الجزائر: ساسة لامعون بينهم بوتفليقة تعاقبوا على منصب وزير الخارجية

عبد العزيز بوتفليقة  -  محمد الصديق بن يحيى  -  أحمد طالب الإبراهيمي  -  الأخضر الإبراهيمي
عبد العزيز بوتفليقة - محمد الصديق بن يحيى - أحمد طالب الإبراهيمي - الأخضر الإبراهيمي
TT

الجزائر: ساسة لامعون بينهم بوتفليقة تعاقبوا على منصب وزير الخارجية

عبد العزيز بوتفليقة  -  محمد الصديق بن يحيى  -  أحمد طالب الإبراهيمي  -  الأخضر الإبراهيمي
عبد العزيز بوتفليقة - محمد الصديق بن يحيى - أحمد طالب الإبراهيمي - الأخضر الإبراهيمي

على الرغم من حداثة تجربة الدبلوماسية الجزائرية، فإنها تمكنت في فترة محدودة من إيجاد مركز حيوي ومكانة مؤثرة سياسياً لها. وهذا التأثير لا يقتصر فقط على الصعيدين العربي والإقليمي، بل يشمل أيضاً الصعيد الدولي؛ حيث كان لها دور رائد في حل عدد من الأزمات، مع انحيازها لقضايا العرب المصيرية، وأهمها القضية الفلسطينية. وجوه بارزة من وزراء الخارجية ممن اضطلعوا بهذه المهام منذ استقلال الجزائر 1962 إلى يومنا الحالي مثلوا هذا التوجّه، ولعل من أشهرهم...
محمد الصديق بن يحيى؛ يعد بن يحيى من أبرز وجوه الدبلوماسية الجزائرية. وهو من مواليد 30 يناير 1932 في جيجل إلى الشرق من الجزائر العاصمة. حصل بن يحيى على شهادة في الحقوق، وبدأ نشاطه السياسي في فترة الاحتلال الفرنسي حين شارك في تأسيس الاتحاد العام للطلبة الجزائريين، ثم التحق بعدها بصفوف جبهة التحرير حيث أوكلت إليه عدة مهام دبلوماسية، لعل أهمها مشاركته في «مؤتمر باندونغ» بإندونيسيا 1955، وهو لا يتعدى الثالثة والعشرين من العمر، ثم شارك في «مفاوضات إيفيان» الفرنسية - الجزائرية التي لعب دوراً كبيراً في تغيير مسارها حتى لقبته صحيفة «باري ماتش» الفرنسية بـ«ثعلب الصحراء»، نظراً لما أظهره من قدرة على التفاوض والإقناع.
وبعد الاستقلال، تولى بن يحيى عدة مناصب سفيراً، ثم وزيراً للثقافة والتربية والتعليم، وأخيراً تولى منصب وزير الخارجية، حيث عُين فيها عام 1979. ولا يزال التاريخ يحتفظ حتى اليوم - بعد مرور 41 سنة من اختفائه في حادث تحطم طائرة، وهو في مهمة للتوسط في حل النزاع الإيراني العراقي - بدوره في حل أزمة الأميركيين الذين احتجزوا رهائن لمدة 444 يوماً في مقر سفارة الولايات المتحدة في طهران، من خلال التوصل إلى حمل الطرفين على التوقيع على «اتفاق الجزائر» في 19 يناير 1981.
أحمد طالب الإبراهيمي؛ ولد في 5 يناير عام 1932 ببلدة أولاد إبراهيم في شرق الجزائر، وهو نجل الشيخ العلامة البشير الإبراهيمي. بدأ نشاطه السياسي في فرنسا حيث كان طالباً في كلية الطب إلى أن اعتقلته السلطات الفرنسية، ومكث في المعتقل الفرنسي إلى عام 1961. وبعد الاستقلال تقلّد عدة حقائب وزارية، منها التربية والتعليم والثقافة والخارجية التي مكث فيها أكثر من 4 سنوات.
يتمتع أحمد طالب الإبراهيمي، الذي يلقب بـ«ابن الشيخ»، بشعبية واسعة بين أوساط الجزائريين، وكان قد تقدم للانتخابات الرئاسية عام 1999 قبل أن يسحب ترشحه.
عبد العزيز بوتفليقة؛ ولد في 2 مارس عام 1937 في مدينة وجدة بالمغرب. وانضم إلى جيش التحرير وهو لا يزال طالباً. وبعد الاستقلال عُين وزيراً للشباب والرياضة وهو لا يتعدى الخامسة والعشرين. ومع وصول الرئيس هواري بومدين للحكم عام 1965 عيّنه وزيراً للخارجية وكان في تلك الفترة أصغر وزير خارجية في العالم.
من إنجازاته إبرام «اتفاقيات ديسمبر (كانون الأول)» 1968 المتعلقة بتنقل وإقامة المواطنين الجزائريين في فرنسا، وهي الحجر الأساس في سياسة الهجرة. وحصل على أكبر تكريس له برئاسة الدورة 29 لجمعية الأمم المتحدة عام 1974. وكان محاوراً مميزاً في العلاقات بين الشمال والجنوب. وتولى رئاسة الجمهورية الجزائرية بين 1999 و2019.
الأخضر إبراهيمي؛ ولد يوم 1 يناير في ولاية المدية، القريبة من العاصمة، وبدأ مشواره الدبلوماسي إبان حرب التحرير بتمثيل الجزائر في جاكرتا (العاصمة الإندونيسية) بين 1954 و1961. كما كان أول سفير للجزائر في القاهرة.
شغل منصب وزير الخارجية بين عامي 1991 و1993. وكان مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة لإيجاد حلول تفاوضية في كثير من بؤر التوتر في العالم كلبنان واليمن وجنوب أفريقيا وأفغانستان وسوريا، وكلّل كثير من مساعيه بالنجاح. نال عدة جوائز لمكافأة مجهوداته في حلّ الأزمات السياسية.
وإضافة إلى هؤلاء، لمعت أسماء أخرى ساهمت بقوة في تكريس حيوية الدبلوماسية الجزائرية، أمثال رضا مالك وسيد أحمد غزالي وبوعلام بسايح وعبد العزيز بلخادم.


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الحكومة الصومالية تعلن مقتل 20 من حركة «الشباب» في عملية أمنية جنوب البلاد

قوات صومالية بأحد شوارع مقديشو (أ.ف.ب)
قوات صومالية بأحد شوارع مقديشو (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الصومالية تعلن مقتل 20 من حركة «الشباب» في عملية أمنية جنوب البلاد

قوات صومالية بأحد شوارع مقديشو (أ.ف.ب)
قوات صومالية بأحد شوارع مقديشو (أ.ف.ب)

أعلن وزير الإعلام الصومالي داود أويس، اليوم (الأربعاء)، مقتل 20 من حركة «الشباب» في عملية أمنية بإقليم شبيلي السفلى جنوب البلاد.

ونقلت وكالة أنباء الصومال عن الوزير قوله إن العملية الأمنية جرت في منطقة بلد الأمين في الإقليم، دون الخوض في مزيد من التفاصيل.


