عقوبات أميركية ـ بريطانية على «شبكات الكبتاغون» في سوريا

استهدفت رجال أعمال وأقارب للأسد وشركات لبنانية... ولندن تتحدث عن تجارة تدر 57 مليار دولار للنظام

كميات كبيرة من حبات الكبتاغون صودرت في 1 مارس الحالي عند معبر القائم على الحدود العراقية مع سوريا (أ.ف.ب)
كميات كبيرة من حبات الكبتاغون صودرت في 1 مارس الحالي عند معبر القائم على الحدود العراقية مع سوريا (أ.ف.ب)
TT

عقوبات أميركية ـ بريطانية على «شبكات الكبتاغون» في سوريا

كميات كبيرة من حبات الكبتاغون صودرت في 1 مارس الحالي عند معبر القائم على الحدود العراقية مع سوريا (أ.ف.ب)
كميات كبيرة من حبات الكبتاغون صودرت في 1 مارس الحالي عند معبر القائم على الحدود العراقية مع سوريا (أ.ف.ب)

أصدرت وزارة الخزانة الأميركية، بالتنسيق مع الحكومة البريطانية، عقوبات استهدفت مسؤولين كباراً في النظام السوري ومقربين من الرئيس بشار الأسد وعدداً من اللبنانيين المرتبطين بعلاقات بـ«حزب الله»، لتورطهم في شبكات الاتجار بمخدر «الكبتاغون» في سوريا. وبينما اتهمت الخزانة الأميركية النظام السوري وحلفاءه بإنتاج «الكبتاغون» والاتجار به لجني أموال ضخمة، قالت الحكومة البريطانية إن تجارة «الكبتاغون» تدر 57 مليار دولار على نظام الرئيس الأسد.
وبموجب «قانون قيصر» الصادر عام 2019، طالت العقوبات أفراداً مقربين من عائلة الرئيس الأسد، شملت خالد قدور رجل الأعمال السوري والمساعد المقرب من ماهر الأسد (شقيق الرئيس السوري) قائد «الفرقة الرابعة» سيئة السمعة، الذي تم إدراجه على قائمة العقوبات في عام 2011 لدوره فيما تصفه الولايات المتحدة بـ«انتهاكات لحقوق الإنسان» ترتكبها الحكومة السورية ضد شعبها. وأشارت وزارة الخزانة إلى تورط ماهر الأسد و«الفرقة الرابعة» في مخططات غير مشروعة لتوليد الأموال من تهريب السجائر والهواتف المحمولة، إلى تسهيل إنتاج «الكبتاغون» والاتجار به. وأشارت إلى أن رجل الأعمال خالد قدور قدّم مساعدات مالية ودعماً تكنولوجياً وخدمات لماهر الأسد، وكان المسؤول عن إدارة الإيرادات الناتجة عن هذه الأنشطة والصفقات مع شقيق الرئيس السوري.
وأدرجت الخزانة الأميركية أيضاً على قائمة العقوبات سامر كمال الأسد (من عائلة الرئيس الأسد)، زاعمة أنه يشرف على منشآت إنتاج «الكبتاغون» الرئيسية في اللاذقية، بالتنسيق مع «الفرقة الرابعة» وبعض المنتسبين لـ«حزب الله». وقال بيان وزارة الخزانة إنه في عام 2020، تم ضبط 84 مليون حبة «كبتاغون» منتجة في مصنع يملكه سامر الأسد في مدينة اللاذقية، تقدر قيمتها بنحو 1.2 مليار دولار، في ميناء ساليرنو الإيطالي، مضيفا أن سامر الأسد يمتلك مصنعاً لإنتاج «الكبتاغون» في منطقة القلمون بالقرب من الحدود السورية - اللبنانية.
وفرضت الخزانة الأميركية عقوبات ضد وسيم بديع الأسد (قريب الرئيس الأسد)، مشيرة إلى أنه معروف بدعمه الجيش السوري في أدوار مختلفة، تشمل قيادة ميليشيا «كتائب البعث»، وهي وحدة شبه عسكرية تحت قيادة الجيش العربي السوري، ودعوته علناً إلى تشكيل ميليشيات طائفية لدعم النظام. وقالت الخزانة الأميركية إن وسيم الأسد كان شخصية رئيسية في شبكة تهريب المخدرات الإقليمية؛ حيث دخل في شراكة مع مورّدين رفيعي المستوى لتهريب المواد المهربة و«الكبتاغون» ومخدرات أخرى في جميع أنحاء المنطقة، بدعم ضمني من النظام السوري.
وطالت العقوبات عماد أبو زريق، وهو قائد سابق في «الجيش السوري الحر» المعارض وبات يقود حالياً ميليشيا تابعة للمخابرات العسكرية السورية. وقالت الخزانة الأميركية إن أبو زريق كان له دور مهم في تمكين إنتاج المخدرات وتهريبها في جنوب سوريا. وكان يقود مجموعة ميليشيا تسيطر على معبر نصيب الحدودي المهم بين سوريا والأردن، واستخدم سلطته في المنطقة لبيع البضائع المهربة، وتهريب المخدرات في الأردن.
