هل تستجيب أطراف النزاع في كينيا لدعوة «الاتحاد الأفريقي» للحوار؟

أحد المحتجين يزيح عبوة غاز مسيل للدموع في نيروبي الاثنين (أ.ف.ب)
أحد المحتجين يزيح عبوة غاز مسيل للدموع في نيروبي الاثنين (أ.ف.ب)
TT

هل تستجيب أطراف النزاع في كينيا لدعوة «الاتحاد الأفريقي» للحوار؟

أحد المحتجين يزيح عبوة غاز مسيل للدموع في نيروبي الاثنين (أ.ف.ب)
أحد المحتجين يزيح عبوة غاز مسيل للدموع في نيروبي الاثنين (أ.ف.ب)

في ظل أعمال عنف وسلب ونهب شابت الاحتجاجات التي تقودها المعارضة الكينية، وجّه الاتحاد الأفريقي دعوة للأطراف المتنازعة للحوار، محذراً من مخاطر استمرار العنف في البلاد.
وأعرب رئيس الاتحاد الأفريقي، موسى فقي محمد، عن «قلقه العميق إزاء أعمال العنف التي شهدتها الاحتجاجات». وقال، في بيان صحافي (الثلاثاء)، إن «العنف أدى إلى خسائر في الأرواح، وإلحاق أضرار بالممتلكات، وتعطيل بعض الأنشطة الاقتصادية في نيروبي». ودعا فقي جميع الأطراف المعنية إلى «التحلي بالهدوء، والانخراط في حوار لمعالجة أي خلافات، وإعلاء المصلحة العليا للوحدة الوطنية والمصالحة». وجدد فقي «دعمه لحكومة الرئيس الكيني ويليام روتو، ولجهوده نحو الوحدة الوطنية والسلام والاستقرار في البلاد».
كما حذر زعماء دينيون من «المجلس المشترك بين الأديان»، في بيان آخر، من «تحول العنف إلى قتال عرقي، يشبه الذي مزق البلاد في أعقاب انتخابات 2007 المتنازع عليها، والتي قتل بعدها أكثر من ألف شخص». ودعوا الزعماء السياسيين للحوار.
وشهدت الاحتجاجات التي دخلت أسبوعها الثاني، إضرام مجهولين النار في كنيسة، والعديد من المحال والمنشآت التجارية، كما تضرر مسجد، وقتل شخص بالرصاص في مدينة كيسومو الغربية بالقرب من منزل عائلة أودينغا، وهو الشخص الثاني الذي أعلن عن مصرعه منذ بدء الاحتجاجات. وأفادت وسائل إعلام كينية بأن «مجهولين خربوا ممتلكات تعود لعائلة أودينغا، ومزرعة مملوكة للرئيس السابق أوهورو كينياتا، الذي دعم أودينغا في الانتخابات». وكانت مظاهرات الأسبوع الماضي أسفرت عن مقتل طالب جامعي، وإصابة 31 شرطياً. كما قبضت السلطات على أكثر من 200 شخص، بينهم العديد من كبار المعارضين، في حين استُهدف موكب أودينغا بالغاز المسيل للدموع.
وقال زعيم المعارضة رايلا أودينغا إنه وأنصاره «لم يتخيلوا أن الدولة ستلجأ إلى العنف لقمع الاحتجاجات»، ووصف رد فعل حكومة الرئيس ويليام روتو بأنه «نابع من اليأس». وقال إن «النضال سوف يمضي، حتى تلبية المطالب».
وخلال زيارة لألمانيا، قال روتو، (الثلاثاء)، إن الاحتجاجات تمثل «تحدياً معتاداً للديمقراطية في كينيا، حيث يريد بعض الناس تحدي القانون». وتعهد روتو بحماية أرواح وممتلكات الكينيين، مؤكداً أنه «سيتم محاسبة جميع المتورطين في نشاط إجرامي».
وكان أودينغا دعا الكينيين، الأسبوع الماضي، إلى احتجاجات منتظمة يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع. وطالبت الاحتجاجات باستقالة الرئيس، بعد انتهاء مهلة منحها زعيم المعارضة له، لتنفيذ مطالب تشمل خفض تكاليف المعيشة، والضرائب، وإعادة الدعم، وتأجيل إعادة تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات، وفتح تحقيق في انتخابات الرئاسة التي جاءت به رئيساً. ويعارض أودينغا إلغاء دعم المواد الغذائية الذي قال إنه «يجب إعادته للمساعدة في خفض تكلفة السلع الأساسية، مثل دقيق الذرة». من جانبه ينتقد الرئيس روتو مطالب خصمه، ويدّعي أنها «تهدف إلى ابتزاز حكومته لتعطيل أجندته التنموية».
وأعرب عطية عيسوي، الخبير في الشؤون الأفريقية، عن اعتقاده بأن «دعوة الاتحاد الأفريقي لن يكون لها جدوى تذكر للجماهير المحتجة، وقياداتها؛ لأن موقف المفوضية ينحاز عادة للحكومات، وهو ما اتضح في نص البيان». وتوقع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «تستمر الاحتجاجات حتى تلبية ولو بعض مطالب المعارضة». وقال إنه «في هذه الأثناء ستكون الطريقة التي تتعامل بها قوات الأمن حاسمة». ولفت إلى أنه «توجد مطالب الآن بمنح قوات الأمن سلطات وصلاحيات قانونية لمواجهة الاحتجاجات». وأضاف أن «زيادة وتيرة العنف من قبل الأمن قد تؤدي إلى خروج الأمور عن سيطرة الجميع».
لكن عيسوي يرى أن «روتو يستطيع تهدئة الأمور بإعادة الدعم إلى السلع الرئيسية، الأمر الذي قد يضع أودينغا والمعارضة في موقف حرج، ويدفعهم إلى التهدئة والحوار والتفاوض».
وقال إن «روتو قد يراهن على خوف المحتجين من الاعتقالات، والقبضة الأمنية، وبالتالي فتور الاحتجاجات وعودة الأمور إلى طبيعتها». ولفت إلى أنه «من غير المرجح استجابة أودينغا لدعوات التهدئة والحوار في ظل إصرار روتو على عدم الاستجابة لأي من المطالب».