«لجنة 6+6» الليبية تتفق في المغرب على قوانين الانتخابات

جانب من اجتماع سابق للجنة «6+6» المعنية بإعداد قوانين الانتخابات الليبية في مايو الماضي (المجلس الأعلى للدولة)
جانب من اجتماع سابق للجنة «6+6» المعنية بإعداد قوانين الانتخابات الليبية في مايو الماضي (المجلس الأعلى للدولة)
TT

«لجنة 6+6» الليبية تتفق في المغرب على قوانين الانتخابات

جانب من اجتماع سابق للجنة «6+6» المعنية بإعداد قوانين الانتخابات الليبية في مايو الماضي (المجلس الأعلى للدولة)
جانب من اجتماع سابق للجنة «6+6» المعنية بإعداد قوانين الانتخابات الليبية في مايو الماضي (المجلس الأعلى للدولة)

قال ممثلون عن «لجنة 6+6» الليبية المجتمِعة بمنتجع بوزنيقة، في ضواحي العاصمة المغربية الرباط، في وقت متأخر من أمس الثلاثاء، إنهم تمكنوا من تجاوز عدد من نقاط الخلاف بشأن قوانين الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ليبيا، وأضافوا أنهم سيجتمعون مرة أخرى في المغرب قريباً للتوقيع رسمياً على هذا الاتفاق.

وقال عمر أبو ليفة، عضو «مجلس الدولة الليبي»، للصحافيين: «تحاورنا لمدة 10 أيام تقريباً أو أكثر في المملكة المغربية، وناقشنا كل التفاصيل، ثم انتهينا إلى الاتفاق على كل نقاط الاختلاف، وجرى سن قانونين؛ الأول يتعلق بالسلطة التشريعية، كما جرى الاتفاق على قانون انتخاب رئيس الدولة».

وأضاف: «جرى الاتفاق حول كل النقاط العالقة بتوافق تام، والتوقيع على كل ما أنجزناه بكل إرادة حرة واعية، دون إكراه أو ضغط».

كانت محادثات «لجنة 6+6»، المشكَّلة من «مجلس النواب»، و«المجلس الأعلى للدولة»، قد بدأت في منتجع بوزنيقة، في 22 مايو (أيار)، في مسعى لحسم الخلاف حول القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا.

ومن بين النقاط المختلَف عليها، البند المتعلق بترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، ولم يوضح أبو ليفة، في تصريحه، ما إذا كان التوافق بين أعضاء اللجنة قد شمل هذا البند أيضاً.

وقال جلال الشويهدي، عضو «مجلس النواب الليبي»، للصحافيين: «لقد جرى التوافق بين لجنة مجلس النواب ومجلس الدولة على قانون انتخابات الرئاسة، وقانون انتخابات البرلمان».

وأضاف: «ننتظر في الأيام المقبلة حضور السيد رئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الدولة؛ للتوقيع أو البتّ في الاتفاق نهائياً بخصوص هذا القانون».

ومضى يقول: «كل النقاشات جرت داخل أعضاء اللجنة، ولم نتعرض لأي تدخل خارجي».

من جهته قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة إن الاتفاق «محطة مهمة؛ لأن المجلسين هما المؤهلان للخوض في هذه الأمور المرتبطة بالقواعد الضرورية لتنظيم الانتخابات».

وأضاف أن «المجلسين من خلال لجنة 6+6 كانا في إطار ممارسة مهامِّهما، كما هي محددة في الاتفاق السياسي الموقَّع في الصخيرات في 2016».

وسبق للمملكة المغربية أن استضافت جولات الحوار الليبي الذي انتهى بالاتفاق على المناصب السيادية، في يناير (كانون الثاني) 2021، وكذلك رعت لقاء وفدَي المجلس الأعلى للدولة، ومجلس النواب، حول قانون الانتخابات في سبتمبر (أيلول) 2021.

كما احتضنت الصخيرات بضواحي الرباط، في 2015، اتفاقاً سياسياً برعاية «الأمم المتحدة» بين أطراف الصراع في ليبيا، لإنهاء الحرب الأهلية هناك.


السودان: صدمة أممية لمقتل لاجئين... والمدنيون في خطر

 الحرب خلَّفت آثاراً باهظة خصوصاً في أوساط النساء (أ.ف.ب)
الحرب خلَّفت آثاراً باهظة خصوصاً في أوساط النساء (أ.ف.ب)
TT

السودان: صدمة أممية لمقتل لاجئين... والمدنيون في خطر

 الحرب خلَّفت آثاراً باهظة خصوصاً في أوساط النساء (أ.ف.ب)
الحرب خلَّفت آثاراً باهظة خصوصاً في أوساط النساء (أ.ف.ب)

وصفت الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، الوضع في السودان بأنَّه «لا يزال حرجاً» في ظل استمرار عمليات النزوح الواسعة النطاق من مناطق القتال، رغم نجاح الوساطة السعودية - الأميركية في إعادة ممثلي القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» إلى طاولة المحادثات في مدينة جدة.

ولاحظ المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أنَّ الوضع في السودان «يشهد تصعيداً، ولا يزال حرجاً»، مضيفاً أنَّ الجهات الإنسانية العاملة مع المنظمة الدولية «ستعاود إرسال المساعدات الإنسانية للمحتاجين إليها من المدنيين السودانيين حالما يسمح الوضع الأمني بذلك». وأكد أنَّ نصف مليون شخص بحاجة إلى المساعدات في العاصمة الخرطوم وحدها، «فيما يدل على ضرورة وقف الأعمال العدائية فوراً».

من جهته، عبّر مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، أمس، عن صدمته من تقارير عن مقتل عشرة لاجئين على الأقل في هجوم بالعاصمة السودانية الخرطوم. وحذر من أن جميع المدنيين الموجودين في السودان «في خطر».

وتحتدم المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق واسعة بالعاصمة الخرطوم، وصفها مراقبون بالمعارك الفاصلة، حيث يسعى كل طرف للحفاظ على مواقعه على الأرض، وتحقيق نصر عسكري كبير، استباقاً لضغوط دولية متوقعة على طاولة المفاوضات في «جدة»، للتوقيع على «هدنة» جديدة ملزمة للطرفين هذه المرة.

وتزامناً مع ذلك، تشهد ثلاث ولايات في إقليم دارفور، اقتتالاً ضارياً، فيما أعلن حاكم دارفور، مني اركو مناوي، الإقليم منطقة منكوبة، مندداً بالاقتتال الذي يدور خصوصاً في منطقة كتم.


مخاوف من استمرار التصعيد في السودان برغم العودة للتفاوض

سودانيون يستعدون لركوب عبّارة على نهر النيل إلى أبو سمبل جنوب مصر (إ.ب.أ)
سودانيون يستعدون لركوب عبّارة على نهر النيل إلى أبو سمبل جنوب مصر (إ.ب.أ)
TT

مخاوف من استمرار التصعيد في السودان برغم العودة للتفاوض

سودانيون يستعدون لركوب عبّارة على نهر النيل إلى أبو سمبل جنوب مصر (إ.ب.أ)
سودانيون يستعدون لركوب عبّارة على نهر النيل إلى أبو سمبل جنوب مصر (إ.ب.أ)

وصفت الأمم المتحدة، الثلاثاء، الوضع في السودان بأنه «لا يزال حرجاً» في ظل استمرار عمليات النزوح الواسعة النطاق من مناطق القتال، على رغم نجاح الوسطاء السعوديين والأميركيين في إعادة ممثلي القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» إلى طاولة المحادثات في مدينة جدة.

