتيلي المبعوث الأممي لدى ليبيا بالمسار الأمني، ووصفت بـ«القوية وغير المسبوقة»، فإن هناك تساؤلات أخرى يطرحها بعض السياسيين حول ما إذا كانت هذه التحركات كافية لإيجاد بيئة ملائمة تسمح بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية نهاية العام الحالي.
تقديرات عسكريين وباحثين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» ذهبت إلى إمكانية نجاح باتيلي، فعلياً في تحقيق هذا الهدف، لكن ذلك لن يمنعهم من توقع حدوث بعض العراقيل والتوترات.
«باتيلي نجح في جمع القوى الفاعلة على الأرض من حملة السلاح شرق وغرب البلاد، وهؤلاء فعلياً هم القادرون على تمرير الانتخابات في أي توقيت»، بهذا استهل وزير الدفاع الليبي الأسبق، محمد محمود البرغثي، تقييمه لمدى نجاح المبعوث الأممي في هذا الاختبار الذي قرر «خوضه بذكاء وشجاعة افتقدها أسلافه من المبعوثين السابقين».
وأبدى البرغثي، تفهمه لما يطرحه البعض من شكوك حول مدى التزام قيادات التشكيلات المسلحة بالمنطقة الغربية بإجراء الانتخابات، كون أن إجراءها يهدد بإنهاء سطوتها على الوضع الأمني هناك»، مشيراً إلى أن «الأمر لم ولن يكون مجانياً»، حيث رجح أن «تكون قيادات تلك التشكيلات فرضت شروطها خلال الاجتماعات الأمنية غير المعلنة التي سبقت اجتماعها بطرابلس مؤخراً».
كما رجح أن تكون هذه التشكيلات «اشترطت حصولها على مواقع ووظائف تدر عوائد مالية مماثلة لما يحصلون عليه حالياً، والأهم من ذلك اشتراطهم الحصول على ضمانات بعدم ملاحقتهم قانونياً داخل أو خارج ليبيا جرَّاء أي جرائم ارتكبوها طيلة الفترة السابقة، التي رصدت مراراً من قبل منظمات حقوقية دولية ومحلية».
وقدر الوزير السابق عدد العناصر المنضوية في صفوف تلك التشكيلات في المنطقة الغربية بما يقترب من 50 ألف عنصر، مشيراً إلى «احتمالية ضم الجزء الأكبر منها بوزارة الداخلية أو التكليف بحراسة بعض المقرات الهامة وربما السماح لهم أيضاً بتأسيس شركات الأمن والحماية الخاصة».
ورغم ظهور بعض الأصوات المعارضة والمنددة بالتوافق الأخير بين القيادات الأمنية والعسكرية بعموم البلاد، استبعد البرغثي «حدوث أي توترات أو اضطرابات تستدعي التدخل المسلح»، موضحاً: «المعترضون من قادة التشكيلات المسلحة لن يخاطروا بالمواجهة مع نظراء يفوقونهم عدداً وتسليحاً، ويحظون كذلك بالدعم الدولي، أما المعترضون من المدنيين ممن فقدوا ذويهم أو أملاكهم في الحروب والمعارك، التي دارت بين تلك القيادات العسكرية والأمنية خصوم الأمس وحلفاء اليوم، فستتم في الأغلب ترضيتهم مادياً».
ورأى أنه «إلى جانب القوات الشرطية بعموم البلاد وتشكيلات المنطقة الغربية ممن سيضطلعون سوياً بالإشراف على عمليات التأمين سيكون هناك تدخل من قبل القوات العسكرية من الجانبين إذا تطلب الأمر، بما في ذلك القوة العسكرية التي ستشكل لتأمين الحدود الجنوبية وتلك في الأرجح سيتم تدريبها من قبل واشنطن وحلفائها».
من جانبه، دعا رئيس حزب «التجديد» الليبي، سليمان البيوضي، المبعوث الأممي إلى توسيع دائرة المشاركة بالاجتماعات الأمنية لتضم كافة القوى الأمنية والعسكرية بعموم البلاد.
وأضاف البيوضي في إدراج له عبر حسابه على «فيسبوك» أنه «إذا لم ينتبه باتيلي، للقوى العسكرية المعزولة فإنه قد يجد نفسه مضطراً للعودة للخلف» ورأى أنه إذا نجح في احتواء كل القوى في حوار والخروج بميثاق واحد فإنه بذلك قد وضع تقريباً الانتخابات الرئاسية والبرلمانية موضع التنفيذ.
وتحدث الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أحمد عليبة، عن مجموعة من المحركات والتفاعلات الدولية والمحلية التي ستمكن باتيلي من توفير الحد الأدنى من البيئة الآمنة المطلوبة لإنجاز الانتخابات.
وأشار عليبة لـ«الشرق الأوسط» إلى «تحول مواقف القوى الدولية وفي مقدمتها واشنطن في التنسيق المتزايد مع قائد الجيش الوطني خليفة حفتر، مما يعكس وجود مصالح مشتركة تجمعهما»، لافتاً إلى أن ذلك ترجم إلى «مشاركة وفد الجيش في كافة الاجتماعات الأمنية التي عقدت الفترة السابقة داخل وخارج ليبيا وكذلك موافقتها على الانضمام للقوة المشتركة لتأمين الجنوب، التي وإن كان عنوانها الظاهري إيقاف نشاط الإرهاب وعمليات التهريب، فإن كافة الوقائع حولها تُنبئ بأنها تستهدف محاربة عناصر (فاغنر) الروسيين».
أما على المستوى المحلي، فأشار الباحث المصري «لضجر الليبيين الشديد من حالة الجمود والانسداد السياسي بالشهور الأخيرة»، موضحاً: «تلك الحالة مثلت قوة دفع داعمة لخطوات باتيلي في تعاطيه مع مجلسي النواب و(الأعلى للدولة) وحثهما على وضع القوانين الانتخابية في أقرب الآجال، مما يقلل من فرص وجود معارضين للعملية الانتخابية».
وأضاف: «كما أن التفاهمات التي تمت بشكل غير مباشر ما بين حفتر ورئيس حكومة (الوحدة) المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، وأسهمت بعقد الاجتماعات المشتركة بين قياداتهما العسكرية والأمنية خلال الفترة الأخيرة، تُنبئ أيضاً بإمكانية التصدي الجيد لأي عراقيل أو تهديدات تعترض مراحل العملية الانتخابية».
*************************************************************************************************************************************************************************************
كلام الصورة:
عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا (البعثة الأممية)