مقالات ذات صلة

تجدد احتجاجات المعارضة في كينيا

العالم تجدد احتجاجات المعارضة في كينيا

تجدد احتجاجات المعارضة في كينيا

تراوح الأزمة السياسية في كينيا في مكانها، بعد عودة احتجاجات المعارضة إلى الشوارع، وتجميد «حوار وطني» مزمع، تختلف المعارضة والرئيس حول طريقته وأهدافه. وانطلقت، الثلاثاء، موجة جديدة من الاحتجاجات، وأطلقت الشرطة الكينية الغاز المسيل للدموع على مجموعة من المتظاهرين في العاصمة نيروبي. ووفق وسائل إعلام محلية، شهد الحي التجاري المركزي انتشاراً مكثفاً للشرطة، وأُغلق عدد كبير من المتاجر، كما انطلق بعض المشرعين المعارضين، في مسيرة إلى مكتب الرئيس، لـ«تقديم التماس حول التكلفة المرتفعة، بشكل غير مقبول، للغذاء والوقود والكهرباء»، ومنعتهم الشرطة من الوصول للمبنى وفرقتهم باستخدام الغاز المسيل للدموع.

العالم تنامي «المعتقدات الشاذة» يثير مخاوف في كينيا

تنامي «المعتقدات الشاذة» يثير مخاوف في كينيا

تعيش كينيا حالة من الذعر مع توالي العثور على رفات في مقابر جماعية لضحايا على صلة بجماعة دينية تدعو إلى «الصوم من أجل لقاء المسيح»، الأمر الذي جدد تحذيرات من تنامي الجماعات السرية، التي تتبع «أفكاراً دينية شاذة»، خلال السنوات الأخيرة في البلاد. وتُجري الشرطة الكينية منذ أيام عمليات تمشيط في غابة «شاكاهولا» القريبة من بلدة «ماليندي» الساحلية، بعد تلقيها معلومات عن جماعة دينية تدعى «غود نيوز إنترناشونال»، يرأسها بول ماكينزي نثينغي، الذي قال إن «الموت جوعاً يرسل الأتباع إلى الله». ورصد أحدث التقديرات ارتفاع عدد ضحايا «العبادة جوعاً» إلى 83، وسط تزايد المخاوف من احتمال العثور على مزيد من الجثث. ووف