ولاحظ الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن الوضع في السودان «يشهد تصعيداً، ولا يزال حرجاً»، مضيفاً أن الجهات الإنسانية العاملة مع المنظمة الدولية «ستعاود إرسال المساعدات الإنسانية للمحتاجين إليها من المدنيين السودانيين حال ما يسمح الوضع الأمني بذلك»، مشيراً إلى أن نصف مليون شخص بحاجة إلى المساعدات في العاصمة الخرطوم وحدها، «وهو ما يدل على ضرورة وقف الأعمال العدائية فوراً».

ستيفان دوجاريك (رويترز)

وجاء ذلك في وقت نجح الوسطاء السعوديون والأميركيون، في إنعاش محادثات جدة عبر إعادة ممثلي قائد القوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب بـ«حميدتي»، إلى طاولة المفاوضات مع التركيز على الترتيبات الإنسانية ووقف النار.

وأفيد بأن «كل وفد انخرط في اجتماعات منفصلة مع مسهلي عملية الحوار»، من دون اقتراح برنامج عمل جديد في جولة المحادثات الحالية.

وكانت السعودية والولايات المتحدة طالبتا الطرفين، بالتزام وقف النار وتنفيذه بشكل فعال عبر الوقف الدائم للعمليات العسكرية.

إلى ذلك، أفاد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، بأن التقديرات التي تشير إلى احتمال فرار زهاء مليون شخص من السودان بحلول أكتوبر (تشرين الأول) ربما تكون متحفظة، محذراً من أن النزاع ينذر بتزايد عمليات تهريب البشر وانتشار الأسلحة في منطقة هشة.

لاجئون سودانيون يحملون أمتعتهم بعد عبورهم إلى مصر (إ.ب.أ)

وفر بالفعل أكثر من 350 ألف شخص عبر الحدود السودانية منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع» شبه العسكرية في 15 أبريل (نيسان) الماضي، وتوجه معظمهم إلى مصر وتشاد وجنوب السودان. وكذلك نزح أكثر من مليون داخل السودان الذي يقدر عدد سكانه بنحو 49 مليون نسمة، حيث اندلع قتال عنيف في مناطق سكنية من الخرطوم وامتد العنف أيضاً إلى منطقة دارفور غرب البلاد.

وقال غراندي في مقابلة إن المفوضية توقعت في وقت سابق، مغادرة نحو 800 ألف سوداني و200 ألف شخص من جنسيات أخرى السودان على مدى ستة أشهر. وأضاف أن «هذا التوقع، بأننا سنصل إلى هذه الأرقام المرتفعة في الأشهر القليلة المقبلة، ربما يكون متحفظاً... في البداية لم أكن أعتقد أن ذلك سيتحقق، لكنني الآن بدأت أشعر بالقلق».

ومن بين الدول المتاخمة للسودان، جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى وإثيوبيا وليبيا، وكلها تأثرت بنزاعات داخلية في الآونة الأخيرة. ونبه غراندي إلى أن انهيار القانون والنظام في السودان «ومسارعة الكثيرين للرحيل» سيوفران أرضاً خصبة للاتجار بالبشر، فيما يمكن أن تهدد الأسلحة التي يجري تداولها عبر الحدود بوقوع مزيد من العنف. وأضاف: «شهدنا ذلك في ليبيا مع منطقة الساحل. لا نريد تكرار ذلك لأن ذلك سيضاعف الأزمة والمشكلات الإنسانية».

نازحون سودانيون في كوفرون بدولة تشاد على الحدود مع السودان في 7 مايو 2023 (رويترز)

وناشدت الأمم المتحدة المانحين بتقديم 470 مليون دولار من أجل استجابتها المخصصة للاجئين في أزمة السودان على مدى ستة أشهر، وهو مبلغ قال غراندي إن واحداً في المائة فقط وصل، مضيفاً أنه «توجد حاجة ماسة» إلى عقد مؤتمر لتعهد المانحين بتقديم التمويلات، وأن المجتمع الدولي المنشغل بمسألة أوكرانيا لا يولي الاهتمام الكافي للسودان. وأضاف: «يمكنكم بكل وضوح أن تشعروا بوجود اختلاف خطير للغاية. فهذه الأزمة قد تزعزع الاستقرار في منطقة بكاملها وخارجها، بقدر ما تفعله أوكرانيا في أوروبا».


ما دلالات زيارة رئيس حكومة الوحدة الليبية إلى إيطاليا؟

الدبيبة خلال استقباله نظيرته الإيطالية ميلوني نهاية يناير الماضي (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال استقباله نظيرته الإيطالية ميلوني نهاية يناير الماضي (حكومة الوحدة)
TT

ما دلالات زيارة رئيس حكومة الوحدة الليبية إلى إيطاليا؟

الدبيبة خلال استقباله نظيرته الإيطالية ميلوني نهاية يناير الماضي (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال استقباله نظيرته الإيطالية ميلوني نهاية يناير الماضي (حكومة الوحدة)

استبق محللون ومراقبون ليبيون زيارة عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، التي يعتزم أن يجريها غداً (الأربعاء) إلى العاصمة الإيطالية روما، بالبحث في مقاصدها ودلالاتها السياسية، بالنظر إلى التحركات الجارية في الكواليس لتشكيل حكومة «موحدة»، تشرف على إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المُنتظرة.

ولم يُعلن المكتب الإعلامي للدبيبة بشكل رسمي عن الزيارة، لكن وكالة «نوفا» الإيطالية نقلت عمن سمتها بالمصادر أن رئيس الحكومة سيبدأ زيارة إلى العاصمة الإيطالية غداً، تستمر يومين. علماً بأن روما تعد محطة مهمة للأطراف الليبية المتعارضة، إذ يتحتم على كل منها أن يتوقف عندها، كما أن زيارة الدبيبة تأتي في أعقاب زيارة مماثلة أجراها المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، أوائل الشهر الماضي، إلى هناك، التقى خلالها مسؤولين إيطاليين، وفي مقدمتهم رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني.

رئيسة الوزراء الإيطالية ميلوني مستقبلة حفتر في مايو الماضي (القيادة العامة للجيش الوطني)

واعتبر أحمد جمعة أبو عرقوب، المحلل السياسي الليبي، أن زيارة الدبيبة المرتقبة تأتي في إطار «البحث عن دعم لحكومته (منتهية الولاية) للاستمرار في السلطة، من خلال توسيع الشراكة الاقتصادية مع إيطاليا».

