«سفر برلك»... تجسيد درامي لمرحلة مؤلمة بعد 100 عام

بطل العمل عبد الرحمن اليماني لـ «الشرق الأوسط» : للفنان دور في تثقيف الجمهور تاريخياً

المسلسل يتطرق للعديد من الصراعات الفكرية والاجتماعية لشبان تلك الحقبة
المسلسل يتطرق للعديد من الصراعات الفكرية والاجتماعية لشبان تلك الحقبة
TT

«سفر برلك»... تجسيد درامي لمرحلة مؤلمة بعد 100 عام

المسلسل يتطرق للعديد من الصراعات الفكرية والاجتماعية لشبان تلك الحقبة
المسلسل يتطرق للعديد من الصراعات الفكرية والاجتماعية لشبان تلك الحقبة

لا تزال قصة أهالي المدينة المنورة المروعة مع جريمة «سفر برلك» محفورة في ذاكرة كبار السن ممن عايشوا تلك الحادثة الوحشية، وهي كارثة التهجير الجماعي القسري، التي طبقتها الدولة العثمانية عام 1915 تجاه الآلاف من الرجال والنساء والأطفال من سكان المدينة المنورة، قُبيل وخلال فترة الحرب العالمية الأولى. هذه الواقعة التاريخية المؤلمة يتناولها مسلسل «سفر برلك» الذي يُعرض حالياً على قناة «MBC»، ويروي حكاية السعودي «عبد الرحمن المدايني» ورفاق دراسته الجامعية في إسطنبول، السوري «يحيى»، واللبنانيين «فايز» و«فريد»، حيث يخوض الأصدقاء الأربعة رحلة الوعي السياسي والانتقال من أروقة التحصيل العلمي إلى جبهات القتال مع الجيش العثماني أولاً في معارك البلقان على الحدود الروسية، ومن ثم التمرّد على ظلم السلطنة العثمانية ووحشية ممارساتها.

رحلة البحث
يتحدث بطل العمل الممثل السعودي عبد الرحمن اليماني لـ«الشرق الأوسط»، عن تحضيراته المسبقة، قائلاً «قرأت عن حادثة (سفر برلك) بشكل كبير، وسألت أصدقائي في المدينة المنورة وبعضهم أوصلني بأقاربهم الذين عايشوا ما حدث، والبعض أرسل لي مقالات لمؤرخين في المدينة، واستغرق البحث مني نحو شهر، لفهم تفاصيل هذه الواقعة».

الممثل السعودي عبد الرحمن اليماني بطل «سفر برلك» (الشرق الأوسط)

ويشير اليماني إلى أن كثيراً من مشاهدي العمل لم يكونوا يعرفون هذا الحدث التاريخي، ودفعهم المسلسل للبحث والقراءة والاستزادة حوله، مبيناً أن العمل حصد أصداء إيجابية كبيرة بعد عرض الحلقات الأولى له، ويضيف: «من الرائع أن يسهم الفنان في تثقيف الجمهور حول حادثة تاريخية حصلت، ولي الشرف بأن أكون جزءاً من هذا المشروع الضخم».
وعن دوره في شخصية «عبد الرحمن المدايني»، يقول «هو من أهم الأدوار التي لعبتها، لأنه يتضمن أموراً كثيرة بعيدة عن شخصيتي الحقيقية، عكس ما يحدث حين يلعب الفنان دوراً قريباً من أجزاء في شخصيته الحقيقية».
ورغم تشابه الاسم، ما بين الفنان وبطل العمل، يقول اليماني، «من أبرز الفروقات أني إنسان نشيط ولدي لغة جسد قوية وواضحة، بينما عبد الرحمن المدايني شخص هادئ وغامض نوعاً ما، يميل للرزانة ويفكر بشكل مسبق في خطواته، لذا فالجرأة لديه ليست عالية، كما أنه متمسك بالكثير من المبادئ والمعتقدات التي يؤمن بها، بينما يأتي الواقع ضده، ومن هنا يبدأ الصراع النفسي، فليس من السهل أبداً أن تهدم مبادئ شخص ما أو تتغير بسهولة».

