الرئيس التونسي يقيل والي قابس بسبب «تجاوزات»

منظمة حقوقية تؤكد تراجع الحراك بسبب «تزايد الاعتقالات»

مظاهرات ضد الرئيس قيس سعيد في أكتوبر الماضي (أ.ب)
مظاهرات ضد الرئيس قيس سعيد في أكتوبر الماضي (أ.ب)
TT

الرئيس التونسي يقيل والي قابس بسبب «تجاوزات»

مظاهرات ضد الرئيس قيس سعيد في أكتوبر الماضي (أ.ب)
مظاهرات ضد الرئيس قيس سعيد في أكتوبر الماضي (أ.ب)

أقال الرئيس التونسي قيس سعيد والي قابس، مصباح كردمين (جنوبي شرق)، من منصبه مساء أول من أمس، وهو منسق حملته الانتخابية في قابس في أثناء الانتخابات الرئاسية، التي جرت سنة 2019، وذلك بعد مرور نحو عشرة أشهر فقط من تعيينه على رأس هذه الولاية، المعروفة بارتفاع نسب التلوث نتيجة بقايا مادة الفوسفات.
وجاء في بلاغ صدر عن رئاسة الجمهورية أنه «بتعليمات من رئيس الجمهورية قيس سعيّد، أذنت النيابة العامة بطلب من وزيرة العدل بفتح تحقيق ضد والي قابس السابق، تتعلق بعدد من الأفعال التي يجرمها القانون»، دون أن يكشف عن طبيعة هذه الأفعال. لكن بعض المتابعين للمسار السياسي للرئيس سعيد يرجحون أن تكون التهم الموجهة للوالي المقال لها علاقة بملفات سوء التصرف في موارد الدولة، خصوصاً أن البلاغ تضمن تذكيراً رئاسياً بأن «الشعب يريد تطهير البلاد»، وأن الذي يتحمل المسؤولية «يجب أن يكون في مستواها، فلا مجال لتجاوز القانون، سواء لمن كان في السلطة أو خارجها. كما سبق أن ردد الرئيس التونسي في معظم خطاباته بأن «الفساد ينخر في البلاد كالسرطان»، مؤكداً أن «مشكلات الشعب الحقيقية تتمثل في البؤس والفقر والتهميش».
وقال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا القرار، الذي طال أحد منسقي حملة الرئيس الانتخابية، وأحد المقربين منه، «قد يعكس إرادة حقيقية وقوية للرئيس لإنهاء الفساد بين عموم التونسيين، الذين يدعونه في زياراته الميدانية إلى ملاحقة المتهمين بالفساد، كما أن هذه الإقالة قد تؤكد أن السلطات القضائية والحكومية مستعدة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق العدالة والإصلاح في البلاد»، مستدركاً أن بعض الإقالات «تبقى غامضة لأن السلطات التونسية لا تقدم أسباباً معقولة لها، وهو ما يخلف كثرة الإشاعات، وآخرها إقالة وزير الداخلية توفيق شرف الدين، وبقاء السؤال مطروحاً بين الإقالة والاستقالة».
يذكر أن الرئيس سعيد سبق أن أقال المنجي ثامر، والي قابس الذي سبق الوالي المقال حالياً، بعد الاشتباه في قربه من حركة «النهضة»، التي أُقصيت قياداتها من المشهد السياسي. ومنذ تاريخ إعلانه التدابير الاستثنائية في تونس، وحل الحكومة والبرلمان، واحتكار السلطتين التشريعية والتنفيذية، وسيطرته على السلطة القضائية، أقال الرئيس سعيد والييْن للسبب نفسه، وهما والي مدنين الحبيب شواط، ووالي زغوان صالح المطيراوي.
وعلى صعيد آخر، كشف «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» (منظمة حقوقية مستقلة)، عن تراجع الحراك الاجتماعي والاحتجاجات في تونس خلال شهر فبراير (شباط) الماضي بنسبة 18.6 في المائة، مقارنة بشهر يناير (كانون الثاني) الماضي. وأكد أن هذا التراجع لا يمكن تفسيره إلا بالتطورات السياسية والأمنية، التي عاشتها البلاد طيلة شهر فبراير الماضي، والتي تميزت بإطلاق سلسلة واسعة من الاعتقالات في حق رجال أعمال وسياسيين، ووزراء ونواب سابقين، ونقابيين وإعلاميين أيضاً بتهمة «التآمر على أمن الدولة»، دون أن توضح المؤسسات الرسمية طبيعة هذه التهم.
ولاحظ المنتدى أن المناخ بات غير ملائم بالنسبة للتونسيين للتعبير عن مطالبهم؛ بسبب «تنامي خطاب الترهيب والتهديد والتخوين، وَعَدِّ الاحتجاج ضرباً من ضروب التآمر»، خصوصاً أن حملة الاعتقالات كانت مرفقة باتهام السلطة للموقوفين بمحاولة تأجيج الأوضاع الاجتماعية، وثانياً لغياب الطرف المسؤول، الذي يمكنه التقاط مطالب المحتج والتفاعل معها إيجابياً، على حد تعبيره.
وأضاف المنتدى أن تراجع الاحتجاج تحت طائلة التخويف والتهديد «يعني المضي نحو حلول بديلة، وهي اللجوء للعنف، مثل الانتحار، أو الهجرة، أو اللجوء للإدمان والتهريب والعمل الموازي بكل أشكاله، أو الموجه للآخر عبر السلب واستخدام القوة، والانضمام إلى شبكات الإجرام وشبكات المصالح والنفوذ على حد قوله.
يذكر أن منظمة العفو الدولية طالبت، الخميس، السلطات التونسية بإسقاط التحقيق الجنائي، الذي يستهدف ما لا يقلّ عن 17 موقوفاً من المعارضين للرئيس سعيد والإفراج عنهم. ورأت أنّ التحقيق مع الموقوفين «من بين أكثر الهجمات العدوانية التي تشنّها السلطات على المعارضة، منذ أن قرّر سعيّد احتكار السلطات في البلاد في يوليو (تموز) 2021».