ورأى أبو عرقوب في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الولايات المتحدة تدعم هذه الشراكة، المتمثلة في التوسّع بالتنقيب عن النفط بين «إيني» الإيطالية وحكومة الدبيبة، بهدف زيادة صادرات ليبيا من الخام إلى أوروبا. معتبراً أن القصد هو «إيجاد بدائل للنفط الروسي؛ حيث إن ليبيا تعتبر سوقاً ممتازة تساعد في توفير الطاقة لأوروبا... كما أن إيطاليا تعد من الدول المؤثرة في الملف الليبي، وتلعب دوراً كبيراً في إقناع بريطانيا والولايات المتحدة بآلية التغيير في ليبيا».

وانتهى أبو عرقوب إلى أن الدبيبة «يبحث عن دعم الحكومة الإيطالية لدى الولايات المتحدة وبريطانيا لتسويق بقائه في السلطة».

وسبق أن تحدث الدبيبة عن زيارته المرتقبة إلى روما خلال زيارته إلى الجناح الإيطالي في معرض «ليبيا بيلد»، الذي افتُتح في 22 مايو الماضي. علماً بأن إيطاليا وقعت مع حكومة الدبيبة في طرابلس نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية للتعاون في التنقيب عن الطاقة، بحضور رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، تقضي باستثمار شركة «إيني» 8 مليارات دولار في حقلين بحريين ليبيين بإجمالي احتياطي 6 تريليونات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي لاستخراجها خلال 25 عاماً. وإلى جانب تأمين حصتها من النفط والغاز، تطمح إيطاليا لقطع تدفق المهاجرين غير النظاميين من ليبيا إلى سواحلها، وهو الأمر الذي بحثته ميلوني مع حفتر.

كما تعتزم إثارة القضية ذاتها مجدداً مع الدبيبة، خلال لقائهما غداً (الأربعاء).

ويعتقد مراقبون أن الضربات الجوية التي وجهها الطيران، التابع لوزارة الدفاع بحكومة الدبيبة، هي بمثابة رسالة استباقية من الأخيرة إلى نظيرتها الإيطالية، قبيل ذهاب الدبيبة إلى هناك، تهدف إلى طمأنتها بأن حكومة الوحدة هي «الشريك الذي يعتمد عليه في تأمين سواحلها من خطر المهاجرين غير النظاميين».

وفي هذا السياق، قال مصدر سياسي ليبي بشرق البلاد لـ«الشرق الأوسط» إن «غالبية الضربات»، التي سددتها المسيّرات «تمت بشكل عشوائي. فقد قصفوا زوارق تعمل في مكافحة الهجرة بميناء الماية (غرباً)، وقالوا إنها تعمل على تهريب المهاجرين إلى أوروبا».

ويفترض أن تسفر مباحثات لجنة «6+6» الليبية المشتركة، الجارية في المغرب، عن إحداث توافق بين أعضائها على تشكيل حكومة «موحدة ومصغرة» للإشراف على العملية الانتخابية المنتظرة، بديلاً لحكومتي الدبيبة، و«الاستقرار» المدعومة من مجلس النواب.

وسبق أن أعلنت وزارة الدفاع بحكومة «الوحدة الوطنية» في 25 من الشهر الماضي بأن طيرانها نفذ ضربات جوية «دقيقة» استهدفت مواقع عصابات لتهريب المهاجرين غير النظاميين والوقود وأوكار تجار المخدرات على ساحل مدينة الزاوية غرب العاصمة طرابلس. ودافعت الحكومة عن هذه الضربات، وتحدثت حينها عن وجود خطة عسكرية موضوعة، وقال إنها تهدف إلى «تطهير» منطقة الساحل الغربي، وباقي مناطق ليبيا من أوكار الجريمة، لكن هذا لم يمنع سياسيين عديدين للقول إن هذا القصف يُمهد لزيارة الدبيبة إلى روما.


انتخاب الجزائر لعضوية مجلس الأمن الدولي ضمن 5 أعضاء جدد

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
TT

انتخاب الجزائر لعضوية مجلس الأمن الدولي ضمن 5 أعضاء جدد

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

انتخبت الجمعية العام للأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، الجزائر ضمن خمسة أعضاء جدد غير دائمين بمجلس الأمن، التابع للمنظمة الدولية لمدة عامين، بدءاً من يناير (كانون الثاني) المقبل. كما اختار أعضاء الأمم المتحدة أيضاً في اقتراع سري كلاً من جيانا وكوريا الجنوبية وسيراليون وسلوفينيا لعضوية المجلس المعني بحفظ السلم والأمن الدوليين، لتحل الدول الخمس محل كل من ألبانيا والبرازيل والغابون وغانا والإمارات، التي تنتهي مدة عضويتها بالمجلس في 31 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وقال بيان لرئاسة الجمهورية الجزائرية إنه «تقديراً لدورها المحوري في منطقتها، تم انتخاب الجزائر اليوم في الجولة الأولى وبالأغلبية الساحقة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، عضواً غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لمدة سنتين بدءاً من 1 يناير 2024، وذلك على إثر تصويت 193 دولة عضوة في الأمم المتحدة».

وأضاف بيان الرئاسة أن هذا الانتخاب، الذي يمثل «مكسباً ثميناً يضاف إلى رصيد السياسة الخارجية لبلادنا، يعكس التقدير والاحترام اللذين يحظى بهما رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون من قبل المجتمع الدولي، وعرفانه لمساهمته في إحلال السلم والأمن الدوليين. ويؤكد هذا النجاح الدبلوماسي وبوضوح عودة الجزائر الجديدة إلى الساحة الدولية، ويؤيد رؤية ونهج رئيس الجمهورية للحفاظ على السلم والأمن في العالم، على أساس التعايش السلمي والتسوية السلمية للنزاعات، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول في إطار السياسة الخارجية لبلادنا، التي تستمد مبادئها وقيمها ومثلها من ثورتنا التحريرية المجيدة».

وتابع البيان موضحاً أن هذا الانتخاب في الجهاز الرئيسي للأمم المتحدة، المكلف بحفظ السلم والأمن الدوليين، «يضفي على بلادنا مسؤولية خاصة متمثلة في المساهمة في مسار صنع القرار الدولي، وهي فرصة متجددة لبلادنا لإعادة تأكيد مبادئها وقيمها، وتبادل رؤيتها بشأن القضايا المدرجة على جدول أعمال مجلس الأمن في مجال السلم والأمن الدوليين». موضحاً أن الجزائر عازمة على تركيز جهودها لتعزيز السلم والأمن الدوليين، وتنشيط العمل متعدد الأطراف المتجدد مع تقوية الشراكات الرئيسية، بالإضافة إلى تعزيز مبادئ وقيم عدم الانحياز ومواصلة الجهود لمكافحة الإرهاب، وتعزيز مشاركة النساء والشباب في هذه الجهود الدولية. كما ستحرص الجزائر على إسماع صوت الدول العربية والأفريقية والدفاع عن المصالح الاستراتيجية المشتركة في مختلف القضايا التي تندرج ضمن اختصاصات مجلس الأمن.

وبهذه المناسبة أعربت السلطات الجزائرية عن «خالص شكرها وعميق عرفانها لكل من الاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، نظير تبنيها الثمين ورعايتها السخية لترشيحها». مجددة التأكيد على عزمها الثابت والهادف على «الدفاع عن القضايا العادلة لفضاءات انتمائها هذه، وإلى ترقية جميع تطلعاتها وآمالها داخل مجلس الأمن». كما توجّهت بالشكر إلى جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتمكينها من الانضمام إلى هذه الهيئة المركزية، التي أسندت إليها المهمة الثقيلة والنبيلة لحفظ السلم والأمن الدوليين.