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

المنقوش: لقاء كوهين كان بتنسيق بين إسرائيل وحكومة الدبيبة

المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية
المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية
TT

المنقوش: لقاء كوهين كان بتنسيق بين إسرائيل وحكومة الدبيبة

المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية
المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية

كشفت وزيرة الخارجية المقالة بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، نجلاء المنقوش، عن أن لقاءها مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين الذي تمّ قبل أكثر من عام في روما، كان بتنسيق بين إسرائيل والحكومة، وقالت إنها ناقشت معه عدداً من القضايا «الأمنية الحساسة التي تهم استقرار ليبيا وفقاً لما كُلفت به».

صورة أرشيفية لنجلاء المنقوش (الوحدة)

وأضافت المنقوش لـ«منصة 360»، التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية، مساء يوم الاثنين، في أول حديث لها منذ مغادرتها ليبيا، أن اللقاء مع كوهين كان سرياً لأغراض أمنية واستراتيجية، لكنها أوضحت أنه كان يتعلّق «بالبحر المتوسط، والمحافظة على الموارد الليبية النفطية والمائية بالإضافة إلى الطاقة».

وأشارت إلى أنها «لم تكن طرفاً في الترتيب لأجندة الاجتماع مع كوهين... الحكومة هي التي رتبت، وأنا دوري كان إيصال الرسائل إلى الجانب الإسرائيلي»، واصفة تنصل «الوحدة» من اللقاء بأنه «عدم حكمة أو فقد القدرة على معالجة الأزمة بعد تسريب خبر اللقاء».

وأبدت المنقوش استغرابها من تسريب الجانب الإسرائيلي اللقاء، بالنظر إلى أن «الاتفاق كان عدم إعلانه وإبقاءه سرياً... المشكلة بالنسبة لي لم تكن في تسريب الخبر؛ بل كانت في طريقة معالجته، لأن ما قمت به هو من صميم عملي الدبلوماسي، كنت أقود الدبلوماسية الليبية؛ وعملي مقابلة كل وزراء الخارجية».

وقالت إن لقاءها كوهين «لم يكن خطأ من ناحية المبدأ»، مشددة على أن مقابلة الطرف الإسرائيلي كانت محددة في موضوعات وإطار معين، وكما يقولون «رب ضارة نافعة»، فبداية حديثي مع الوفد الإسرائيلي أكدت لهم أن موقف الليبيين الشرفاء والعرب الشرفاء هو الاعتراض على السياسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته.

احتجاجات سابقة في طرابلس على اللقاء بين المنقوش ونظيرها الإسرائيلي (أ.ب)

وسبق أن أثار اجتماع المنقوش - كوهين، الذي احتضنته إيطاليا في أغسطس (آب) الماضي، حالةً من الغضب في ليبيا تسببت في مغادرتها البلاد، في حين نفى عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة علمه بلقائها كوهين.

ولُوحظ خروج الكثير من المواطنين في مصراتة (غرب ليبيا)، سعياً للتظاهر ضد الدبيبة الذي قالت تقارير إنه وجّه وزير الداخلية بتشديدات أمنية على طرابلس لمواجهة أي احتجاجات.

وصعّد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حمّاد، يوم الاثنين، أمام مجلس النواب، من هجومه ضد غريمه الدبيبة، وعدّ لقاء مسؤولين في «الوحدة» مع «العدو الصهيوني» سقوطاً أخلاقياً وقانونياً، يجرّمه القانون بشأن مقاطعة إسرائيل.

والمنقوش المولودة في بنغازي (54 عاماً) خرجت من ليبيا سراً، عقب حالة غضب عارمة ومظاهرات في بعض المدن، إثر وقوعها تحت طائلة القانون الليبي، الصادر في عام 1957 بشأن «مقاطعة إسرائيل».

ويقضي القانون بـ«الحبس لمدة لا تقل عن 3 سنوات، ولا تزيد على 10 سنوات، وبغرامة لا تتجاوز 5 آلاف دينار، عقاباً لكل مَن يعقد اتفاقاً مع أي نوع من هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيتهم، أو يعملون لحسابها».

وأبدت المنقوش احترامها للقانون الليبي، وقالت إنها مستعدة للمثول أمام جهات التحقيق، لإثبات الحقيقة لليبيين الذين قالت «إنها تحبهم، وليس لديها ما تخفيه عنهم». وكان النائب العام أحالها إلى التحقيق منذ أغسطس 2023، لكنها تقول: «لم يتم استدعائي حتى اليوم».