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

الدبيبة وخوري يبحثان «آلية موحدة» للإنفاق في ليبيا

الدبيبة مستقبلاً خوري بمكتبه (حكومة الوحدة)
الدبيبة مستقبلاً خوري بمكتبه (حكومة الوحدة)
TT

الدبيبة وخوري يبحثان «آلية موحدة» للإنفاق في ليبيا

الدبيبة مستقبلاً خوري بمكتبه (حكومة الوحدة)
الدبيبة مستقبلاً خوري بمكتبه (حكومة الوحدة)

بحث عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، مع المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني خوري، سبل وقف «الإنفاق الموازي» خلال عام 2025، والعمل على إيجاد «آلية موحدة» للإنفاق تضمن الشفافية المالية والتوزيع العادل للموارد.

وقال مكتب الدبيبة الأحد، إنه التقى خوري، التي قدمت له «إحاطة حول مشاركتها في اجتماع لندن الأخير، موضحة ما تم تناوله من ورقات بحثية ومشاركات علمية، بمشاركة خبراء محليين ودوليين، بهدف تعزيز المسارين السياسي والاقتصادي في ليبيا».

ونقل مكتب الدبيبة أن خوري «أشادت خلال اللقاء بجهود الحكومة في دعم الانتخابات البلدية الماضية»، مشددةً على أهمية استمرار هذا الدعم والتنسيق مع «المفوضية الوطنية العليا» للانتخابات بشأن الاستحقاقات البلدية المقررة في عام 2025، وشدد على «دعمه الكامل» لجهود البعثة الأممية «في تحريك العملية السياسية، بما يضمن الوصول إلى الانتخابات، وإنهاء المراحل الانتقالية، والذهاب المباشر نحو الاستحقاق الانتخابي». وانتهى الدبيبة مؤكداً «ضرورة احترام الاتفاق السياسي والمؤسسات المنبثقة عنه، لضمان تحقيق العدالة والاستقرار السياسي».

