مجلس حقوق الإنسان يعتمد تقرير تونس حول إصلاح «مجال الحريات»

القضاء يأمر بسجن قياديين من «النهضة» أدينا بالتحريض على مؤسسات الدولة

مظاهرة نظمها حزب «جبهة الخلاص الوطني» المعارض احتجاجاً على توقيف بعض قياداته (إ.ب.أ)
مظاهرة نظمها حزب «جبهة الخلاص الوطني» المعارض احتجاجاً على توقيف بعض قياداته (إ.ب.أ)
TT

مجلس حقوق الإنسان يعتمد تقرير تونس حول إصلاح «مجال الحريات»

مظاهرة نظمها حزب «جبهة الخلاص الوطني» المعارض احتجاجاً على توقيف بعض قياداته (إ.ب.أ)
مظاهرة نظمها حزب «جبهة الخلاص الوطني» المعارض احتجاجاً على توقيف بعض قياداته (إ.ب.أ)

قالت وزارة الخارجية التونسية إن مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتّحدة، اعتمد بالإجماع تقرير تونس، الذي أكدت فيه أمام الدول المشاركة عزمها المضي قدماً في إجراء إصلاحات جوهرية في مجال حقوق الإنسان، والحريات الأساسية، وتعزيز المشاركة الديمقراطية، خصوصاً في ضوء الضمانات التي يوفرها دستور 25 يوليو (تموز) 2022. وشهدت دورة المجلس استعراض تقارير 14 بلداً، من ضمنها تونس، علماً بأن المجلس يعقد 3 دورات سنوياً، يتم خلالها استعراض تقارير 42 دولة.
وكانت تونس قد قدمت تقريرها حول أوضاع حقوق الإنسان في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، خلال جلسة عامة ترأستها من الجانب التونسي رئيسة الحكومة، نجلاء بودن، لتتم بعد ذلك مناقشة هذا التقرير، واعتماده بإجماع المشاركين أمس، مقابل التعهد بإجراء إصلاحات جوهرية.
ووفق مصادر حقوقية وسياسية تونسية، فإن تأخر النظر في هذا التقرير كان مرده إلى مجموعة من التحفظات، التي عبر عنها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتّحدة. فعلاوة على الملفات السياسية ووضع الحريات، في ظل عرض متهمين مدنيين أمام محاكم عسكرية، وخلو عدد من الملفات من تهم مؤكدة، خصوصاً في قضية خطيرة مثل «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي»، فإن المنظمة الأممية طالبت تونس بمجموعة من الإصلاحات، تشمل تحسين مواقف تونس بشأن الحقوق المدنية والسياسية، وحياد السلطة القضائية، إضافة إلى مواقفها تجاه المساواة بين الجنسين والحقوق الفردية.
وكان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك قد أعرب خلال فبراير (شباط) الماضي عن قلقه إزاء «الحملة القمعية المتصاعدة في تونس ضد المجتمع المدني، ومن يُفترض أنهم معارضون سياسيون للرئيس قيس سعيد»، على حد تعبيره.
من جانبها، أشارت المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى أن القضاء التونسي بدأ بشكل متزايد اتخاذ إجراءات جنائية ضد مَن يفترض أنهم معارضون للرئيس، واتهمهم بـ«التآمر على أمن الدولة»، أو التسبب في إهانة رئيس الدولة، أو انتهاك مرسوم قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية. كما أعربت عن قلقها إزاء مثول بعض المحتجزين أمام محاكم عسكرية بتهم لها علاقة بانتقاد الحكومة. كما دعت السلطات إلى العمل على ملاءمة تشريعات وإجراءات وممارسات قطاع العدالة مع القواعد، والمعايير الدولية المعمول بها، من خلال الفصل بين السلطات، لدعم استقلال القضاء وسيادة القانون.
* السجن لقياديين من «النهضة»
من جهة أخرى، أصدر القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، مساء أول من أمس، أمراً بسجن الكاتب العام الجهوي لحركة «النهضة» بولاية (محافظة) باجة (100 كيلومتر شمال غربي العاصمة) وعضو آخر بالمكتب نفسه. وجاء هذا القرار في إطار التحقيقات المتعلقة بشبهة «التآمر على أمن الدولة»، وبعد أن أكدت الأبحاث الأمنية أن عضوي حركة «النهضة» يشرفان على صفحات على موقع «فيسبوك»، تعمل على تأليب الرأي العام، وتحريضه على مؤسسات الدولة، وفق ما أعلنته وزارة الداخلية.
في المقابل، أكد المحامي سمير ديلو، عضو هيئة الدفاع عن الموقوفين في قضية «التآمر على أمن الدولة»، إبقاء عبد الفتاح التاغوتي، مسؤول مكتب الإعلام في حركة «النهضة» بحال سراح، وطالب بالكشف عن أسباب توقيفه «دون حجج قانونية»، على حد تعبيره.
إلى ذلك، أصدرت الهيئة العامة التونسية للسجون والإصلاح (وزارة العدل) بياناً، أوضحت فيه أنه خلافاً لما أثير حول وسائل المراقبة البصرية في سجن المرناقية، حيث يقبع بعض المتهمين بالتآمر على أمن الدولة، فإنه تم اعتماد تلك الوسائل والمعدات في إطار الاحترام التام لما أوجبه القانون، وفي حدود مقتضيات الترخيص الممنوح من الهيئة التونسية لحماية المعطيات الشخصية.
وأكدت أن القانون التونسي أتاح، وبصفة صريحة، استعمال وسائل المراقبة البصرية في غرف المعتقلين، مع الاقتصار على البث الحيني والآني دون تسجيلات، وهو ما تم الالتزام به، دون تجاوز عدد الوسائل المسموح بها والمشمولة بالترخيص، على حد قولها.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

