تُوفي، أمس الأحد، في أحد مستشفيات باريس الأمين العام الأسبق لحزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» عبد الواحد الراضي، الذي يوصَف بـ«شيخ البرلمانيين» في المغرب، وذلك عن عمر يناهز 88 عاماً.
تولّى الراضي عدة مناصب سياسية ونيابية، فقد كان أصغر نائب في البرلمان المغربي المنتخَب سنة 1963. ومنذ ذلك الحين حافظ على مقعده، إذ كان يفوز في كل محطة انتخابية، وظلّ نائباً حتى وفاته. كما تولّى منصب الأمين العام لحزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية»، ومنصب وزير العدل ورئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان).
عُرف عن الراضي قربه من الملك الراحل الحسن الثاني، حيث لعب دور الوسيط بين حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض (آنذاك) والقصر. كان يلتقي الملك بشكل منتظم في قصره، ويسافر معه في رحلات الصيد، وينقل رسائل الملك إلى الحزب، كما ينقل رسائل الحزب إلى الملك. هذا الدور تحدّث عنه الراضي في عدة حوارات له، قائلاً إنه جرى بموافقة قيادة الحزب.
وُلد الراضي عام 1935 بمدينة سلا المجاورة للرباط، رغم أن عائلته تنحدر من بلدة القصيبة الواقعة في منطقة سيدي سليمان، شمال غربي المغرب.
وفي سلا تابَع دراسته الابتدائية ثم انتقل إلى مدينة الرباط حيث حصل على البكالوريا (الثانوية العامة)، ثم التحق بجامعة السوربون في باريس حيث تابع دراسته الجامعية، وخلال دراسته في فرنسا بين عاميْ 1958 و1960، انتُخب كاتباً (أميناً) عاماً لفيدرالية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب (منظمة طلابية مغربية) بفرنسا، كما كان من مؤسسي ومسؤولي كونفدرالية طلبة شمال أفريقيا.
وحين عاد إلى المغرب عمل أستاذاً لمادة علم النفس الاجتماعي في جامعة محمد الخامس بالرباط، وأصبح الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي بين 1968 و1974، وهي الفترة التي ترأّس خلالها شعبة الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية.
لكن اهتمامات الراضي السياسية طغت على حياته الأكاديمية، وجعلته أحد أبرز الشخصيات السياسية المغربية، فهو من مؤسسي «الاتحاد الوطني للقوات الشعبية» منذ عام 1959، وهو الحزب الذي انشقّ عن حزب الاستقلال. وانتخب الراضي عضواً في المجلس الوطني للحزب عام 1962، ثم عضواً في لجنته الإدارية عام 1967.
وبعدما خرج حزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» من رحِم حزب «الاتحاد الوطني للقوات الشعبية»، كان الراضي أحد قادته، وانتُخب عضواً في المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي منذ 1989، وفي سنة 2003 انتُخب نائباً للأمين العام للحزب، ثم أميناً عاماً له خلال المؤتمر الوطني الثامن للحزب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008.
وعلى مستوى البرلمان، حطَّم الراضي الرقم القياسي من حيث عدد الولايات الانتخابية التي فاز فيها بمقعد نيابي، فمنذ أول دستور عرفه المغرب سنة 1962، مباشرة بعد الاستقلال، انتُخب الراضي نائباً برلمانياً سنة 1963، ومنذ ذلك الحين أُعيد انتخابه عضواً في مجلس النواب خلال الولايات التشريعية المتتالية، وهي الولايات التي امتدّت من 1977 - 1984، و1984 - 1993، و1993 - 1997، و1997 - 2002، و2002 - 2007، و2007 - 2011، و2011 - 2016، ثم 2016 - 2021، وأخيراً انتُخب في انتخابات سبتمبر (أيلول) 2021، وتُوفي الراضي وهو يحمل الصفة النيابية.