الفوضى في السودان: من يقاتل من أجل السلطة؟

تصاعد الدخان في أم درمان بالسودان مع اندلاع القتال (رويترز)
تصاعد الدخان في أم درمان بالسودان مع اندلاع القتال (رويترز)
TT

الفوضى في السودان: من يقاتل من أجل السلطة؟

تصاعد الدخان في أم درمان بالسودان مع اندلاع القتال (رويترز)
تصاعد الدخان في أم درمان بالسودان مع اندلاع القتال (رويترز)

استهلك القتال بين فصيلين عسكريين في السودان، أسابيع. ويفر السودانيون والأجانب من تلك البلاد الاستراتيجية، الواقعة في شرق أفريقيا، بأعداد كبيرة، غير أن الكثير من الناس لا يزالون عالقين في الداخل.

عندما يُحوِّل الجنرالات المتناحرون مدينة يسكنها 5 ملايين نسمة إلى ساحة لحربهم الشخصية، كما فعل اثنان منهم في السودان، فإن المدنيين يدفعون ثمناً باهظاً.

وحوصر العديد من السكان داخل منازلهم، في العاصمة الخرطوم، منذ اندلاع أعمال العنف في 15 أبريل (نيسان)، حيث احتل المقاتلون بعض أحياء وسط المدينة، مطلقين النار من الأسطح وبين المباني على الطائرات الحربية. كما تعاني المدينة انقطاعاً مستمراً في الكهرباء ونقص الغذاء والمياه، فضلاً عن أعمال النهب والسلب.

يفر المواطنون السودانيون والرعايا الأجانب، على حد سواء، بأعداد كبيرة من مناطق القتال. ووفقاً لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نزح أكثر من 1.4 مليون شخص، منهم 360 ألف شخص عبروا الحدود إلى البلدان المجاورة، مثل مصر وإثيوبيا وجنوب السودان. وهرب آلاف السودانيين ومواطنون من دول أخرى إلى مدينة بورتسودان على البحر الأحمر، أملاً في الفرار على متن قوارب إلى السعودية.

ومع تنافس الجنرالين المتناحرين على السيطرة، فإن المصادمات بين مجموعة شبه عسكرية تُعرف باسم قوات «الدعم السريع» والجيش السوداني، أعادت ترتيب الأوضاع في البلاد بسرعة مذهلة.

كما تبددت الآمال في أن يتمكن السودان (ثالث أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة، مع أكثر من 45 مليون نسمة) من بدء حكم مدني في أي وقت قريب.

واستمر القتال في البلاد إثر الانتهاك المنتظم للعديد من اتفاقيات وقف إطلاق النار التي أبرمها الجانبان من قبل. وأعلنت الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية، في الأول من يونيو (حزيران) أنهما قررتا تعليق المحادثات التي كانتا تُسهلان إجراءها بين الجانبين في جدة، في المملكة العربية السعودية، «نتيجة للانتهاكات الجسيمة المتكررة» لاتفاقات وقف إطلاق النار السابقة.

أين يجري القتال؟

يبدو أن معظم القتال يجري الآن في الخرطوم، وفي المنطقة الغربية من دارفور. ويسيطر الجيش، الذي يمتلك قدرات الطيران الحربي، على معظم أنحاء البلاد، بما في ذلك بورتسودان. لكن المحللين يقولون إن معظم مناطق وسط الخرطوم تخضع لسيطرة قوات «الدعم السريع».

وتجاوز عدد القتلى المدنيين جراء القتال 865 شخصاً، وأصيب أكثر من 5000 شخص آخرين، بحسب وزارة الصحة السودانية، رغم أن العدد الفعلي ربما يكون أعلى من ذلك بكثير.

وفي الخرطوم، أسفر القتال عن انقطاع الكهرباء والماء عن العديد من الأشخاص الذين تقطعت بهم السبل في منازلهم. ويقول الأطباء إنهم يكافحون من أجل التأقلم مع الأوضاع الراهنة. وقد أُبلغ عن اندلاع قتال بالقرب من القصر الرئاسي، ولم يتضح بعد من يسيطر على البلاد، إن كان هناك من يسيطر عليها فعلاً.

ووجد عمال الإغاثة والدبلوماسيون أنفسهم هذه المرة مستهدفين، بعدما كانوا قادرين من قبل، في كثير من الأحيان، على البقاء بعيداً عن الصراع في التوترات السابقة التي شهدها السودان.

من هما الجنرالان المتنافسان؟

الفريق عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

زعيم أحد الفصيلين الرئيسيين المتنافسين، هو الجنرال عبد الفتاح البرهان، وهو قائد عسكري قوي، ظل لسنوات زعيماً فعلياً للسودان، بحكم الأمر الواقع.

وكان الجنرال البرهان، الذي لم يكن معروفاً إلا قليلاً قبل عام 2019، على صلة وثيقة بالحاكم السوداني القديم، الرئيس عمر حسن البشير، وصعد إلى السلطة في أعقاب الاضطرابات الصاخبة التي أدت إلى الإطاحة بالزعيم المكروه على نطاق واسع.

قبل ذلك، كان اللواء البرهان قائداً للجيش الإقليمي في دارفور، عندما قتل 300 ألف شخص هناك وشُرد ملايين آخرون في القتال الذي دار في الفترة من 2003 إلى 2008، والذي أثار إدانة عالمية لانتهاكاته حقوقَ الإنسان ولتسببه بخسائر بشرية فادحة.

وبعد أن وقع المدنيون والجيش على اتفاق لتقاسم السلطة عام 2019، صار اللواء البرهان رئيساً لمجلس السيادة، وهو الهيئة التي أنشئت للإشراف على انتقال البلاد إلى الحكم الديمقراطي. لكن، مع اقتراب موعد تسليم السلطة إلى المدنيين أواخر عام 2021، ثبت أنه غير راغب في التخلي عن السلطة.

الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

المنافس الرئيسي للجنرال البرهان هو الفريق محمد حمدان دقلو، الذي يقود قوات «الدعم السريع»، وهي مجموعة شبه عسكرية قوية.

وبرز الجنرال حمدان، الذي يتحدر من أصول متواضعة، والمعروف على نطاق واسع باسم «حميدتي»، بوصفه قائداً لميليشيات «الجنجويد» سيئة السمعة، التي كانت مسؤولة عن أسوأ فظائع الصراع في دارفور.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2021، تحالف اللواء البرهان والجنرال حمدان للاستيلاء على السلطة في انقلاب عسكري، ما جعلهما فعلياً الزعيم ونائب الزعيم في السودان. لكن، في الأشهر الأخيرة، وقعت مواجهات علنية، ونُشرت بهدوء قوات ومعدات إضافية في معسكرات الجيش في الخرطوم وعبر مختلف أنحاء البلاد.