وشملت قائمة العقوبات عدداً من اللبنانيين وشركاتهم، وهم حسن محمد دقو (لبناني سوري مزدوج الجنسية) الذي أطلقت عليه وسائل إعلام لقب «ملك الكبتاغون». وقد اكتسب دقو سمعته كمصدّر لـ«الكبتاغون» وميسّر للتهريب عبر الحدود السورية - اللبنانية تحت حماية «حزب الله». وأضافت الخزانة الأميركية أن دقو ارتبط بعمليات تهريب المخدرات التي نفذتها «الفرقة الرابعة» في الجيش السوري، بقيادة ماهر الأسد، وبغطاء من قبل «حزب الله».
وأشارت الخزانة الأميركية إلى أنه تم القبض على دقو في لبنان عام 2021 بتهم تهريب المخدرات المرتبطة بشحنة ضخمة من «الكبتاغون» تم اعتراضها في ماليزيا في طريقها إلى المملكة العربية السعودية، لكن المنتسبين لـ«حزب الله» سهّلوا قدرة دقو على الاستمرار في إدارة أعماله في أثناء وجوده في السجن.
ووضعت الخزانة الأميركية شركتي «حسن دقو للتجارة» و«مؤسسة الإسراء للاستيراد والتصدير» على قائمة العقوبات، وهما شركتان مملوكتان لحسن دقو ومتخصصتان في التجارة العامة وعمليات الاستيراد والتصدير في منطقة سهل البقاع في لبنان.
وأدرجت الخزانة الأميركية أيضاً اللبناني نوح زعيتر الذي يملك علاقات وثيقة بالفرقة الرابعة التابعة للجيش السوري وبعض أعضاء «حزب الله». وأوضحت أن زعيتر تاجر أسلحة معروف ومهرب مخدرات ومطلوب حالياً من قبل السلطات اللبنانية بتهمة تهريب المخدرات. ويقوم زعيتر بأنشطته غير المشروعة تحت حماية الفرقة الرابعة، بحسب ما جاء في البيان الأميركي.
وقالت أندريا جاكي مديرة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأميركية: «أصبحت سوريا – عالمياً - رائدة في إنتاج الكبتاغون الذي يسبب الإدمان، ويتم تهريب كثير منه عبر لبنان». وشددت على التعاون بين الولايات المتحدة وحلفائها لـ«محاسبة أولئك الذين يدعمون نظام بشار الأسد بإيرادات المخدرات غير المشروعة وغيرها من الوسائل المالية التي تمكن النظام من القمع المستمر للشعب السوري». وفي لندن، وزعت وزارة الخارجية البريطانية بياناً مماثلاً لبيان العقوبات الأميركي. وشملت القائمة البريطانية 11 اسما قالت إنهم مرتبطون بتجارة مخدرات سورية غير مشروعة تساعد في جني أرباح للحكومة السورية. وقالت بريطانيا إن تجارة الكبتاغون، وهو أمفيتامين يُسبب الإدمان، تصل قيمتها إلى 57 مليار دولار لحكومة الرئيس السوري بشار الأسد، وإن الأحد عشر فرداً الذين أُضيفوا لقائمة العقوبات رجال أعمال وقادة ميليشيات أو أقارب للرئيس.
وقال طارق أحمد، وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، إن «نظام الأسد يستخدم أرباح تجارة الكبتاغون لمواصلة حملته الإرهابية على الشعب السوري». وأضاف أن «المملكة المتحدة والولايات المتحدة ستواصلان محاسبة النظام على قمع الشعب السوري بوحشية وتأجيج عدم الاستقرار في أنحاء الشرق الأوسط».
وشملت القائمة البريطانية: عبد اللطيف حميد الذي وُصف بأنه رجل أعمال بارز تسهل مصانعه توضيب حبوب «الكبتاغون» وتم ربطه بمصادرة كميات من هذه المواد المخدرة في ساليرنو بإيطاليا عام 2020. كما شملت عماد أبو زريق الذي وصفه البيان البريطاني بأنه زعيم ميليشيا في جنوب سوريا، مضيفاً أن هذه الميليشيا متورطة في عمليات تهريب للمخدرات وعمليات اغتيال وخطف معارضين سياسيين. كما ضمت القائمة مصطفى المسالمة وهو زعيم ميليشيا في جنوب سوريا لها علاقة بتجارة المخدرات، وأيضا طاهر الكيالي وهو رجل أعمال تزعم بريطانيا علاقته بتجارة الكبتاغون وبشحنات مواد مخدرة صودرت في أوروبا. وتضم القائمة كذلك عامر خيتي وهو سياسي سوري يدير أشغالاً متعددة في سوريا يُزعم أن لها علاقة بتجارة المخدرات.
كما ضمت القائمة البريطانية محمد شاليش الذي يزعم أن له علاقة بقطاع الشحن في مناطق النظام باللاذقية. أما راجي فلحوت فوصفه البيان البريطاني بأنه زعيم ميليشيا في السويداء يستخدم مقر قيادة مجموعته في تسهيل إنتاج المخدرات.