الجيش السوداني يستعيد السيطرة على بلدات في الجزيرة

سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يستعيد السيطرة على بلدات في الجزيرة

سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

شن الجيش السوداني، الأربعاء، هجوماً برياً كبيراً من عدة محاور على أطراف ولاية الجزيرة وسط البلاد، استعاد على أثرها، السيطرة على عدد من البلدات والقرى على تخوم العاصمة ودمدني، من سيطرة «قوات الدعم السريع»، حسب مصادر تابعة للجيش.

وأفادت المصادر بأن الجيش حرر بالكامل بلدة الحاج عبد الله جنوب مدني، فيما تقدمت قواته وأحكمت سيطرتها على القرى المجاورة لها. وبثت عناصر من الجيش السوداني مقاطع فيديو على موقع «فيسبوك» من داخل السوق الرئيسية للبلدة. ولم يتسنَّ الـتأكد من هذه الأنباء من مصدر مستقل، فيما لم تنف أو تؤكد مصادر من «الدعم السريع».

وفي محور أم القرى شرق الجزيرة، دارت معارك شرسة بين «قوات درع السودان»، المتحالفة مع الجيش، بقيادة أبو عاقلة كيكل، و«قوات الدعم السريع»، ولا تزال الاشتباكات جارية بين الطرفين حتى كتابة هذا التقرير، مساء الأربعاء. وقالت «درع السودان» في بيان على موقعها بـ«فيسبوك»، إن قواتها طوقت بلدة (أم القرى) حيث تتمركز «قوات الدعم السريع» في المنازل والأعيان وسط المدينة. وأشارت إلى أن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني تدخل وشن غارات جوية لقطع طرق إمداد «الدعم السريع» بالأسلحة والقوات من الناحية الغربية للمدينة، حيث تجري المعركة في منطقة مكشوفة. وأكدت «درع السودان» سقوط عدد من القتلى والجرحى وسط قواتها.

نازحون في مدينة بورتسودان (شرق) في طريق عودتهم إلى مناطقهم التي استعادها الجيش السوداني (أ.ف.ب)

وجاء الهجوم الذي يعد الأكبر منذ أشهر، بعد يومين من تفقد مساعد القائد العام للجيش السوداني، شمس الدين كباشي، الخطوط الأمامية لقوات الجيش في المحاور المتقدمة باتجاه بولاية الجزيرة. وأطلق الجيش السوداني والفصائل المتحالفة بعد أشهر من الاستعدادات والتحشيد، فجر الثلاثاء، عملية واسعة النطاق على المناطق المحيطة بعاصمة الجزيرة، وتمكنت قواته للمرة الأولى من التوغل في العمق والسيطرة على مواقع عدة.

ومنذ أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2023، سيطرت «قوات الدعم السريع» على 6 محليات في ولاية الجزيرة، ولم يتبق للجيش سوى محلية المناقل التي ما زالت تحت سيطرته، ويسعى لاستعادة الولاية كاملة.

قصف جوي جنوب الخرطوم

وقتل 7 أشخاص وأصيب 17 آخرون في غارات جوية للجيش السوداني جنوب العاصمة الخرطوم خلال 24 ساعة الماضية، وفق ما أعلنته غرفة طوارئ جنوب الحزام الأخضر بالعاصمة. وقالت الغرفة: «لليوم الثاني يستهدف القصف الجوي الأحياء المأهولة بالسكان، مأ أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من المدنيين». وأضافت في بيان على موقعها على «فيسبوك»: «فجر الأربعاء، قتل أيضاً 6 أشخاص، من بينهم أطفال، وأصيب العشرات في سلسلة غارات جوية نفذها الطيران الحربي للجيش السوداني».

وقال سكان في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة. وأضافوا أن «الطيران الحربي ظل منذ اندلاع الحرب يشن غارات جوية بالبراميل المتفجرة على عدد من مناطق جنوب الحزام الأخضر، ما أوقع ضحايا بالمئات بين قتيل وجريح». ونُقل بعض المصابين والجثامين إلى مستشفى بشائر الوحيد الذي يعمل في منطقة جنوب الحزام.

وأطلق متطوعون نداءات للكوادر الطبية للتوجه إلى المستشفى لإسعاف عشرات الجرحى بإصابات متفاوتة بعضها خطرة. وتعد المرة الخامسة خلال أقل من شهر تتعرض فيها الأحياء السكنية في مناطق جنوب الحزام الأخضر لضربات جوية من الجيش. ومنذ أبريل (نيسان) 2023، أسفرت الحرب الدائرة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» عن مقتل عشرات الآلاف في العاصمة.