ويأتي هذا اللقاء ضمن مواصلة خوري مشاوراتها لكسر الجمود الراهن في العملية السياسية. وكانت بحثت مساء السبت في العزيزية، مع اللواء أسامة الجويلي آمر منطقة الجبل الغربي العسكرية التابعة لقوات حكومة «الوحدة»، التطورات السياسية والأمنية الحالية، وكذلك السبل للمضي قدماً بالبلاد نحو الانتخابات، وتوحيد مؤسسات الدولة، بما في ذلك مؤسسات الجيش والأمن، وتعزيز السلام والاستقرار بشكل مستدام في ليبيا.

في غضون ذلك، أعلن قادة «كتائب وسرايا الثوار» في مدينة مصراتة بالغرب الليبي، دعمهم الكامل لمخرجات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالأزمة الليبية.

وأكدوا في بيان، «أهمية دور البعثة الأممية في دفع العملية السياسية نحو تشكيل حكومة موحدة، تفرض سيطرتها على كامل التراب الليبي، وتسعى لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة، وتحقيق المصالحة الوطنية بين جميع مكونات الشعب الليبي».

وبعدما شددوا على التزامهم بـ«الثوابت الوطنية»، أكدوا رفضهم «القاطع لأي محاولات لإثارة الفتنة أو تهديد سلطة القانون من قبل أي جهات تسعى لتحقيق مصالح شخصية أو إحداث انقسامات داخل البلاد».

من استخراج جثمانين مجهولي الهوية من «مقبرة جماعية» جنوب ترهونة (الهيئة العامة)

إلى ذلك، قالت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين، إن فرقها المختصة، تمكنت مساء السبت من استخراج جثمانين مجهولي الهوية من «مقبرة جماعية» جنوب ترهونة، في المنطقة الواقعة بين وادي وشتاتة ووادي تاجموت، مشيرة إلى أنه تم عرضهما على الطب الشرعي بالهيئة، ليتم أخذ عينات منهما وإحالتها لإدارة المختبرات ومطابقتها مع العينات المرجعية لأهالي المفقودين.

وأدرجت الهيئة هذه العملية ضمن جهودها المستمرة منذ سنوات للكشف عن مصير الأشخاص، الذين فقدوا خلال السنوات الماضية في مختلف أنحاء ليبيا.

المنفي يستقبل الأمين العام لاتحاد المغرب العربي (المجلس الرئاسي الليبي)

من جهته، قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي»، والرئيس الحالي لاتحاد المغرب العربي، إنه بحث بالعاصمة طرابلس، مع أمين الاتحاد، طارق بن سالم، «سُبل تفعيل عمل الاتحاد، وكل ما من شأنه تعزيز العمل المغاربي المشترك في كل المجالات والقطاعات وتفعيل أجهزته ومؤسساته، وإعادة تفعيل اللجان الوزارية القطاعية ومؤسساته، بالإضافة لتمتين أواصر الأخوة والتعاون التي تربط الدول الأعضاء وشعوبها ونهج سياسة مشتركة في مختلف الميادين».

كما التقى الدبيبة، الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، بن سالم، وناقش معه أيضاً سبل تعزيز التعاون بين ليبيا والاتحاد، وتقوية العلاقات بين دول المغرب العربي، خصوصاً في مجالات التكامل الاقتصادي.

وفي تقرير للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن الحالة السياسية والاقتصادية والأمنية في ليبيا خلال الفترة من أغسطس (آب) إلى ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تحدث عن حالات الإخفاء القسري والاعتقال والاحتجاز التعسفيين في جميع أنحاء ليبيا.

ودعا غوتيريش في التقرير الذي نشرته البعثة الأممية بليبيا، اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، إلى مواصلة العمل على توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، وتعزيز تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بالبلاد.