مالي تتسلم عشرات الطائرات الروسية والتركية

بوركينا فاسو تسلك طريق مالي... وتقترب أكثر من تركيا

ملك بريطانيا تشارلز الثالث لدى استقباله سفير مالي الحاج الحسيني تراوري خلال لقاء بقصر باكنغهام في لندن الأربعاء (أ.ف.ب)
ملك بريطانيا تشارلز الثالث لدى استقباله سفير مالي الحاج الحسيني تراوري خلال لقاء بقصر باكنغهام في لندن الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

مالي تتسلم عشرات الطائرات الروسية والتركية

ملك بريطانيا تشارلز الثالث لدى استقباله سفير مالي الحاج الحسيني تراوري خلال لقاء بقصر باكنغهام في لندن الأربعاء (أ.ف.ب)
ملك بريطانيا تشارلز الثالث لدى استقباله سفير مالي الحاج الحسيني تراوري خلال لقاء بقصر باكنغهام في لندن الأربعاء (أ.ف.ب)

عرض الجيش في دولة مالي 20 طائرة عسكرية روسية و12 طائرة مسيّرة تركية، قال إنه حصل عليها بموجب اتفاقيات عسكرية مع البلدين، في إطار مساعي مالي لتعزيز قدرات جيشها في الحرب التي تخوضها منذ سنوات عدة ضد جماعات مسلحة تتبع تنظيمي «القاعدة» و«داعش».
واحتفى قادة الجيش؛ الذين يحكمون دولة مالي منذ عامين، بشحنة المعدات العسكرية الجديدة، وظهر الرئيس الانتقالي العقيد آسيمي غويتا في حفل وهو يسلم الطائرات إلى قائد أركان القوات الجوية المالية، وذلك بحضور شخصيات دبلوماسية من روسيا وتركيا.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتسلم فيها دولة مالي معدات عسكرية من روسيا أو تركيا، وإنما سبق أن عرض الجيش المالي شحنات عسكرية مماثلة في شهري يناير (كانون الثاني) وأغسطس (آب) الماضيين، ولكن الشحنة الجديدة كان منها طائرات «ألباتروس إل39 إس» التشيكية التصميم، والمخصصة لأغراض التدريب، لكن بالإمكان أيضاً استخدامها لتنفيذ مهام قتالية.
أما المسيرات التركية البالغ عددها 12 مسيرة، فهي من طراز «بيرقدار (TB2)»، وسبق أن عرض الجيش المالي في يناير الماضي 4 مسيرات من الطراز نفسه، قال إنها قادرة على القيام بمهام استطلاع ومراقبة؛ بل إن وزير دفاع مالي، العقيد ساديو كمرا، قال إنها يمكن أن تساعد في جعل القصف المدفعي والضربات الجوية أكثر دقة.
وبعد هذه الشحنات من الطائرات العسكرية والمسيرات، أصبح الجيش المالي يملك قوة جوية ليست بحوزة بقية دول الساحل الخمس، وذلك من شأنه أن يجعله أكثر قدرة على مواجهة الجماعات الإرهابية المسلحة، التي أدخلت البلد في أزمة أمنية وسياسية خانقة منذ 2012.
وهذا الصعود القوي للجيش المالي يأتي بعد أن نفذ ضباط من الجيش انقلاباً عسكرياً عام 2020 قرر بعده التوجه إلى عقد شراكة عسكرية مع دول جديدة، من أبرزها روسيا وتركيا والصين، وهو ما أغضب الشريك الاستراتيجي السابق فرنسا، لتبدأ قطيعة بين مالي والقوة الاستعمارية السابقة.
دولة مالي؛ وإن كانت لم تتجاوز بعد مشكلاتها الأمنية، تحولت إلى نموذج تسعى دول كثيرة لاحتذائه، خصوصاً دولة بوركينا فاسو المجاورة، التي تعاني هي الأخرى من أزمة سياسية وأمنية خانقة، بسبب تصاعد وتيرة الهجمات الإرهابية، ووجود أكثر من 40 في المائة من مساحة البلاد خارج سيطرة الدولة.