مقالات ذات صلة

3 دول لاعتماد جهاز واعد للكشف عن المخدرات

يوميات الشرق البروفسور كريس بودني يُشغّل جهاز الكشف عن المخدرات (جامعة باث)

3 دول لاعتماد جهاز واعد للكشف عن المخدرات

طوَّر فريق من الباحثين من جامعة باث بالمملكة المتحدة، جهازاً محمولاً قادراً على الكشف الفوري عن المخدرات الخطرة المنتشرة في شوارع العديد من البلدان حول العالم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك نبات الماريوانا (أ.ب)

من الولادة المبكرة إلى وفاة الأجنّة... آثار كارثية لتعاطي الحوامل للماريوانا

يرتبط تعاطي الماريوانا أثناء الحمل بضعف نمو الجنين، وانخفاض وزن الرضيع عند الولادة، والولادات المبكرة الخطيرة، وحتى الوفاة، وفقاً لما أكدته دراسة جديدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي حبوب من «الكبتاغون» (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش اللبناني يفكك معملاً لتصنيع «الكبتاغون» عند الحدود السورية

أعلن الجيش اللبناني، الاثنين، تفكيك معمل لتصنيع حبوب «الكبتاغون» المخدرة عند الحدود السورية.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب (د.ب.أ) play-circle

ترمب ينتقد رئيسة المكسيك: «خائفة من العصابات»

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد، إن الرئيسة المكسيكية كلاوديا شينباوم رفضت اقتراحه بإرسال قوات من الجيش الأميركي إلى المكسيك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أميركا اللاتينية  الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم (أ.ب)

رئيسة المكسيك: رفضنا عرضاً من ترمب بإرسال قوات أميركية إلى بلادنا

كشفت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم عن أنها رفضت عرضاً تقدم به نظيرها الأميركي دونالد ترمب، بإرسال عسكريين أميركيين إلى المكسيك لمحاربة عصابات المخدرات.

