تقام اليوم 8 مباريات بالجولة الأولى لتصفيات «كأس أوروبا 2024»، تبرز منها مواجهة فرنسا؛ وصيفة بطل العالم، مع هولندا، وبلجيكا المتجددة أمام السويد بقيادة المخضرم زلاتان إبراهيوفيتش.
وبعد 3 أشهر من خسارة المباراة الدرامية أمام الأرجنتين بركلات الترجيح في نهائي «مونديال قطر 2022»، تترقب الجماهير الفرنسية الشكل الجديد لمنتخبها في أول لقاء يحمل فيه كيليان مبابي (24 عاماً) شارة القيادة في مواجهة هولندا ضمن المجموعة الثانية التي تشهد لقاءً آخر بين اليونان وجبل طارق.
ومع اعتزال الحارس (القائد) هوغو لوريس وقلب الدفاع رافائيل فاران اللعب الدولي، ستكون تجربة هولندا اختباراً للتشكيلة الجديدة للمدرب ديدييه ديشامب؛ خصوصاً في مركز رأس الحربة.
متحلياً بالصبر، والمثابرة والموهبة، وصل مايك مينيان إلى مركز الحارس الأساسي لمنتخب الديوك بعمر السابعة والعشرين، ولم يكن ذلك مفاجئاً بعد انتهاء المسيرة الزاخرة للوريس.
واستدعي حارس ميلان الإيطالي للمرة الأولى في يونيو (حزيران) 2019، لكنه غاب عن «مونديال قطر 2022» بسبب الإصابة، دون أن يؤثر ذلك على مصيره مع منتخب بلاده.
وعمل ديشامب، الذي مدَّد عقده حتى 2026 بعد بلوغ نهائي المونديال، على تهيئة «مايك الساحر» منذ أشهر، خصوصاً في يونيو الماضي عندما منحه فرصة المشاركة بمقدار الدفع نفسه بحارس توتنهام الإنجليزي لوريس.
لكن تبقى تساؤلات حول الحراس الاحتياطيين، حيث لم يظهر بريس سامبا دولياً رغم تألقه راهناً مع فريق لنس، فيما يعتاد ألفونس أريولا على مقعد البديل بيد أن دقائق لعبه تراجعت مع وستهام الإنجليزي.
وإذا كان ديشامب يعتمد 4 لاعبين في خط الدفاع، تبدو هويتهم واضحة؛ فسيحتفظ جول كونديه بمكانه على الجانب الأيمن، بينما يشكّل إبراهيما كوناتيه ودايو أوباميكانو قطبي الدفاع، ويقف تيو هرنانديز على اليسار.
وأظهرت ثنائية أوباميكانو - كوناتيه نجاعتها سابقاً في كأس العالم، على غرار مواجهة أستراليا، أو في الوقت الإضافي ضد الأرجنتين في النهائي، وهي مرجحة في ظل غياب بريسنيل كيمبيمبي ولوكا هرنانديز المصابين.
وعلى سبيل الدعم، جرى استدعاء جان كلير توديبو (نيس) لأول مرة وأكسل ديزازي، وذلك بعد إصابة ويليام صليبا وويسلي فوفانا.
على الجهة اليمنى، خسر بنجامان بافار كثيراً من النقاط في المونديال، بعد فقدان موقعه الأساسي إثر المباراة الافتتاحية، لكن استدعاءه مجدداً يؤكد ثقة ديشامب بلاعب بايرن ميونيخ الألماني.
على الجهة اليسرى، بمقدور لاعب الوسط إدواردو كامافينغا لعب دور البديل، في حال عدم توفر لاعب ينافس تيو هرنانديز.
وفي حين يبقى الغائبان عن المونديال بول بوغبا ونغولو كانتي بعيدين عن الملاعب، فلن يكون هناك داع لتغيير ثنائي الوسط المبهر في الدوحة: أدريان رابيو المتألق راهناً مع يوفنتوس الإيطالي، وأوريليان تشواميني الأقل بروزاً مع ريال مدريد الإسباني.
ويمكن لديشامب اختبار يوسف فوفانا، وجوردان فيريتو، وكيفرين تورام الذي استدعي لأول مرة.
وسيخوض صانع اللعب ونائب القائد أنطوان غريزمان، مباراته الـ75 توالياً ضد هولندا، في سلسلة رائعة استهلها عام 2017.
كيف سيكون وجه الهجوم الفرنسي ضد هولندا اليوم ثم الاثنين أمام آيرلندا؟ ومن سيكون بجوار القائد الجديد وهداف المونديال كيليان مبابي؟ حيث ما زال الغموض يخيم على قرار ديشامب المرتقب لرأس الحربة وطريقة اللعب الهجومية.
في غياب عثمان ديمبيلي المصاب، قد يلعب كينغسلي كومان دوراً على الجناح، بينما من المرجح أن يظل المخضرم أوليفييه جيرو (36 عاماً) بموقعه رأس حربه. وتفادى المدرب الإجابة عن سؤال حول الكيفية الهجومية التي سيلعب بها، وقال: «هناك 11 لاعباً، ويمكن للاعبين الـ23 الانطلاق في المباراة».
وراء جيرو، هناك ماركوس تورام، وخصوصاً راندال كولو مواني، وذلك بعد الاعتزال الجدلي لكريم بنزيمة أفضل لاعب في العالم الموسم الماضي. بعد استدعائه في اللحظة الأخيرة لخوض المونديال، قدّم كولو مواني أداءً واعداً، لكنه أهدر كرة كانت كفيلة بمنح فرنسا لقبها العالمي الثالث ضد الأرجنتين.
ويتعين على المدرب أن يقرر بين الخبرة والمستقبل، ربما مع ذكرى 2018 في مخيلته عندما منح جيرو الفوز ضد هولندا (2 - 1) في أول مباراة على أرضه بعد التتويج بلقب مونديال روسيا.
في المقابل؛ يسود الارتباك معسكر المنتخب الهولندي بعد أن تعرض 5 لاعبين لعدوى فيروسية تركوا على أثرها التدريبات عشية المباراة ضد فرنسا.
وسيضطر المنتخب «البرتقالي»، الذي تعرض لضربة هذا الأسبوع بانسحاب لاعب وسط برشلونة الإسباني فرنكي دي يونغ ومهاجم أياكس أمستردام ستيفن بيرجفين بسبب الإصابة، إلى الاستغناء عن خدمات مهاجم ليفربول الإنجليزي كودي غاكبو ومدافعي بايرن ميونيخ الألماني ماتيس دي ليخت ونيوكاسل الإنجليزي سفين بوتمان وحارس مرمى آندرلخت البلجيكي بارت فيربروغن. كما سيغيب لاعب آيندهوفن جوي فيرمان القادم لتعويض غياب دي يونغ الذي يعاني من آلام في الفخذ.
وقال الاتحاد الهولندي للعبة في بيان: «اللاعبون الخمسة غادروا المعسكر التدريبي للمنتخب الهولندي وهم يعانون من عدوى فيروسية».
وعلى الفور وجه المدرب رونالد كومان، خليفة لويس فان غال، الدعوة إلى 3 لاعبين لتعويض الغيابات، ويتعلق الأمر براين جرافنبرغ (بايرن ميونيخ)، وكييل شيربن (فيتيس) وستيفان دي فري (إنتر الإيطالي).
وتابع البيان: «تشكيلة هولندا ستضم 23 لاعباً بدلاً من 25 لاعباً، وبعد المباراة ضد فرنسا، ستتم مراجعة الأمور قبل اللقاء التالي أمام جبل طارق يوم الاثنين المقبل في الجولة الثانية للمجموعة الثانية».
وفي المجموعة السادسة، ستكون الأنظار على بلجيكا التي طوت صفحة المدرب الإسباني روبرتو مارتينيز لبدء «ثورة تجديد» بقيادة الشاب الألماني - الإيطالي دومينيكو تيديسكو بدءاً من اليوم حين تحل ضيفة على السويد ونجمها المخضرم زلاتان إبراهيوفيتش.
وقرر الاتحاد البلجيكي الاعتماد على تيديسكو للإشراف على منتخب وطني غارق في شكوكه بعد وصول الجيل الذهبي إلى نهاية حقبة لم ترتق إلى مستوى التوقعات والطموحات، بالتعاقد معه حتى نهاية كأس أوروبا 2024.
واستعان الاتحاد البلجيكي بابن الـ37 عاماً لخلافة مارتينيز، رغم سجله التدريبي المتواضع، وخلافاً لرغبة بعض اللاعبين مثل المهاجم روميلو لوكاكو الذي رشح النجم الفرنسي السابق تييري هنري لتولي المنصب بما أنه عمل في الأعوام الأخيرة في مهمة مساعد المدرب.
وجاء التعاقد مع تيديسكو بعد خيبة الخروج من الدور الأول لـ«مونديال قطر» نهاية العام الماضي.
واحتاج الاتحاد البلجيكي إلى شهرين لاتخاذ قراره بشأن المدرب الجديد الذي سيخلف مارتينيز، وشكل لهذه الغاية مجموعة عمل، وكان لوكاكو إلى جانب كيفن دي بروين والحارس تيبو كورتوا من ركائز المنتخب الذين جرت استشارتهم لمعرفة رأيهم في هوية المدرب الجديد.
وفي مؤتمره الصحافي الأول، ركز المدرب السابق للايبزيغ (2021 - 2022) وشالكه (2017 - 2019) الألمانيين وسبارتاك موسكو الروسي (2019 - 2021)، على دي بروين بشكل خاص نظراً إلى دوره المحوري المهم جداً، قائلاً: «لم يكن دي بروين مبتسماً خلال كأس العالم؟ إذا كنتم تقولون ذلك؛ فإذن من الواضح أنه علينا التحدث مع اللاعبين كي نجعلهم سعداء».
وفي أول خطوة في اتجاه «إسعاد» نجم مانشستر سيتي الإنجليزي، قرر الاتحاد البلجيكي تعيين دي بروين لحمل شارة قيادة المنتخب خلفاً لنجم ريال مدريد الإسباني إدين هازارد المعتزل عقب مونديال 2022، وفضَّل تيديسكو صانعَ ألعاب مانشستر سيتي على مهاجم إنتر الإيطالي لوكاكو الذي كان مرشحاً أيضاً لحمل الشارة.
وقال دي بروين تعليقاً على ذلك: «إنه شرف لي أن يتم تعييني (قائداً) وأن أمثل البلاد بهذه الطريقة. عمري نحو 32 عاماً. لم أفكر مطلقاً في التوقف عن الدفاع عن ألوان المنتخب الوطني. أعتقد أنه لا يزال بإمكاني تقديم شيء ما ومساعدة الشباب».
وفي سعيه إلى تجديد الدماء في المنتخب، قرّر تيديسكو عدم استدعاء أكسل فيتسل ودريس ميرتنز للمباراة ضد السويد والمواجهة الودية ضد ألمانيا.
وبعد اعتزال هازارد والمدافع توبي ألدرفيرلد والحارس سيمون مينيوليه، سيغيب لاعبان آخران في الثلاثين من العمر عن تشكيلة «الشياطين الحمر»، مما ينبئ أن تيديسكو اختار مسار التجديد.
وفتح تيديسكو الباب أمام لاعبي الوسط الشباب روميو لافيا (ساوثهامبتون الإنجليزي)، وأوريل مانغالا (نوتنغهام فوريست الإنجليزي) وأمادو أونانا (إيفرتون الإنجليزي)، في تشكيلة ضمت لاعبين فقط من الدوري البلجيكي (يان فيرتونغن وزينو ديباست من آندرلخت).
وسيحاول تيديسكو أن ينجح فيما فشل فيه مارتينيز الذي عجز عن ترجمة نجومية لاعبي المنتخب إلى نتائج ترتقي إلى مستوى التطلعات، ليكون يوم 1 ديسمبر (كانون الأول) بمثابة نهاية حقبة الجيل الذهبي بعد الخروج من الدور الأول في «مونديال قطر».
ودخل دي بروين ورفاقه إلى المونديال القطري وهم يدركون أنها الفرصة الأخيرة لمحاولة الارتقاء إلى مستوى سمعتهم بين أفضل لاعبي القارة العجوز، لكن المنتخب المغربي أسقط رجال مارتينيز في الجولة الثانية 2 - صفر، مما جعلهم مطالبين بالفوز في الجولة الأخيرة على كرواتيا، إلا إن هذا الأمر لم يحدث فاكتفوا بالتعادل وانتهى المشوار.
مباشرة وبعد انتهاء المباراة أعلن مارتينيز أنه سيغادر المنصب الذي تسلمه عام 2016، وكان وداعاً مريراً لهذا المدرب الذي لحق به إدين هازارد بإعلانه اعتزاله الدولي.
في مونديال 2018، كان الجيل الذهبي لبلجيكا في أوج عطائه، ووُضِعَ على رأس لائحة المرشحين للفوز باللقب العالمي الأول في تاريخ البلاد، لكن المشوار لم يصل إلى نهايته وتوقف عند دور الأربعة على يد فرنسا التي توجت لاحقاً باللقب.
وقبل ذلك وبعد التأهل إلى ربع نهائي كأس العالم 2014، خسرت بلجيكا أمام الأرجنتين، لكنها تقدمت خطوة إلى الأمام بعدها بـ4 سنوات، بتأهلها إلى نصف النهائي وخسارتها أمام فرنسا فيما عُدّت، حتى الآن، أفضل نتيجة في حقبة كان منتظراً أن يحقق خلالها «الشياطين الحمر» الكثير.
بالنسبة إلى منتخب يُنظر إليه على أنه مرشح محتمل للقب، لم يكن الخروج من ربع نهائي كأس أوروبا في نسختي 2016 و2020 مجزياً بما فيه الكفاية، مما أدى إلى تصنيف بلجيكا على أنها «ضعيفة الإنجاز».
ومع بلوغ الغالبية العظمى من نجوم بلجيكا مرحلة الثلاثينات، يبدو أن «مونديال قطر» كان آخر محطات هذا الجيل، مما يجعل تيديسكو أمام مهمة محاولة الاستفادة مما تبقى منهم إلى أقصى حد.
وضمن منافسات المجموعة نفسها؛ تلعب النمسا مع أذربيجان، بينما تشمل بقية برنامج اليوم لقاء التشيك وبولندا ومولدوفا مع جزر فارو بالمجموعة الخامسة، وفي السابعة تلتقي بلغاريا مع مونتينيغرو وصربيا مع ليتوانيا.