قراءة المجتمع
ويؤكد اليماني أن شخصية عبد الرحمن في «سفر برلك» لا تتناول موضوعاً بسيطاً، بل تتطرق إلى دولة تتطلب الدفاع عنها، وظلم يتجرعه حشد كبير من الناس، ويضيف: «أي إنسان طبيعي من الصعب عليه تجاهل هذه الأمور، إلا إن كان خائناً لوطنه ودينه أو شخصاً أحمق»، موضحاً أن شخصية عبد الرحمن في العمل هي لإنسان مثقف ويدرس في ذاك الزمان باعتباره طالباً مبتعثاً، حيث يدرس في دولة أخرى بلغة مختلفة مع مجتمع مختلف، في حين أنه ينتمي لعائلة لها ثقلها الاجتماعي والثقافي والسياسي في المدينة المنورة.
هذه الأمور يشير بطل العمل إلى أنها جعلت لدى شخصية عبد الرحمن المدايني خلفية ممتازة عن طريقة الحياة وقراءة المجتمع والظروف المحيطة به، مما شكل الصراع لديه، ويتابع بالقول، «بالإضافة لذلك فإن مجموعة الصدمات الفكرية والعاطفية والاجتماعية من شأنها أن توقظ الإنسان، ليكتشف أن الحياة ليست كما يراها».

ذكرى حاتم علي
استغرق تصوير مسلسل «سفر برلك» نحو سنتين، كما يفيد اليماني، ويُعد هذا المسلسل هو آخر مشروع حضّر له المخرج السوري الراحل حاتم علي، قبيل أيام قليلة من وفاته، وهو من إخراج الليث حجو، والسيناريو والحوار لورشة من الكتّاب، فيما راجع العمل من الناحية التاريخية، ورشة من المختصين والباحثين في التاريخ.
وعن لحظة لقاء عبد الرحمن اليماني مع المخرج الراحل حاتم علي؛ الذي طلب مقابلته بخصوص دوره في العمل، يحكي أنه دخل عليه وقال له بعفوية شديدة، «أنا أحبك، وأمي تحبك، وأبي يحبك، وكل العالم العربي يحبك، فأعمالك ما زالت حاضرة، ونحن كبرنا على مسلسلاتك»، واصفاً لقاءه مع المخرج الراحل بأنه لحظة للتاريخ.
يشارك في بطولة المسلسل عدد كبير من الممثلين بالسعودية والوطن العربي، منهم إلى جانب عبد الرحمن اليماني، عابد فهد، وأنس طيارة، ووسام فارس، وبيو شيحان، ومؤيد الثقفي، وميلا الزهراني، وخالد يسلم، وهند محمد.
وأوضحت «MBC»، في بيان صحافي سابق، أن مشاهد المدينة المنورة بالمسلسل جرى تصويرها في مدينة تم تشييدها خصيصاً لتحاكي الأحداث، وذلك على مساحة قدرها 25 ألف متر مربع، أما مشاهد إسطنبول، تم بناء مدينة لها أيضاً على مساحة نحو 20 ألف متر مربع، فضلاً عن مشاهد الحروب والجبهات في سيبيريا والقوقاز، إلى جانب مشاهد أخرى جرى تصويرها في دمشق وبيروت. كما تولى المخرج أليخاندرو توليدو مشاهد المعارك والأكشن وإدارة الحشود، أما المخرج ريكاردو كروز فكان مسؤولاً عن إدارة معارك الخيول والحشود.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

رئيس تايوان يبدأ جولة إقليمية تشمل هاواي الأميركية

الرئيس التايواني لاي تشينغ-تي يلوّح للإعلاميين في المطار قبل مغادرته تايوان (أ.ب)
الرئيس التايواني لاي تشينغ-تي يلوّح للإعلاميين في المطار قبل مغادرته تايوان (أ.ب)
TT

رئيس تايوان يبدأ جولة إقليمية تشمل هاواي الأميركية

الرئيس التايواني لاي تشينغ-تي يلوّح للإعلاميين في المطار قبل مغادرته تايوان (أ.ب)
الرئيس التايواني لاي تشينغ-تي يلوّح للإعلاميين في المطار قبل مغادرته تايوان (أ.ب)

غادر الرئيس التايواني لاي تشينغ-تي بلاده، اليوم السبت، للقيام بجولة مدتها أسبوع في منطقة المحيط الهادئ تشمل محطة في هاواي قوبلت بتهديدات من بكين.

تعتبر الصين تايوان التي تحظى بحكم ذاتي جزءا من أراضيها وتعارض أي اعتراف دولي بالجزيرة واعتبارها دولة ذات سيادة.

وسيزور لاي الذي يقوم بأول رحلة إلى الخارج منذ توليه منصبه في مايو (أيار)، جزيرتي هاواي وغوام الأميركيتين، إلى جانب ثلاث دول حليفة لتايوان في الهادئ هي جزر مارشال وتوفالو وبالاو.

