المسحراتي في السودان... اختفاء في المدن وصمود بالريف

المسحراتي في السودان... اختفاء في المدن وصمود بالريف
TT

المسحراتي في السودان... اختفاء في المدن وصمود بالريف

المسحراتي في السودان... اختفاء في المدن وصمود بالريف

«يا صائم قوم اتسحر»... بهذه الكلمات يبدأ المسحراتي في السودان جولته لإيقاظ النائمين لشرب جرعة ماء وتناول بعض الطعام استعداداً لصيام يوم جديد في الشهر الفضيل. لم تعد هذه الكلمات تُسمع في كبرى المدن السودانية، وبمرور الزمن خبا وهج المسحراتي في المدن كطقس رمضاني اتجه نحو الاندثار، في حين ما زال الريف السوداني يهتم بالمسحراتي كظاهرة من التراث الديني يمشط شوارع القرى وأزقتها طرقاً على «النوبة»، ليتردد صدى كلماته المنغمة ويصل إلى كل بيت.
وخلال السنوات الأخيرة تعددت الأسباب التي جعلت المسحراتي يفقد مكانته في المدن، أولها وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات التي تسهم في سهر غالبية الصائمين حتى ساعات الفجر الأولى.
ويبرر رئيس اتحاد التراث الشعبي صلاح الدين فرج الله، صمود المسحراتي في الريف، قائلاً: «إن الريف ما زال يحتفظ بهدوء الليل والنوم الباكر كما هو في الماضي، مع تقارب المنازل، مما يسهل على المسحراتي القيام بدوره التطوعي».
كما يعزو فرج الله استمرار مهنة المسحراتي في الريف السوداني لرغبة أهله في الحفاظ على أجواء رمضان بشكلها القديم استشعاراً لحلاوة رمضان، كما أن المسحراتي يهب الصائمين نوعاً من النشاط والحيوية بفضل تلك الأهازيج والدعابات المصاحبة حين ينطق بأسماء أفراد الأسرة، وتعد هذه الدقائق متنفساً جيداً لأهل الريف وتعطي التراث حياة.
لا ينتمي المسحراتي في الريف السوداني إلى فئة عمرية معينة، وتجد صغار السن من الشباب يقومون بهذا الدور بصحبة أصدقائهم، مرددين أهازيج تراثية وبعض العبارات المعروفة مثل «اصحى يا صايم وحّد الدايم»، مع تعالي أصوات النحاس أو أوانٍ بلاستيكية.
ويجد الشباب المصاحب للمسحراتي أثناء جولته متعة كبيرة في ترديد المدائح النبوية وتجاوب سكان الأحياء معهم وتقديم بعض الأطعمة لهم.
ويقول معتز عبد الحميد، من قرية «ود النورة»، إن «المسحراتي يشكل ذاكرة بصرية لي منذ الطفولة وأحد أهم طقوس رمضان، وأحمل تقديراً خاصاً له باعتباره يقوم بعمل تطوعي طلباً للأجر والثواب، ويحيي تقليداً وعادة رمضانية جميلة».
وبدوره، يرى عز الدين عمر، 19 عاماً، أن «المسحراتي لا يقتصر وجوده على الريف فقط، فما زال يجوب أطراف المدن مع جوقته يحملون أدوات منزلية نحاسية للطرق عليها لتنبه سكان الأطراف باقتراب وقت الإمساك».
ويذكر أن أشهر «مسحراتي» في السودان سكن مدينة أم درمان هو المرحوم «الحاج سالم»، عُرف عنه ترديده لترانيم بصحبة الطبل لتقطع هدوء الساعات الأولى من الفجر وتوقظ سكان المدينة العتيقة.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صاروخاً في مدينة نهاريا شمال إسرائيل في 12 نوفمبر 2024 (رويترز)
نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صاروخاً في مدينة نهاريا شمال إسرائيل في 12 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صاروخاً في مدينة نهاريا شمال إسرائيل في 12 نوفمبر 2024 (رويترز)
نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صاروخاً في مدينة نهاريا شمال إسرائيل في 12 نوفمبر 2024 (رويترز)

أعلنت فصائل عراقية مسلحة، يوم أمس (الأحد)، مسؤوليتها عن هجومين بالمسيرات على مواقع في جنوب إسرائيل.

وقالت الفصائل التي تطلق على نفسها اسم «المقاومة الإسلامية في العراق» في بيانين عبر منصة تليغرام، «شن مقاتلو المقاومة هجومين منفصلين بالمسيرات، أحدهما استهدف موقعاً حيوياً والآخر استهدف موقعا عسكرياً في جنوب إسرائيل».

ولم تقدم البيانات مزيداً من التفاصيل حول المواقع المستهدفة أو تشير إلى وقوع أي إصابات.

وأشارت الجماعة العراقية إلى أنه تم تنفيذ الهجمات بالمسيرات تضامناً مع الشعبين في فلسطين ولبنان، مؤكدة «استمرار عملياتها في دك معاقل الأعداء بوتيرة متصاعدة».