لماذا تستثمر دول أخرى كثيرة في الصراع؟

يحتل السودان موقعاً محورياً في القارة الأفريقية، حيث إن له ساحلاً كبيراً على البحر الأحمر، وتحيط به سبع دول هي: جمهورية أفريقيا الوسطى، وتشاد، ومصر، وإريتريا، وإثيوبيا، وليبيا، وجنوب السودان.

وهناك مخاوف من أن تجتذب الفوضى الجديدة تلك البلدان المجاورة.

وقد انتشر العنف بالفعل في قلب دارفور، المنطقة المعذبة بدائرة صراعها الخاص منذ 20 عاماً. ودارفور هي موطن للعديد من الجماعات المتمردة التي يمكن أن تنغمس في القتال، وكانت قاعدة لمقاتلي شركة «فاغنر» العسكرية الروسية الخاصة. وقد قدمت شركة «فاغنر» المشورة للحكومة السودانية، وحصلت على حق الوصول إلى عمليات التنقيب عن الذهب المربحة. كما سعت روسيا إلى السماح لسفنها الحربية بالرسو على ساحل البحر الأحمر في السودان.

وفي الوقت الذي بدا فيه أن السودان يتجاوز عقوداً مطولة من العزلة صوب الديمقراطية في السنوات الأخيرة، رفعت الولايات المتحدة تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب.

وفي الأشهر الأخيرة، حاولت مجموعة من المسؤولين الأجانب، من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، فضلاً عن الولايات المتحدة، التفاوض على اتفاق بين الجنرالين، والضغط عليهما للسماح بالانتقال إلى حكومة يقودها المدنيون.

لكن الجنرالين لم يتفقا على مدى سرعة استيعاب قوات «الدعم السريع» في الجيش السوداني. وبدلاً من ذلك، دفعا بقواتهما إلى أتون الحرب المستعرة بين الفريقين.

 

* خدمة «نيويورك تايمز»


الأزمة الاقتصادية والهجرة تتصدران محادثات ميلوني مع الرئيس التونسي

الرئيس سعيّد خلال استقباله رئيسة وزراء إيطاليا في قصر قرطاج بتونس (أ.ب)
الرئيس سعيّد خلال استقباله رئيسة وزراء إيطاليا في قصر قرطاج بتونس (أ.ب)
TT

الأزمة الاقتصادية والهجرة تتصدران محادثات ميلوني مع الرئيس التونسي

الرئيس سعيّد خلال استقباله رئيسة وزراء إيطاليا في قصر قرطاج بتونس (أ.ب)
الرئيس سعيّد خلال استقباله رئيسة وزراء إيطاليا في قصر قرطاج بتونس (أ.ب)

التقت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، اليوم (الثلاثاء) في العاصمة التونسية، الرئيس التونسي قيس سعيّد، وهي الزيارة التي جاءت بدعوة منه، وبعد أسابيع قليلة من زيارة وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو بيانتيدوزي، لتونس.

ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية (نوفا) عن ميلوني قولها بعد اجتماع مع سعيّد: «مع الاحترام الكامل للسيادة التونسية، أخبرت الرئيس سعيّد بالجهود التي يبذلها بلد صديق، مثل إيطاليا، لمحاولة الوصول إلى نتيجة إيجابية لاتفاقية التمويل بين تونس وصندوق النقد الدولي، والتي تظل أساسية لتعزيز البلاد وتعافيها الكامل». مضيفة: «قمنا بدعم تونس في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي على مستوى الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع، بنهج عملي؛ لأن هذا النهج يجب أن يكون عملياً».

كما أثنت رئيسة الوزراء الإيطالية على تعاون تونس في الحد من تدفقات المهاجرين القياسية لهذا العام، لكنها أبقت حالة القلق بشأن الأشهر المقبلة. ونقلت وكالة «آكي» الإيطالية للأنباء عن ميلوني قولها في هذا السياق إن العمل مع تونس «كان ممتازاً حتى الآن، وقد انخفضت عمليات رسو قوارب الهجرة بشكل كبير في مايو (مايو) الماضي، مقارنة بما حدث في مارس (آذار) وأبريل (نيسان)»، السابقين. مضيفة: «نحن نواجه أصعب موسم من وجهة النظر هذه، ولا يسعنا إلا أن نقلق من ناحية الأشهر القليلة المقبلة».

وتابعت ميلوني قائلة: «نعتقد أننا في حاجة إلى تكثيف عملنا المشترك، من خلال تعزيز التعاون مع السلطات التونسية في مجال الأنشطة الوقائية، وبشكل خاص في منطقة صفاقس، التي يصل منها غالبية المهاجرين غير النظاميين».

وألغت ميلوني لقاءً مع الصحافيين، كان مقرراً بمقر إقامة السفير الإيطالي في نهاية زيارتها تونس، لكنه ألغي «نظرا لضيق الوقت»، بحسب وكالة الأنباء الإيطالية (آكي). غير أن مصادر حقوقية قالت في المقابل إن الجانب الإيطالي قد يكون ألغى المؤتمر لتجنب الأسئلة المحرجة التي لها علاقة بتعامل إيطاليا مع المهاجرين، سواء عند الاحتجاز أو عند الترحيل.

وكانت ميلوني قد صرحت قبل زيارتها تونس في مقابلة تلفزية، مساء أمس (الاثنين)، أن الوضع التونسي بـ«الدقيق للغاية»، وحذّرت من «سيناريو مقلق» في حالة سقوط الحكومة جراء الوضع الاقتصادي المتدهور، ومن تداعيات ذلك على بلادها وعلى تدفقات الهجرة، وفق ما جاء في تقرير نشرته وكالة الأنباء الإيطالية اليوم.

وتضغط إيطاليا داخل دوائر الاتحاد الأوروبي لتقديم مساعدات عاجلة لتونس لمساعدتها على تجنب عنها انهيار اقتصادي محتمل، والتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد لتسريع حصولها على قرض معلق بقيمة 1.9 مليار دولار. كما تبدي إيطاليا اهتماماً كبيراً بالأوضاع التونسية، باعتبارها من العوامل المؤثرة على تدفقات الهجرة غير الشرعية.

وتقدر إيطاليا عدد من وصلوا إلى سواحلها أو حاولوا عبور البحر المتوسط، من تونسيين وجنسيات أخرى، انطلاقاً من السواحل التونسية، بـ44 ألفاً إلى حدود الثاني من مايو الماضي، أي خلال أقل من خمسة أشهر، في حين أن المعطيات تؤكد تدفق نحو 32 ألف مهاجر غير شرعي خلال السنة الماضية بكاملها.

وإلى جانب لقائها سعيّد، التقت ميلوني كذلك نجلاء بودن، رئيسة الحكومة التونسية، التي استقبلتها في الجناح الرئاسي بمطار تونس قرطاج الدولي. وأظهرت الصور التي رافقت الاستقبال الحفاوة البالغة التي استقبل بها المسؤولون التونسيون ميلوني.

على صعيد متصل، نظمت أمس عائلات الشبان الذين فقدوا خلال توجههم إلى إيطاليا في قوارب الموت، وقفة احتجاجية أمام المسرح البلدي في العاصمة التونسية، رافعين شعار «ميلوني غير مرحّب بكِ في تونس»، وطالبوا بكشف مصير المفقودين في الهجرة غير الشرعية، ووقف عمليات الترحيل القسري للمهاجرين، وضمان حرية التنقل وحفظ كرامة المهاجرين.