وتشهد العلاقات بين مالي وبوركينا فاسو تطوراً لافتاً، حتى إن بعض المراقبين بدأ يصفهما، بالإضافة إلى غينيا، بـ«المحور الروسي في غرب أفريقيا»، وتعزز ذلك أكثر حين أجرى الرئيس الانتقالي لدولة بوركينا فاسو، النقيب إبراهيم تراوري، أول من أمس الخميس، مباحثات مع وزير دفاع مالي العقيد ساديو كمرا، الذي حمل إليه رسالة من الرئيس الانتقالي لدولة مالي العقيد آسيمي غويتا. وقال وزير الدفاع المالي إن المباحثات تطرقت إلى «موضوعات تستحوذ على اهتمام البلدين»؛ من أبرزها ملفات الأمن والاستقرار، والحرب التي يخوضها البلدان ضد الجماعات المسلحة المتطرفة، التي تتبع تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وهي تنظيمات تنشط على الشريط الحدودي بين البلدين.
وقال وزير دفاع مالي متحدثاً إلى الصحافيين عقب اللقاء، وكان بجواره وزير دفاع بوركينا فاسو: «لقد استعرضنا جميع القضايا التي تهم بلدينا. أكثر ما يثير قلقنا حالياً هو الوضع الأمني. لقد تلقينا تعليمات من قادة بلدينا بمضاعفة الجهود وتوحيدها». وأوضح كمرا أن الوضع الأمني الصعب الذي تعيشه بوركينا فاسو حالياً، سبق أن مرت مالي بوضع مشابه له، قبل أن يضيف: «اليوم؛ مالي مستعدة لأن تتشارك مع بوركينا فاسو تجربتها المتواضعة، والوسائل التي حصلنا عليها مؤخراً»، في إشارة إلى الأسلحة الروسية والتركية، خصوصاً الطائرات العسكرية والمسيرة.
وخلص وزير دفاع مالي إلى القول: «نحن نعلمُ أن الوضع الحالي صعب على دولتينا. حين اخترنا أن نسلك طريق الاستقلال؛ هنالك ثمن يتوجب علينا دفعه، ولكننا واثقون بأنفسنا، وندرك أننا حين نتوحد فسنحقق النصر»، ويشير الوزير بـ«الاستقلال» إلى التخلي عن التعاون مع فرنسا والبحث عن شركاء جدد.
في غضون ذلك؛ أجرت وزيرة خارجية بوركينا فاسو مباحثات مع نائب وزير الخارجية التركي، خلال مشاركتهما في اجتماعات وزراء خارجية دول «منظمة التعاون الإسلامي»، التي انعقدت يومي الخميس والجمعة في العاصمة الموريتانية نواكشوط، وقالت وزيرة خارجية بوركينا فاسو: «أمام الأوضاع الصعبة التي يمر بها بلدنا، حصلنا على التزام جدي من شريكنا (تركيا) بدعمنا في الحرب على الإرهاب، وفي حاجياتنا الإنسانية». وأضافت الوزيرة أنها اتفقت مع المسؤول التركي على أن تحتضن «في أجلٍ قريب» العاصمة التركية أنقرة، الدورة الثالثة لـ«اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين بوركينا فاسو وتركيا»، مشيرة إلى أن العلاقة بين البلدين «جيدة»، قبل أن تضيف أن انعقاد «(اللجنة العليا المشتركة للتعاون) سيكون دفعة قوية إلى الأمام للتعاون في محاور مختلفة، خصوصاً في مجال التجارة».


مقالات ذات صلة

هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

العالم هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

وسط محاولات لإنقاذ «اتفاق سلام هش» مع جماعات مسلحة انفصالية، وتصاعد الصراع على النفوذ بين تنظيمات «إرهابية» في مالي، دعا تنظيم «داعش» جميع الجماعات المسلحة المتنافسة معه في البلاد، إلى إلقاء أسلحتها والانضمام إلى صفوفه. وهي الرسالة التي يرى خبراء أنها موجهة إلى «الجماعات المسلحة المحلية التي وقعت اتفاقية السلام لعام 2015، إضافة إلى تنظيم (القاعدة) في مالي ومنطقة الساحل»، الأمر الذي «يزيد من هشاشة الأوضاع الأمنية في البلاد، ويدفع نحو مواجهات أوسع بين التنظيمات المتطرفة».