وباتت هذه البلدان الجزرية الثلاثة الوحيدة في منطقة المحيط الهادئ من بين 12 دولة حليفة ما زالت تعترف بتايوان بعدما بدّلت بقية البلدان مواقفها بفضل وعود المساعدات والاستثمارات الصينية.

وفي خطاب ألقاه قبل وقت قصير من مغادرته، قال لاي إن الجولة «تؤذن ببدء حقبة جديدة من الديمقراطية المبنية على القيم»، وشكر الحكومة الأميركية على «مساعدتها في جعل هذه الرحلة سلسلة».

وأكد أنه يرغب في «مواصلة توسيع التعاون وتعميق الشراكة مع حلفائنا بناء على قيم الديمقراطية والسلام والازدهار».

أثارت الجولة ردود فعل غاضبة من الصين التي تعهّدت «سحق» أي مساع تايوانية للاستقلال.

وتُحكَم كل من الصين وتايوان بشكل منفصل منذ العام 1949 بعدما فرّت القوى القومية بقيادة تشانغ كاي تشيك إلى الجزيرة اثر هزيمتها أمام القوى الشيوعية بقيادة ماو تسي تونغ.

وتعيش تايوان تحت التهديد الدائم من التعرض لغزو من الصين التي لم تستبعد استخدام القوة للسيطرة على الجزيرة.

وتنشر بكين مقاتلات ومسيّرات وسفنا حربية في محيط تايوان بشكل شبه يومي للضغط من أجل تحقيق مطالبها، فيما ازداد عدد الطلعات في السنوات الأخيرة.

وسبق لمسؤولين حكوميين تايوانيين أن توقفوا في الأراضي لأميركية أثناء زيارات لمنطقة الهادئ أو أميركا اللاتينية، مما أثار حفيظة الصين التي ردّت أحيانا بتنظيم مناورات عسكرية في محيط الجزيرة.

مقاتلتان من طراز «إف - 16» ترافقان طائرة الرئيس التايواني لاي تشينغ-تي (أ.ف.ب)

«تايوان مهمة»

قالت الخبيرة في الشؤون التايوانية والصينية لدى «صندوق مارشال الألماني في الولايات المتحدة» بوني غليسر بأن جولة لاي في الهادئ كانت فرصة له «ليظهر لهذه البلدان والعالم أن تايوان مهمة».

وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية «أعتقد أن جمهورية الصين الشعبية ترغب على الدوام بخلق انطباع بأن تايوان معزولة وتعتمد عليها». وأضافت «عندما يسافر الرئيس التايواني إلى خارج تايوان، يعد الأمر تذكيرا بأن هناك بلدان في العالم تمنح قيمة لعلاقاتها الدبلوماسية مع تايوان».

وتابعت «بالتأكيد، عندما يتوقف في الولايات المتحدة فإن ذلك يكون تذكيرا برأيي لسكان تايوان بأن الولايات المتحدة وتايوان ترتبطان بشراكة وثيقة».

والولايات المتحدة هي أهم داعم لتايوان وأكبر مزوّد لها بالأسلحة، لكن واشنطن لا تقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع تايبيه.

تأتي جولة لاي بعدما وافقت الولايات المتحدة على بيع قطع غيار لمقاتلات «إف-16» وأنظمة رادار ومعدات اتصال إلى تايوان في إطار اتفاقات يبلغ مجموع قيمتها 385 مليون دولار.

وفي وقت سابق هذا الشهر، التقى وزير الخارجية التايواني لين تشيا-لونغ أعضاء البرلمان الأوروبي في بروكسل.

كان اللقاء جزءا من توجّه لكبار المسؤولين التايوانيين للسفر إلى الخارج حيث يتم استقبالهم علنا رغم خطر تعرّضهم لإجراءات انتقامية من الصين، وفق ما قالت غليسر لوكالة الصحافة الفرنسية. وأضافت «أعتقد أن هناك حساً بالأمان من خلال الأعداد. كلما ازداد عدد البلدان التي ترغب بالقيام بأمر ما، أصبحت البلدان الأخرى أكثر استعدادا للقيام به».

وتابعت: «ازداد الوعي أيضا حيال مدى عدوانية الصين وسعيها لبسط سيطرتها، ولذا فإن الدول لديها الرغبة، إلى حد ما، بالوقوف في وجه الصين نظرا إلى أن سلوك الصين لا يروق لها. وهناك أيضا اعتراف بدور تايوان في العالم، خصوصا في ما يتعلّق بالشرائح الدقيقة لأشباه الموصلات».