أقارب ضحايا قوارب الموت خلال تنظيمهم وقفة احتجاجية للمطالبة بمعرفة مصير أبنائهم المفقودين (إ.ب.أ)

وانتقد رمضان بن عمر، المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة حقوقية تعنى بملف الهجرة)، تعامل الجهات الرسمية التونسية مع موضوع الهجرة غير الشرعية، قائلاً: «منذ سنوات لم تقدم تونس رؤية شاملة لمعالجة هذه الظاهرة... نحن نسمع فقط خطابات عامة من رئاسة الجمهورية ووزير الخارجية، وبعض المسؤولين الذين ليست لهم رؤية متكاملة لمعالجة الأزمة».

كما اتهم بن عمر السلطات التونسية بالانصياع للضغوط الأوروبية، والاكتفاء بلعب دور الحارس، وتعاونها لترحيل المهاجرين رغم أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أدانت تعامل الحكومة الإيطالية مع المهاجرين غير النظاميين التونسيين. وطالب بعدم الخضوع للابتزاز، وإرساء رؤية ومقاربة تونسيتين تحترمان حقوق المهاجرين وكرامتهم، وتضمنان تعاوناً عادلاً بين تونس وإيطاليا.


ليبيا تترقب إعلان نتائج مباحثات لجنة القوانين الانتخابية بالمغرب

صورة أرشيفية للقاء صالح والمشري في المغرب العام الماضي (الشرق الأوسط)
صورة أرشيفية للقاء صالح والمشري في المغرب العام الماضي (الشرق الأوسط)
TT

ليبيا تترقب إعلان نتائج مباحثات لجنة القوانين الانتخابية بالمغرب

صورة أرشيفية للقاء صالح والمشري في المغرب العام الماضي (الشرق الأوسط)
صورة أرشيفية للقاء صالح والمشري في المغرب العام الماضي (الشرق الأوسط)

وسط ترقب ليبي، أبقى رئيسا مجلسي النواب و«الدولة» بالبلاد على حالة الغموض بشأن اتفاق محتمل بينهما في المغرب لحسم الخلافات العالقة حول القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة بالبلاد. وفي غضون ذلك دشن عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، جهازاً عسكرياً جديداً في طرابلس للميليشيات المسلحة الموالية له. ولم يعلن عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، وخالد المشري رئيس مجلس الدولة، الموجودان حاليا في المغرب عن فحوى الاتفاق، الذي توصل إليه ممثلو المجلسين باللجنة المشتركة المعروفة باسم «6 + 6». غير أن بعض قادة الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس استبقوا الإعلان عن هذا الاتفاق المرتقب بالتأكيد لعبد الله باتيلي، رئيس البعثة الأممية، الذي التقوه اليوم (الثلاثاء) بشكل مفاجئ بضاحية جنزور في المدينة، عن رفضهم لمخرجات لجنة «6 + 6» في المغرب، وتأكيدهم في المقابل على ضرورة إجراء الانتخابات، وفق ما وصفوه بقوانين صحيحة.

وفي غياب أي معلومات رسمية عن المفاوضات التي يجريها صالح والمشري، أبلغ عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسم مجلس النواب، «الشرق الأوسط» في تصريح مقتضب أن «هذه المفاوضات استمرت لساعات متأخرة من مساء الاثنين وساعة مبكرة من صباح اليوم، من دون التوصل إلى اتفاق». فيما قال مصدر برلماني رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن البند المتعلق بترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، «ما زال محل نقاش وتفاوض»، لافتا إلى أن صالح يدفع باتجاه «حق المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني المتمركز في شرق البلاد، في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة دون شروط».

كما أوضح المصدر، الذي طلب عدم تعريفه، أن المشري يصر في المقابل على ضرورة تنازل حفتر عن منصبه العسكري وعن الجنسية الأميركية التي يحملها، وهذا شرط للسماح له بالوجود في قائمة المرشحين المنافسين على منصب الرئيس المقبل للبلاد.

في سياق ذلك، نقلت وسائل إعلام محلية ليبية عن السلطات المغربية أنه تقرر في وقت لاحق من مساء اليوم (الثلاثاء) اختتام أعمال اللجنة المشتركة لصياغة القوانين الانتخابية «6 + 6»، المعنية بصياغة القوانين الانتخابية، ومعالجة النقاط الخلافية، بمشاركة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة وصالح والمشري، يليها مؤتمر صحافي مشترك. لكن فتح الله السريري، عضو مجلس الدولة في اللجنة، أبلغ «الشرق الأوسط» أن حضور المشري وعقيلة في المغرب هو «أمر بروتوكولي لإعلان إنجاز القوانين الانتخابية التشريعية والرئاسية». مؤكدا أنه «لا حاجة لتوقيعهما وفق التعديل الدستوري الـ13، الذي ينص على نهائية وإلزامية عمل اللجنة للجميع، ما عدا إصدارها من مجلس النواب دون أي تعديل عليها، أي التوقيع عليها من رئيس مجلس النواب على الورق الرسمي للمجلس، بحكم أنه من يوقع على ما يصدر عن المجلس، ثم يحال للجريدة الرسمية للنشر». ورأى السريري أن هذا «إجراء معلوم وعادي، ولا يحتاج إلى جلسة أو تصويت عليه من المجلس في جلسة عامة».

من جانبه، اشتكى بلقاسم دبرز، مقرر مجلس الدولة، من وجود ضغوط لصياغة القوانين الانتخابية، وقال إن بلقاسم، نجل المشير حفتر، يقودها لدفع اللجنة إلى التنازل عن شرط منع مزدوجي الجنسية من الترشح للانتخابات الرئاسية، وأبلغ وسائل إعلام محلية أن أعضاء المجلس في اللجنة ما زالوا صامدين في مواجهة هذا الطرح.

مؤيدون لحفتر يدفعون لترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة دون شروط (رويترز)

وفي غضون ذلك، لم تؤكد بعثة الأمم المتحدة، أو تنفي احتمال إبرام اتفاق في المغرب بين صالح والمشري، وقال مكتبها الإعلامي لموقع «الوسط» الليبي، إن البعثة تنتظر تسلم النص الرسمي للقوانين الانتخابية في صيغتها النهائية، كما أقرتها لجنة «6 + 6»، قبل التعليق عليها، مؤكدا علم البعثة بإعلان اللجنة انتهاء مهمتها بإنجاز هذه القوانين. ونقلت وسائل إعلام محلية عن المكتب الإعلامي للبعثة قوله إن باتيلي سيكون أول من يدعم الاتفاق، الذي «سيمهد الطريق لانتخابات شفافة وذات مصداقية وشاملة في ليبيا».

وكان مقررا التوقيع الرسمي بالأحرف الأولى على تفاهم اللجنة المشتركة لمجلسي النواب والدولة حول صياغة القوانين الانتخابية مساء الاثنين، لكنه تأجل لأسباب تنظيمية، وفق ما نقلته وكالة «الأناضول» عن أعضاء في اللجنة، مشيرة إلى تعرض اللجنة لما وصفته بـ«ضغوطات محلية كبيرة».