العالم العربي عودة «النصرة» إلى الواجهة في مالي تعزز خوف الجزائر على «اتفاق السلام»

عودة «النصرة» إلى الواجهة في مالي تعزز خوف الجزائر على «اتفاق السلام»

بينما تبنى تنظيم تابع لـ«القاعدة» في مالي اغتيال مسؤول بارز في البلاد، كثَفت الجزائر لقاءاتها مع الأطراف السياسية الداخلية لإنقاذ «اتفاق السلم»، الذي ترعاه منذ التوقيع عليه فوق أرضها عام 2015، من الانهيار، وتفادي إحداث فراغ بالمنطقة يتيح للجماعات المسلحة الانتشار من جديد. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، التي تتبع لـ«القاعدة» في مالي، مقتل عمر تراوري، مدير ديوان الرئيس الانتقالي، العقيد عاصمي غويتا، وثلاثة جنود وأسر اثنين آخرين من الجيش المالي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم تحطم مروحية عسكرية بحي سكني في باماكو

تحطم مروحية عسكرية بحي سكني في باماكو

تحطمت مروحية عسكرية، السبت، في حي سكني بعاصمة مالي، باماكو، أثناء عودتها من عملية لمكافحة المتشددين، بحسب ما أفادت القوات المسلحة ومصادر. وسقط عشرات الضحايا بتفجير انتحاري ثلاثي في وسط البلاد. وجاء حادث المروحية إثر تعرض مهمة إمداد للجيش لهجوم في وقت سابق في شمال البلاد المضطرب. وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة في بيان: «نحو الساعة الواحدة وعشر دقائق بعد الظهر، تحطمت مروحية هجومية تابعة للقوات المسلحة المالية في منطقة سكنية في باماكو أثناء عودتها من مهمة عملانية».

«الشرق الأوسط» (باماكو)
العالم جماعة تابعة لـ«القاعدة» تتبنّى اغتيال مدير مكتب رئيس مالي

جماعة تابعة لـ«القاعدة» تتبنّى اغتيال مدير مكتب رئيس مالي

تبنَّت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة الإرهابي»، هجوماً قرب الحدود الموريتانية، أدى إلى مقتل عمر تراوري مدير ديوان رئيس المجلس العسكري الحاكم الانتقالي مع 3 من مرافقيه، إضافة إلى مسؤوليتها عن هجوم في كمين آخر نفذته (الأربعاء) الماضي أسفر عن مقتل 7 جنود ماليين. وأفادت الرئاسة المالية (الخميس) بأن عمر تراوري مدير ديوان الرئيس الانتقالي العقيد عاصمي غويتا، هو أحد القتلى الأربعة الذين سقطوا في هجوم استهدفهم (الثلاثاء) بالقرب من بلدة نارا. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» أنها شنَّت هجوماً آخر (الأربعاء) أسفر عن مقتل 7 جنود في مكمن بين سوكولو وفرابوغو (وسط مالي)، فيما ق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الجزائر تخشى انهيار «اتفاق السلام» في مالي

الجزائر تخشى انهيار «اتفاق السلام» في مالي

بعد اغتيال مسؤول بارز في مالي على يد تنظيم متشدد، تكثّف الجزائر لقاءاتها مع الأطراف السياسية الداخلية في البلد الأفريقي لإنقاذ «اتفاق السلم» - الموقّع في 2015 - من الانهيار، وتفادي إحداث فراغ في المنطقة قد يتيح للجماعات المسلحة الانتشار من جديد. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة» في مالي، اغتيال عمر تراوري مدير ديوان الرئيس الانتقالي العقيد عاصمي غويتا و3 جنود، إضافة إلى أسْر اثنين آخرين من الجيش. وذكرت الجماعة في بيان أنها نصبت «مكمناً للجيش بين نارا وغيري، الثلاثاء الماضي، وقتلت مدير الديوان و3 جنود وأسَرَت اثنين، واستحوذت على أسلحة، فيما أصيب عنصر من الجماعة»، وت

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.