العالم عودة الاحتجاجات في كينيا... هل تُفاقم الأوضاع؟

عودة الاحتجاجات في كينيا... هل تُفاقم الأوضاع؟

رغم التحضيرات الجارية لمباحثات من المقرر إجراؤها بين الحكومة والمعارضة، يستمر التوتر السياسي في الهيمنة على المشهد بعد قرار المعارضة باستئناف الاحتجاجات، وهو ما يراه خبراء «تهديداً» لمساعي احتواء الخلافات، ومنذراً بـ«تصاعد المخاطر الاقتصادية». وأعلنت المعارضة الكينية عن عودة الاحتجاجات غداً (الأحد)، بعد 10 أيام من موافقة زعيم المعارضة رايلا أودينغا، على تعليقها وتمهيد الطريق لإجراء محادثات مع الرئيس ويليام روتو. وفي تصريحات تناقلتها الصحف الكينية، (الجمعة)، قال أودينغا، في اجتماع لمؤيديه في نيروبي، إن «التحالف سيواصل التحضير للمفاوضات، لكن الحكومة فشلت حتى الآن في تلبية مطالبها»، مشيراً إلى ما

العالم كينيا: تصاعُد الاضطرابات الاقتصادية وسط مخاوف من عودة الاحتجاجات

كينيا: تصاعُد الاضطرابات الاقتصادية وسط مخاوف من عودة الاحتجاجات

في ظل أزمة سياسية تعمل البلاد على حلها بعد تعليق احتجاجات قادتها المعارضة، ما زالت الأزمات الاقتصادية في كينيا تشكل مصدراً للتوتر والاضطرابات.

أفريقيا كينيا: تصاعد الاضطرابات الاقتصادية وسط مخاوف من عودة الاحتجاجات

كينيا: تصاعد الاضطرابات الاقتصادية وسط مخاوف من عودة الاحتجاجات

في ظل أزمة سياسية تعمل البلاد على حلها بعد تعليق احتجاجات قادتها المعارضة، ما زالت الأزمات الاقتصادية في كينيا تشكل مصدراً للتوتر والاضطرابات.


الأمم المتحدة تلمّح لمسؤولية إسرائيل عن إيجاد بديل لـ«الأونروا»

رجل فلسطيني يحمل صندوق مساعدات وزعته وكالة «الأونروا» في مدرسة تؤوي النازحين وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» في دير البلح وسط قطاع غزة 4 نوفمبر 2024 (رويترز)
رجل فلسطيني يحمل صندوق مساعدات وزعته وكالة «الأونروا» في مدرسة تؤوي النازحين وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» في دير البلح وسط قطاع غزة 4 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تلمّح لمسؤولية إسرائيل عن إيجاد بديل لـ«الأونروا»

رجل فلسطيني يحمل صندوق مساعدات وزعته وكالة «الأونروا» في مدرسة تؤوي النازحين وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» في دير البلح وسط قطاع غزة 4 نوفمبر 2024 (رويترز)
رجل فلسطيني يحمل صندوق مساعدات وزعته وكالة «الأونروا» في مدرسة تؤوي النازحين وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» في دير البلح وسط قطاع غزة 4 نوفمبر 2024 (رويترز)

ردت الأمم المتحدة، في رسالة اطلعت وكالة «رويترز» للأنباء على مقتطف منها، على قرار إسرائيل قطع العلاقات مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بالقول إنها لا تتحمل أي مسؤولية عن إيجاد بديل لعمليات الوكالة في غزة والضفة الغربية، مشيرة إلى أن هذه المشكلة تقع على عاتق إسرائيل بوصفها قوة احتلال.

وبموجب قانون جديد، أنهت إسرائيل اتفاقية تعاون أُبرمت عام 1967 مع «الأونروا» وكانت تغطي جوانب حماية الوكالة وتنقلاتها وحصانتها الدبلوماسية. ويحظر القانون عمليات «الأونروا» في إسرائيل اعتباراً من أواخر يناير (كانون الثاني). وقالت الوكالة إن عملياتها في غزة والضفة الغربية أصبحت الآن معرضة لخطر الانهيار.

وكتب كورتيناي راتراي، رئيس مكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى مسؤول كبير في الشؤون الخارجية الإسرائيلية في وقت متأخر من مساء أمس (الثلاثاء): «أود أن أشير، كملحوظة عامة، إلى أنه ليس من مسؤوليتنا إحلال بديل لـ(أونروا)، وليس بمقدورنا هذا».