«الشرق الأوسط» (مكسيكو)

قادة حوثيون يتنافسون على «الخردة» بعد تدمير إسرائيل مطار صنعاء

جرافة حوثية تنقل بقايا طائرة في مطار صنعاء (إكس)
جرافة حوثية تنقل بقايا طائرة في مطار صنعاء (إكس)
TT

قادة حوثيون يتنافسون على «الخردة» بعد تدمير إسرائيل مطار صنعاء

جرافة حوثية تنقل بقايا طائرة في مطار صنعاء (إكس)
جرافة حوثية تنقل بقايا طائرة في مطار صنعاء (إكس)

في حين حمّلت الحكومة اليمنية جماعة الحوثيين مسؤولية دمار ثلاث طائرات تتبع الخطوط الجوية اليمنية في الضربات الإسرائيلية الأخيرة، كشفت مصادر مطلعة في صنعاء، عن اشتداد التنافس بين قادة الجماعة للاستيلاء على بقايا حُطام تلك الطائرات وصالات ومكاتب الشركات، بغية التكسب من ورائها وبيعها لتجار «الخردة».

واتهمت مصادر عاملة في قطاع الطيران بصنعاء، قيادات انقلابية بالتدخل في عمل الفرق الفنية المتخصصة بتقييم الأضرار وأعمال الصيانة، عبر تعيين مشرفين تابعين لها لتولي مهام جمع الحطام المتبقي من الطائرات والمطار المستهدف ونقلها عبر شاحنات إلى خارج المطار.

واحدة من الطائرات الثلاث التي دمرتها الغارات الإسرائيلية (أ.ب)

وتداول ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي، صوراً تظهر قيام جرافات حوثية بنقل حُطام الطائرات ومخلفات صالات المطار على متن شاحنات بغية بيعها لتجار الخردة.

وأبدى عاملون في قطاع الطيران بصنعاء استياءهم لجهة إيلاء جماعة الحوثيين كل الاهتمام بجمع مخلفات الطائرات والمطار المدمر للمتاجرة بها، وتغاضيها عن حجم المعاناة التي يكابدونها منذ سنوات بفعل التوقف المتكرر للمطار، وصولاً إلى تعرضه أخيراً لضربات إسرائيلية أوقفته بشكل كلي عن العمل.

إشراف حوثي على نقل حطام الطائرات بمطار صنعاء إثر غارات إسرائيلية (إكس)

وذكرت المصادر أن المعنيين في إدارة مطار صنعاء ومسؤولين آخرين بقطاع الطيران المدني الخاضع للجماعة، فشلوا في اعتراض تلك التعليمات التي تنص على مصادرة بقايا الطائرات وصالات وأروقة وأثاث المطار المُدمر.

وكان فريق فني متخصص بتقييم الأضرار والصيانة في مطار صنعاء، أكد «وجود قطع من الطائرات المدمرة وممتلكات أخرى في المطار لا تزال تعمل بشكل جيد وقابلة للاستخدام مرة أخرى».

وأوضحت المصادر أن الجماعة الحوثية كلفت قيادياً يدعى «المراني»، للإشراف على تنفيذ أعمال الترميمات التي تُجري للمدارج المدمرة بمطار صنعاء، قبل أن يتم تحديد المواصفات الفنية والتكلفة وغيرهما من الخطوات الأخرى.

دمار وخسائر

وكانت إسرائيل شنت هجمات انتقامية دمرت مطار صنعاء بكل بنيته التحتية والطائرات الموجودة فيه، ضمن ردها على انفجار صاروخ حوثي قرب «مطار بن غوريون» قبل أكثر من أسبوع.

وحمّلت وزارة النقل اليمنية الجماعة الحوثية المسؤولية الكاملة لما تعرضت له شركة الخطوط الجوية اليمنية من خسائر ودمار، وذلك نتيجة لاستمرارها في احتجاز الطائرات بطريقة غير قانونية وغير مشروعة.

الخطوط اليمنية خسرت 3 طائرات في مطار صنعاء كان يحتجزها الحوثيون (إ.ب.أ)

وأشارت الوزارة، في بيان لها، إلى أنه «كان بالإمكان تفادي دمار هذه الطائرات، لو لم يتجاهل الحوثيون مطالب قيادتي وزارة النقل وشركة الخطوط الجوية اليمنية في عدن لإخراج الطائرات من مطار صنعاء إلى مطارات المناطق المحررة أو مطارات خارجية».

واستنكر البيان «الإصرار الحوثي على الاحتفاظ بطائرة الشركة اليمنية التي سلمت من القصف الجوي، والموجودة حالياً في مطار الملكة علياء الدولي في الأردن».