من جهة ثانية، أعلن الدبيبة بشكل مفاجئ، اليوم الثلاثاء، وفق وسائل إعلام محلية، إنشاء ما يسمى «الجهاز الوطني للقوى المساندة»، في العاصمة طرابلس، برئاسة أحمد عيسى، أحد قادة ميليشيات مدينة مصراتة (غرب).

الدبيبة مجتمعاً مع وزيري الحكم المحلي وشؤون مجلس الوزراء بحكومته (الوحدة)

ونص القرار على أن يتبع الجهاز الجديد حكومة «الوحدة»، ويضم عناصر من تشكيلات وكتائب «ثوار 17 فبراير»، وأن يتمتع بالشخصية الاعتبارية، والذمة المالية المستقلة، بهدف حماية شرعية الدولة والمؤسسات السيادية، والمحافظة على أمن واستقرار البلاد وأمنها القومي.


سياسيون فرنسيون يضغطون بقوة لإلغاء اتفاق الهجرة مع الجزائر

الرئيس الجزائري مستقبِلاً نظيره الفرنسي خلال زيارته للجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبِلاً نظيره الفرنسي خلال زيارته للجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

سياسيون فرنسيون يضغطون بقوة لإلغاء اتفاق الهجرة مع الجزائر

الرئيس الجزائري مستقبِلاً نظيره الفرنسي خلال زيارته للجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبِلاً نظيره الفرنسي خلال زيارته للجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

بينما يجري التحضير لزيارة مرتقبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى باريس الشهر الجاري، ارتفعت أصوات سياسيين في فرنسا تطالب بمراجعة اتفاق الهجرة بين البلدين، الذي يعود إلى 55 سنة، بحجة أنه «يقوض جهود الدولة للحد من الهجرة»، وذلك بسبب ما يتضمنه من تسهيلات تمنح أفضلية للجزائريين للإقامة والشغل والدراسة في فرنسا.

وقال رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب لمجلة «لكسبريس» الفرنسية الشهرية، الصادرة الأحد الماضي، إنه «لم يعد هناك أي مبرر للإبقاء على اتفاق مع بلد تربطنا به علاقات معقدة»، وذلك خلال رده على سؤال يتعلق بجدل حاد يثيره «اتفاق 1968» المتعلق بالهجرة مع الجزائر، وسط دعوات في فرنسا لإدخال تغييرات جذرية عليه، بحجة أنه يعطي للجزائريين «تفضيلاً غير متاح» لشعوب أخرى، وهو وضع يعوق الحلول المقترحة لمشكلة الهجرة، وفق أصحاب هذا الطرح.

ورغم تأكيده أن العلاقات مع الجزائر «تاريخية» و«قوية جداً»، لكن فيليب لا يرى جدوى من الاحتفاظ باتفاق الهجرة، الذي ينظم حركة الأفراد بين البلدين. وتعني هذه الوثيقة الجزائريين أكثر من الفرنسيين؛ لأنها تمنحهم امتيازات لا تتيحها فرنسا لشعوب بقية الدول، بما فيها مستعمراتها السابقة، وذلك في قضايا الهجرة والإقامة والزواج، ولمّ الشمل العائلي والتجارة، والدراسة في الجامعات بفرنسا. وقد عرف الاتفاق مراجعة في سنوات 1985 و1994 و2001، علماً أنه لا توجد إحصاءات رسمية تؤكد بدقة عدد الجزائريين المقيمين بفرنسا.

إدوارد فيليب رئيس وزراء فرنسا السابق (البرلمان الفرنسي)

وكان وزير الداخلية جيرارد دارمانان قد طلب في 2021 من الجزائر إصدار آلاف التصاريح القنصلية بفرنسا، للسماح بترحيل 9 آلاف مهاجر جزائري غير نظامي، غير أن الجزائر رفضت الرضوخ لطلبه، وهو ما دفع باريس إلى تخفيض حصتها من التأشيرات إلى النصف. وأفاد فيليب بأن ما سماه «مصادر الهجرة الجديدة»، وهي شمال أفريقيا والساحل الأفريقي، تطرح، حسبه، «إشكالات في فرنسا»، مبرزاً أن نسبة السكان الفرنسيين زادت بـ9 بالمائة منذ عام 2000، في حين ارتفع أعداد الأجانب بـ53 بالمائة، ما يستوجب إعادة النظر في الاتفاقات الثنائية الخاصة بالهجرة، التي تربط باريس ببعض الدول، وفق تصريحات رئيس الوزراء في بداية الولاية الأولى للرئيس إيمانويل ماكرون (مايو/ أيار 2017 إلى يوليو/ تموز 2020). والمعروف أن إدوارد فيليب هو عمدة بلدية لوهافر (شمال غربي فرنسا) حالياً، وقد أسس بعد استقالته من الحكومة حزباً سماه «أوريزون» (آفاق)، وألحقه بالأغلبية الرئاسية.

الرئيس الجزائري مع وزير الداخلية الفرنسي ورئيس الوزراء الفرنسي بالجزائر في 10 أكتوبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وفي 20 من مايو الماضي، رفع ثلاثة من كبار مسؤولي حزب «الجمهوريون» (اليمين التقليدي في فرنسا)، بقيادة رئيسه إيريك سيوتي، مقترحين إلى البرلمان، أحدهما يضع قيوداً جديدة على الهجرة، والثاني يخص مراجعة دستورية تمنح الأسبقية للتشريعات الوطنية على القوانين الأوروبية والاتفاقات الثنائية الدولية، في كل ما يتعلق بالهجرة وإقامة الأجانب في فرنسا.

وجرى التركيز على «اتفاق 1968» مع الجزائر، على أساس أن رعايا هذا البلد هم الأكثر عدداً فوق تراب فرنسا والأكثر طلباً للهجرة إليها. وقد لقي هذا المسعى دعماً قوياً من سفير فرنسا لدى الجزائر السابق، كزافييه دريانكور، الذي دعا في مقابلة مع صحيفة «لوفيغارو»، نُشرت في 25 من الشهر الماضي، إلى مراجعة شاملة للوثيقة «حتى لو تسببت في إثارة غضب الجزائر»، مبرزاً أنها «تفضيلية جداً لفائدة الجزائريين»، وبالتالي «تعوق التدابير الحكومية للحد من الهجرة إلى فرنسا، ومن مسعى إبعاد المهاجرين المقيمين بها بطريقة غير قانونية».

إيريك سيوتي رئيس حزب «الجمهوريون» الفرنسي (الشرق الأوسط)

من جهته، كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ذكر في مقابلة مع «لوفيغارو» نهاية العام الماضي، أن الاتفاق «يجب أن يحظى بالاحترام ما دام أنه لا يزال ساري المفعول». أما الحكومة الفرنسية فأعطت إشارات تفيد بأن مراجعته غير واردة بمناسبة زيارة تبون إلى باريس، التي أعلنت الصحافة الفرنسية أنها ستتم منتصف هذا الشهر.