وفي عام 1984 عُيّن الراضي أميناً عاماً للاتحاد العربي الأفريقي الذي كان يضم المغرب والجماهيرية الليبية، وانتُخب، في أكتوبر (تشرين الأول) 1998، رئيساً مشاركاً للمنتدى البرلماني الأورو –متوسطي، خلال الفترة الممتدة بين عامي 1998 و2008. وبعد تحويل المنتدى إلى جمعية برلمانية أورو - متوسطية تولّى الراضي فيها رئاسة مجموعة العمل حول «السلم والأمن في الشرق الأوسط».
وسبق للراضي أن تولّى رئاسة مجلس الشورى لاتحاد المغرب العربي من سبتمبر 2001 إلى مارس (آذار) 2003. وترأّس اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي من 2001 إلى 2004. وفي أكتوبر 2004 انتُخب عبد الواحد الراضي نائباً لرئيس اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الدولي، واستمر في هذا المنصب إلى أكتوبر 2007.
ورغم اهتماماته السياسية، فقد عُرف الراضي، منذ سنوات، بترؤسه مجلس جماعة «القصيبة»، وذلك منذ 1983، إلى حين وفاته. وشكَّلت هذه الجماعة القروية إحدى خزانات الأصوات الانتخابية التي يعتمد عليها للفوز في الاستحقاقات الانتخابية.
وعلى المستوى الحكومي، تولّى الراضي منصب وزير العدل في حكومة عباس الفاسي، حيث جرى تعيينه في هذا المنصب يوم 15 أكتوبر 2007 من طرف العاهل المغربي الملك محمد السادس. وفي 9 أبريل (نيسان) 2010 انتُخب عبد الواحد الراضي رئيساً لمجلس النواب.
وفي 2012 غادر الراضي رئاسة الأمانة العامة لحزب الاتحاد الاشتراكي، وبقي عضواً في المكتب السياسي للحزب، لكنه بدأ يتوارى إلى الخلف مكتفياً بمنصبه بصفته نائباً برلمانياً ورئيساً لجماعة القصيبة، وأصدر مذكرات تحت عنوان «المغرب الذي عشته.. سيرة حياة»، روى فيه جزءاً من مسار حياته.
وقبل وفاته بنحو شهر فقط، سلَّم الراضي أرشيفه الشخصي إلى مؤسسة أرشيف المغرب، وهي مؤسسة عمومية تُعنى بالأرشيف، وجاء في بيان للمؤسسة أن الراضي ارتأى أن يأتمن المؤسسة على أرشيفاته الخاصة «التي تشهد على مساره الجامعي والحزبي والسياسي، وطنياً ودولياً؛ وذلك للمساهمة في حفظ التاريخ المشترك ونقله للأجيال الحالية والمقبلة». ووفق بيان للمؤسسة، فإنه كان مرتقباً تنظيم حفل توقيع اتفاقية تسليم هذا الأرشيف بين عبد الواحد الراضي وجامع بيضا، مدير مؤسسة أرشيف المغرب، في بداية شهر يونيو (حزيران) 2023، تزامناً مع الأسبوع العالمي للأرشيف، لكن القدر لم يسعفه فتُوفي قبل هذا الموعد.
6:18 دقيقة
وفاة عبد الواحد الراضي أقدم برلماني مغربي ووسيط المعارضة السابقة مع القصر
https://aawsat.com/home/article/4236471/%D9%88%D9%81%D8%A7%D8%A9-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%8A-%D8%A3%D9%82%D8%AF%D9%85-%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%88%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D8%B6%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D9%82%D8%A9-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%B1
وفاة عبد الواحد الراضي أقدم برلماني مغربي ووسيط المعارضة السابقة مع القصر
ترأس قيادة الاتحاد الاشتراكي وتولّى وزارة العدل ورئاسة مجلس النواب

عبد الواحد الراضي (الشرق الأوسط)
وفاة عبد الواحد الراضي أقدم برلماني مغربي ووسيط المعارضة السابقة مع القصر

عبد الواحد الراضي (الشرق الأوسط)
مواضيع
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة