بوتين يزور القرم غداة مذكرة «الجنائية الدولية»

هجمات كثيفة بطائرات مسيّرة على أوكرانيا... وتمديد لاتفاق الحبوب

جانب من زيارة بوتين إلى مركز أطفال في سيفاستوبول أمس (أ.ب)
جانب من زيارة بوتين إلى مركز أطفال في سيفاستوبول أمس (أ.ب)
TT

بوتين يزور القرم غداة مذكرة «الجنائية الدولية»

جانب من زيارة بوتين إلى مركز أطفال في سيفاستوبول أمس (أ.ب)
جانب من زيارة بوتين إلى مركز أطفال في سيفاستوبول أمس (أ.ب)

وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى شبه جزيرة القرم، السبت، في الذكرى التاسعة لضم روسيا شبه الجزيرة الأوكرانية في عام 2014، وذلك غداة صدور مذكرة توقيف بحقه من المحكمة الجنائية الدولية.
وفي زيارة مفاجئة إلى سيفاستوبول، الميناء الرئيسي لأسطول البحر الأسود الروسي في شبه جزيرة القرم، زار بوتين مدرسة للفنون بصحبة الحاكم المحلي ميخائيل رازوجاييف، وفقاً لصور بثتها قناة «روسيا-1» التلفزيونية. وكتب رازوجاييف على «تلغرام»: «يعرف رئيسنا فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين كيف يصنع مفاجأة، بالمعنى الجيد للكلمة». وأضاف رازوجاييف أن بوتين «جاء شخصياً، وقاد سيارته بنفسه، لأنه في يوم تاريخي مثل اليوم، يكون دائما إلى جانب سيفاستوبول وشعبها».

- مذكرة الاعتقال
لقي إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي ترحيبا غربيا واسعا، رغم الشكوك حول قابلية تنفيذها. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة، إن بوتين ارتكب بوضوح جرائم حرب، فيما رأى المستشار الألماني أولاف شولتس أن «لا أحد فوق القانون». ودعت المحكمة، الجمعة، للقبض على بوتين للاشتباه في مسؤوليته عن ترحيل أطفال ونقل أشخاص دون سند قانوني من أوكرانيا إلى روسيا منذ الغزو في 24 فبراير (شباط) 2022. وذكر تقرير مدعوم من الولايات المتحدة، أعده باحثون في جامعة «ييل» الشهر الماضي، أن روسيا احتجزت ما لا يقل عن ستة آلاف طفل أوكراني في ما لا يقل عن 43 معسكرا ومنشأة ضمن «شبكة ممنهجة واسعة النطاق».
في المقابل، نفت موسكو الاتهامات بارتكاب قواتها فظائع أثناء غزوها. وقال الكرملين، الجمعة، إن قرار المحكمة الجنائية الدولية «لاغ وباطل»، بينما اعتبر المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا المحكمة الجنائية الدولية «دمية في يد الغرب».
وشكك كثيرون في قدرة المحكمة الدولية على تنفيذ مذكرتَي التوقيف بحق بوتين والمفوضة الرئاسية الروسية لحقوق الأطفال ماريا لفوفا-بيلوفا. وبينما قد يواجه بوتين بعض الصعوبات في السفر إلى الخارج بعد المذكرة، إلا أن المحكمة ليس لديها شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامرها، وتعتمد كليا على تعاون الدول الأعضاء البالغ عددها 123.
ونادرا ما تقوم الدول الأعضاء بتنفيذ مذكرات التوقيف، خصوصا عندما يتعلق الأمر برئيس دولة. فعلى سبيل المثال، تمكّن الرئيس السوداني السابق عمر البشير من زيارة عدد من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، رغم أن المحكمة كانت قد أصدرت مذكرة توقيف ضده. ورغم إطاحته في العام 2019، لم يسلّمه السودان.
إلى ذلك، لا تحسب المحكمة بين أعضائها أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة والصين، ما يضعف موقفها الدولي وقدرتها على تنفيذ مذكرات الاعتقال. أما روسيا، فهي لا تسلم مواطنيها تحت أي ظرف، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن بلاده «لا تعترف بصلاحية هذه المحكمة، وبالتالي من وجهة نظر قانونية، فإن قرارات هذه المحكمة باطلة».
- اتفاق الحبوب
أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، السبت، تمديد الاتفاقية التي سمحت باستئناف تصدير الحبوب الأوكرانية بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، دون أن يحدّد مدّة التمديد. وقبل ساعات من انتهاء مدّة الاتفاقية عند منتصف ليل السبت إلى الأحد، قال إردوغان في تصريحات بثها التلفزيون التركي: «بعد محادثات مع الجانبَين، ضمنا تمديد الاتفاقية التي كان يُفترض أن تنتهي في 19 مارس (آذار)».
من جهته، رحّب وزير البنى التحتية الأوكرانية أولكسندر كوبراكوف بالإعلان، مشيرا إلى أن الاتفاق مُدّد لفترة 120 يوما. وكتب على «تويتر»: «مُدّدت مبادرة حبوب البحر الأسود لفترة 120 يوماً. نشكر (الأمين العام للأمم المتحدة) أنطونيو غوتيريش والأمم المتحدة والرئيس رجب طيب إردوغان ووزير (الدفاع التركي) خلوصي آكار بالإضافة إلى جميع شركائنا، لالتزامهم بالاتفاق».
وبينما لم يحدّد إردوغان مدة التمديد، سبق أن أعربت أنقرة عن رغبتها في أن يكون لمدة 120 يوماً، فيما كانت روسيا ترغب في التمديد لفترة 60 يوماً فقط. واعتبر الرئيس التركي هذا الاتفاق «ذا أهمية بالغة لإمدادات الغذاء العالمية»، قائلا: «أشكر روسيا وأوكرانيا اللتين لم توفّرا أي جهود من أجل تمديد جديد، كما أشكر الأمين العام للأمم المتحدة».
وتسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في إغلاق سفن حربية للموانئ الأوكرانية المطلّة على البحر الأسود. لكن الاتفاق الذي أُبرم بوساطة تركيا والأمم المتحدة، ووقعته موسكو وكييف، في يوليو (تموز) 2022، سمح بمرور آمن لصادرات إمدادات الحبوب الضرورية. وتم تمديد الاتفاقية في نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 18 مارس (آذار).
- مسيرات إيرانية
ميدانيا، أعلنت أوكرانيا تعرضها الجمعة والسبت لوابل من القصف من مسيرات متفجرة إيرانية الصنع، وصل بعضها إلى منطقة لفيف الهادئة نسبيا في غرب هذا البلد الغارق في حرب. وتقصف روسيا بشكل متكرر أوكرانيا بالصواريخ والمدفعية والمسيّرات، ما يتسبّب في كثير من الأحيان بانقطاع الكهرباء على نطاق واسع وحرمان الأهالي من تدفئة منازلهم أو مياه الشرب. وقال سلاح الجو الأوكراني في بيان على «تويتر» إن «الغزاة الروس هاجموا أوكرانيا بمسيرات هجومية انتحارية إيرانية الصنع من نوع شاهد-136/131»، مضيفا أن 11 من 16 طائرة «دُمرت». وبحسب سلاح الجو، انطلق الهجوم من بحر آزوف ومن منطقة بريانسك الروسية المحاذية لأوكرانيا. واستهدف بعض تلك المسيرات منطقة لفيف بغرب أوكرانيا.
من جهته، قال الحاكم الإقليمي مكسيم كزويتسكي إن «قرابة الساعة الواحدة صباحا، تعرضت منطقتنا لهجوم من مسيرات انتحارية من نوع شاهد 136. بحسب المعلومات الأولية كان عددها ست» مسيرات. وأضاف أن ثلاث مسيرات أُسقطت، فيما الثلاث الأخرى «ضربت مواقع غير سكنية» في منطقة يافوريف، متسببة بأضرار دون سقوط ضحايا.
وفي منطقة دنيبروبتروفسك بجنوب شرق أوكرانيا، أسقطت الدفاعات الجوية ثلاث مسيرات، بحسب رئيس المجلس الإقليمي ميكولا لوكاشوك.
وأضاف: «ضربت مسيرتان أخريان منشأة حيوية للبنى التحتية في نوفوموسكوفسك». وأوضح أن الهجوم تسبب بحريق وبأضرار «بالغة». وبحسب لوكاشوك، دمر الحريق أربعة منازل وألحق أضرارا بستة منازل أخرى. ولم تسجل إصابات بشرية.
كما استهدفت ضربات بمسيرات العاصمة كييف، بحسب إدارة المدينة. وقالت الإدارة على مواقع التواصل الاجتماعي إن «قوات الدفاع الجوي دمّرت جميع الأهداف الجوية»، دون أن يؤدي ذلك إلى سقوط ضحايا أو تسجيل أضرار.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أوروبا أوراق نقدية من فئة 20 و50 يورو (د.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أعلن الاتحاد الأوروبي تأمين 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار) لدعم أوكرانيا، وهي أول دفعة من الأموال المكتسبة من الأرباح على الأصول الروسية المجمدة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يدعو إلى «معاقبة» الساعين لـ«تقسيم» روسيا

شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المحققين الروس على التصدي لأي خطر يتسبب بانقسام المجتمع في روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم وزير الخارجية الصيني وانغ يي (إلى اليمين) يصافح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع وزاري على هامش الاجتماع الـ57 لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والاجتماعات ذات الصلة في فينتيان 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بدء محادثات بين روسيا والصين على هامش اجتماع «آسيان»

التقى وزيرا خارجية روسيا والصين، الخميس، في فينتيان عاصمة لاوس، على هامش اجتماع إقليمي وغداة لقاء الوزير الصيني نظيره الأوكراني في الصين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
رياضة عالمية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

زيلينسكي: مشاركة أوكرانيا في الأولمبياد إنجاز في زمن الحرب

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الأربعاء)، إن مجرد مشاركة بلاده في دورة الألعاب الأولمبية تمثل إنجازاً في زمن الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة تُظهر جانباً من وسط موسكو في روسيا 23 نوفمبر 2020 (رويترز)

«هاكرز» أوكرانيون يوقفون الخدمات المصرفية وشبكات الهواتف في روسيا مؤقتاً

تردَّد أن خبراء في الحواسب الآلية بالاستخبارات العسكرية الأوكرانية عرقلوا أنظمة البنوك والهواتف المحمولة والشركات المقدِّمة لخدمة الإنترنت بروسيا لفترة وجيزة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.