وينطوي الحديث على إشارة ضمنية لالتزامات إسرائيل بوصفها قوة احتلال.

وتعتبر الأمم المتحدة غزة والضفة الغربية أرضاً تحتلها إسرائيل. ويقتضي القانون الإنساني الدولي من قوة الاحتلال الموافقة على برامج الإغاثة للمحتاجين وتسهيلها «بكل الوسائل المتوافرة لديها» وضمان توفير الغذاء والرعاية الطبية ووسائل النظافة ومعايير الصحة العامة.

ولم ترد بعثة إسرائيل لدى الأمم المتحدة بعد على طلب التعليق على رسالة راتراي.

فلسطينيون يتسلمون المساعدات التي وزعتها وكالة «الأونروا» في مخيم النصيرات للاجئين بغزة 5 نوفمبر 2024 (أ.ب)

ويصف كبار المسؤولين في الأمم المتحدة ومجلس الأمن «الأونروا» بأنها العمود الفقري للاستجابة الإنسانية في قطاع غزة الذي تخوض فيه إسرائيل وحركة «حماس» حرباً منذ العام الماضي، ما حوّل القطاع إلى حطام وأطلال ودفع السكان إلى شفا المجاعة.

وقال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون، في اجتماع للجمعية العامة بشأن «الأونروا»، اليوم (الأربعاء): «يمكن تعريف (الأونروا) بكلمة واحدة وهي الفشل. فكرة أنه لا يمكن مواصلة عمل (الأونروا) هي فكرة سخيفة».

«عواقب كارثية»

دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مراراً إلى تفكيك «الأونروا»، متهماً الوكالة بالتحريض ضد إسرائيل. كما تقول إسرائيل إن موظفي «الأونروا» شاركوا في هجوم «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي أشعل فتيل الحرب في قطاع غزة.

وقالت الأمم المتحدة إن 9 من موظفي «الأونروا» ربما شاركوا في هجوم «حماس» وجرى فصلهم. وفي وقت لاحق، تبين أن أحد قادة «حماس» في لبنان، الذي قتلته إسرائيل في سبتمبر (أيلول)، كان موظفاً في «الأونروا»، وفق وكالة «رويترز».

تأسست «الأونروا» في عام 1949 بموجب قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أعقاب الحرب التي أحاطت بقيام إسرائيل. وتخدم الاحتياجات المدنية والإنسانية لملايين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية وفي مخيمات منتشرة في سوريا ولبنان والأردن.

وتقول الأمم المتحدة مراراً إنه لا يوجد بديل لـ«الأونروا».

الناس يتجمعون حول شاحنة تابعة لوكالة «الأونروا» في مدرسة تحولت إلى مخيم للنازحين داخلياً في دير البلح 5 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وقال المفوض العام لـ«الأونروا» فيليب لازاريني للجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم (الأربعاء)، إن تطبيق التشريع الإسرائيلي ستكون له «عواقب وخيمة»، مضيفاً: «في يومنا هذا، يخشى الملايين من لاجئي فلسطين أن تختفي قريباً الخدمات العامة التي تعتمد عليها حياتهم».

وأضاف أنهم «يخشون أن يُحرم أطفالهم من التعليم؛ وألا يجدوا علاجاً للأمراض، وأن يتوقف الدعم الاجتماعي... كما يخشى سكان غزة بالكامل أن يتم قطع شريان الحياة الوحيد المتبقي لهم».

في رسالة إلى نتنياهو، الأسبوع الماضي، بعد موافقة الكنيست الإسرائيلي على التشريع الجديد بشأن «الأونروا»، أثار غوتيريش الكثير من القضايا القانونية المتعلقة بالقرار.

ودعم راتراي هذه الرسالة، داعياً إسرائيل إلى «التصرف بشكل متسق» مع التزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، مؤكداً في رسالته: «لا يمكن للتشريعات المحلية أن تغير تلك الالتزامات».

واستولت إسرائيل على الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، وهي مناطق يريدها الفلسطينيون لإقامة دولتهم، في حرب عام 1967، وانسحبت من قطاع غزة في عام 2005، لكنها تسيطر مع مصر على حدود القطاع.

وقال المندوب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور للجمعية العامة: «الوكالة لا غنى عنها ولا يمكن إيجاد بديل لها».